9 سنوات على حريق المسجد العمري بـ «هوُ» ولا مجيب لنداءات ترميمه
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
فى نهايات صيف 2014، وفي مثل تلك الأيام أول أيام شهر سبتمبر، استيقظ سكان قرية هوُ ؛ الواقعة شمال مدينة قنا بنحو 50 كيلو متراً ، على ألسنة اللهب التي بدت فى الظهور من المسجد العمري، الواقع فوق ربوة مرتفعة بالقرب من ضفة نهر النيّل .
تقاطر سكان القرية إلى المسجد فى محاولة للسيطرة على الحريق قبل امتداده ولكن محاولتهم فشلت بسبب إنقطاع الكهرباء والمياه عن القرية فى ذلك اليوم!
تسبب ذلك فى إمتداد النيران إلى أرجاء المسجد، وساعد على إمتدادها وتوسعها، المكونات الخشبية الكثيرة فى المسجد الأثري، وأتت النيران على محتويات المسجد كاملةً، وأدت إلى إنهيار رواق القبلة وبعض المشتملات المنقولة والمصنوعة من الأخشاب.
تاريخ إنشاء المسجد
تم تسجيل المسجد أثراً إسلامياً فى سنة 1952، وبني من المسجد من الطوب اللبن ويتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة أروقة من جهاته الأربع أكبرها وأعمقها رواق القبلة، وتاريخ بناءه غير مُحدد، فقد ألحقت به عدة ترميمات فى عصور عدة، وهو قريب الشبه، بنظيره المسجد العمري بقرية بهجورة و كذلك مسجد الأمير همّام بن يوسف بمدينة فرشوط، والمسجدين الأخيرين يعود بناءها لسنة 1720، 1757 ميلادية، وهو ما يقد يُرجح أن المسجد العمري فى قرية هوُ بني فى وقت قريب من هذه التواريخ.
عناصر معمارية
ويمتاز المسجد العمري إنه يقع على تل ترابي بيلغ إرتفاعه 12 متراً، ويتم الوصول إليه بدرج حجري مرتفع عن الأرض، ويتفرد بوجود عدة عناصر معمارية وزخرفية منها المئذنة وهي مبنية من الطوب المحروق وهي الأقدم من بين العناصر البنائية فى المسجد الحالي إذ كانت مئذنة مسجد قديم غرق بسبب فيضان النيل ولم يتبق منها سوي المئذنة، وكان المسجد يضم منبر خشبي يقع على يمين المحراب الرئيسي وهو يتكون من جنبين وصدر ودرج وجلسه الخطيب وبابي الروضة ويرتكز المنبر على قاعدة مستطيله.
مناشدات لترميمه
ومنذ احتراق المسجد فى سنة 2014 لم تتوقف مناشدات أهالي القرية إلى المسؤولين بإعادة إعماره وترميمه وفتحه أمام المصلين من سكان القرية وتخومها، ولا مجيب!
وعقب الحريق فى السنوات الماضية عاين أعضاء اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلي للأثار المسجد وتم رفع تقرير إلى وزير الأثار، كذلك تمت إجراءات صلب المنئذئة خشية إنهيارها، ووفق المادة 30 من قانون حماية الآثار، فإن وزارة الأوقاف هي الجهة المنوط بها توفير ميزانية لإعادة ترميم المسجد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سنوات حريق المسجد العمري ترميم نداءات
إقرأ أيضاً:
المساجد الأثرية في مطرح.. "المسجد الأحمر" بين الأسطورة والحقيقة!
أنور الخنجري
alkhanjarianwar@gmail.com
اقترنت الأهمية الدينية والاجتماعية والحضارية للمساجد في سلطنة عُمان بحضورها المتميز في الحياة اليومية للمسلمين وهي دلالة واضحة لتعايش مختلف فئات المجتمع من مختلف المذاهب الإسلامية السمحة المقيمة على هذه الأرض الطيبة، ولا يختلف ذلك عمومًا عن ما هو قائم في مدينة مطرح العريقة التي تضم عددا من المساجد القديمة التي تعتبر مساجد أثرية لم يكتب لها التدوين اللائق أو التوثيق اللازم لحفظ تاريخها؛ إذ اقترن بعضها بمشاهد بعيدة كل البعد عن دورها الديني والاجتماعي، وأثير حولها الكثير من اللغط والتهميش، كما هو الحال مع المسجد الأحمر، الذي يطلق عليه أيضا مسمى مسجد التُرك، ومسجد العقبة، ومسجد سيد سراج، كما كان يعرف سابقا، حسب الفترات المتعاقبة حتى عرف مؤخرا بجامع الإمام عزان بن قيس.
الحقيقة أنَّ هذا المسجد الذي يعود تاريخه لأكثر من 500 سنة، ويقع في الطرف الشمالي الغربي لمدينة مطرح القديمة في منطقة كانت تعرف بـ"جبروه"، والآن هو ضمن إحرامات شركة المطاحن العُمانية، وكان اسمه حتى وقت قريب كما نتذكره هو مسجد/ مزار سيد سراج، (سي تشراج) باللغة البلوشية السائدة في المنطقة حينذاك. وتعود تلك التسمية أساسا إلى مشاهدة أحد المتعبدين ليلًا؛ حيث يقوم هذا الناسك بإشعال سراج يضيء نوره جنبات المسجد الواقع في منطقة مظلمة من أطراف المدينة خلف المزارع التي كانت قائمة هناك.
