لماذا يتباطأ الاقتصاد الصيني وهل يمكن أن يزداد الأمر سوءا؟
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
يتباطأ النمو الاقتصادي في الصين في الوقت الذي يحاول فيه صانعو السياسات إنقاذ سوق العقارات من حالة ركود تتجلى في مشكلات تعصف بشركة التطوير العقاري الكبرى كانتري غاردن، وتتزايد المخاوف من اقتراب ثاني أكبر اقتصاد في العالم من أزمة.
ما أسباب التباطؤ الاقتصادي في الصين؟على عكس المستهلكين في الغرب، تُرك الشعب الصيني إلى حد كبير ليدبر أموره بنفسه خلال جائحة كوفيد-19، ولم تحدث فورة إنفاق محموم على السلع بغض النظر عن الحاجة إليها مثلما كان يتوقع بعض الاقتصاديين بعدما رفعت الصين القيود.
بالإضافة إلى ذلك، تراجع الطلب على الصادرات الصينية في الوقت الذي يئن فيه شركاء تجاريون رئيسيون تحت وطأة ارتفاع تكاليف المعيشة.
اقتصاد صندوق النقد مديرة صندوق النقد تقول إنها أجرت مناقشة "مثمرة" مع رئيس وزراء الصينومع ارتباط 70% من ثروات الأسر الصينية بالعقارات، يتسرب تباطؤ كبير في هذا القطاع إلى أجزاء أخرى من الاقتصاد.
كانت هناك مخاوف كبيرة بشأن الاقتصاد الصيني من قبل، فهل يختلف الأمر هذه المرة؟دقت أجراس الإنذار بشأن الاقتصاد خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 و2009 وخلال فترة الذعر من نزوح رؤوس الأموال في 2015. وأعادت الصين إحياء الثقة في ذلك الوقت بزيادة الاستثمار في البنية التحتية بشكل مفاجئ ودعم المضاربة في سوق العقارات وسط إجراءات أخرى.
لكن تطوير البنية التحتية رفع الديون بشدة، وانفجرت الفقاعة العقارية، مما يشكل مخاطر على الاستقرار المالي اليوم.
ونظرا لأن استثمارات الصين في البنية التحتية والعقارات المعتمدة على الديون بلغت ذروتها وتباطأت حركة الصادرات تماشيا مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، ليس لدى الصين سوى مصدر واحد آخر للطلب يمكن الرهان عليه، وهو استهلاك الأسر.
ومن هذا المنطلق، فإن التباطؤ مختلف هذه المرة.
فقدرة الصين على التعافي إلى حد كبير تعتمد على قدرتها على إقناع الأسر بزيادة الإنفاق وتقليل الادخار، وما إذا كانت ستستطيع القيام بهذا إلى الحد الذي يجعل طلب المستهلكين يعوض نقاط ضعف أخرى في الاقتصاد.
لماذا يشكل التراجع في إنفاق الأسر أزمة؟كان استهلاك الأسر، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، من أدنى المستويات في العالم حتى قبل جائحة كوفيد-19، فيما وصفه اقتصاديون بأنه خلل هيكلي هام في اقتصاد يعتمد بشدة على الاستثمار القائم على الديون.
ويرجع اقتصاديون إلى ضعف الطلب المحلي أسباب تراجع الإقبال على الاستثمار في القطاع الخاص وانزلاق الصين في يوليو تموز إلى الانكماش الذي، إذا استمر، فد يؤدي إلى زيادة التباطؤ الاقتصادي ومشاكل الديون.
وهذا الاختلال في التوازن بين الاستهلاك والاستثمار أكبر من ذلك الذي حدث في اليابان قبل أن تدخل "العقد الضائع" من الركود في التسعينيات.
هل يزداد التباطؤ الاقتصادي في الصين سوءا؟دفعت البيانات الضعيفة بعض الاقتصاديين إلى الإشارة لخطر احتمال أن تجد الصين صعوبة في تحقيق هدف النمو الاقتصادي البالغ نحو 5% في 2023 دون زيادة الإنفاق الحكومي.
ولا يزال معدل نمو بنسبة 5% تقريبا أعلى بكثير مما قد تحققه العديد من الاقتصادات الكبرى الأخرى، ولكن بالنسبة لدولة تستثمر ما يقرب من 40% من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام، أي نحو مثلي ما تستثمره الولايات المتحدة، يقول خبراء اقتصاد إن هذه النسبة تظل قراءة مثبطة.
وهناك أيضا حالة من الضبابية تكتنف مدى استعداد الحكومة لتقديم حزم تحفيز مالي كبيرة بسبب ارتفاع مستوى ديون الإدارات المحلية.
وزادت الضغوط في سوق العقارات، الذي يمثل نحو ربع النشاط الاقتصادي، من المخاوف بشأن قدرة صانعي السياسات على وقف التراجع في النمو.
وينوه بعض الاقتصاديين إلى أنه سيتعين على المستثمرين الاعتياد على نمو أقل بكثير، حتى أن عددا قليلا منهم يثير احتمال حدوث ركود أشبه بذلك الذي حدث في اليابان.
لكن اقتصاديين آخرين يقولون إن العديد من المستهلكين والشركات الصغيرة قد يشعرون بالفعل بألم اقتصادي شديد شبيه بألم فترات الركود، بالنظر إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب فوق 21% وضغوط الانكماش التي تؤثر على هوامش الأرباح.
