امتلأت منصات التواصل الاجتماعى بحملة كراهية منفلتة العيار، ومتجاوزة بعضها حدود الأدب، تعليقا على خبر متداول لم يتم تأكيده، بل بالأحرى جرى نفيه، عن انتقال اللاعب الدولى ولاعب منتخب مصر «محمد صلاح» من فريق نادى ليفربول الإنجليزى، إلى نادى اتحاد جدة السعودى. وتجاوزت الحملة حدودها، لتشمل السب والقذف وتعليقات عدائية تشيطن محمد صلاح وتلصق به أحط الصفات، وتصفه بالجرى وراء المال الخليجى، وخديعة جمهوره، وتخليه عن مبادئه، وتهدده بفقدان مكانته فى قلوب محبيه، لمجرد ما يروج من قبوله لصفقة انتقاله من ناد أجنبى، لا ناقة لنا فيه ولاجمل، بل فقط مو صلاح الذى صنع مع غيره مجد هذا النادى، وخرج به من السفح إلى القمة، إلى آخرعربى، لنا فيه نوق وجمال وعروة وثقى.
وبصرف النظر عن مدى صحة الخبر أو عدم صحته، فليس لأى أحد فضل أو حق عليه. محمد صلاح صعد ونجح وتألق بمجهوده وكفاحه وموهبته، فضلا عن أخلاقه الرفيعة الراقية، وانتمائه الوطنى الذى تمسك ويتمسك به طوال الوقت، دون متاجرة بهذا اللون من الانتماء غير المسبوق. صار صلاح أيقونة ومثلا يتطلع للاحتذاء به ليس الشباب المصرى والعربى فحسب بل كل شباب العالم، للترقى من القاع إلى القمة محليا ودوليا. أكد لهم مو صلاح طوال مشواره الذى بلغ اثنتى عشرة سنة بالتجربة العملية، أن من جد وجد، وأن الحياة سلسلة متواصلة من التعثر والتراجع والنهوض وتحدى العقبات للوصول الهدف المنشود. والنتيجة بينة كشمس الظهيرة، فقد بدأمشواره الاحترافى فى نادى «المقاولون العرب» الصغير، وانتقل منه إلى أندية أوروبية كبرى، حتى رسا قاربه الرياضى على شاطئ نادى ليفربول، وبسبب عبقرية أدائه، وشعبيته الجارفة وتواضعه المثير للإعجاب، وضعته مجلة تايم الأمريكية عام 2019 بين مائة شخصية الأكثر تأثيرا فى العالم.
سوف يستهزئ بنا مؤسس «فيسبوك» مارك زوكربيرج إذا ما صادف أن شاهد تلك القذائف النارية الحارقة التى أطلقها على محمد صلاح بنو وطنه، من فوق منصته، لاسيما من تحول منهم إلى وعاظ دين وفلاسفة أخلاق ومحاسبى ضرائب يحصون ثروته، ليؤكدوا أنه ليس فى حاجة إلى مزيد وأنه، ياللعار، يحبها أكثر من ابنتيه، أما ما سوف يتجاهله «مارك» عمدا وهو «يضحك فى كمه» كما يقول المثل الشعبى، فهو تنديد تلك القذائف بمال البترول الخليجى، الذى يتهاوى محمد صلاح زاحفا نحوه -كما قال أحدهم- ليراكم ثروته على حساب كرامته!
كل هذا العدوان السارح، وكل هذا الخلط فى الأوراق، وكل هذا الجهل، الذى تفتق ذهن أحمد فؤاد نجم ليصفه بالجهل العصامى، ممن أعطوا لأنفسهم حقا لم يمنحه لهم أحد، فأخذوا يفرضون رؤاهم القاصرة وأفكارهم الغافلة على محمد صلاح، فبدوا كالفيل الذى يتجول فى معرض خزف فيدمر ويكسر و«زلموته» تلهو بالتحرك يمينا ويسارا، حتى أحال المعرض إلى حطام.
فى الشهر القادم تحتفل مصر بالعيد الخمسين لنصر حرب أكتوبر المجيدة. ولأن الذكرى قد تنفع اللاهين والغافلين، فقد لعب سلاح النفط دورا بارزا فى النتائج التى تحققت بالنصر. فاجأ العاهل السعودى الملك فيصل، الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، حين قاد الدول الخليجية لوقف ضخ البترول إليهم أثناء اشتداد المعارك، لحين يتوقف الدعم العسكرى الغربى والأمريكى لإسرائيل. ومنذ ذلك الحين، أصبح «سلاح النفط» مصطلحا فى العلوم السياسية والاقتصادية معبرا عن أداة ضغط لدفع الدول لتغيير مواقفها.
