منع الكحول في الأماكن العامة بإسطنبول.. المعارضة تنتقد والوالي يرد
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
إسطنبول- أصبحت مدينة إسطنبول -الأربعاء الماضي- على موعد مع جدل ساخن سياسيا وإعلاميا، بعدما تداولت وسائل إعلام تركية محلية تعميما لوالي المدينة يؤكد فيه حظر بيع وتناول المشروبات الكحولية في الأماكن العامة مثل الشواطئ والحدائق.
وأثار هذا الأمر حفيظة الصحف المقربة من المعارضة التي اتهمت الوالي داوود غُل بالتدخل في أسلوب حياة المواطنين.
وقال تعميم داخلي أرسله مكتب الوالي -بتاريخ 17 أغسطس/آب الجاري- إلى أجهزة الشرطة والأمن، وتناقلته وسائل إعلام تركية، إن "الشكاوى المقدمة إلى الجهات المختصة مؤخرا أظهرت أن معظم الأشخاص المتورطين في الأحداث التي تخل بالنظام العام داخل حدود ولاية إسطنبول في الحدائق العامة والشواطئ وغيرها من الأماكن المفتوحة للعموم مدمنون على الكحول".
ولفت التعميم إلى أنه "تبين أن الأشخاص الذين يشربون الكحول في هذه المناطق يسببون الإزعاج ويثيرون الخوف والذعر لدى شعبنا".
وعلقت صحيفة "جمهوريت" التركية (المقربة من حزب الشعب الجمهوري المعارض) على التعميم، معتبرة أن والي إسطنبول "أعلن حظر تناول المشروبات الكحولية في الأماكن المفتوحة"، منتقدة إثارته هذا الموضوع في وقت تعاني فيه المدينة "صعود نشاط المافيا والمواجهات بين العصابات وأزمة المخدرات وعديدا من المشكلات الأمنية الأخرى".
انتقاد المعارضةوحسب تعميم والي إسطنبول، سيتم تغريم من ينتهك حظر الكحول في الأماكن العامة بمبلغ قدره 617 ليرة تركية (نحو 23 دولارا)، في حين سيتم وضع الأشخاص الذين يضبطون في حالة سكر تحت السيطرة حتى يزول السكر عنهم.
ولفت تعميم الوالي إلى أن ما به تعليمات تستند إلى القانون رقم 5326، أو ما يسمى قانون الجنح الصادر عام 2005.
وفي حين رحب أنصار الحكومة التركية بالتعميم، انتقدته المعارضة وبعض خبراء القانون من المحسوبين على التيار "الكمالي"، الذين رأوا أن ولاية إسطنبول تجاوزت صلاحياتها، معتبرين القرار خطوة إضافية على طريق استمرار الحكومة في "التدخل في نمط حياة المواطنين".
ولم تقتصر ردود الأفعال على الساحة الإعلامية، فقد عبر عدد من الأحزاب المعارضة الرئيسية -على رأسها حزب الشعب الجمهوري- عن رفضهم القرار، فقال أوزغور أوزيل رئيس الكتلة البرلمانية للحزب "هذا ليس نصا تذكيريا، بل هو تمييز في نمط الحياة جاء بتعميم"، واعتبر القرار "لاغيا وباطلا".
من جهته، دان القرار حزب العمال التركي (حزب صغير لديه 4 مقاعد في البرلمان)، وقال إنه "لا يعترف به"، حسب ما جاء في بيان على الموقع الرسمي للحزب.
سواح يتجولون قرب المسجد الأزرق وحديقة السلطان أحمد في إسطنبول (شترستوك)وتقدم المحامي محمد أوميت أردم بطلب إلى القضاء، مطالبا بوقف تنفيذ الحكم وإلغاء التعميم، معتبرا أن "شرب المشروبات الكحولية سيضع الناس تحت عبء اقتصادي خطير للغاية ما لم يدفع الوالي الفاتورة".
ولاحقا، أعلنت نقابة المحامين في إسطنبول بدورها أنها رفعت دعوى قضائية لإلغاء تعميم والي إسطنبول.
