أنت من بلد زينب ، نعم كلمة تقال لأهل وشعب المنيا بغرض السخرية ، وقبل ان نسرد قصة ( المنيا بلد زينب ) لابد ان نقدم نبذة عن المرأة المنياوية كرسالة قوية لمن يسخر ويتغامز بجهالة على نساء المنيا .

نساء  المنيا يا من تسخر ، صامدة وراسخة كالجبال، تحملت شقاء الحياة، تمسكت بالعادات والتقاليد ، فهي دائمًا في ميادين العمل السياسي والإجتماعي،  تصدت للعدوان الإنجليزي في ديرمواس جنوب المنيا ، وحملت هَمَّ قضية المرأة المصرية، ناضلت وكافحت، وكان منهن أول من نادت بحرية المرأة ومساواتها هدى شعراوي ، وفي العصر القديم كانت نفرتيتي والتي أعتلت عرش مصر ، وتزوج الرسول ( محمد ) من مارية القبطية من المنيا ، الا يكفي هذا فخرا وشرفا وحسبا ونسبا .

 

وفي الفتح الإسلامي جاهدت المرأة  كمجندات على أرض البهنسا ببني مزار شمال المنيا ، حتى أكتشف أمرهن وتم قتلهن جميعا ، ومازالت مزارا حتى الآن يعرف بالــ( سبع بنات ) ، إنهن نساء المنيا ، ترى في وجوههن جمال الطبيعة، وقوة وصلابة الأرض الطيبة، تحمل المشقة والعناء، تسمع منها كلمات بلا صوت ، فإذا حالفك الحظ لزيارة المنيا وتوغلت في القرى والنجوع، ستشاهد بعينيك قصص كفاح لسيدات عظيمات، مات الزوج، وتقمصت المرأة دور الرجل، كافحت وعاندت الظروف الصعبة ، وصدرت للمجتمع أسرة سوية، وأبناء ساهموا في دعم مؤسسات الدولة.

 

فالمرأة المنياوية هي المرأة التي تتصف بالحياء، والخجل، والتمسك بالعادات والتقاليد، قليلة الإختلاط بالرجال، المنغلقة، التي تعمل بالزراعة، وتساعد زوجها، وتعود لمنزلها لتراعي أبناءها بجانب شئون المنزل، وتربية الدواجن والحيوانات، وتصنع الخبز، نساء المنيا هُن الشرف والعِرْض، نساء المنيا هُن أصلها وحضارتها وسبب بقائها ، إن المرأة  المنياوية والصعيدية أو في ريف مصر نَدينُ لها جميعًا أننا نحيا فى آمان، هى التى قامت بتربية وتنشئة العظماء، وخير أجناد الأرض والشهداء، ففي المنيا  لا فرق بين سيدة أمية ، تذهب برفقة زوجها للحقل تعمل معه كتفا بكتف ،  وبين سيدة متعلمة تتبوأ أعلى المناصب القيادية، وتسطر نجاحات كبيرة.

 

المرأة المنياوية ، نجحت في تربية أولادها على القيم الأصيلة التي اندثر بعضها، وتلاشى في زحام المدن، فضلاً عن رزانة عقلها واحتوائها لزوجها، والمرور بمنزلها لبر الأمان، صبورة تتحمل، وذكية تحل مشاكلها، وتحتوي غيرها، علموهن أن الصعيد، والريف سيظل مصنع الرجال طالما فيه هؤلاء السيدات الفضليات.

 

المرأة المنياوية يا سادة ، صبورة إلى أقصى درجة، كتومة تحفظ سر بيتها عن أقرب الناس إليها، تتميز بالجلد وقت المحن، وذكاء فطري وسرعة بديهة، ولديها قدرة عجيبة على التأقلم للعيش في أي بيئة، وتحت أي ظرف دون أن تتأفف، راعية واجب، حنونة ودودة صاحبة وجه بشوش حتى وإن كان بداخلها هموم العالم.

 

إنهم لا يعرفون نساء المنيا والريف وأصالتهن، وعمق انتمائهن لهذا الوطن، لا يدركون حجم التضحيات، ولا يعرفون أنهن صانعات للبناء ، المرأة المنياوية  لا تعرف الخيانة، أو الغدر، وتُقدم أولادها وأسرتها جميعًا فداءً للوطن، ويشهد على ذلك مقاومة النساء بديرمواس ضد الإحتلال الإنجليزي ، لكن إياك وعرضها وشرفها، أو الإقتراب من عاداتها وقيمها وتقاليدها، إياك أن تحاول المساس بهن ، هنا يصحو المارد الصعيدي بداخلها ،  ويتحول إلى وحش كاسر دفاعًا عن أغلى ما يملك.

