الألم والقهر واحد.. نساء من السويداء يتحدثن للحرة عن اللاعودة
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
قبل أسبوع صرخت الشابة السورية لبنى الباسط متقدمةً جموعا من الرجال في قرية ملح جنوبي السويداء بعبارة "إلهن 12 سنة عم يشبحوا علينا... بكفي.. نحنا مش جوعانين.. مطالبنا سياسية" ليكون صوتها الأكثر شهرة من بين الأوساط النسائية المناهضة لنظام الأسد، والتي باتت جزءا أساسيا من الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في المحافظة الجنوبية.
#شاهد: من بلدة ملح التي تشهد انتفاضة اليوم الثلاثاء، حرة من حرائر البلدة: نحنا مش جوعانين، ومطالبنا سياسية pic.twitter.com/WL8FIlXvwK
— السويداء 24 (@suwayda24) August 22, 2023ومنذ اليوم الأول للاحتجاجات ومع دخولها يومها الـ13 لم تتوانى لبنى عن المشاركة في المظاهرات جنبا إلى جنب مع نظيراتها من النساء وفئات مختلفة من الرجال، وتقول في حديث لموقع "الحرة": "لا خروج من الشارع، بعد 12 عاما عدنا للشارع ومستمرون لإسقاط النظام قاتل الأطفال والنساء".
وتضيف متسائلة: "كيف نتراجع وهو من حوّل السويداء (النظام) لبؤرة للمخدرات والكبتاغون ويسعى لتخريب النسيج الاجتماعي".
وشهدت ساحة الكرامة الرئيسية في مدينة السويداء، يوم الجمعة، مظاهرات هي الأكبر من نوعها منذ بدء الاحتجاجات الحالية ومنذ عام 2011، تاريخ انطلاقة الثورة السورية ضد النظام السوري.
ووثقت تسجيلات مصورة نشرتها شبكات إخبارية محلية آلاف المتظاهرين في ساحة الكرامة المعروفة بـ"ساحة السير" وهم يهتفون ضد النظام السوري، مطالبين بإسقاطه وإسقاط بشار الأسد، وتطبيق القرارات الأممية الخاصة بالحل في سوريا.
ترى الناشطة لبنى أن "زخم المظاهرات بات قويا جدا"، وأن "الاحتجاجات أصبحت تكتسب شعبية أكبر"، مشيرة إلى أن "خيارات الشارع اتضحت بمطالب سياسية تطالب بإسقاط النظام السوري ورحيله".
ويلتزم النظام السوري منذ 13 يوما سياسة تقوم على عدم التعليق والصمت و"برودة الأعصاب" كما وصفها أحد المحللين عبر شاشة التلفزيون الرسمي، يوم الخميس، وحتى الآن لم يبد أي بادرة إيجابية أو سلبية بشأن المطالب التي ينادي بها المحتجون.
"الشارع قال كلمته: لا رجوع، والاستمرار لليوم الـ13 وبهذا الحماس يدل على أن المظاهرات أصحبت تنظم نفسها وتتفادى أخطاءها التنظيمية".
وتتابع لبنى بينما تواصل التظاهر في الشارع يوم الجمعة: "مطالب اليوم كانت واضحة. هتافات بأعلى الأصوات رددها المحتجون بإسقاط النظام ووحدة الشعب السوري لتحقيق مطالبه".
"نقطة اللاعودة"ولم تقتصر المشاركة في الاحتجاجات التي تشهدها السويداء السورية منذ انطلاقها الأسبوع الماضي على فئة دون غيرها بل تميزت بانخراط جميع الفئات، واللافت فيها الدور الذي تلعبه النساء وأصواتهن التي تعلو وتطالب بـ"إسقاط النظام السوري والحرية والكرامة".
تسجيلات مصورة كثيرة وثقت كيف تصطف النساء إلى جانب بعضها البعض في المقدمة، وتنادي إلى جانب الرجال بإسقاط النظام السوري وشعار "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد".
