بشار الأسد كذب كذبة ونفذها الآخرون
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
يبدو أن كذبة بشار الأسد، التي تلطى خلفها في تدمير سوريا وقتل شعبها والتي ارتكزت على ما سماه "مؤامرة كونية"، في طريقها للتحقّق الفعلي على أرض الواقع، حيث تحشد الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الجنود وترسل إلى المنطقة نخبة أسلحتها، من حاملات طائرات وأحدث أسلحتها الجوية وصواريخها الفتّاكة، فيما يبدو أنه تغيير ليس لقواعد الاشتباك في المنطقة، وإنما لتغيير اللعبة بشكل كلي ونهائي.
بالأمس خرج رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وهو العارف بالسياسات الأمريكية في المنطقة والمتعمق في اللعبة الإقليمية، وكان أحد صانعيها، ليقول إن الحشد الأمريكي ربما يهدف إلى اسقاط نظام الأسد، وشرح الرجل الأبعاد التكتيكية والاستراتيجية للتحرك الأمريكي، الذي سيقوم على إغلاق بوابات العبور التي تستخدمها المليشيات الإيرانية من العراق إلى سوريا، والتي عبرها أمدّت إيران نظام الأسد بكل أدوات القتل للإجهاز على السوريين بدون رحمة، وبذلك سيصبح الأسد محصورا لا مخارج حتى للهرب، ما دامت مطاراته وموانئه تحت عين الرقابة.
من جهته، كشف أمين عام حزب الله حسن نصر الله عن جزء من المشهد الذي يتم التحضير له أمريكيا، بل ذهب أبعد من ذلك، حين ربط ما يحصل في جنوب سوريا من حراك مدني يطالب بحق السكان المحليين بالحصول على الاحتياجات الضرورية لتقيهم وأولادهم الموت جوعا، بتحركات واشنطن في المنطقة، والتي من المعلوم أن لديها حسابات لا ترتبط بمشاكل المكونات السورية مع النظام الحاكم من قريب أو بعيد، بقدر ما هي مرتبطة بوضع عالمي وصراع على النفوذ يمتد من تايوان إلى النيجر والسودان وما بينهما أوكرانيا وسوريا.
يبدو أن الرأي السائد بين غالبية الأنظمة العربية أنه فات الأوان لاسترداد سوريا من سيطرة إيران بالطرق السلمية والإغراءات الاقتصادية، وأنه لا يصح إلا الصحيح، فمع وجود بشار الأسد لن تكون سوريا عربية ولن تكون سوى محافظة إيرانية
المفارقة، أن المؤامرة الكونية التي سيكون بشار الأسد أحد ضحاياها، لن تجد من يصدقه إذا رفع صوته وحذر منها، حتى حاضنته في الساحل السوري ملت من ترداد هذه المعزوفة على مدى 12 عاما السابقة، وكانت بالأصل تعرف أن هذه مجرد ثيمة للقضاء على حواضن الثورة، ورأت أنه جاء الوقت للخروج منها بعد أن أدت مهمتها، وأنها لو حصلت الآن بالفعل لم تعد ذات أهمية، فالمؤامرة الحقيقية هو أن تستمر (الحاضنة) في التضحية بأبنائها ثم تموت جوعا، فيما الأسد يغرق بأموال الكبتاجون والنهب المستمر لها، لدرجة أنها صارت تشتغل لديه بالسخرة، وأن استمراره يعني الحكم عليها بالموت جوعا وبردا.
حتى الدول العربية التي تحمست لاحتضان الأسد، مندفعة بقناعات ثبت أنها ساذجة، فرملت توجهها نحو الأسد، بعد أن أخبرهم رأس النظام، وعلى رؤوس الأشهاد، أنه لن يعيد اللاجئين ولن يوقف صناعة وتصدير الكبتاجون، ولن يتخلى عن إيران، والمطلوب منكم أن تعطوني الأموال دون شرط ولا قيد، وبعدها أقرر ما أنا فاعل تجاهكم. أما وزير خارجيته فيصل المقداد فيذهب إلى الاجتماعات العربية ليردد معزوفة أن الدول العربية هي من ساهمت بتدمير سوريا وعليها أن تتولى إصلاح ما دمرته، وكأن العرب من أرسلوا طائراتهم وصواريخهم ودمروا المدن السورية وهجّروا سكانها ونشروا مصانع الكبتاجون فيها.