هل يقدم خفض أسعار الفائدة دعما؟خفضت بنوك الصينية كبرى اليوم الجمعة أسعار الفائدة على مجموعة من الودائع باليوان لتخفيف الضغط على هوامش أرباحها وإفساح المجال أمامها لخفض تكاليف الإقراض، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري.
وبينما يأمل صانعو السياسات في أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى زيادة الاستهلاك، يحذر اقتصاديون من أن ما يصاحب ذلك من خفض لأسعار الفائدة على الودائع يؤدي إلى تحول أموال المستهلكين الذين يدخرون إلى أولئك الذين يقترضون خارج النظام المصرفي. ومن شأن تحويل الموارد من القطاع الحكومي إلى الأسر أن يكون له تأثير كبير على المدى الطويل.
كما أن خفض أسعار الفائدة قد ينذر أيضا بخفض قيمة اليوان ونزوح رؤوس أموال، وهو ما ستكون الصين حريصة على تجنبه.
وقال البنك المركزي الصيني اليوم إنه سيقلل الاحتياطي الإلزامي من النقد الأجنبي المؤسسات المالية، وذلك للمرة الأولى هذا العام، لمواجهة الضغوط على اليوان.
ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة الصينية أكثر من ذلك؟يريد اقتصاديون رؤية تدابير تعزز حصة استهلاك الأسر من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشمل الخيارات قسائم ممولة من الحكومة للمستهلكين وتخفيضات ضريبية كبيرة والتشجيع على نمو أسرع للأجور وبناء شبكة أمان اجتماعي مع رفع المعاشات التقاعدية وصرف إعانات بطالة وإتاحة الخدمات العامة بشكل أكبر وأفضل.
ولم يشر اجتماع عقد مؤخرا لقيادة الحزب الشيوعي الصيني إلى أي من هذه الخطوات، لكن الاقتصاديين يتطلعون إلى مؤتمر هام للحزب في ديسمبر/كانون الأول من أجل إصلاحات هيكلية أكثر عمقا.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News اقتصاد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم التباطؤ الاقتصادي في الصين أسعار الفائدة سوق العقارات اليوان الرهن العقاريالمصدر: العربية
كلمات دلالية: اقتصاد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم أسعار الفائدة سوق العقارات اليوان الرهن العقاري الاقتصادی فی الصین أسعار الفائدة سوق العقارات
إقرأ أيضاً:
«المصريين»: زيارة رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي تعكس الثقة في اقتصاد الدولة
أثنى المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب المصريين، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، على الزيارة الأخيرة التي قام بها بورج برانديه، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى مصر، ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن هذه الزيارة تمثل خطوة هامة في تعزيز التعاون الدولي، خاصة في ظل رؤية القيادة السياسية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وشاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
وقال «أبو العطا»، في بيان، إن تأكيد الرئيس السيسي خلال اللقاء على أهمية تشجيع القطاع الخاص الأجنبي على الاستثمار في مصر يعكس استراتيجية الدولة الرامية إلى خلق بيئة استثمارية جاذبة، موضحًا أن التركيز يأتي على القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعة، والطاقة المستدامة، والاتصالات، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والنقل، ليعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي ودولي في هذه المجالات الحيوية.
دعم كامل من القيادة السياسيةوأكد رئيس حزب المصريين أن الحكومة المصرية، بدعم كامل من القيادة السياسية، تعمل على تطوير التشريعات الاقتصادية بما يضمن توفير بيئة تشريعية مستقرة وشفافة، ويشجع المستثمرين الأجانب على دخول السوق المصري، ما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ودفع عجلة النمو الاقتصادي، مشيرًا إلى تناول اللقاء للتحديات الإقليمية الراهنة، خاصة الأوضاع المتوترة في قطاع غزة ولبنان، مؤكدً أن الرئيس السيسي أظهر رؤية متزنة وواعية خلال حديثه عن ضرورة تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأشار عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية إلى أن تصاعد الصراعات لا يؤدي فقط إلى آثار إنسانية كارثية، بل يمتد تأثيره إلى الاقتصاد العالمي، وهو ما يتطلب تكاتف الجهود الدولية لإنهاء النزاعات وتعزيز التنمية، مثمنًّا الدور المحوري الذي تقوم به مصر، بقيادة الرئيس السيسي، في دعم القضية الفلسطينية وجهودها لتحقيق تهدئة في غزة، مؤكدًا أن ذلك يعكس مواقف مصر الثابتة في دعم السلام والحفاظ على استقرار المنطقة.
المنتدى الاقتصادي العالميولفت إلى أن الاهتمام الذي يوليه الرئيس السيسي لقطاعات مثل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي يعكس رؤية مستقبلية تتماشى مع التحولات العالمية، موضحًا أن مصر تسعى إلى تعزيز مكانتها في هذه المجالات من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية ودعم الابتكار، وهو ما يجعلها شريكًا استراتيجيًا هامًا على الساحة الدولية.
واختتم بأن زيارة رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي تأتي كدليل واضح على ثقة المؤسسات الدولية المتزايدة في مصر، لا سيما أن القيادة السياسية نجحت في تحقيق توازن بين معالجة التحديات الإقليمية وتعزيز التنمية الاقتصادية، مؤكدا أن حزب المصريين سيظل داعمًا لكل المبادرات التي تسهم في تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة ورفعة مكانتها إقليميًا ودوليًا.