أجرت الحوار: داليا عبدالرحيمأعده للنشر: محمد غنوم ومحمود سمير وتصوير: محمد سويلم نحتاج إلى بذل العديد من الجهود لإعادة الصورة التى ورثناها عن رسول الله والصحابة والتابعين والعلماء عقدنا مؤتمر «التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد فى الخارج» عندما لاحظنا أن الأئمة بالخارج يحتاجون إلى تأهيل وتدريب من أجل تصويب الخطاب الدينىمرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة نتج عنه ما يزيد على 700 تقرير تدور حول التنظيمات المتطرفة فى العالمالمسلمون الأوائل عندما ذهبوا إلى الغرب لم يكن خطابهم الدينى بمثل ما نحن عليه الآن.

. كانت الأخلاق والسلوك الحضارى هما الأساس فى التعامل

 

التقت داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة وموقع «البوابة نيوز»، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية لملف الإسلام السياسى بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فضيلة الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، أحد أهم علماء الإسلام، ورئيس المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم.. حضر اللقاء الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية، والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، ورئيس مركز سلام لمكافحة التطرف.. كما حضره الكاتب الصحفى محمود حامد مدير عام تحرير «البوابة».

فى بداية حديثه، قال فضيلة المفتى إن الإسلام جاء رحمة للعالمين جميعًا وجاء لبناء الإنسان والذى ينطلق من خلال هذا البناء إلى العمران والبناء الحقيقى والخلافة الحقيقية عن الله فى الأرض.. وأكد مفتى الجمهورية خلال حواره، أننا لا يمكن أن ننسب التطرف لدين بعينه، ولا بد من العودة مرة أخرى للطريق القويم والصحيح، ولا بد من إيجاد القواسم المشتركة التى نعيش من خلالها فنحن جميعًا أبناء الكرة الأرضية.. وإلى نص الحوار:

 ■ بدايةً.. الإسلام والمسلمون مُتَهمون فى الغرب دائمًا بالإرهاب.. ماذا فعلت المؤسسات الإسلامية لتصحيح هذه الرؤية؟

فضيلة المفتي: الإسلام جاء رحمة للعالمين جميعًا.. جاء لبناء الإنسان، والذى ينطلق من خلال هذا البناء إلى العمران والبناء الحقيقى والخلافة الحقيقية عن الله فى الأرض، والإسلام يكون فى نطاقه الحضارى المتقدم إذا وصلت صورته إلى العالم بصورته التى تركها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والتفسير الصحيح لما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك نحن نحتاج إلى بذل العديد من الجهود لإعادة الصورة التى ورثناها عن سيدنا رسول الله والصحابة والتابعين والعلماء وعن أثر الحضارة الإسلامية فى العالم كله.. نحن نريد أن نعيد هذه الصورة بأن الإسلام جاء أولًا ليبني، جاء للتعاون والتشارك ولم يفترض أن يكون هو فقط فى هذا الكون بل إن دلالة النصوص الشرعية على أن الإنسان المسلم يعلم تمام العلم ويوقن تمام اليقين بأنه ليس وحده وأن التنوع والاختلاف سنة كونية أرادها الله سبحانه وتعالى فى قوله (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة)، وفى قوله (ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).. وأمام قضية التنوع التى هى سنة كونية لا بد من أن توجد الوسائل لكيفية التعامل مع العالم كله ومع الآخرين بما يفترض بالنسبة لنا نحن المسلمين "التعاون والتشارك لا الصراع" ولذلك نحن نرفض رفضًا تامًا قضية الصراع أو وجود ما يسمى بـ "صراع الحضارات" بل هناك تكامل وحوار للحضارات وإيجاد مساحة مشتركة، وما أكثر هذه المساحات المشتركة فيما بين الإنسان المسلم وبين غيره فى الكون كله.