ويبدو أن الرأي السائد بين غالبية الأنظمة العربية أنه فات الأوان لاسترداد سوريا من سيطرة إيران بالطرق السلمية والإغراءات الاقتصادية، وأنه لا يصح إلا الصحيح، فمع وجود بشار الأسد لن تكون سوريا عربية ولن تكون سوى محافظة إيرانية، فلماذا الدعم والعطاءات والاحتضان ما دام الأسد مصرّا على قتل عرب سوريا ورفض إعادتهم من المَهاجر؟ لإعمار سوريا ومنحها للإيرانيين، أم لزيادة ثروات الأسد وبطانته وداعميه ومن لف لفهم؟
تؤشر الحشود الأمريكية في المنطقة، والترتيبات التي تجريها في شرق سوريا، إلى وجود مخطط لإضعاف روسيا وإيران تفاوضيا، في ظل وجود تقدير أمريكي أن نظام الأسد بقدر ما يشكل ركيزة المعمار الجيوسياسي لروسيا وإيران في المنطقة، فإنه نقطة ضعف يسهل من خلالها تخريب هذا العمران ولخبطة أوراق موسكو وطهران ودفعهما إلى إعادة ترتيب خياراتهما بأوراق تفاوضية أضعف
اللافت أنه في الوقت الذي لم يظهر مسؤول سوري للتعليق على التطورات الجارية في محيط سوريا، يظهر حسن نصر الله ليحذر من التحركات الأمريكية ويتوعد بحرب لتحرير شرق الفرات من سكانها، العرب والأكراد، وليس من الأمريكيين، الذين يقول إنه لولاهم لكان تحرير شرق الفرات أمرا سهلا. هنا يكشف نصر الله عن حقيقة وإن لم تكن مغيبة، أنه بات وكيل إيران المسؤول عن إدارة شؤون المشرق العربي، من سوريا إلى لبنان وبعض فلسطين، وموكلا إليه إشغال واستنزاف الأردن عبر تكتيكات حربية معينة يباشرها الآن، وإلا ما هي صفته حتى يتدخل في موضوع حراك السويداء؟ وما هي صفته، وهو مجرد زعيم محلي في لبنان مثله عشرات زعماء الطوائف، للحديث عن قتال مكونات شرق الفرات وتهديدهم بالويل والثبور؟
تؤشر الحشود الأمريكية في المنطقة، والترتيبات التي تجريها في شرق سوريا، إلى وجود مخطط لإضعاف روسيا وإيران تفاوضيا، في ظل وجود تقدير أمريكي أن نظام الأسد بقدر ما يشكل ركيزة المعمار الجيوسياسي لروسيا وإيران في المنطقة، فإنه نقطة ضعف يسهل من خلالها تخريب هذا العمران ولخبطة أوراق موسكو وطهران ودفعهما إلى إعادة ترتيب خياراتهما بأوراق تفاوضية أضعف. أما لماذا تم اختيار الأسد ليتم إنجاز المهمة الأمريكية على رقبته، فلأنه بات صيدا عاريا مكشوفا وسهلا، وثمة من يقول إن أمريكا ستطلق بعد فترة حملة موثقة لفضح جرائمه ونشرها على العالم كمقدمة لإسقاطه.
twitter.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد سوريا الإيرانية إيران سوريا الأسد امريكا احتجاجات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام الأسد بشار الأسد فی المنطقة لن تکون
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية تركيا يتحدث للجزيرة عن الشرع وسقوط الأسد و7 أكتوبر
جاء ذلك في الجزء الثاني من برنامج "المقابلة" -الذي يقدمه الإعلامي علي الظفيري على قناة الجزيرة- وتناول موقف تركيا من ملفات سوريا وفلسطين والعلاقات مع الدول العربية وأبرز تحديات أنقرة.
وأكد هاكان فيدان أن تغييرات إيجابية طرأت على شخصية الشرع، إذ ينظر إلى ما تقوله المصادر الإسلامية ونجح في استخلاص الدروس عندما توفرت إليه الظروف في إدلب شمال سوريا، وقدّم الخدمات للسكان على صعيد التعليم والصحة والإسكان.
وقال وزير الخارجية التركي إنه يعرف الشرع منذ سنوات وكان قد التقاه عندما أتى إلى إدلب، لافتا إلى أن تركيا خلال حواراتها مع الشرع تحدثت عن تجربة الإسلام والديمقراطية وتقديم الخدمات مستدلا بتجربة رئيسها رجب طيب أردوغان.
وبشأن سقوط بشار الأسد، شدد وزير الخارجية التركي على أن هذه النتيجة بدأت منذ مسار أستانا عام 2017 عبر وقف إطلاق النار، ولكن النظام السابق لم يستغل ذلك وفشل في حل المشكلات السياسية والاقتصادية.