 

فالمرأة المنياوية ، استطاعت أن تقفز فوق تلال العراقيل، وتحلق بأحلامها في سماء الوطن، تذهل العالم بقدراتها الفائقة في شتى مناحي الحياة، فكانت منها المناضلة ، والمعلمة، والنائبة ، ووكيلة الوزارة، وصانعة أجيال، كانت مصابيح للعالم أجمع ، ولما لا فهي والدة عميد الأدب العربي طه حسين ، والموسيقار عمار الشريعي ، إنها المرأة الصعيدية، حقًّا هى إمرأة حديدية، نساء المنيا، هُنَّ الشريفاتُ حسبًا، والجميلاتُ نسبًا، والطيباتُ عِرقًا، وأصلاً، هُنَّ الفلاحات الطيبات، والعاملات الكادحات، والمُربيات الصابرات، والأمهات الفضليات.

 

ونعود لقصة المرأة المنياوية ، فــ (زينب )، فهي إمرأة فلاحة صعيدية من محافظة المنيا ، متزوجة من رجل فلاح ومزارع ، وكانت تقع قطعة ارض مملوكة لهم  بجوار سكة قطارات السكك الحديدية ، فكانت زينب شأنها شأن الكثيرات من نساء الريف بالمنيا ،  تزرع ، وتحصد ، وتجني ما زرعت طوال العام، و تدور الأحداث فى فترة الإحتلال الانجليزي لمصر، ويمر القطار ويقف فى محطة قطار المنيا ، وقتها رأها احد  جنود الإنجليز فحاول التحرش بالمرأة المنياوية الصعيدية ، والتي لا تجيد فن القتال ، ولا تملك سلاح ، لكن تملك شرف وإيمان وعزيمة رجال

لتهرب المرأة  المنياوية ويتبعها الجندي الإنجليزي فتصرخ  زينب ، ليتدخل الزوج  مدافعا عن شرف زوجته ؛ فيقتل الجندي الإنجليزي زوجها امام عينها، لترتوي ارض الزرع بدماء زوجها الطاهرة ، لتقوم فلا المرأة  المنياوية الا ان تبيع ما تملك ، وتقسم بأن تدفن بجوار قبر زوجها عشرة من جنود الإحتلال

وفي صبر وجلد ، تنتظر زينب القطار كل يوم ، وما ان يقف حتي تسحب احد جنود الإنجليز ، وتغويهم ثم تقتله وتدفن الجندي بجوار زوجها، حتي تمكنت بحسب الروايات من قتل ٢٩ جنديا  انجليزي ، ودفنت بكل قوة وجبروت بجوار قبر زوجها ، ومع إختفاء الجنود والبحث ، تم  كشف أمر المرأة  المنياوية ، ليتم القبض عليها وتواجه الإحتلال وتعترف بانها قتلت ٢٩ جنديا، فما كان من الإحتلال الإ ان امروا  بقتل زينب الصعيدية، وبتر اطرافها وهى على قيد الحياة قبل قتلها كعقاب لها

ومحاولة تشويه صورة تلك المرأة  المنياوية الشريفة المناضلة ، حتي لا تكون ملهمة لغيرها، لدرجة ان الاحتلال الانجليزي أمر بعدم وقوف القطار، فى محافظة المنيا ، تخوفا من أن تخرج زينب أخري، فتقتل ألف محتل للدفاع عن أرضها وزوجها، لذلك المنيا تتخذ يوم ١٨ مارس عيد قومي، لأن اهل وشعب المنيا غضبوا واقتلعوا قضبان السكة الحديد، وقتل جنود الإحتلال الانجليزي فى ذلك اليوم، ماتت زينب ودفنت معها قصة امرأة، مقاومة  وبطلة شريفة

 وهذا ما ذكرته هدي شعراوي ، إبنة محافظة المنيا فى كتابتها، ليكون هذا اقسى رد على من يسخر بجهالة  ويقول ( انت من بلد زينب ) نعم رد عليه و قل انا من بلد زينب والفخر لي ولها وللوطن .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السخرية المنيا نساء أخبار محافظة المنيا

