خطيب المسجد النبوي: الله أسبغ على عباده نعم ظاهرة في يقظتهم ومنامهم
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
قال الشيخ الدكتور عبد المحسن القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن الله سبحانه وتعالى أسبغ على عباده نعم ظاهرة في يقظتهم ومنامهم وهو سبحانه يدبر الأمر في الليل والنهار وبحكمته حجب علم الغيب عن الخلق ولا سبيل إلى معرفة الغيب إلا ما يطلع الله عليه رسله.
في يقظتهم ومنامهمواستشهد " القاسم" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، بما قال الله سبحانه (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) ومن نعم الله الباطنة وعجائب صنعه الباهرة أن أبقى جزءاً من النبوة لمعرفة شيء من الغيب يطلع عليه من يشاء من عبادة في منامهم قال عليه الصلاة والسلام : (ْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ.
وتابع: ففيها من بديع علم الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه فتنبئه عن الماضي والحاضر والمستقبل ما يغنيه عن كذب الكهان ونحوهم وفيها حث على الخير وتحذير من الشر وبشارة ونذارة ، منوهًا بأن للرؤيا مع الأنبياء شأن في أشد المحن والأحداث وهي وحي لهم دون غيرهم .
وأضاف أنه قال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام ( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) فرفع الله مقام إبراهيم بتصديقه للرؤيا وامتثاله لأمر ربه فأبقى له ثناءً صادقاً جيلاً بعد جيل قال سبحانه : ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110)) من سورة الصافات.
رؤيا المؤمنوأوضح أن رؤيا المؤمن تسره ولا تغره وهي جزء من النبوة وهي من المبشرات الباقية بعد النبوة والرؤى أنواع واحدة منهم حق لابد من وقوعها واثنتان باطلة والرؤيا الصادقة جزء من النبوة والنبوة وحي والكاذب في نومة كاذب على الله أنه أراه مالم يره قال صلى الله علية وسلم: (إن من أفْرَى الفِرَى أن يُرِيَ الرجل عينيه ما لم تَرَيَا) .
ونبه إلى أن تأويل الرؤيا من علوم الأنبياء وأهل الإيمان وهو علم عزيز يجمع بين الموهبة والاكتساب ونعمه يمن الله بها على من يشاء والتعبير فتوى لا يجوز لاحد الخوض فيه بغير علم وهي مبنية على القياس والتمثيل واعتبار المعقول بالمحسوس ، مشيرًا إلى أنه حين بعد العهد بالنبوة وآثارها عوض الله المؤمنين بالرؤيا.
ودلل بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيا المُؤْمِنِ) وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا ، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثاً في اليقظة فالزم الصدق في الحديث ولازم التقوى تظفر بخيري الدنيا والآخرة .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي القاسم خطبة الجمعة من المسجد النبوي
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: حماية المال والمحافظة عليه أحد مقاصد الشرع الشريف
قالت دار الإفتاء المصرية إن الشرع أمر بحماية المال والمحافظة عليه، وقد حرَّمَ الشرع الشريف التعدي على أموال الغير واستحلالها دون وجه حقٍّ، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 29].
وورد عن أبي بَكرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» متفق عليه.
وأوضحت الإفتاء أن كان الاعتداء على الأموال الخاصة المملوكة للأشخاص حرامًا، فإن الحرمة تَشْتَدُّ إذا كان الاعتداء على الأموال العامَّة المملوكة لعموم المجتمع، إذ خطره أعظم؛ لأنه مالٌ تتعلق به ذمة عموم الناس، ولأنه ليس له مطالب بعينه من جهة العباد كالمال الخاصّ، ولما فيه من تضييع حقوق عامة الناس.
المقصود بالأموال العامة وبيان أسباب التملك التام في الشرع
وكشفت دار الإفتاء عن المقصود بالأموالُ العامَّةُ وهى كلُّ ما كان مملوكًا للدولة أو للأشخاص الاعتباريَّة العامَّةِ سواءٌ كان عقارًا أو منقولًا أو نحو ذلك، مما يكون مخصَّصًا لمنفعةٍ عامَّةٍ بالفعل أو بمقتضى قانونٍ أو مرسومٍ"، كما أفادته المادة رقم 87 من القانون المدني المصري.
وهذه الأموال تسَمَّى في الشريعة بـ"مال الله"؛ لأنها غير متعيّنة لفردٍ بعينه، وإنما هي حقُّ عام، يتصرف فيها ولي الأمر بما يحقق المصلحة للمجتمع.
فإذا اقتضت المصلحة تخصيص بعض الموارد الماليَّة العامَّة في هيئة مساعداتٍ ماليةٍ أو عينيةٍ وصَرْفها من قِبَلِ الجهات المختصة المنوط بها رعاية المجتمع وتقديم الدعم للمحتاجين لبعض الأسر أو الأفراد الأَولى بالرعاية، فإن هذه المساعدات تتعين لمن خصصته الدولة لهذا الاستحقاق دون غيره، وينبغي على هؤلاء المستحقين أن يحصلوا على تلك المخصصات بسببٍ صحيح حتى ينتقل إليهم الملك فيها بصورة صحيحة من صور التملك التام المأذون فيه شرعًا.
وأسباب التملك التام في الشرع متعددة، منها: المعاوضات، والميراث، والهبات والتبرعات، والوصايا، والوقف وغيرها، وهذه الأسباب كلها تحتاج إلى الانتقال بصورة صحيحة حتى يتم الملك الشرعي فيها، وتلك المساعدات التي تمنحها الدولة تُعدُّ من قبيل التبرعات فيلزم فيها انتقالها بصورةٍ صحيحةٍ إلى مستحقيها، ولا يحلُّ أخذها إلا لمن توفرت فيه شروط الاستحقاق.
فما تمنحه الدولة من مالٍ على سبيل التبرع لشخص مقيدٍ بوصفٍ معينٍ، فإنه يستحق هذه المنحة أو المساعدة متى كان على هذا الوصف، فإذا لم يكن متصفًا بذلك الوصف أو اتصف به ثم زال عنه، زال معه سبب الاستحقاق لهذا المال، ولا يحلُّ له أخذه؛ إذ من المقرر شرعًا أن الحكم المعلق والمقيد بوصف يدور معه وجودًا وعدمًا، بمعنى أنه ينزلُ الوصف من الحكم منزلةَ العلَّةِ التي يدور معها الحكم وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد الوصف وُجدَ الحكم، وإذا انتفى انتفى الحكم. ينظر: "أصول الإمام السرخسي" (1/ 258، ط. دار المعرفة)، و"كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي" للإمام علاء الدين البخاري (2/ 288، ط. دار الكتاب الإسلامي).
أما الاحتيال لأخذ تلك المِنَحِ والمساعدات عن طريق الإدلاء ببيانات خاطئةٍ أو بأيِّ وسيلة أخرى، فإنه أمرٌ محرمٌ شرعًا ومجرَّم قانونًا؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، بل هو أمرٌ تَعظم حرمته ويشتدُّ إثمه؛ لكونه اعتداءً على الأموال العامة التي تتعلق بها ذمة عموم المجتمع، كما سبق بيانه.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» متفق عليه.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» أخرجه الأئمة: ابن حِبَّان في "صحيحه"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وأبو نُعَيْم الأَصْفَهَانِي في "حلية الأولياء".
ولهذا كله احتاط الشرع الشريف للمال العام احتياطًا أشدَّ من احتياطه للمال الخاص، حتى إنه جعل الاعتداء عليه غُلولًا -أي: خيانة- يحشر به صاحبه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161].