وأكد أن تركيا كانت دوما بناءة في المفاوضات وشجعت المعارضة السورية على الانخراط فيها، لكن الأسد رفض كل العروض و"بدأ نظامه يعيش حالة من الفساد والتسوس والتذمر الداخلي، لتسقط المنظومة العسكرية شيئا فشيئا قبل سقوطه كليا".
إعلانوأشار إلى أن أنقرة كانت داعمة للمعارضة منذ بداية الثورة وزاد ذلك في السنوات الأخيرة، خاصة في المناطق الخاضعة تحت إدارتها، في ظل الخشية من تقدم نظام الأسد إلى الشمال وما يترتب على ذلك من موجة نزوح جديدة إلى تركيا.
وبشأن الائتلاف السوري المعارض، قال فيدان إنه قام بكل الخطوات على الصعيد الدولي، "ولكن لا توجد فرصة للتغيير على طاولة المفاوضات ما لم يتم تغيير على الأرض".
وأكد أن سوريا في عهد الأسد كانت تشكل تهديدا وعدم استقرار لدول المنطقة في ظل تهريب الأسلحة والمخدرات.
ووصف حزب العمال الكردستاني بأنه "فيروس حلّ بالأكراد"، إذ يحتل ثلث الأراضي السورية -وكثير منها مدن عربية- وينهب الموارد الطبيعية ويبيعها للشعب السوري ويرسل الأموال إلى العراق وإيران وتركيا لتنفيذ عمليات إرهابية.
واتهم وزير الخارجية التركي قائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي بـ"التواصل مع شخصيات أخرى في حزب العمال الكردستاني تعمل على تهديد وحدة الأراضي العراقية والتركية والسورية".
العلاقات مع العرب وإيران
وبشأن طهران، أشار فيدان إلى أن سياسة إيران الخارجية المرتبطة بأذرعها لها "مخاطر كبيرة رغم بعض المكاسب التي حققتها"، مؤكدا أنها "تكبدت تكلفة أكبر مقابل الحفاظ عليها".
وشدد على ضرورة التخلي عن سياسة الاستحواذ في المنطقة، معربا عن قناعته بأن قادة إيران سيفكرون من منظور مختلف بعد التطورات في المنطقة من خلال تطوير العلاقات مع الدول الأخرى.
أما على مستوى الدول العربية، فوصف فيدان العلاقات مع السعودية بالجيدة للغاية، وقال إن دول المنطقة تشهد حالة من التنمية، مستدلا بما يجري في قطر والإمارات والكويت والبحرين وعُمان وغيرها.
وأكد أن رؤية الرئيس التركي ترتكز على احتواء المشاكل وحلها مع دول المنطقة، وعدم التدخل في شؤون أي دولة أو إدارتها.
إعلانوقال إن أنقرة نجحت في إزالة العوائق النفسية مع مصر من خلال الصداقة التاريخية والملفات المشتركة، مضيفا أن "هناك مساحة للتعاون متى توفرت النية والإرادة".
القضية الفلسطينيةوبشأن القضية الفلسطينية، أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام مشهد قتل إسرائيل للفلسطينيين والتعدي على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية.
وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستغل ضعف دول المنطقة عسكريا في ظل الدعم الأميركي المطلق، ويعمل على التوسع جغرافيا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ "فإسرائيل تزيد أعدائها كل يوم".
أما عن تقديره لوضع إسرائيل بعد "طوفان الأقصى"، فأعرب فيدان عن رأيه بأن تل أبيب تبحث عن نجاحات تكتيكية، لكنه شدد على أنها تسير نحو خسارة إستراتيجية، وستبقى المشكلة قائمة ما لم يتم منح الفلسطينيين دولة مستقلة.
وأعرب عن أمله في أن يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطا على نتنياهو من أجل المضي قدما نحو حل الدولتين، واصفا موقف السعودية في هذا الصدد بالقوي والمشرف.
وعلى صعيد العلاقات التركية الأميركية، قال فيدان إن بلاده تمتلك علاقات جيدة مع ترامب منذ ولايته الرئاسية الأولى، وتطمح إلى رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، مشيرا إلى أن أنقرة تريد علاقات اقتصادية قوية مثل العلاقات الأمنية.
وعدد وزير الخارجية التركي أبرز 3 تحديات تواجه بلاده وهي:
حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وضرورة القضاء عليه في سوريا والعراق بعد انحسار تأثيره داخل تركيا. الحرب في البحر الأسود وضرورة توقف الحرب الأوكرانية الروسية. القضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الاحتلال والتوسع الاستيطاني وتطورات سوريا ولبنان. 27/2/2025