■ هل هناك برنامج محدد لدار الإفتاء المصرية أو مشروع لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام فى الغرب؟

فى أغسطس ٢٠١٥، عقدنا أول مؤتمر لدار الإفتاء المصرية تحت عنوان "الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل:، ونتج عن هذا المؤتمر توصية على إنشاء أمانة عامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم بقصد التواصل والحوار فيما بيننا فى القضايا المهمة كمفتيين على مستوى العالم الاسلامى والعالم على وجه العموم، وبالفعل فى ١٥ ديسمبر ٢٠١٥ تم إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم والتى أنشأت جملة من المشاريع المنسوبة للأمانة ودار الافتاء المصرية وهى جهد مصرى حقيقي.. بعد ذلك عقدنا ٧ مؤتمرات باسم الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وبالفعل لاحظنا أن المراكز الاسلامية بالخارج والأئمة بالخارج يحتاجون إلى تأهيل وتدريب من أجل رصانة الخطاب الدينى ومن أجل تصحيح المسار فى كثير من القضايا ولذلك عقدنا مؤتمرًا بعنوان "التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد فى الخارج" وجاء إلينا وفود كثيرة يعرضون وجهة نظرهم فى هذا الأمر، والحقيقة كان المؤتمر مثمرًا، فى هذا الإطار أيضا وبعد أن قدم مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة الذى أنشأته دار الافتاء المصرية فى يناير ٢٠١٤ عملًا متقًنا فى قضية الرصد والتحليل وكتابة التقارير، ونتج عن هذا المرصد ما يزيد على ٧٠٠ تقرير تدور حول التنظيمات المتطرفة فى العالم والتى اعتمدت النصوص الشرعية فى تفسيراتها وتأويلاتها بعيدًا عن ارض الواقع وفى ظل الفهم الصحيح للدين الإسلامي، ولذلك فإن هذا المرصد درس حالات عديدة ورصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة وأوجد المعايير العلمية التى تنبنى عليها الفتوى وعرضنا هذه الفتاوى التكفيرية والمتشددة على المعايير التى نسير عليها ووجدنا خللا كبيرا فى هذه الفتاوى فقمنا بكتابة التقارير التى تعمل فى هذا الاتجاه.

تطور هذا المرصد إلى مركز سلام لدراسات التطرف والذى عقد أول مؤتمر له فى شهر يونيو عام ٢٠٢٢، وحضر هذا المؤتمر العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية على رأسها المسئولون عن مكافحة التطرف فى الأمم المتحدة ويتقدمهم الدكتور جاهنكير خان.

■ جماعات الإسلام السياسى تنتشر وتتوغل فى الغرب عن طريق السيطرة على المساجد.. هل قدمت مصر عن طريق دار الإفتاء مشروع للتعاون مع حكومات الغرب فيما يتعلق بإرسال أئمة لبعض المساجد هناك لإحلالهم محل الأئمة الحاليين؟

امتدادا لهذا الحضور فى مؤتمر مركز سلام ذهبنا إلى الأمم المتحدة فى شهر يونيو الماضى بعد المؤتمر بسنة، والتقينا بالمسئول عن حوار الحضارات والمسئول عن مكافحة التطرف، وعرضنا وجهة نظرنا فى تجديد الخطاب الدينى وكيفية مكافحة التطرف وليس فقط على مستوى الإسلام لكن هناك متطرفين من أتباع ديانات أخرى، لذا لا يمكن أن ننسب التطرف للديانات أو لدين بعينه.

وفيما يختص بدورنا كدار الإفتاء المصرية بالفعل نحن نرسل علماء الدار إلى أماكن متعددة فى العالم فى مناسبات ومؤتمرات مختلفة وبلا شك أن الخطاب الذى تطرحه دار الافتاء المصرية ضمن الخطابات المتعددة مؤثر فى الحضور فى هذا الوقت، ويوجد بعثة أزهرية مستمرة للتعليم وأيضا أئمة يرسلون فى شهر رمضان الكريم من قبل وزارة الاوقاف المصرية، لكن على مستوى دار الافتاء المصرية نحن نرسل علماء الدار فى مناسبات مختلفة، ونريد أن نؤكد أننا أنشأنا تطبيق على الهواتف الذكية باسم: "فتوى برو" باللغتين الإنجليزية والفرنسية لنضع أقدامنا فى الموضع الصحيح فى سبيل تصويب الخطاب فى الغرب لأن هذا التطبيق موجه للعقل الغربى ولذلك حتى الفتاوى والافكار التى تطرح فى هذا التطبيق هى موجهة بأسلوب يفهمه العقل الغربى وليس بأسلوب الفتوى فى مصر أو العالم العربى فنحن نراعى السياق ومن نخاطب فى مثل هذا التطبيق لذلك أظن بعد أن يضع هذا التطبيق كل إمكانياته سوف ينافس ويأخذ مكانه بين الآخرين فى سبيل إيجاد خطاب دينى مستنير ومعتدل يصدر من مصر العظيمة بتاريخها.