في غضون ذلك أظهر فيديو نشرته شبكة "السويداء 24" المحلية التي توفر الخدمة الإخبارية للاحتجاجات كيف تهتف مجموعة من النساء مرتدية الزي التقليدي في المحافظة بعبارة: "بشار الأسد ما بدنا ياك (لا نريدك)".
#شاهد: مشاركة نسائية مميزة اليوم في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، اليوم الجمعة.#إنتفاضة_السويداء pic.twitter.com/2HrOJxMOfE
— السويداء 24 (@suwayda24) September 1, 2023توضح عزة طربيه طالبة حقوق وإحدى المشاركات في الاحتجاج أن "هناك حالة من التذمر لدى نساء السويداء، بسبب اضطرار أزواجهن وأبنائهن على ترك البلد. إما هربا من الخدمة العسكرية أو بسبب الوضع المعيشي".
وتقول طربيه لموقع "الحرة": "نساء المحافظة منذ اليوم الأول متواجدات في المظاهرات الشعبية، ومن كل الفئات والشرائح. البنات الصغار. الطالبات الجامعيات. الأمهات. الموظفات. المهندسات والمحاميات والطبيبات".
إضافة إلى "النساء المتدينات والكبيرات في العمر"، وتضيف الحقوقية: "من 70 إلى 80 بالمئة من نساء السويداء في الشوارع يهتفن برحيل الأسد والتغيير السياسي". وترى المهندسة السورية، راقية الشاعر أن "المشاركة النسائية في الاحتجاجات مميزة على جميع الأصعدة، سواء من ناحية آلية التعبير أو من ناحية الهتافات أو حتى على صعيد كسر حاجز الخوف وحاجز تأطير المرأة الذي فرضه النظام طوال فترة حكمه".
وتقول الشاعر لموقع "الحرة" وهي إحدى المشاركات في الاحتجاج أيضا: "أثبتت المرأة اليوم في السويداء وفي سوريا أن لها دور فعال بمجالات الحياة كاملة. الأسرية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك".
"بعض النساء أتين الجمعة بزيهن التقليدي وشاركن بأهازيج خاصة بالسويداء وكلمات تنادي بالوطنية والحرية وبكل شيء يعبر عن إرادة المرأة".
وتضيف الشاعر: "الشارع قال كلمته ولا تراجع عنها ولا عودة. المرحلة القادمة هي مرحلة بدون وجود نظام الأسد لأن الشارع اتخذ القرار. نقطة انتهى سطر جديد سيبدأ"، وفق تعبيرها. ما المتوقع مستقبلا؟
وإلى جانب السويداء شهدت عدة مناطق في محافظة درعا، يوم، الجمعة، احتجاجات شعبية نادت بإسقاط النظام السوري، وردد المحتجون شعارات "تناصر ما بدأته المحافظة ذات الغالبية الدرزية".
والسويداء ودرعا خاضعتان لسيطرة النظام السوري، وتعتبر الاحتجاجات فيها "حالة استثنائية" قياسا بباقي المحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الأخير. كما خرجت مظاهرات شعبية في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شمال سوريا، في إدلب وأرياف حلب. ومن غير الواضح حتى الآن المسار الزمني الذي سيلسكه المحتجون في الشوارع منادين بإسقاط النظام، وما إذا كان الأخير سيلجأ إلى خيارات قد تفضي إلى "التهدئة" أو التصعيد.
بدورهن ترى النساء اللواتي تحدثن لموقع "الحرة" أن الاحتجاجات ستبقى متواصلة وأن "الشارع لن يمل"، وتقول المهندسة الشاعر إن "أعداد المتظاهرين في ازدياد وساحة الكرامة غصّت بهم يوم الجمعة".
وتدل زيادة أعداد المتظاهرين على "وصول أهالي المحافظة إلى قناعة أنه لا حل ولا بديل غير إسقاط النظام السوري". وتعتقد الشاعر أن "النظام عاجز عن تقديم أي شيء، ولو كان بيده أي شيء لقدمه في السابق".
