مأرب برس:
2024-10-06@06:03:19 GMT

هل بدأت حرب الرقائق؟ اخطر أسلحة الجيل الخامس

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

هل بدأت حرب الرقائق؟ اخطر أسلحة الجيل الخامس

يتطلب الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس وأسلحة المستقبل استخدام أشباه الموصلات ذات الكفاءة العالية، مما يفتح الباب على منافسات متزايدة بين الأميركيين والصينيين، في وقت تهيمن فيه هونغ كونغ على هذا القطاع الضروري لمعظم الأسلحة، الذي تنتجه الشركات الغربية بشكل رئيسي، مما يجعل روسيا تتفانى للحصول عليه من خلال التحايل على العقوبات.

واستعرضت صحيفة ليبراسيون الفرنسية في تقريرين منفصلين كيف أصبحت لوحة السيليكون الرفيعة، التي نقشت عليها الدوائر ودمجت المكونات الإلكترونية، مسرحا لمنافسات إستراتيجية كبرى ومعارك تجارية هائلة، وكيف أصبح استيراد الإلكترونيات الدقيقة الغربية أكثر تعقيدا وأكثر تكلفة بكثير وأقل موثوقية من حيث الجودة بالنسبة لصناعات الدفاع الروسية التي لا تنتج هذه المواد. وأوضحت الصحيفة -في تقرير لأرنو فوليري.

.أن الرقائق أو أشباه الموصلات هي الذهب الأسود في القرن الـ21، وقد أنفقت عليها الصين عام 2021 أكثر مما أنفقت على النفط، لأنها موجودة في كل شيء، من الهواتف إلى وحدات التحكم في الألعاب، ومن مراكز البيانات إلى الألواح الشمسية، ومن مصابيح الليد إلى أنظمة المراقبة، ومن الطائرات إلى السيارات، وهي فوق ذلك تعمل على تعزيز نمو الذكاء الاصطناعي، ودعم ظهور

شبكات الجيل الخامس، والمركبات الكهربائية وأنظمة الأسلحة. ونبه الكاتب إلى أن هذه الصناعة المتطورة، التي تتطلب تكنولوجيا معقدة وخدمات لوجستية عبر مئات العمليات، تتحكم فيها حفنة من الشركات المصنعة المستقلة، وهي تحظى بدعم كبير من الدول قدر بنحو 721 مليار دولار في عام 2020، وتستفيد من الاستثمارات الضخمة من الصناعة نفسها، إلا أن المنافسة الشرسة في مجالها قد بدأت للتو بين الأميركيين والصينيين، بحظر واشنطن الاستثمار بحرية في التقنيات الأكثر تقدما على الشركات الأميركية "الدول التي بها مشاكل".

وقالت ماتيلد فيلييت، الباحثة في برنامج التقنيات الجيوسياسية في المعهد الفرنسي للتكنولوجيا، إن "الهدف الرسمي للولايات المتحدة هو الحد من القدرات العسكرية للصين في تطوير أسلحة جديدة، في قطاع الاستخبارات والمراقبة"، كما أنها تسعى للحفاظ على ريادتها

التكنولوجية. اثنان من العمالقة وتهيمن الولايات المتحدة والصين إلى حد كبير في مجال تصميم الرقائق، وهي المرحلة الأولى من إنتاجها التي تهدف إلى تصميم الدائرة المتكاملة وتحديد خصائصها، لكن التصنيع في المسابك ثم الاختبار والتجميع يتم بشكل رئيسي في آسيا، وخاصة في تايوان التي اكتسبت الدراية والهيمنة في مجال أشباه الموصلات، ولا سيما تلك التي يبلغ طولها 7 نانومترات أو أقل بين الترانزستورين، وكلما كانت المسافة أقل زادت قوة الشريحة. ولم تتمكن الصين بعد من عبور هذه العتبة التكنولوجية رغم التقدم المبهر، ورغم أن خطتها العشرية الطموحة للغاية "صنع في الصين 2025" تهدف إلى تقليل اعتمادها على الدول الأجنبية واستثمار 150 مليار دولار على مدى 10 سنوات.