■ في وقت سابق أصدر وزير التربية والتعليم الفرنسي قرارًا بمنع دخول الطالبات حال ارتدائهم العبايات أو الحجاب.. من وجهة نظركم كيف ترون هذا القرار؟ وهل للتمسك بالزي الاسلامي (الحجاب على سبيل المثال) في الغرب وعدم الاندماج في تلك المجتمعات ضرورة يحض عليها الدين الإسلامي أم هي شعارات سياسية استفادت منها جماعات الإسلام السياسي للتوغل والانتشار؟

الالتزام بالأحكام الشرعية لا يقتصر على فرنسا فقط أو غيرها من الدول وإنما هى ثابته من حيث الأصل ثم إذا ما حدثت حالة فردية تستدعى أن تغير هذه الاحكام لمواجهة ظروف طارئة يجب أن يصدر الحكم فى حدود الضرورة والحاجة التى تنزل منزلة الضرورة وهو ما يضبط الخطاب الدينى فى هذه الحالة لذلك المسلم يستطيع أن يعيش بأريحية شديدة جدًا فى كل الكون ويستطيع أن يندمج وأظن أن تجربة المسلمين الأوائل عندما ذهبوا إلى تلك الأماكن فى الغرب لم يكونوا بخطابهم الدينى فى هذا الوقت بمثل ما نحن عليه الآن.. وإنما كانت تصدر الأخلاق والسلوك الحضارى قبل الكلام الذى يفصح عن شخصية المسلم ويدعو إلى التساؤل عن هذا الانسان من هو وماذا يتبنى، إذا اتضحت هذه الصورة الأخلاقية أولًا وصورة السلوك الحضارى أظن بأن القلوب ستفتح أكيد قبل الأماكن وسيكون المسلم فى مرحلة اندماج ايجابى حقيقى فى المجتمع الذى يعيش فيه.. 

ونحن فى الفتوى نقول لا بد من احترام الخصوصيات.. الفتوى عندما تنزل إلى أرض الواقع تراعى فى أبعادها الخصوصية التى عليها المجتمعات والتى عليها الأفراد والأحوال ولذلك عندنا الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمان والأماكن والأشخاص بما يعنى أن الفتوى مراعية للحالة ومتطورة مع الواقع وتعالج الواقع بأريحية كبيرة جدًا ولذلك نحن ندعوا المسلم دائما إلى أن يكون إنسانًا ايجابيًا فى أى موقع من المواقع التى يعيش فيها.

وفى هذا الشأن فكرنا فى ملتقى للعلماء الذين يعنون بدراسة قضايا الاقليات فى العالم الغربى وهذا الملتقى نفكر فيه ونرتب له فى أن نجمع كل المعنيين بدراسة واقع الأقليات وفقه الأقليات فى الخارج بأن نجلس سويًا على الطاولة ونتناقش فى هذه القضايا وكيف لهذا الانسان المسلم أن يحافظ على شخصيته وهويته الإسلامية ويعيش فى هذا المجتمع الذى ربما لا يعترف ببعض الخصوصيات له وكيف يعيش فيه مع الاحتفاظ التام بهذه الشخصية المسلمة ويكون فى نفس الوقت مؤديًا لدور ايجابى فى تلك المجتمعات.

وعمومًا، لا أحب التعامل بازدواجية إذا كان سيطبق القرار على كل الفئات دون التمييز فإن على المسلم أن يندمج فى هذا المجتمع، الإسلام ليس له زى محدد الشكل، ولذلك المسلم يستطيع أن يعيش فى أى مجتمع من المجتمعات محافظًا على هويته، والهوية هى الإيمان والأخلاق، كما أن الاحتشام والستر هو جزء لا يتجزأ من أحكام الشريعة وهذه الحشمة يُعَّبر عنها بهذا التعبير وهو الحجاب، والحجاب ليس له شكل معين إنما له مواصفات معينه، والزى عمومًا خاضع لثقافات الشعوب فمثلًا فى روسيا نجد أن المرأة تفضل ارتداء البالطو والقبعة فهى بذلك قد احتشمت، والمسلمة عليها أن ترتدى من الثياب ما تمليه عليها الثقافة أو البيئة بما يستر جسدها ولا يكشف إلا عن الوجه واليدين بأى زى تستطيع ارتداءه فى أى مجتمع من المجتمعات، فنحن لا نحدد شكلًا نمطيًا للزى الذى ترتديه المرأة ولكن نضع أوصافًا لهذا الزى بحيث لا يكشف ولا يشف ولا يصف ولا يظهر إلا الوجه والكفين.