وتوضح الناشطة لبنى أن "الغطاء الديني الذي أعطاه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري وتأييده للحراك الشعبي وقوله بأن الكرامة فوق كل شي أعطى الثقة للناس لتشارك بهذا الزخم".
وتقول: "النظام لا يستطيع أن يقابل مظاهرات السويداء بالرصاص والبراميل ليس حبا بأهالي المحافظة. هو يعرف أنه مرفوض شعبيا منذ عقود ولكن يخاف أن تسقط عنه ادعائه بأنه حامي الأقليات، والتي يتجار بها منذ سنوات ليبقى على الكرسي".
"النظام يحاول أن يترك الشارع لمصيره كالملل وفي ظل عدم وجود خطوة باتجاه الحل السياسي".
وتضيف لبنى: "لكن الشارع بعد 13 يوما من الحراك المستمر لا أعتقد أن يمل حاليا، وأتوقع أن يزاد تنظيما وتبزر قيادات سياسية للحراك لتحمل مطالب الشارع".
"الألم والقهر واحد"ويردد المحتجون في الساحات المركزية بالسويداء وفي ساحات أخرى بالقرى والبلدات المحيطة بالمحافظة شعارات بمطالب معيشية وسياسية. ورغم أن الحراك الأكبر من نوعه في الجنوب منذ 2011 انطلق بدوافع اقتصادية، إلا أن السمة التي باتت تميزه هي "هتافات إسقاط النظام السوري ورئيسه الأسد".
كما بات يميزه الحضور النسائي الكبير واللافت، فضلا عن حضور رجالات الدين. وتشير المهندسة الشاعر إلى أن "المشاركة النسائية تشمل جميع شرائح المجتمع، إذ تبدأ من الطفلة لطالبة المدرسة للجامعة لربة المنزل للامرأة العاملة وحتى التي تعمل في المجال السياسي والاقتصادي".
وتقول: "كل الشرائح النسائية متواجدة، وهذا الأمر يدل على وحدة القهر ووحدة الهدف ووحدة الألم".
"الألم الذي عاشته الناس هو ذاته والنساء خرجت تقول بكفي لحد هون. ولادنا سافروا واستشهدوا وخطفوا وقتلوا واعتقلوا"، وتتابع المهندسة: "بكفي هذا النظام عامل علينا حصار ويذل فينا ويقهر فينا".
وتعتبر الناشطة لبنى أن "دور العنصر النسائي لافت في الاحتجاجات، وهو امتداد لنضال السوريات في جميع أنحاء سوريا لكي تتجدد الثورة".
وتقول: "المشاركة تتصاعد يوما بعد يوم. شعارتهن سياسية، كون المرأة شريكة وتسعى للبحث عن وطن مفقود يكون لها صوت واضح للوصول للدولة المدنية ودولة القانون".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: النظام السوری بإسقاط النظام یوم الجمعة
إقرأ أيضاً:
بعد غربة لعقود.. الفنان السوري يحيى حوى يروي لـ”عربي21” قصة عودته إلى دمشق (شاهد)
شدد الفنان السوري يحيى حوى، على ضرورة إعادة بناء الإنسان السوري، الذي تعرض للظلم على مدى عقود، قبل البدء بإعادة بناء البنيان بعد سقوط النظام.
وأشار حوى في لقاء خاص مع "عربي21" في العاصمة السورية، إلى أنه يزور دمشق لأول مرة بعد خروجه من البلاد قبل أكثر من 40 عاما، معربا عن سعادته بالغناء في ساحة الأمويين خلال مهرجان الاحتفال بسقوط النظام الجمعة الماضي.
وتاليا نص الحوار مع يحيى حوى كاملا:
أنت في دمشق الآن بعد عقود طويلة من الغياب.. ما هو شعورك الآن؟
ممكن أن نعتبر أن هذه الزيارة هي الزيارة الأولى إلى دمشق لأني خرجت من سوريا عندما كان عمري 5 سنوات، بعد استشهاد والدي رحمه الله. طبعا الشعور في القدوم إلى بلدك بعد قصص تسمعها من أقاربك وأصدقائك عن سوريا في حين أنت محروم من زيارتها هو شعور قاس جدا.
