دعوات للوحدة ومكافحة الفساد تهيمن على احتفالات الاستقلال بماليزيا
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
كوالالمبور- هيمنت دعوات الوحدة الوطنية ومكافحة الفساد على أجواء احتفالات ماليزيا بالذكرى 66 لاستقلالها هذا العام، وذلك في ظل انقسام عرقي متنام كشفت عنه الانتخابات التشريعية الأخيرة في 6 ولايات.
وتوعدت الحكومة بمعاقبة كل من يمس النظام الملكي والعرق والدين، بينما حذرت أوساط رسمية وعامة من تزايد النعرات العرقية والجهوية والدينية بما يهدد بانقسام مجتمعي.
ولتدارك الانقسام دشنت منظمات غير حكومية مبادرات تدعو إلى الوحدة المجتمعية مثل مبادرة "لنقل خيرا" التي تدعو إلى التفاهم والتسامح بين مختلف الأعراق والأديان.
ثقافة الفسادينشط رجل الأعمال الماليزي أنس الزبيدي منذ أكثر من 3 عقود في مجالي مكافحة الفساد والوحدة المجتمعية، ويرى علاقة وطيدة بينهما، ومن أجلهما يتبنى حملات توعية، لا سيما في المناسبات الوطنية مثل ذكرى الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1957، الذي يصادف يوم 31 أغسطس/آب، ويوم ماليزيا الذي يصادف 16 سبتمبر/أيلول، والذي توحد فيه شطرا البلاد الشرقي والغربي عام 1963.
ويرى الزبيدي في حديثه للجزيرة نت أن مكافحة الفساد تتطلب جهودا متكاملة، لا سيما أنها أصبحت ظاهرة متأصلة اجتماعيا وسياسيا، ويدلل على ذلك بدراسة أجريت في ماليزيا في ثمانينيات القرن الماضي، أظهرت أن الغالبية الساحقة من طلاب المدارس الثانوية الذين شملتهم الدراسة كانوا يتطلعون لأن يكونوا ساسة، وذلك بسبب ثراء السياسيين.
وأظهرت دراسة مماثلة في بداية القرن أن معظم من شملهم الاستبيان من اليافعين قالوا إنهم لن يجدوا حرجا في تلقي رشوة، ويضيف الزبيدي أن أولئك المراهقين هم من نشاهدهم اليوم من الساسة ممن يقودون البلاد.
وتشاطره الرأي نور حياتي نور الدين، المحامية التي تترأس مؤسسة "سينار ماليزيا" -وتعني: نور ماليزيا- لمكافحة الرشوة، وترى أن جزءا من المشكلة يتعلق بمفهوم الفساد لدى الناس، والذي أسهم في تغييره بعض السياسيين ليصبح مبررا، وتدعو إلى تضافر الجهود لقطع سلسلة الفساد، وذلك بالعمل على زيادة الوعي بخطورة الفساد على الدولة والمجتمع بدءا من الأسرة.
وتضيف نور الدين في حديثها للجزيرة نت أن مفهوم الفساد غير الملموس قد يكون غائبا عن شرائح مختلفة من المجتمع مثل المحسوبية واستغلال النفوذ، بينما يحصر كثيرون الفساد بتلقي الرشوة.
وبحسب ما تؤكده نور الدين فإن حملات التوعية تهدف للوصول إلى ثقافة مضادة تعتبر الفساد منافيا للقيم ومبادئ الدين والوطن، ومن ذلك الأركان الخمسة التي تقوم عليها أسس دولة ماليزيا المعروفة باسم "ركن نغارا" تلك التي يتصدرها مبدآن هما طاعة الله والولاء للوطن.
"يحتاج رئيس الوزراء أنور إبراهيم عصا سحرية لموجهة الفساد المتأصل" في ماليزيا، هذا ما عبرت عنه افتتاحية صحيفة "نيو ستريتس تايمز" الماليزية عشية احتفالات البلاد بالذكرى 66 للاستقلال عن الاستعمار البريطاني.
فالإصلاح ومكافحة الفساد شعاران حملا رئيس الوزراء إلى السلطة، وقد رأت الصحيفة في تصريحات له بشأن عمولات المشاريع الضخمة التي يتقاضاها مسؤولون حكوميون تعبيرا عن إحباط تجاه بطء سير عملية مكافحة الفساد.
وتؤكد نور حياتي نور الدين على ما جاء في افتتاحية الصحيفة إذ تقول إن الفساد ظاهرة اجتماعية سياسية لا يمكن لأي رئيس وزراء بمفرده أو دورة حكومية واحدة القضاء عليها. ورغم أنها لا تتوقع إصلاحا شاملا في غضون أشهر أو حتى سنوات، فإنها ترى في تصريحات رئيس الوزراء التي تفصح عن ازدرائه للفساد صوتا يسعى لكسر استشراء هذا الداء المتأصل في البلاد.
تقود نور الدين حملة بعنوان "لنقل خيرا" برعاية مجموعة مؤسسات للتوعية بمبادئ الشفافية والوحدة والوطنية، وتعود جذور هذه الحملة إلى منتصف التسعينيات و كانت تهدف إلى زيادة اللحمة المجتمعية.