والمسلم يستطيع أن يتحرك من خلال الأحكام الشرعية فى حال السعة وحال الاضطرار بما يجعله يعيش فى هذه المجتمعات ويعيش حتى فى مجتمعنا، على سبيل المثال لو ان الانسان يعيش فى مصر ثم استدعت ظروف معينة ان يخرج عن النمط العام فى الاحكام لظروف طارئة عنده لن نجبره ان يظل على ظروفه الحالية.

■ نعلم أن لكم تجربة فى بريطانيا وبخاصةً فى مجلس العموم البريطاني.. كيف نستقم لهذه التجربة وما هى نتائجها وماذا كانت محددات خطابكم هناك؟

تجربة كانت ناجحة فى تقديرى الشخصى ووفق المعطيات التى كانت تغطيها التجربة فى هذا الوقت لهذه الزيارة اولا نالت اهتماما كبيرا على مستوى الداخل والخارج كان الهدف هو توضيح الصورة وايصال رسالة الاسلام فى نمطها الصحيح وصورتها الصحيحة غير هذا الفكر الذى عرض عليهم ولذلك هناك خطاب أُلقى أمام مجلس العموم البريطانى وايضًا تقرير وزع عن جذور العنف لدى الاخوان وهناك محاضرة كانت مهمة للغاية ألقيت فى جامعة إكسفورد حول "من يتحدث باسم الإسلام" وهذا صلب المسألة من الذى سيتحدث هل هذه الجماعة؟ فوضعنا إطارًا عن الذى يتحدث عن الإسلام فى ثوبه الصحيح والنقى وهو الشخص الذى تخصص وتعلم ودرس فى معاهد معترف بها كالأزهر الشريف والقرويين فى المغرب والزيتونة فى تونس ومحاضر العلم فى اليمن مثلها من هذه المدارس العلمية التى تلتقى حول هدف واحد وهو الاسلام الصحيح الذى يحقق استقرار المجتمعات والذى ينبى ويحافظ على شخصية الإنسان المسلم أما من يستغل الدين للوصول لأغراض سياسية فخطابه فى الحقيقة ليس معتمدًا.

■ هل بالإمكان أن يحدثنا فضيلتكم عن التحول الرقمى فى مجال الإفتاء؟

لدار الإفتاء المصرية تجربة فريدة وسابقة فى الدخول بقوة إلى هذا المجال الحيوي؛ وهى تنطلق فى ذلك من خلال رؤية استراتيجية متكاملة شملت ميكنة العمل فيها وتعزيز وتطوير خدمات دار الإفتاء الشرعيَّة، التى تقدمها للمسلمين فى جميع أنحاء العالم، ومن ورائها منهجية شرعية علمية رصينة، مع رؤية متناسقة ومنسجمة للإنسان والكون والحياة.

فالأجيال المعاصرة تعيش فى ظل التطوُّر التكنولوجى الهائل والسريع مرحلة جديدة؛ حيث تعددية الاتصال والثورة الرقمية التى توغلت فى جميع المجالات، واندمجت فيها مختلف التخصصات.

وقد أصبح هذا التطور أمرًا جوهريًّا فى مسيرة نجاح المؤسسات الإفتائية التى تعتمد وبدرجة كبيرة على قدرتها وعزمها على تبنى عملية الرقمنة وتطويرها؛ لتقوم من خلالها بأداء مهامها فى إرشاد الأمة وتوعية أفرادها بالأحكام الشرعيَّة، خاصة أن المعلومات بأبعادها الثلاثة (النصى والصوتى والمرئي) بات التعبير عنها عبر الوسائل الرقمية المتنوعة أسبق من الكلمة المكتوبة والمطبوعة.

ويضاف إلى ذلك أن التطوُّر الرقمى أسهم وبصورة مباشرة فى طرح أنماط جديدة على ساحة الخطاب الدينى والبحث الفقهي، متزامنة مع انتشار للتيارات المتشددة والإرهابية عبر هذا الفضاء الواسع وأفكارهم الهدامة، مما يستوجب على المؤسسات الإفتائية أن تدخل وبقوة هذا المجال بفرصه الواعدة؛ لأن هذه المؤسسات الراسخة تنتهج منهجًا منفتحًا على العالمين، تنطلق فيه من مقصد شرعى أصيل يستمد من قول الله تعالى فى حق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]، فضلًا عن شعور علمائها والقائمين على شئونها بأن الأمانة تفرض عليهم المساهمة بفاعلية فى نشر المعرفة الصحيحة، وبناء الوطن، ونهضة الأمة، وإسعاد الإنسانية.