كما تهيمن شركتان آسيويتان عملاقتان، هما سامسونغ الكورية الجنوبية وشركة "تي إس إم سي" التايوانية، على السوق الأفضل في فئتها مقابل 5 نانو وأقل، إلا أن الشركة التايوانية هي التي تحتل الصدارة، وهي تمتلك حوالي 50% من سوق المسابك العالمية وتنتج 92% من أشباه الموصلات الأكثر تقدما، وتمثل اليوم 15% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتضاعفت الاستثمارات إلى عشرات المليارات لخدمة أكثر من 530 عميلا بما في ذلك آبل وسوني وغيرها.

وأشار الكاتب إلى أن "تي إس إم سي" لديها القدرة على شل الكوكب، ومن هنا تأتي قوة وضعف هذه الجوهرة الصناعية وقطاع أشباه الموصلات برمته، الذي أقامه الرئيسة تساي إنغ وين باعتباره "درعا من السيليكون"، من شأنه أن يردع أي هجوم، وبالفعل نبه رئيس الشركة المتعددة الجنسيات مارك ليو إلى المخاطر، عندما أخرجت الصين طائرات وصواريخ وسفن حول الجزيرة، وقال إذا استخدمت القوة العسكرية أو الغزو، فسوف تجعل مصانع "تي إس إم سي" غير صالحة للعمل لأنها منشأة تصنيع متطورة للغاية. وفي مواجهة المخاطر،

شرعت الولايات المتحدة في عملية إعادة التصنيع الشاملة، وفي أغسطس/آب 2022، وقع جو بايدن على "قانون الرقائق" الذي يوفر ما يقرب من 53 مليار دولار من الدعم لبناء المصانع، وتم تشجيع شركة "تي إس إم سي" على بناء واحد في ولاية أريزونا لإنتاج شرائح من فئة نانو، كما تقرر في المكان نفسه، إنشاء "غيغافاب"،

وهو مصنع ضخم فائق الحداثة باستثمارات إجمالية تبلغ 40 مليار دولار بحلول عام 2027، غير أن هذا النقل يمكن أن يتم على حساب تايوان لإضعاف الصين، و"درع السيليكون" كما يخشى موريس تشانغ مؤسس "تي إس إم سي". أما الاتحاد الأوروبي فهو -حسب الصحيفة- متخلف عن الركب، رغم وجود عدد قليل من الأبطال، مثل "إيه إس

إم إل" الهولندية التي تشكل ضرورة أساسية لحفر أشباه الموصلات عبر الطباعة الحجرية فوق البنفسجية، لأنه مثل الولايات المتحدة سمح للقدرات الإنتاجية بالذهاب إلى آسيا، ولعلاج هذا الأمر، اعتمد في أبريل/نيسان حزمة تشريعية لزيادة تصنيع الرقائق من 10% إلى 20% من الإنتاج العالمي بحلول عام 2030 تحت اسم "الاستقلال الإستراتيجي"، وستستثمر في ذلك 100 مليار يورو. وقد أدرجت واشنطن بالفعل الشركات الصينية على القائمة السوداء لعزلها عن

سلاسل توريد التكنولوجيا الأميركية، وتم فرض قيود صارمة لتشديد الصادرات، مما يتطلب من الشركات طلب تصريح من الولايات المتحدة حتى تتمكن من تصدير منتج يحتوي على التكنولوجيا الأميركية، وقد انضمت تايوان واليابان وهولندا إلى هذه المواقف، مما لا يدع مجالا للشك في أن الحرب قد بدأت. تشغيل الفيديو مدة الفيديو 01 minutes 17 seconds01:17 في قلب الحرب في

أوكرانيا وفي هذا السياق، استعرضت الصحيفة -في تقرير آخر بقلم نيللي ديديلو- ما تعنيه أشباه الموصلات في الحروب الحديثة، وفي حرب الروس مع أوكرانيا، من حاجة إلى هذه الرقائق التي تحتاجها الدبابات والمروحيات القتالية، حيث تقوم بتشغيل أنظمة الرؤية