ولاية إسطنبول تعقّبلكن ولاية إسطنبول عقبت على ردود الأفعال ببيان جديد، أوضحت فيه أنها لم تتخذ قرارا جديدا في الموضوع ولم تحظر شرب الكحول في الأماكن المفتوحة كما صوره رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل قامت بتذكير السلطات المعنية بتنفيذ التعليمات التنفيذية لقانون 2005، الذي يشمل وضع قيود (وليس حظرا شاملا) على بيع واستهلاك المشروبات الكحولية في الأماكن العامة.
وقال البيان "في تعميمنا التذكيري، فقد بينا ما حدده القانون باختصار، عدم بيع المشروبات الكحولية للأطفال دون سن 18 عاما، والامتناع عن بيع الكحول بالتجزئة بين الساعتين 22:00 والساعة 06:00، باستثناء المطاعم والمقاهي المرخصة، وعدم جواز ذلك خارج الأماكن الحاصلة على ترخيص، في مناطق مثل مناطق التنزه والترفيه والسواحل والشواطئ وما إلى ذلك".
وأضاف بيان الوالي "بصفتنا واليا لإسطنبول، تأثر نشرنا لهذا التعميم التذكيري بشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن المواطنين في أثناء زياراتنا للمنطقة، في ما يتعلق بالحوادث الفوضوية التي حدثت بسبب استهلاك الكحول".
ونقلت صحيفة "جمهوريت" المعارضة عن المحامي المختص بالشؤون الإدارية متين غونداي قوله إنه لا توجد مادة خاصة باستهلاك الكحول في القانون رقم 5326 المشار إليه في القرار، وقال "يمكن فرض مثل هذا الحظر بموجب القانون، وليس بالتعميم".
واستدرك أنه في المادة 35 من قانون الجنح يمكن تطبيق العقوبات على الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة تزعج سلام وهدوء الآخرين بسبب السُكْر، مضيفا "مع ذلك، لا يمكن القول إن الأشخاص الذين يشربون الكحول على الشاطئ أو في الحديقة يهددون النظام العام".
من جهته، دافع الباحث والكاتب الصحفي يوسف كابلان عن قرار ولاية إسطنبول، قائلا -عبر حسابه على موقع "إكس" (تويتر سابقا)- إن الوالي داوود غُل "واحد من أكثر الولاة كفاءة وتميزا وسيذكره التاريخ باحترام وامتنان"، محذرا من "حملة تشويه" يتعرض لها على خلفية القرار.
من جانبه، رحب النائب عن مرسين من حزب "هدى بار" (حليف الحكومة) فاروق دينتش بخطوة ولاية إسطنبول، وقال -في تغريدة له على موقع "إكس"- إن "اختبار الصدق في منع العنف ضد المرأة وحماية الأسرة يمر من خلال مكافحة الكحول والإدمان على الكحول والمخدرات والقمار والشراكات العرفية والوسائل المؤدية إلى الزنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المشروبات الکحولیة فی الأماکن العامة ولایة إسطنبول الأشخاص الذین الکحول فی
إقرأ أيضاً:
WP تنتقد الجنائية الدولية: لماذا إسرائيل وليس الديكتاتوريات في سوريا والسودان؟
انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في افتتاحية حديثة لها، قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف جالانت، زاعمة أن القرار "خطوة تقوض مصداقية المحكمة وتثير تساؤلات حول أولوياتها".
وأشارت الصحيفة إلى أن المحكمة، التي أُنشئت لتحقيق العدالة لضحايا الجرائم الدولية، "لم تتخذ خطوات مماثلة بحق قادة دول متهمين بارتكاب جرائم حرب جسيمة وإبادة جماعية في أماكن مثل سوريا والسودان وميانمار".
وتساءلت الصحيفة عن سبب ترك المحكمة هؤلاء القادة في الدول المشار إليها دون محاسبة، في حين أنها تسعى لملاحقة قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي وصفته "واشنطن بوست" بأنها "دولة ديمقراطية ذات قضاء مستقل"، على حد زعمها.