لقد بدأتم فى إنشاء فروع لدار الإفتاء بالمحافظات هل بالإمكان معرفة أسباب ذلك؟

الدار توجهت لإنشاء فروع جديدة لها فى محافظات مصر؛ تنفيذًا لخطتها الاستراتيجية الخمسية التى بدأتها الدار، وتهدف فى المقام الأول إلى تعزيز قنوات الاتصال مع الجمهور، والتيسير عليهم للحصول على الفتوى الصحيحة من أمناء الفتوى المتخصصين بدار الإفتاء، وغيرها من الخدمات الشرعية.

آخر إنجازات المؤشر العالمى للفتوى

أهم إنجازات المؤشر العالمى للفتوى نشر أكثر من (٧٥) إصدارًا متنوعًا بين الإصدارات الرصدية أو التحليلية، التى ضمَّت التقارير المختصرة أو البيانات أو الدراسات الموسعة، وكان أهمها التقرير السنوى الرئيسى للمؤشر العالمى للفتوى، وهو تقرير سنوى يصدر لتحليل للخطاب الإفتائى فى العالم.

وقد تمثلت جهود المؤشر خلال العام ٢٠٢٢م فى رصد وتحليل الخطاب الإفتائى محليًّا وعالميًّا للتصدى لكافة الظواهر السلبية المتعلقة بالخطاب الإفتائى وتفنيدها، حيث تم الاعتماد على محرك البحث الإلكترونى للمؤشر فى رصد الفتاوى والقضايا المتعلقة بها، وتقديم المعالجة لتلك القضايا. وتمخضت هذه المعالجة عن مجموعة من التقارير التحليلية، والدراسات النوعية، وتقديرات الموقف والبيانات والتقارير الإعلامية، والأبحاث المحكمة.

وقد أصدر المؤشر تقريرًا شاملًا لحصاد المؤشر السنوي، تحت عنوان "اجتهاد إفتائى فى المستجدات.. وتصدٍّ حثيث للتطرف"، وهو التقرير المعتمد على رصد وتحليل ما قارب (٤٠٠٠٠٠) فتوى بالاعتماد على محرك البحث الإلكترونى للمؤشر، ويقوم على التحليل الإحصائى الموضوعى للفتاوى خلال العام.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام شوقي علام مفتي الجمهورية دار الافتاء المصریة الإفتاء المصریة دار الإفتاء هذا التطبیق على مستوى رسول الله فى الغرب لا بد من من خلال فى هذه فى هذا جمیع ا

إقرأ أيضاً:

مـا هـي الحضـارة الحقيقيـة؟

لا بد أن تشتمل الحضارة الحقيقية على أطر مهمة جدًا، وبدونها لا تكون، ولا تُسمَّى، ولا تُعتبر حضارة. وهذه الأطر هي: العلم بأنواعه، والعمل بأنواعه، والابتكار بأنواعه، والإبداع بأنواعه، والأخلاق، والقيم السامية بأنواعها. وهي منظومة متكاملة تحتوي على مفردات كثيرة من الأعمال، والأنشطة، والتقاليد، والهوية، والمعرفة، والثقافة، والفكر المتجدد المتطور، والصناعة، والمعمار، والهندسة، والفنون، وغيرها من النواحي الإيجابية المعززة للنمو الحضاري.

للسعي من أجل إنشاء حضارة حقيقية من خلال الاجتهاد في الرقي بجميع المجالات، لا بد أن يكون هناك تخطيط مبني على أسس متينة وراسخة ومستدامة، أي أن يكون التخطيط في أسمى وأروع مظاهره، وقوته، وفاعليته. وفي المقابل، يجب التخلي عن الأفكار الدخيلة الهدامة التي تُثبط وتُعرقل مسيرة التقدم الحضاري، والتحلي دائمًا بالأفكار البناءة التي تدفع بالرقي الحضاري إلى أعلى مراتبه.