الليلية والتصويب والاتصالات، وليس الجيش الروسي استثناء من القاعدة، فهو يعتمد إلى حد كبير على هذه المكونات الإلكترونية المتطورة التي يتم تصنيعها إلى حد كبير في الدول الغربية. وأحصى تقرير صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة في أغسطس/آب 2022، 450 مكونا أجنبيا في 27 نظاما عسكريا روسيا تم انتشالها

من الجبهة في أوكرانيا، "ومعظمها إلكترونيات دقيقة بسيطة يمكن شراؤها عبر الإنترنت في مجموعة من البلدان، ويقول المؤلفون إن بعضها الآخر سلع خضعت صادراتها منذ فترة طويلة لضوابط تمنع استخدامها لأغراض عسكرية، واليوم بعد غزو أوكرانيا، تم حظر تصدير الغالبية العظمى منها إلى روسيا.

وكان تشديد العقوبات لمنع شحن المكونات الإلكترونية ذات الاستخدام المزدوج إلى موسكو، أحد القرارات الأولى التي اتخذها الغرب بعد 24 فبراير/شباط 2022، لحرمان الصناعة الروسية من

هذه الرقائق التي لا تستطيع إنتاجها بنفسها. وللتحايل على العقوبات والاستمرار في الحصول على أشباه الموصلات، تستخدم روسيا شركاء تجاريين قليلي الحذر، إلا أن الصين، وهي منتج كبير للمكونات المنخفضة الجودة والمستورد الرائد للرقائق على مستوى العالم، تبقى حليفها الرئيسي في هذا المجال، حيث صدرت إليها بكين عام 2022، دوائر مطبوعة بقيمة 179 مليون دولار بدل صادرات بقيمة 74 مليونا في العام السابق. ومع ذلك، فإن الجهات الفاعلة الرئيسية في التهريب ليست الدولة بل القطاع الخاص، ومن الصعب تنظيم سوق أشباه الموصلات لأن عدد المعاملات هائل، ومما يزيد الأمور تعقيدا أن المبيعات تمر عبر تجار الجملة المعروفين، ولكن أيضا من خلال عدد لا يحصى من الشركات الصغيرة التي يمكنها بسهولة الانخراط في عمليات إعادة التصدير غير المشروعة، مثل شركة آغو لتكنولوجيا المعلومات، وهي شركة مقرها في هونغ كونغ، وقد صدرت ما قيمته 17 مليون يورو من أشباه الموصلات إلى روسيا في عام 2022، حسب تحقيق أجرته صحيفة نيكاي.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: أشباه الموصلات ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

شباب الجيل الجديد عاشوا أجواء حرب أكتوبر لحظة بلحظة.. «أنا جدي البطل»

كتب ومناهج دراسية، أفلام تحكى الانتصار العظيم للجيش المصرى، جميعها كانت وسائل للجيل الجديد لمعرفة ما حدث خلال حرب أكتوبر 73، وعلى الرغم من أنه لم يعاصر تلك الحقبة من الزمن العظيم، أو الشعور بمعنى استرجاع العزة والكرامة، إلا أنه عاشها وكأنه على أرض الواقع من حكايات أجداده الأبطال، الذين سطروا التاريخ بشجاعتهم، وكان لهم دور كبير فى تعريف الأطفال بقوة وبسالة الجنود وقهر العدو، لتكون هناك روايات وحكايات البطولات للأحفاد، يصفون بها الفرحة والأمل والبهحة التى شعر بها كل مصرى منذ يوم العزة والكرامة، اليوم الذى تحدى فيه الجيش العظيم المستحيل وقهره ببسالة وقوة أثبتت قدرته على تخطى الصعاب، وحققت معجزة العبور، ليظل خالداً فى وجدان المصريين تتوارثه الأجيال على مر العصور. وفى ذكرى الاحتفال بنصر السادس من أكتوبر، تستعرض «الوطن» قصص وحكايات وذكريات الحرب، التى نقلها الأبطال من أرض الواقع إلى الأحفاد تحت عنوان «جدى البطل»، ومدى تعلم هؤلاء الأطفال من قوة وشجاعة أجدادهم.