ومؤسسة نور ماليزيا شريكة في اللجنة البرلمانية لجميع الأحزاب -الحكومية منها والمعارضة- المعنية بإصلاح المؤسسات الحكومية. وتقول رئيسة المؤسسة إن عملية الإصلاح تتطلب مراجعة قانونية وإدارية، بما في ذلك إصلاح هيئة مكافحة الفساد وفصل سلطة الادعاء العام عن النيابة العامة.
ويرى الزبيدي الذي هو من أوائل رواد حملة "لنقل خيرا" أن الهدف الأوّلي منها كان ردم الهوة المجتمعية والثقافية والمعرفية بين القسمين الغربي والشرقي لماليزيا، ولذلك فإنها كانت تحتفي بذكرى انضمام ولاتي ساراواك وصباح في 16 سبتمبر/أيلول المعروف بيوم ماليزيا، وتحولت فيما بعد إلى التوعية بالقضايا الوطنية الرئيسية مثل الشفافية.
ويرى الزبيدي أن التركيز على مكافحة الفساد أصبح ضرورة ملحّة، نظرا لتراجع معايير الشفافية في المجتمع، إذ إن ترتيب ماليزيا في سلم الشفافية الدولية هو الـ57 بين دول العالم، وهذا برأيه لا ينذر بخطر داخلي فقط بل يضر بسمعة البلاد عالميا كذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مکافحة الفساد نور الدین
إقرأ أيضاً:
دعوات إلى وقف الحرب في أوكرانيا والتفاوض مع روسيا
عبدالله أبوضيف، وكالات (واشنطن، كييف، القاهرة)
أخبار ذات صلةطالب العديد من قادة العالم، أمس، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالعمل على استعادة علاقته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد المشادة التي جرت بينهما في البيت الأبيض، أمس الأول، والتوجه إلى وقف الحرب في أوكرانيا، وذلك قبل قمة أوروبية طارئة في بريطانيا اليوم الأحد.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته إنه أبلغ الرئيس الأوكراني أنه بحاجة إلى إيجاد طريقة لاستعادة علاقته مع الرئيس الأميركي بعد المشادة التي جرت بينهما بسبب رؤى مختلفة حول كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا والمستمرة منذ 3 سنوات، حيث سعى زيلينسكي للحصول على ضمانات أمنية قوية من إدارة ترامب التي تفضل الدبلوماسية مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين.
وأدى الاجتماع، الذي وصفه روته بأنه «مؤسف»، إلى تدهور العلاقات بين كييف وأكبر داعم عسكري لها إلى مستوى منخفض جديد.
وقال روته إنه أجرى مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، أمس الأول، قال فيها: «عزيزي فولوديمير، أعتقد أن عليك أن تجد طريقة لاستعادة علاقتك مع دونالد ترمب والإدارة الأميركية، فهذا مهم للمضي قدماً».
بدوره، قال الرئيس البولندي، أندريه دودا، إنه لا يرى أي قوة أخرى في العالم غير الولايات المتحدة يمكنها وقف الحرب في أوكرانيا، مطالباً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن يعود إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة.
من جانبه، حث رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الاتحاد الأوروبي على بدء محادثات مباشرة مع روسيا لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وعدم إصدار إعلان مشترك في قمة استثنائية للتكتل من المقرر عقدها هذا الأسبوع قائلاً إن «الخلافات داخل الاتحاد لا يمكن تجاوزها».
وفي رسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، أمس، قال أوربان إن «هناك اختلافات استراتيجية في نهج التكتل تجاه أوكرانيا لا يمكن تجاوزها».
في المقابل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مرفقاً بصور من اجتماع مع الجالية الأوكرانية في واشنطن: «من المهم للغاية بالنسبة لنا أن يُسمع صوت أوكرانيا وألا تُنسى، لا في أثناء الحرب ولا بعدها».
وأضاف: «من المهم لشعب أوكرانيا أن يعرف أنه ليس وحيداً، وأن مصالحه ممثلة في كل بلد، وفي كل ركن من أركان العالم».
وفي سياق متصل، قال مصدر دبلوماسي تركي أمس، إن وزير الخارجية هاكان فيدان سيعرض مجدداً استضافة أنقرة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا خلال اجتماع لزعماء أوروبيين في لندن اليوم الأحد.
واستضافت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي محادثات أولية بين الجانبين بعد أشهر من بدء الأزمة عام 2022، مما ساعد في إبرام اتفاق للمرور الآمن لصادرات الحبوب في البحر الأسود.
إلى ذلك، اعتبر أليستر بيرت، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تصريح لـ«الاتحاد» أن كييف تدرك تماماً أنها أقوى بدعم واشنطن.
بدوره، قال المحلل السياسي الروسي، أندريه كورتونوف، لـ«الاتحاد» إن زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن مثلت «انتكاسة» ولم تحقق أي نتائج ملموسة.
وأضاف أنه رغم الجهود التي بذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لإقناع ترامب بتقديم دعم أكبر لكييف، فإن لقاء البيت الأبيض تحول بسرعة إلى تبادل انتقادات حادة.
وأضاف كورتونوف أن «هذا الإخفاق شكل فرصة لموسكو، التي بات بإمكانها تحميل كييف مسؤولية استمرار الصراع».