وبعد أن توضع الخطط والاستراتيجيات لبناء حضارة ترفع من شأن مؤسسيها، لا بد أن تتقدم التأسيس والنمو الحضاري الأخلاقُ والقيمُ والمبادئُ، لأنها هي التي تضمن الثبات والتماسك والرسوخ والاستمرارية على مدى بعيد جدًا.

ونظرًا لما يشهده العالم من تغيرات، فإن الحضارة المادية أثبتت فشلها، ولنقل إنها ناقصة وتخدم مصالح فئات معينة همها استعباد البشر، والتعالي عليهم، والتمييز بين جنس وآخر، وعرق وآخر، وبسط أنواع من الهيمنة على شعوب العالم، وتجرد هذه الحضارة المزعومة من الإنسانية والعدالة والكرامة.

والحضارات المبنية على الديانات السماوية والكتب المقدسة، وقيادة الأنبياء، والمبنية على شرع الله وتعاليمه الإنسانية العادلة الرحيمة، هي الجديرة بأن تعود وتسود العالم وتبقى لصالح البشرية جمعاء.

وبالرجوع إلى أسس الحضارة الحقيقية، فإن أول ما يجب التمسك به هو الدين من ربنا -عز وجل-، الذي يصنع الحضارة الإنسانية العظيمة بكل أسسها، ويحمي البشرية من أنواع الظلم والقهر والاستبداد والعنصرية البغيضة.

وبالتمسك بدين الإسلام العظيم، نضمن رضا المولى -عز وجل-، وعونه، ومدده، وهدايته، وبدون عبادته -جل في علاه- لا يتأتى صنع الحضارة المرجوة، ففي الدين كل تفاصيل الحياة الإنسانية العظيمة الكريمة.

وتأتي بعد عبادة الله وتعظيمه، الأخلاقُ السامية النبيلة الراقية، ومنبعها الإسلام من خلال القرآن والسنة النبوية المطهرة.

ولك أن تعدد الأخلاق الإسلامية التي إن تمسك بها الفرد والمجتمع ساد الرقي الإنساني والحضاري، فمنها: الصدق، والتواضع، والإخلاص، والكرم، والحياء، والأمانة، والعدل، والسماحة، والتعاون، والشجاعة، والإيثار، والمساواة، والتسامح، والصبر، وبر الوالدين، وحق الجار، والقائمة تطول ببقية الأخلاق العظيمة التي تؤسس الحضارة العظيمة.

فأين العالم المعاصر والحضارة المادية الجافة من هذه الأخلاق؟ وبالشكر المستمر والحمد للمولى -عز وجل-، يُغدق -جل جلاله- على المؤمنين من نعمه التي لا تُحصى ولا تُعد، ويمكن لهم في الأرض من خلال العلم، والعمل، والصناعات، والزراعة، والتجارة، واستكشاف ثروات باطن الأرض من نفط، وغاز، ومعادن، وغيرها، ومن القدرة على الاستكشاف، والتصنيع، والاختراع، ومن ثم الاستغناء عن الغير بتوفر الكوادر المؤهلة للبناء والتعمير.

وتُستكمل المنظومة الحضارية من خلال التأليف، والكتابة، والبحوث، وإنشاء النظريات، والبناء عليها، وإفادة العالم من العلوم الأخرى المتعلقة بالجبال، والصخور، والبحار، والمحيطات، والأنهار، والحيوانات، والحشرات، والنباتات، والطيور، وغيرها.

فالعلم لا يزال بحاجة إلى العلوم المتجددة والمتطورة، ولنا باع طويل على امتداد الحضارة الإسلامية عبر التاريخ، فالمسلمون أولى بقيادة العالم بسبب القاعدة الصلبة التي يجب أن يقفوا عليها وينطلقوا منها.

والحضارة الغربية أضرَّت بالبشرية، فيجب أن ترجع الحضارة الإسلامية العملاقة من خلال عودة المسلمين لدينهم العظيم، والتمسك بالقرآن والسنة النبوية الشريفة.

ولا يخلِّص البشرية من الطغاة والعُصاة والمستبدين وأعداء الإنسانية إلا الإسلام بحضارته المتجددة، لأن الحضارة البشرية المادية المعاصرة ناقصة، ويجب تخليص البشرية منها.