«حازم»: جلسات حمودة عبداللطيف لم تخلُ من حب الوطن وأمجاد سيناء

علاقة قوية جمعت بين الجد والحفيد، الذى تربى على حب الوطن، والحفاظ على كرامة وعزة الأرض، إذ كان البطل حمودة عبداللطيف، أحد جنود المظلات بحرب أكتوبر 73، بمثابة الأب والأخ والصديق لحفيده «حازم»، صاحب الـ16 عاماً، خاصة بعد وفاة الابن، كان يشاركه كل تفاصيل الحرب؛ ليشعل الحماس بداخله ومعرفة مدى بشاعة العدو، خاصة أن انتصارات أكتوبر خلدت بدماء أبناء الوطن.

حينما انضم «حمودة» إلى الجيش قبل الحرب بـ3 أعوام، وشاهد مدى قوة وشجاعة الجنود المصريين ومدى تحملهم الصعاب، خاصة وقت الحرب، عاهد نفسه أنه سيربى أبناءه على حب الوطن والدفاع عنه، وهو ما حدث بالفعل مع ابنه «محمد» وحفيده «حازم»: «جدى كان كل حاجة بالنسبة لى، خاصة بعد وفاة والدى اللى يعتبر مش فاكر غير حاجات بسيطة تجمعنى بيه».

فى ذكرى أكتوبر من كل عام، كان الجد «عبداللطيف» يجتمع بأحفاده، خاصة «حازم»، ويجلسون جميعاً أمام شاشة التليفزيون، التى توثق أحداث الحرب وقهر العدو بكل شجاعة وقوة، وفرحة المصريين بالنصر العظيم، خاصة بعد سنوات من نكسة حرب 67 والاستنزاف، ليستمع ويشاهد الأطفال وسط حالة من الفخر والاعتزاز بأن أحد الأبطال يجلس بينهم.

«جدى لما كان بيتكلم عن الحرب نبرته كانت بتتغير وبتقوى، كأنه بيحكى وهو على أرض سيناء الحبيبة، لدرجة أنه تمنى يرجع يحارب من تانى»، حسب تعبير «حازم»، مشيراً إلى أنه عاصر الحرب بأدق تفاصيلها وكأنه كان موجوداً فى ذلك الوقت، بسبب أحاديث جده التى لم تنته.

على الرغم من صغر سن حفيد البطل «حمودة»، الذى رحل خلال الأيام الماضية، قبل أن يحيى ذكرى أكتوبر المجيد، فإن «حازم» يدرك جيداً ما فعله وتحمله الجنود من صعاب لاسترجاع قطعة من قلب الوطن، وبسبب ما كان يسمعه من جده، أخذ عهداً على نفسه أن يكمل مسيرته ويروى حكاياته لأولاده وأولاد أولاده فى المستقبل، مشيراً إلى أن ذكرى أكتوبر هذا العام سيشارك بها الجد فى المقابر: «جدى بطل فى كل وقت».

«محمد»: خليل إبراهيم خاض 5 حروب.. وبرع فى إصلاح المعدات

حب الوطن وحمايته يتغلغل فى نفس كل مصرى، مشاعر تدفع الجميع لبذل كل الجهود للحفاظ على الأرض، هكذا استطاع البطل خليل إبراهيم الانضمام إلى الجيش المصرى، دون أن يكون مجنداً أو ضابطاً، بل كان مواطناً مدنياً أراد الحفاظ على وطنه، فكان ضمن من يعملون على إصلاح معدات ميادين الحرب.

