خبر وتحليل – بعد ياسر والمفضل – البرهان ينوب عن الإعلام الغائب – عمار العركي
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
أكد (البرهان) ان المرحلة القادمة هي مرحلة الجهاز بامتياز ، وان { التحدي الأمني كبير } ويلقي علي عاتق الجهاز { مهام كبري في فترة ما بعد الحرب } في محاسبة كل من اجرم في حق الشعب السوداني ، و{ يعول عليه في نهضة الدولة واخذ مكانها الطبيعي بين الأمم }.
أشاد البرهان ب { الأداء المهني لجهاز المخابرات } ، و {المشاركة في العمليات } ، و { الأداء المميز لكل منسوبي الجهاز السابقين في كل مسارح العمليات }.
اشار البرهان الي ان { منسوبي هيئة العمليات يتمتعون بتدريب قتالي عالي وإيمان كبير بالقضية الوطنية} مما دفعهم للمشاركة في العمليات .
قال البرهان ان وجود القوات النظامية “الجيش – الشرطة – الأمن” ،{ في ساحات معركة الكرامة تجسد تكاملية في سفر الدفاع عن الوطن }.
اشار البرهان الي ان { الحرب الآن في نهاياتها والاولوية لدحر التمرد } ، مؤكداً دعمه وإسناده للجهاز رغم الدمار والاستهداف الممنهج الذي تعرض له ، لما { يتمتع به من مهنية ووطنية لحماية الأمن القومي }.
فى تقديرى بأن تصريحات “البرهان” أعلاه خلال زيارته لمقر جهاز المخابرات العامة بولاية البحر الاحمر جعلت من البرهان “مراسل إعلامى حربى توجيهى معنوى بإمتياز ” ، لينضم الى إجتهادات القيادات الفردية ” ياسر العطا والمفضل، وإلى حد ما الناطق الرسمى ” فى تعويض غياب الإعلام الرسمى والحربى التوجيهى.
هنا لأبد الإشادة و الثناء على كثير من ” الإعلاميين الوطنيين” الذىن تنالوا تلك الوقائع ولا زالوا ، بجانب تصديهم ومنازلتهم – من منطلق شخصى وبدافع وطنى – لإعلام التمرد المدعوم والمتمكن ، وبرغم الفارق والفوارق ، لكنهم لا زالوا صامدين .
التصريحات التى أوردناه بين الأقواس { } ، ما هى إلا أخبار لواقع ووقائع ومعلومات موجودة سلفاً ” أخبر بها ونشرها البرهان فى بورتسودان” فهى أخبار قديمة ، وواقع موجود ، ووقائع ليس بجديدة ، لكنها لم تجد الإعلام “الجرئ المبادر ، النوعى المُدرك”، ليقوم بنشرها وترويجها وتسويقها وتوظيفها.
خلاصة القول ومنتهاه: –
لم اجد تلخيص مناسب ، إلا فى خلاصة سابقة لمقال سابق بهذا الخصوص تقول: –
اعلام الجهاز ، الذى كان سالبا ، قبل أن يصبح غائبا رسالتنا له – أن الآرضة أكلت منسأة من كان يتربص بكم ، ومن كان يحيل ويقيل ويكيل وينصب لكم المشانق والسجون والمنافى ظلماً وكيداً تحت فزاعة الفلول وأعداء الثورة الكذوبة ،
فأحسنوا تسويق بضاعتكم ، وتحدثوا عن جهدكم ومجهودكم ودوركم الراهن ، واحسنوا عرض ما تقوم به هيئة العمليات وانتصارات العمل الخاص ، وأكثروا من تعميم إشاراتكم ونشراتكم الإعلامية ولا “تفصلوا” ، ف “اللبيب” بالإشارة يفهم.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: بعد ياسر
إقرأ أيضاً:
نهج الكيد البرهاني والحكومة الثانية
منذ أن تعرفت على ظاهرة الكيزان، وأنا طالبٌ بالمدرسة الثانوية، أدركت أن هناك خصائص بعينها هي التي تجعل من المرء "كوزا". من هذه الخصائص ضعف القدرة على الانسجام مع المحيط الاجتماعي. وقد أصبحت أميل مؤخرًا إلى نسبة هذه الخصيصة إلى سببين: أولهما جيني؛ أي، وراثي، وثانيهما طبيعة الفكرة المعتنَقة، التي تجعل معتنقها مزكِّيًا لنفسه، رافعَا لقدرها فوق أقدار الآخرين. وهذا نهجٌ أثبتوه بأنفسهم وأسموه: "الاستعلاء بالإيمان". منذ المرحلة الثانوية كنا نجد صداقة الكوز بل وحتى مجالسته ثقيلة على النفس. ولذلك، فقد كنا نتجنبهم، ما وسعتنا الحيلة. حين تجالس الكوز تحس به وكأنه يطردك من حضرته. يمنح الكوز نفسه حقًا حصريًّا في توجيه الأمور وفق ما يرى. فبسببٍ من تزكية الذات يؤمن الكوز، وبشدة، أنه صاحب رسالة، وأن عليه تبليغ رسالته هذه. وأن عليه، أيضًا، أن يجعل الآخرين خاضعين لها بكل الوسائل الممكنة.