إقرأ أيضاً:

في سبيل الإستقلال الفعليّ.. ذكرى محبطة في واقع محتلّ

من أدهى علامات بؤس الأزمنة، أن يحلّ يوم عيد الإستقلال الذي كان مجيداً في العام 1943، محبطاً وبعيداً كل البعد عن معناه الأصيل في الواقع الحالي. فاليوم وأكثر من أي وقت مضى، وفي حين يرقص لبنان على مسرح الجنون، بات الإستقلال جدلية بحدّ ذاتها.

الإستقلال من حيث التعريف، هو انعدام التأثر بالآخرين وعدم الخضوع لسيطرتهم من حيث الرأي والسلوك والتفكير. فأين يقع لبنان اليوم على خارطة الإستقلال الفعليّ؟

لا بدّ من أن شعوراً عارماً بخيبة الأمل كان سيتملّك رجال الإستقلال الراحلين لو كان باستطاعتهم رؤية الوضع في لبنان اليوم. كان سيقرّ بشارة الخوري ورياض الصلح والمير مجيد إرسلان بأن الإحتلال ليس دوماً على شكل ضباط يتحدثون لغة أجنبية ولا دبابات تجتاح القرى والبلدات اللبنانية، الأمر الذي يحاول العدوّ الإسرائيلي تحقيقه اليوم.

فمن قال إن لبنان كان محتلاً فقط بالإستعمار أو بالدبابات الإسرائيلية لاحقاً  والوصاية السوريّة الذي ثار عليها الشباب اللبناني؟ ماذا عن الإحتلال الداخليّ المقنّع من خلال منطق الإستقواء الذي يوازي ذاك الخارجي سوءاً وحتى يتفوّق عليه بأشواط؟

ليس مستغرباً أن يحنّ كثيرون، من باب اليأس أو المزاح، إلى الأيادي الفرنسية التي لفّت لبنان بكامله في زمن الإحتلال منتدبةً إياه، إذ كانت هناك سلطة وقانون بالحدّ الأدنى على حدّ اعتقادهم، ورأس للدولة.
فمن حيث الشكل، هل يمكن لدولة ما أن تكون مستقّلة من دون رئيس منبثق عن السلطة الشرعية يمثلها في القرارات أمام المحافل الداخلية والخارجية؟

فأين هو رأس الدولة اليوم؟

يصبح لبنان مستقلاً حينما تصبح مؤسساته مستقلّة، وقضاؤه حراً بالمحاسبة واتخاذ القرارات بحقّ مرتكبي أشنع الجرائم.

يصبح لبنان مستقلّا وحراً حينما يستقلّ عن الطائفية والمذهبية والزبائنية الملتفّة على رقاب عمله المؤسساتيّ المحرّك لمنافذ القطاع الرسميّ .

محكوم على اللبنانيين أن يناضلوا في سبيل استقلالهم، بدءاً من العهد العثماني الباطش، ثم الإنتداب، ثم جميع محاولات بسط يد الإملاءات الخارجية بـ"دعمة داخلية". وعلى أمل السيادة الفعلية، سينقضي هذا اليوم عادياً كسواه، مع فارق وحيد أن الجميع سيتذكّر العلم اللبناني، الذي سيرتفع على أسطح أعلى وأكثر عدداً.
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • حادث قسنطينة.. وفاة إمرأة وإصابة 27 آخرين
  • إعلام الاحتلال : أحمد موسى "يهيّج" الشعب المصرى علينا
  • ثلث نساء العالم ضحايا عنف
  • وفاة ستينية دهستها سيارة في خنشلة
  • كواليس كمين عيترون.. عندما حاصر مقاتلان من حزب الله 20 جنديا إسرائيليا
  • أماكن 9 منافذ متحركة لبيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة في مراكز المنيا
  • القصة الحقيقية للرجل "ذو الألف وجه".. كيف خدع 4 نساء في علاقات جدية؟
  • في البقاع.. إسرائيل تقتلُ مدير مستشفى!
  • كلب أم سلعوة؟.. القصة الكاملة لعقر 12 شخصا في المنيا
  • في سبيل الإستقلال الفعليّ.. ذكرى محبطة في واقع محتلّ