وعمليًا، يمكن الانطلاق مما نملكه من مواردنا الطبيعية، ومن الأراضي الخصبة، والبحار، والمضايق البحرية، ومن التجارة فيما بين المسلمين، ومن هم في صف المسلمين من الأحرار الأسوياء، ومن اتحاد الصناعات في الدول الإسلامية، ومن التكامل بين الدول الإسلامية لتكون دولة واحدة تمثل الحضارة بكل تفاصيلها، وحتى تعيد المجد المفقود، وتصنع الحضارة المرتقبة التي تجمع بين التمسك بالدين، واستثمار العلم، والقدرات البشرية المبعثرة في أرجاء الأرض لخدمة البشر وحفظ كرامتهم في كل مكان.

وعلى المسلم ألا ينجرف خلف الحضارة الناقصة التي لا تلتفت للبشر وإنسانيتهم، ولا تقيم وزنًا لكرامة الإنسان وفطرته السليمة، والتي تترك خلفها معظم شعوب العالم يئنون تحت وطأة الجهل، والفقر، والأمراض، والتخلف بشتى مظاهره، وتحرِّض على التفرقة بين البشر، وتجبر شعوب العالم على التبعية، وتحوِّل دولهم إلى مستهلكة تقتات شعوبها على الفتات.

وكذلك، فإن الدول التي تدَّعي أنها متقدمة تريد أن تتحكم في مصير البشر من خلال اختلاق الأمراض لتمرير أدويتها ولقاحاتها المصنَّعة المضرَّة من أجل المال، وافتعال الحروب والأزمات مع الدول وبين الدول لبيع أسلحتها الفتاكة الباهظة الثمن، وزعزعة الدول من الداخل، وإثارة القلاقل والصراعات فيها للتدخل في شؤونها، وتسيير هذه الشعوب نحو المصائب الدائمة رغبة في الهيمنة بعيدة المدى، لاستنزاف ما تملك، وتحجيم قدراتها الحقيقية، وتحوِّلها إلى مستعمرة بشتى أنواع الاستعمار المعروفة.

عودة الإسلام هي عودة الحضارة الحقيقية، لينعم البشر بالخير، والرحمة، والاستقرار في شتى أنحاء الأرض.

وقد تحدث عدد كبير من الكتَّاب، والأدباء، والمتخصصين في أنحاء العالم عن الإسلام ورسالته السامية العظيمة المتكاملة للبشرية جمعاء، وهم بحق أنصفوا الإسلام، والمجال لا يسع لذكرهم جميعًا، ومنهم: بارتولد، وتوماس كارلايل، وهنري دي كاستري، وآدم ميتز.

وكذلك جوستاف لوبون، الذي ذكر في كتابه الشهير «حضارة العرب» ما تتميز به من أخلاق، ومُثُل، وقيم عليا مستمدة من الدين الإسلامي العظيم.

ومنهم من تحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كقائد، وشخصية تتمتع بأعظم الصفات والأخلاق، ومن أعظم العظماء في التاريخ البشري، مثل: بوشكين، وجوته، وجورج برنارد شو، ووليام مونتجمري، وآخرين تحدثوا عن أخلاق المسلمين، وكيف أثرت في نفوس غير المسلمين في السلم والحرب.

ويقول المفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي: «إن شرط نمو الغرب إنما كان سببًا في تخلُّف الآخرين، وهم من جعل ما نسميه العالم الثالث متخلفًا».

مقالات مشابهة

  • في حواره لـ«البوابة نيوز».. أحمد بهاء شعبان يروي تفاصيل انتفاضة الطلبة 1972: «تم إحياء جماعة الإخوان للقضاء علينا»
  • محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
  • مسلسل «ظلم المصطبة» يرصد سطوة التقاليد العرفية في الريف
  • «ياسمين»: «لم أفقد الأمل» وأتمنى عدم عودة الهجمات على قطاع غزة
  • طالبات مدرسة ثانوية بقنا يوفرن مصروفهن لشراء هدايا رمزية لمعلم بلغ سن المعاش
  • مـا هـي الحضـارة الحقيقيـة؟
  • “البوابة نيوز” تنشر حيثيات الحكم.. المؤبد لربة منزل قتلت عاملا رفض الزواج بها بالمرج
  • «بوليتيكو»: ملاحقة ترامب لأعدائه السياسيين المفترضين وتقديمهم للمحاكم العسكرية بالونة اختبار
  • مصطفى شعبان.. نجم الدراما المتجدّد
  • مسلسل حكيم باشا.. صراع على «ميراث حرام» من تجارة الآثار