والسعودية اليوم التى طالها ما طالها، من رذاذ ثرثرات تافهة من الهجوم على محمد صلاح، هى غير السعودية بالامس التى كانت مصدرا للتشدد والإرهاب باسم الدين. تظهر السعودية اليوم، كقوة كبرى فى الإقليم وفى ساحة العمل الدولى، فى ظل حكم رشيد يوظف ثرواتها ومواردها لتنمية مستدامة فى العمران والتعليم والسياحة والفنون والرياضة والتنمية البشرية، وقبل هذا وبعده فى رؤية واضحة المعالم لولى عهدها الأمير «محمد بن سلمان» لتطوير الفكر الدينى، لتاكيد أن الدين جاء لسعادة البشر وإنعاش الحياة لا للموت والخراب ووأد الدنيا من أجل الآخرة، كما تروج التيارات المتاجرة بالدين.
ليست الحملة الراهنة على محمد صلاح ببعيدة عن الحملات الممنهجة على المشروع الاصلاحى الذى تقوده المملكة العربية السعودية. الأطراف المشاركة فى الحملة تدرك أن قوة السعودية هى قوة للعرب جميعا، وأنها باتت تنمو بمعدل يساهم فى بروزعالم جديد متعدد الأطراف، تناوئه القوى المهيمنة. وعلى فريق الفيلة الذى يقود الحملة على مو صلاح أن يدرك لقدمه قبل الخطو موضعها!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة منصات التواصل الاجتماعي نادي ليفربول محمد صلاح منتخب مصر على محمد صلاح
إقرأ أيضاً:
بسبب صنبور مياه.. المؤبد لقاتل جاره بسكين فى بورسعيد
قضت محكمة جنايات بورسعيد، برئاسة المستشار أحمد حسام النجار وعضوية المستشارين أحمد محمد مصطفى ومحمد مرتضى مرام، وسكرتارية طارق عكاشة وخالد خضير، بالسجن المؤبد لقاتل جاره بسكين فى بورسعيد.
وتعود أحداث الواقعة إلى يوم 23 من شهر 8 من عام 2024، بدائرة قسم شرطة الزهور ببورسعيد، حيث قتل المتهم م س م ح، المجنى عليه محمد محمد أبو المعاطى على المسرى عمداً مع سبق الاصرار لخلاف سابق فيما بينهما، بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد أعد لهذا الغرض سلاحاً أبيضاً سكين وما أن ظفر به ببرج زهراء الميناء أبراج أبو القمصان، حتى كال له ضربة فى منتصف صدره من السلاح الأبيض، قاصداً من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات التى أودت بحياته، وأحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً سكين.
وشهدت بدر راغب على المسيرى والدة المتوفى، أنه على إثر خلافات بين نجلها المجنى عليه والمتهم بسبب تسريب بوصلات المياه بالعين التى تقطن بها والتى تعلو الشقة التى يقطن بها المتهم أغلق المتهم صنبور المياه العمومى للعين، وعلم المجنى عليه بذلك فبادره لسؤاله عن سبب ذلك فحدثت مشادة كلامية بينهما تطورت إلى مشاجرة بالأيدى، وحال التهدئة بينهما واثناء صعودها ونجلها المجنى عليه لمسكنهما، أبصرت المتهم حاملا سكينا مسددا طعنة نافذة بصدر المجنى عليه وفر هارباً إلى مسكنه وتم نقل نجلها إلى المستشفى ولقى مصرعه قبيل وصوله.
وثبت بتقرير مصلحة الطب الشرعى أن الإصابات الطعنية الحيوية الحديثة المشاهدة والموصوفة بجثة المجنى عليه حدثت من الطعن بجسم صلب ذو حافة حادة وسن مدبب كسكين، وهى جائزة الحدوث من مثل السكين المستخدم فى الحادث، وجاءت الوفاة نتيجة الإصابة الطعنية الحيوية الحديثة المشاهدة والموصوفة بالجثة، وما أحدثته من جرح مستوى الحواف بالقلب، وما أدت إليه من نزيف غزير.
وثبت بتقرير الأدلة الجنائية أنه بمعاينة النيابة العامة لمحل الواقعة وجد آثار دماء داخل المصعد، وبالصعود إلى الدور الخامس وجدت بقع حمراء اللون امام باب المصعد، ثبت بأجراء المعاينة التصويرية تمثيل المتهم لجريمته وفق اعترافه.
حكمت المحكمة بالسجن المؤبد على المتهم، وأمرت بمصادرة السلاح المضبوط، والزمته المصاريف الجنائية.
مشاركة