هذه الخصائص التي ارتبطت لدى الكوز بنمط التديُّن الذي تشرَّبه من كتابات المودودي وحسن البنا وسيد قطب، تتحول، بمرور الزمن، من خدمةٍ مُدَّعاة للدين إلى خدمةٍ قُحَّةٍ وفجَّةٍ للذات، لكن مع الاحتفاظ بغطاء التدين الزائف. وهذا مما يفسر، في نظري، تفشِّي الفساد في أوساطهم. فالاستعلاء بالإيمان يتحول لدى كثيرين منهم، دون أن يشعروا، إلى استعلاء بالمال وبالسلطة وبالوجاهة، وقد حدث مثل هذا كثيرًا في التاريخ. .. هذا التعالي هو ما يجعل أسلوبهم لحلِّ خلافاتهم مع الآخرين يجري على طريقة: Either my way or the highway ، أي إذا لم توافق على رأيي، فاركب الطريق السريع.
هذا النوع من عبادة الذات، والاستغراق في تدليلها، يجعل المرء لا يكترث بما يصيب الآخرين. فالذي يهم لدى هذا الصنف من البشر هو هدفه. وعلى سبيل المثال، أراد الفريق عبد الفتاح البرهان أن يكون رئيسًا للسودان، فسعى إلى تحقيق ذلك بكل سبيل. ولم يكترث قط بما سببه ذلك للبلاد وأهلها من أضرار بالغة الجسامة. لم يكترث الفريق البرهان ومن ورائه الحركة الإسلامية بعدد الذين ماتوا في فض اعتصام القيادة. ولا بالنساء اللواتي أغتُصبن أثناء تلك المذبحة، ولا بالشبان والشابات الذين جرى قنصهم بالبنادق في الشوارع، لمجرد أنهم كانوا يهتفون ضده هو وقبيله. بل لم يكترث هو وكيزانه بعد أن أشعلوا الحرب، بفقدان مئات الآلاف من الضحايا أرواحهم، وفقدان أكثر من عشرة ملايين منازلهم ليصبحوا هائمين على وجوههم. كما لم يكترثوا بجعل البلاد كلها كومةً من الحطام والرماد. المهم لديهم أن يعيدوا تثبيت سلطتهم التي نازعهم فيها الشعب. وأن يستخدموا في ذلك من المكر ومن صنوف الكيد والتنكيل والانتقام والنكاية ما لا يخطر على بال إنسانٍ سوي، راجح العقل، صحيح النفس. وإذا سألتهم: لماذا تريدون العودة إلى السلطة، وقد مكثتهم فيها ثلاثين عامًا ولم تفعلوا شيئًا يُذكر سوى الثراء الشخصي، فلا أظنهم سيأتون بجوابٍ يستطيع الوقوف على رجلين. باختصارٍ شديد، تُدابِرُ التركيبة النفسية للكوز التركيبة النفسية للشخص السوي مدابرةً تامة. قال فقيههم المسترزق بالدين، عبد الحي يوسف، إن ما جرى من قتلٍ للشبان والشابات في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة قد أثلج صدور قوم مؤمنين! ويدخل حديث عبد الحي هذا في باب الانتقام والنكاية التي تعني التشفِّي بالإغاظة، عقب التنكيل.