يحكى الحفيد محمد عبدالمنعم، 34 عاماً، أنه بعد انتهاء حرب أكتوبر بـ5 سنوات، توفى البطل خليل إبراهيم، إلا أن حكاياته وشجاعته لم تمت حتى الآن، وستُروى للأحفاد: «أنا ماشُفتش جدى إطلاقاً، والقدر لم يُتح لى أن أراه إلا فى الصور فقط.. من كتر ما بسمع عنه وعن بسالته فى الجيش وإصراره إنه يكمل فى الجيش رغم إصابته كنت أتمنى أعيش معاه وأشوفه على الحقيقة».

ويروى أن جده التحق بالجيش المصرى كأحد أبنائه منذ عام 1956، وعاش 5 حروب منذ ذلك الوقت وهى حرب 56، وحرب استقلال اليمن، التى ظل بها 4 سنوات، ونكسة 67، فضلاً عن حرب الاستنزاف، وأخيراً انتصار 73.

لم يكن البطل خليل إبراهيم هو فقط من شارك فى انتصار أكتوبر 73، بل كان هناك اثنان من أبنائه أيضاً وهما «صلاح وعادل»، وعلى الرغم من إصابته بعد الحرب التى أخرجته من الجيش المصرى بقرار طبى قبل أن يبلغ السن القانونية، فإنه أصر على بقاء ولديه فى خدمة الوطن.

حينما كبر «محمد» وأدرك عظمة ما فعله جده وأعمامه، انتابته حالة من الفخر والاعتزاز كونه ينتمى إلى مثل هذه العائلة، وفى كل جلسة تجمعه بأصدقائه أو غيرها تصبح حرب أكتوبر وما فعله الجنود محور الحديث: «الأرض عرضنا اللى قدرنا نحافظ عليه ونرجّع هيبتنا وسط الدول ونعرّف العالم كله مين هى مصر وجيشها قادر يعمل إيه.. وفى كل عام فى ذكرى أكتوبر نروح المقابر لزيارة البطل ولو ماقدرناش نعمل ختمة قرآن على روحه».

«أبرار»: بيت محمد العباسى مزار للنصر.. وسيرته باقية

رفع العلم على الأرض المحتلة، يعلن الانتصار القوى الذى حققه الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 73، وتحرير أرض سيناء لتعود إلى قلب الوطن الحبيب، ويصبح الجندى الباسل صاحب أشهر علامة نصر فى التاريخ، وهو البطل محمد محمد العباسى، الذى اشتُهر فى محافظته الشرقية بـ«محمد البطل»، اللقب الذى تحلى به أبناؤه وأحفاده منذ انتصار أكتوبر. سنوات طويلة عاشها البطل محمد العباسى بعد انتهاء حرب أكتوبر وسط أبناء قريته، حتى فارق الحياة منذ 5 سنوات، ليصبح منزله منصة شاهدة على قوة وشجاعة الجنود المصريين فى استرجاع أرض سيناء الحبيبة، إذ كان البطل يجلس ويحيط به أبناؤه وأحفاده وجيرانه، للاستماع عن ساعات الحرب التى عززت كرامة وهيبة الشعب المصرى أمام الشعوب الأخرى.

«إحنا ماشُفناش ولا عشنا أيام حرب أكتوبر، ولكن جدى كان حريص إننا نسمع حكاياتها من الأول للآخر، وما اكتفاش بمرة أو اتنين، طول حياته بيتكلم عن شجاعة جنودنا، كنا نشوف الحماس فى عنيه كأنه لسه بيحارب»، هكذا عبّرت أبرار نصر، حفيدة البطل محمد العباسى، مشيرة إلى أنها لم تصدق مدى شجاعة الجنود البواسل. بعلامات من الفخر والاعتزاز، كان أحفاد أول من رفع العلم على أرض سيناء، يستمعون لجدهم وحكايات الحرب التى لا تنتهى، لدرجة أن الشباب تمنوا لو أنهم عاصروا وقت الحرب لمساندة جيشهم الباسل: «البلد كلها كانت تيجى عندنا البيت فى ذكرى انتصار أكتوبر كل سنة وجدى يفضل يحكى عن الحرب ويشيد بالعزيمة والإصرار على استرجاع سيناء الحبيبة» حسب «أبرار». حب الوطن غريزة فى قلب كل مواطن، لكن حكايات حرب أكتوبر تدفع الجميع إلى أن يفدى الوطن بروحه وينمى بداخلة عزة وكرامة الحفاظ على الأرض: «جدى كان بيعلمنا دايماً إزاى ندافع عن أرضنا وعرضنا فى كل وقت، مش شرط ندخل الجيش عشان نحميها، وعلمنا إن الدفاع عن الوطن واجب علينا وغريزة فينا.. لازم نشجع أولادنا عليها ونكبّرهم على تقدير قيمة الأرض والوطن».