مسجد سيد سراج هذا كانت وما زالت تدور حوله الكثير من الحكايات العجيبة الغريبة؛ حيث كانت الجموع تفد إليه سابقًا لتقديم النذور والتبرُّك؛ اعتقادًا بوجود قبر أحد الأولياء الصالحين فيه، وهذه العادة كانت منتشرة سابقًا في المنطقة؛ حيث هناك العديد من العوائل كانت تؤمن بهذه المعتقدات البالية وتقدم مثل هذه النذور لبعض الأضرحة مثل ضريح "شهباز كلندر" مثلًا في حي الزاهية المجاور، و"الخضر" في الطرف الشمالي لقرية أربق المندثرة، وضريح سيد محمد شريف في حلة الصاغة، وضريح الشيخ فرج في حارة الهناء، وهي مقامات لأولياء الله الصالحين كما كان يُعتقد لدى بعض السكان المحليين.
وتشير بعض المصادر إلى أن هذا المسجد وفناءه الواسع قد استُخدم خلال فترة بداية العشرينيات مُصلى للعيدين. كما يتداول عنه أيضًا أنه حين بدأ العمل لبناء صوامع شركة المطاحن العُمانية في بداية السبعينيات حاولت معدات الشركة المنفذة تسوية الأرض وهدم هذا المسجد الأثري، إلّا أن ذلك استحال على المعدة، وكانت في كل مرة تحاول الاقتراب من المسجد يتعطل فيها شيء ما؛ الأمر الذي أدى في النهاية إلى إلغاء فكرة الهدم، وإبقاء المسجد كما هو. غير أن مساحته قد استغلت لاحقًا كمخازن لحفظ معدات الشركة، خاصة وأن المسجد في تلك الفترة كان مهجورًا، وبناؤه كان أطلالًا.
وفي هذه الحادثة يشير أحد المصادر الموثوقة عن تدخل أحد الأعيان وكان رئيسًا لبلدية مطرح في حينها لمنع هذا الاستغلال المشين لمثل هذه الأماكن المقدسة، وفي النهاية التزمت الشركة بالأمر وقامت بدورها بترميم المسجد وتهيئته لإقامة شعائر الصلاة للعاملين، وبقي هكذا إلى يومنا هذا.
تاريخيًا يُعتقد أن بناء هذا المسجد يعود إلى حقبة الدولة العثمانية خلال محاولتها بسط نفوذها على السواحل الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة العربية، ومن أجل ذلك شنت الدولة العثمانية عددًا من الحملات الحربية البحرية ضد القوات البرتغالية في مسقط، وكانت آخرها مواجهة بحرية وقعت بالقرب من جزيرة الفحل في عام 1553م بين السفن العثمانية بقيادة القائد البحري العثماني تونسي الأصل سيدي علي بيك بن حسين ريس، والأسطول البرتغالي، انتهت بانتصار الأخير؛ الأمر الذي حدا ببقايا الجنود الأتراك الناجين من هذه الحملات اللجوء إلى اليابسة والاستقرار في هذا الموقع، الذي بنوا فيه مسجدًا لهم باستخدام المواد المحلية من حجارة وطين وصاروج أحمر اللون، متوفر في البيئة المحلية، وهكذا أطلق عليه السكان المحليون اسم "المسجد الأحمر" نسبة إلى لونه الأحمر القاني، والبعض أسماه أيضًا مسجد التُرك نسبة للذين قاموا ببنائه، كما أُطلق عليه أيضاً مسمى "مسجد العقبة" لوقوعه بالقرب من عقبة "خرافش" (ممر جبلي ضيق يصل مدينة مطرح بدارسيت).
على العموم.. هذه بعض التكهنات التي تناقلتها الأجيال حيال تاريخ هذا المسجد والأساطير التي تدور حوله، إلّا أننا لم نتمكن حتى الآن من استقصاء مصادر مكتوبة تؤكد حقيقة تاريخ هذا المسجد ومن قام ببنائه، رغم اعتقاد البعض بأن الإمام عزان بن قيس قد دُفِن فيه إلّا أن ذلك بعيد عن الحقيقة؛ فقبر الإمام موجود في مقبرة حارة الشمال المجاورة، وقد حُسم ذلك الأمر قبل سنوات عديدة، بعد تحديد موقعه من قبل العالمين ببواطن المنطقة، وما جرى فيها من أحداث.
يضُم المسجد الكثير من العناصر المعمارية والأثرية المُهمة، ويتألف من عدة أقسام؛ أهمها المحراب الذي جاء بالشكل المخروطي، وغرفة الصلاة التي تبلغ مساحتها حوالي 48 مترًا مربعًا، إضافة إلى صحن المسجد وفنائه الخارجي بمساحة حوالي 132 مترًا مربعًا، والذي اندثر معظم أجزائه. كما إن المسجد لا يحتوي على مئذنة أو صومعة تُحدِّد هويته، وهو الأمر الذي كان سائدًا في المساجد إبّان صدر الدعوة الإسلامية.
وختامًا.. هذه محاولة واجتهاد شخصي مُتواضَع لتدوين ما توصَّلنا إليه من معلومة عن هذا المسجد الصغير في حجمه الكبير في فحواه، ويا حبَّذا لو اهتمت الجهات المعنية والباحثين المتخصصين بإجراء المزيد من البحث والتحقيق عن هذا المسجد والجوامع القديمة الأخرى في مدينة مطرح العريقة.