بعد أن هرب الفريق البرهان من مخبئه في الخرطوم إلى بورتسودان وشعر بالعجز عن استعادة النطاق الأوسع من البلاد الذي فقده في كردفان ودارفور، عمد إلى الإضرار البليغ الشامل، ليس بالقوات التي هزمته وانتزعت منه السيطرة على الأرض، وإنما بالسكان في تلك الأنحاء بلا فرز. منذ تلك اللحظة التي أشعل فيها الكيزان الحرب، ابتلعت الأرض جهاز الشرطة. وقد كان ذلك فعل متعمد قُصد منه فتح الباب للفوضى والانفلات الأمني، خاصة بعد إطلاق عشرات الآلاف من المجرمين ومعتادي الإجرام. أيضًا، ما أن استولت قوات الدعم السريع على غالبية ولاية الجزيرة اختفت خدمات الاتصال. وكانت خدمة الاتصالات قد اختفت قبل ذلك في النطاق الممتد من النيل الأبيض إلى الحدود التشادية باستثناء بعض المدن التي بها حاميات للجيش لم تسقط بعد.
لم يقف تعمد الإضرار العام الشامل عند ذلك الحد، فقد جرى أيضًا حرمان كردفان ودارفور من خدمة استخراج الوثائق الثبوتية. كما اتجه الكيزان إلى عقد امتحانات الشهادة الثانوية بصورةٍ جزئية وحرمان طلاب غرب البلاد من الجلوس لها. ثم ما لبثوا أن أصدروا عملةً جديدةً يعرفون أنها لن تصل إلى سكان الأراضي الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع. أكثر من ذلك، عطلوا وصول الإغاثة إلى الذين تطحنهم المجاعة في المناطق الشاسعة الواقعة خارج نطاق سيطرتهم. كما شرعوا يوميًا في استهداف المدنيين بالطائرات بصورة عشوائية بدعوى أن سكان تلك المدن؛ كببيرها وصغيرها، إنما تمثِّل حواضن اجتماعية لقوات الدعم السريع. لقد فصل البرهان بالفعل كل المناطق التي فقد السيطرة عليها من جسم البلاد الموحدة، بل وشن عليها حربًا جوية عشوائية شاملة استهدفت المدنيين.
هذا الواقع المزري الذي جرى فرضه على الأراضي التي تضم غالبية سكان القطر قاد إلى التنادي لإقامة حكومة تدير شؤون تلك الأراضي الشاسعة. ولا يمكن لعاقلٍ أن يقول أن على هذا النطاق الشاسع أن يعيش في ظل هذه الحالة الاستثناىية غير المسبوقة من فراغ السلطة والتعرض للقصف بالطائرات يوميا. أي، أن يبقى سكان كردفان ودارفور بلا سلطة قضائية ولا شرطة، ولا إدارات تنفيذية، ولا خدمات تعليم وصحة ولا خدمات اتصالات، ولا بنوك، ولا خدمات أوراق ثبوتية، ولا غذاء في ظل مجاعة طاحنة، حتى يحقق البرهان وكيزانه نصرهم الحاسم المتوهم. خلاصة القول: إن قيام حكومة تستعيد شرعية الثورة وتملأ فراغ السلطة والأمن والإدارة والخدمات في هذه الرقعة الشاسعة المكتظة بالسكان أمرٌ فرضته ضرورة هي ضرورة حياة أو موت صنعها البرهان وكيزانه، وليست مناورةً سياسية. ومن ينتظر من الكوز سلوكًا عقلانيًا راشدًا عادلًا منصفًا، سوف ينتظر إلى الأبد.
elnourh@gmail.com