«فرح»: سجلت شجاعة رشوان عبدالعزيز بصوتى وقلمى

أبطال حرب أكتوبر، ووجودهم وسط أسرهم، يعد رسالة قوية للأجيال القادمة، لإيصال فكرة مدى تحمل الصعاب فى كل وقت وحين، خاصة أن تلك الصعاب لا تقارن بما حدث خلال حرب 73، وهو ما أثبته البطل رشوان عبدالعزيز، ومدى قدرته على إدارة المواقف، نتيجة ما مر به، وجعله فخراً لحفيدته «فرح»، التى تمنت أن تصبح مثله فى يوم ما.

حكايات نصر أكتوبر لم ولن تنتهى مدى الحياة، فهى تورث من جيل إلى آخر، سواء كان الأحفاد أم الأصدقاء والجيران: «جدى لوالدتى بطل عظيم، رجل حرب بجد.. بافتخر كونى حفيدته وأنتمى إليه.. وجوده كان الأمان بالنسبة لى وهيفضل مصدر فخر لينا مدى الحياة»، وفق تعبير فرح سامح، حفيدة البطل رشوان عبدالعزيز، مشيرة إلى أنها دائماً ستتذكر البطل فى ذكرى أكتوبر، خاصة بعد أن فارق الحياة العام الماضى: «جدى بطل وهو عايش وهو ميت».

«سمعنا حكايات أكتوبر كتير جداً.. كل مرة بنكون قاعدين فيها مع جدى كان بيحكى عن صعوبات الحرب وإزاى دُمر خط بارليف وفرحة النصر وسط الجنود كانت عاملة إزاى»، حسب «فرح»، مشيرة إلى أن جدها البطل كان ينتمى إلى سلاح المشاة حينذاك، كما أن حكاياته أصبحت بمثابة حدوتة قبل النوم من كثرة تكرارها: «بقينا عايشين معاه الأحداث من كتر ما حكالنا».

«لما كنت باسأله عن صفاته إنه هادى وحكيم، كان يقول لى أنا راجل حرب كنت باشوف زمايلى بيموتوا قدامى» وفق «فرح»، موضحة أن هناك مواقف عديدة كانت تشعر بالغرابة تجاهها منها: «إزاى الجنود الأبطال فى أصعب الأوقات كانوا بيهونوا على نفسهم مع إن كل واحد فيهم رايح وهو مش عارف إذا كان هيرجع تانى ولا لأ».

«واخداه قدوتى ومثلى الأعلى فى حياتى وبتباهى بيه وسط أصحابى»، على حد تعبير «فرح»، مشيرة إلى أنها تحكى لأصدقائها ما كانت تسمعه من حكايات النصر، وتسرده على ورق أبيض، أو تتحدث عنه فى الإذاعة المدرسية فى كل ذكرى.

«جميل»: أحمد عقاب التحق بالجيش لأخذ حق شهداء النكسة

على الرغم من مرور 51 عاماً على حرب أكتوبر 73، إلا أن حكاياتها لم ولن تنتهى مدى الحياة، حكايات تُروى من الأجداد الأبطال إلى الأحفاد، حتى إذا لم يكن «البطل» ذاته هو من يروى حكاياتها، وهو ما حدث مع الشاب أحمد جميل، الذى سمع عن بطولة جده الشهيد أحمد أحمد عقاب، الذى سطَّر تاريخ بطولته عندما استشهد فى حرب أكتوبر، من والدته.