مقابل هذا الشعور والحرمان على مدى 40 عاما، فقد تفجرت كل المشاعر والعواطف أمام هذه البلد الذي تربطنا به روابط عظيمة جدا.
كان لك حضور بارز في مهرجان الاحتفال بسقوط النظام الذي جرى في ساحة الأمويين، كيف وجدت الأجواء؟
كانت لحظات عظيمة جدا، وهي لحظات يتمناها أي فنان أن يكون مع أهله وناسه وأن يقدم لهم رسالته الفنية التي يقدمها دائما. كنت أتمنى دائما أن أقدم رسالة الفن التي صدحت بها في أكثر من 40 دولة غنيت فيها لسوريا. الآن بعد عمر طويل آتي إلى ساحة الأمويين لأنشد في مشهد مليوني. هذا أكبر حشد أغني أمامه طيلة حياتي.
خاصة أنه كان في دمشق، هذا كله بالنسبة لي كان أشبه بالحلم والخيال.
أغنية "ياسمين الشام" أطلقتها في بداية الثورة ومن ثم تحولت إلى أنشودة تتردد على نطاق واسع، كيف وجدت أداء هذه الأغنية بالعلن مع الحشود في دمشق؟
هناك رمزية رائعة لهذا الأغنية، الشباب الذين كانوا موجودين بالساحة كلهم كانوا أطفالا. وكان يصلني رسائل من الشباب حول غناء هذه الأغنية قديما بالسر. البعض طلب مني أن أغير بيتا في الأغنية وهو "ما جربت الحرية"، صحيح جربنا الحرية الآن لكن هذه الأغنية من ذاكرة الثورة السورية.
والآن نحن جربنا الحرية ونصرخ بها في كل مكان.
لا بد أنك تذكرت الوالد في هذه اللحظات؟
نعم أول ما وطأت قدماي مدينتي حماة ذهبت إلى قبر والدي رحمه الله وقرأت له الفاتحة وبشرته أن النصر قد أتى بسواعد الشباب وأن دمه ودم الشهداء الذين قدموا أرواحهم لسوريا لم تذهب هدرا منذ عشرات السنينن، منذ مجزرة حماة.
هل هناك أعمال فنية للاحتفاء بنجاح الثورة وسقوط النظام؟
هناك بالتأكيد أعمال فنية الآن متفائلة بالنصر مثل "بدنا نعمرها سوريا" و"رفرف علم الحرية" و"مبروك عليك سوريا"، التي قد تتفاجأ إذا أخبرتك الآن أنني سجلتها في عام 2012 لأجل أن أنشدها لأن الأسد كان على وشك أن يسقط في تلك الأثناء وكنت أريد أن أكون أول من يغني أغنية النصر. وبالفعل النظام كان ساقط لو لا الدعم الذي حصل عليه من مليشيات إيران وروسيا.
فعندما سقط النظام في الثامن من ديسمبر أطلقتها مباشرة.
ما هي توقعاتك وتطلعات من سوريا الجديدة؟
أملي بهذا البلد أن نقوم قبل البدء بإعادة بناء البنيان أن نبدأ بإعادة بناء الإنسان. الإنسان السوري تعرض خلال العقود الأخيرة للظلم وجرى تهديم الكثير فيه.
يجب أن نسعى إلى إعادة بناء الإنسان ومن ثم نتجه إلى البنيان، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بأيدي أهل البلد. السوريون انتشروا في كل العالم ونشروا الثقافة والعلم والحضارة، ولا تكاد تجد بلد ذهبوا إليه إلى ويقدمون له، لأنهم أصحاب حضارة وهمة لا يرضون أن يعيشوا على الهامش.
الآن آن الأوان كي يعودا إلى بلدهم من أجل أن يعيدوا بناءه، ونقول لهم: سوريا بتناديكم.. سوريا بتناديكم.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)