وسلطت الصحيفة الضوء على جرائم حرب موثقة في دول مثل سوريا، حيث استخدم رئيس النظام السوري بشار الأسد الأسلحة الكيميائية وشن حملات تطهير عرقي في صراعه الدموي مع المعارضة، ما أدى إلى مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص، بينهم العديد من المدنيين، حسب "واشنطن بوست".
كما أشارت الصحيفة إلى السودان، وقالت إن الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" وقوات الدعم السريع التابعة له ارتكبوا إبادة جماعية محتملة في دارفور. وفي ميانمار، يستمر الجنرال مين أونج هلاينج في استهداف أقلية الروهينجا ضمن حملة قصف للقرى المدنية.
وتساءلت الصحيفة "كيف يمكن للمحكمة أن تتجاهل هذه الجرائم الفادحة بينما تركز جهودها على ملاحقة قادة دولة ديمقراطية كانت في حالة حرب مع منظمة مثل حماس، التي شنّت هجوما على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023".
وأوضحت الصحيفة أن دولة الاحتلال ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن "مذكرات الاعتقال الصادرة لن يكون لها تأثير عملي كبير سوى منع نتنياهو وجالانت من السفر إلى دول تعهدت بتنفيذ هذه الأوامر". ومع ذلك، رأت "واشنطن بوست" أن هذه الخطوة "تضع قادة إسرائيل المنتخبين في فئة واحدة مع ديكتاتوريين ومجرمي حرب ارتكبوا فظائع واسعة النطاق".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الحرب التي شنتها إسرائيل على حماس أدت إلى خسائر بشرية مروعة في غزة، حيث أفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد أكثر من 44 ألف فلسطيني".
وقامت الصحيفة بالإشارة إلى أن دولة الاحتلال تتحمل "مسؤولية أكبر في تجنب وقوع هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين"، لكنها في الوقت ذاته عادت لتحميل حماس "جزءا من المسؤولية" بسبب ما قالت إنه "استراتيجياتها العسكرية التي تضمنت الاختباء بين المدنيين واستخدام الأنفاق تحت المناطق السكنية".
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تتحمل مسؤولية أخرى تجاه الفلسطينيين النازحين، الذين يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء ويقتربون من حافة المجاعة.
وعلى الرغم من بعض التحسينات الأخيرة، مثل زيادة شاحنات المساعدات وإعادة فتح معابر حدودية، قالت الصحيفة إن تحليلها يظهر أن إسرائيل لم تلتزم بالكامل بالمطالب الإنسانية الرئيسية، بما في ذلك رفع الحصار المفروض على شمال غزة وتسهيل دخول الشاحنات التجارية.
وفي انتقادها لقرار الجنائية الدولية، زعمت الصحيفة أن "إسرائيل لديها الآليات الضرورية للتحقيق في سلوكها العسكري دون الحاجة إلى تدخل المحكمة الجنائية الدولية"، مشيرة إلى أن "لجان تحقيق قضائية وبرلمانية وعسكرية إسرائيلية من المتوقع أن تُجرى بعد انتهاء الصراع، بالإضافة إلى تحقيقات وسائل الإعلام المستقلة النشطة في إسرائيل".
وأضافت أن "بعض الجنود الإسرائيليين قد اعتُقلوا بالفعل بسبب اعتداءات على معتقلين فلسطينيين"، زاعمة أن "هذه الإجراءات تثبت أن القضاء الإسرائيلي قادر على محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات".
وحول الموقف الأمريكي، قالت الصحيفة إن "الولايات المتحدة كانت دائما حذرة في تعاملها مع المحكمة الجنائية الدولية خشية استهداف أفرادها العسكريين، لكنها دعمت المحكمة في بعض الحالات، مثل إصدار مذكرات اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب جرائم حرب في أوكرانيا".
لكن الصحيفة حذرت من أن "قرارات المحكمة الأخيرة ضد إسرائيل قد تُعيد إحياء موقف إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي فرض سابقا عقوبات على موظفي المحكمة".
وخلصت "واشنطن بوست" إلى أن هذه "الخطوة قد تعيق التعاون الأمريكي مع المحكمة في وقت تزداد فيه الحاجة إلى محاسبة مرتكبي الجرائم في دول مثل روسيا والسودان وميانمار".