سنوات طويلة مرت على استشهاد الشهيد البطل أحمد عقاب، أحد جنود القوات المسلحة فى حرب أكتوبر، إلا أنه ما زال مصدر فخر كبير لعائلته، خاصة الأحفاد الذين يتغنون بسيرته وبسالته خلال الحرب، وفى مقدمتهم حفيده «أحمد»: «ماما كانت صغيرة لما جدى الشهيد اتوفى، ولكن العيلة كلها كانت بتتكلم عنه وما زالت لحد دلوقتى، وخاصة وقت ذكرى أكتوبر، إحنا فخورين أكيد بوجود بطل زيه فى عيلتنا اسمه مصدر اعتزاز وفخر كبير، وهنفضل نحكى عنه للأجيال الجاية».

سيرة الشهيد البطل تزين جدران منزله، وتروى حكاياته للأطفال والأحفاد حتى الآن: «تعاملاته الحلوة مع أهله واخواته خلت الناس كلها ماتنساهوش لحد دلوقتى.. عاش حياته بيحب الوطن، وكان حابب إنه يروح الجيش، خاصة بعد نكسة 67 وكأنه كان عارف إنه هيجيب حق شهداء النكسة»، وفق تعبير صاحب الـ19 عاماً، مشيراً إلى أن الأسرة بمحافظة سوهاج، فى ذكرى أكتوبر، تحتفل به بمختلف الطرق.

خلال فترة الدراسة، يُدرِّسون الأطفال ما حدث خلال حرب أكتوبر، إلا أن «أحمد» علم عن تلك الحرب منذ صغره، بعد إدراكه خبر استشهاد جده: «فيه تفاصيل كتيرة ماكنتش أعرفها لما كانوا بيحكوا عن الشهيد وشجاعته.. لكن لما كبرت بدأت أعرف كل تفاصيل الحرب علشان أربط الحكايات ببعضها، سواء خلال الدراسة أو من التليفزيون ووسائل التواصل».

طيبة القلب والمرح، صفات تحلى بها الشهيد البطل أحمد عقاب. خلال الزيارة الأخيرة لمنزله قبل الذهاب إلى كتيبته كان يود شقيقاته ببسمة هادئة وكلمات حنونة، لدرجة أنه لم تستوعب أى منهن خبر استشهاده الذى علمن به بعد انتهاء الحرب بما يقرب من شهرين: «حسب ما حكوا قدامى إنه طول عمره محبوب وبشوش، وكان روح والدته بسبب حنيته عليها.. ولما عرفت خبر استشهاده عجزت عن الحركة مابتقدرش تمشى وكانت رافضة إن اسم الشهيد يكون على مكان فى البلد بسبب حزنها عليه».

مقالات مشابهة

  • متخصص في الاقتصاد العسكري: أمريكا تمد إسرائيل بأكثر من 50 ألف طن أسلحة
  • وزيرة الاتصالات: ماضون في إجراءات تنفيذ مشروع الرخصة الوطنية للهاتف النقال بتقنية الجيل الخامس
  • شباب الجيل الجديد عاشوا أجواء حرب أكتوبر لحظة بلحظة.. «أنا جدي البطل»
  • جغرافيا متفجرة وأضغان كامنة.. كيف توظف واشنطن تحالف كواد لمواجهة الصين؟
  • مسؤول أمريكي: الصين ترفض التعاون مع الولايات المتحدة بشأن أزمة اليمن
  • هل بدأت الحرب الإقليمية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على اسرائيل؟
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • الصين تصعق الولايات المتحدة بموقفها من الحوثيين في اليمن!
  • الصين ترفض دعوات الولايات المتحدة للتعاون في أزمة الحوثيين
  • عرض لتشكيل طائرات الجيل الرابع المتقدم بحفل تخرج طلاب الكليات العسكرية