الجزائر ترفض ملاحقة القضاء السويسري لوزير دفاعها الأسبق.. هل تنجح؟
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
اعتبرت الجزائر، أن قرار القضاء السويسري توجيه تهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية إلى وزير دفاعها الأسبق، خالد نزّار، هو أمر "غير مقبول" مؤكدة أن هذه القضية بلغت حدودا "لا يمكن التسامح معها" وقد تؤدي إلى "طريق غير مرغوب فيه" في العلاقات بين البلدين.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن الوزير أحمد عطاف، تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره السويسري، إينياسيو كاسيس، بخصوص ملاحقة اللواء المتقاعد، نزار، أكد فيه أن "هذه القضية بلغت حدودا غير مقبولة ولا يمكن التسامح معها، وأن الحكومة الجزائرية عازمة كل العزم على استخلاص كل النتائج، بما فيها تلك التي هي أبعد من أن تكون مرغوبة في مستقبل العلاقات الجزائرية السويسرية".
وأعرب عطاف "عن أمله في بذل كل الجهود تفاديا من أن تجر هذه القضية العلاقات بين الجزائر وسويسرا نحو طريق غير مرغوب فيه وغير قابل للإصلاح" كما أضاف البيان.
وأضاف بيان الخارجية الجزائرية أن عطاف ردّ على موقف الحكومة السويسرية بأن "استقلالية القضاء لا تبرر اللامسؤولية، وأن أي نظام قضائي لا يمكن أن يعطي لنفسه الحق المطلق في الحكم على سياسات دولة مستقلة وذات سيادة".
ورأى أن القضاء السويسري قدم "باستخفاف شديد، منبرا للإرهابيين وحلفائهم ومؤيديهم بغية محاولة تشويه سمعة الكفاح المشرف الذي خاضته بلادنا ضد الإرهاب، وتلطيخ صورة وذكرى أولئك الذين سقطوا في مجابهته".
وأعلن القضاء السويسري، الثلاثاء، أنه وجه إلى وزير الدفاع الجزائري الأسبق، نزار، لائحة اتهام تشمل خصوصا تهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بشبهة موافقته على عمليات تعذيب خلال الحرب الأهلية في التسعينيات.
وأعلنت النيابة العامة الفيدرالية في سويسرا أن نزار "باعتباره شخصا مؤثرا في الجزائر بصفته وزيرا للدفاع وعضوا بالمجلس الأعلى للدولة، وضع أشخاصا محلّ ثقة لديه في مناصب رئيسية، وأنشأ عن علم وتعمّد هياكل تهدف إلى القضاء على المعارضة الإسلامية".
وأضافت: "تبع ذلك جرائم حرب واضطهاد معمّم ومنهجي لمدنيين اتُّهموا بالتعاطف مع المعارضين".
وقد وثّقت النيابة العامة السويسرية 11 حالة، وقعت بين عامي 1992 و1994. وأودت الحرب الأهلية بمئتي ألف شخص، من بينهم كثير من المدنيين.
وكان نزار، 85 عاما، أوقف خلال زيارة إلى جينيف، في تشرين أول / أكتوبر عام 2011، لاستجوابه من جانب النيابة العامة بناء على شكوى قدمتها ضده منظمة "ترايل إنترناشيونال" غير الحكومية التي تحارب الإفلات من العقاب على جرائم الحرب. وأُطلق سراحه بعد ذلك وغادر سويسرا.
ويشتبه في أن نزّار، الذي شغل منصب وزير الدفاع بين 1990 و1993، "قام على الأقل بالموافقة وتنسيق وتشجيع، عن علم وتعمد، التعذيب وغيره من الأعمال القاسية واللاإنسانية والمهينة، وانتهاكات للسلامة الجسدية والعقلية، واعتقالات وإدانات تعسفية، فضلا عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".
من جانبه، اعتبر الدبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن قرار القضاء السويسري ملاحقة الجنرال خالد نزار، يمثل صفعة موجعة للنظام الجزائري.
وأضاف: "هذا القرار هو واحد من أخطر القرارات تجاه النظام في الجزائري، وهو أسوأ الأخبار التي تلاقها النظام منذ 1992 وله تداعيات خطيرة على الجنرالات الذي أجرموا بحق الشعب الجزائري".
وأشار زيتوت إلى أن تقرير النيابة السويسرية استند إلى مذكرة صدرت عن وزارة الدفاع الجزائرية صدرت في كانون أول / ديسمبر 1990، أي قبل الانقلاب على نتائج الانتخابات، وهو ما يعني وجود مخطط مسبق من وزارة الدفاع لمواجهة المعارضة الإسلامية، وقبل ظهور أي جماعات مسلحة.
ويتضمن المخطط عملا مسلحا ضد المعارضة الإسلامية، التي كانت يومها في البلديات والولايات، ولم تكن مسلحة آنذاك، وهذا يعني وجود مخطط مسبق لكل الأحداث التي جرت.
وأضاف: "الحقيقة أن الخطة كانت في تموز / يوليو 1990 لكنها تأخرت بسبب غزو الكويت، لكنهم استمروا فيها ونشروها داخليا، هذا ما أكدته وزارة العدل السويسرية".
ووفق زيتوت فإن "الأمر لا يتعلق بخالد نزّار، لأنه ليس إلا واجهة وأما الأخطر هو تداعياتها على من هم في السلطة اليوم".
وأشار زيتوت إلى أن تقرير النيابة السويسرية الذي وصف ما جرى في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي بأنه "حرب أهلية"، وليس "حربا على الإرهاب".
وقال: "هذا أول توصيف دولي محايد يصف بأن ما جرى في الجزائر كان حربا على الرغم من أنهم أضافوا لها أهلية، وأن نتيجتها مقتل 200 ألف إلى جانب مليون لاجئ ونازح، وحوالي 20 ألف شخص مفقود".
ولفت زيتوت الانتباه إلى أن هذا الإنجاز المهم لصالح العدالة في الجزائر ما كان له أن يتم لولا وجود نشطاء جزائريين أصروا على متابعة هذه الجرائم وكشفها.
وقال: "عام 2017 قامت وزارة العدل السويسرية بعرقلة هذا الملف استجابة لضغوط داخلية تجارية واقتصادية وأخرى خارجية، بتعلة أن ما جرى في الجزائر لا يشكل وفق القانون السويسري بأنه جرائم حرب، وذلك بعد خطوة معاكسة اتخذوها عام 2011.. لكن لم يستسلم النشطاء الجزائريون لذلك وإنما أعادوا رفع القضية حتى تم قبولها مجددا وتوجيه الاتهامات مجددا إلى خالد نزّار"، وفق تعبيره.
على جانب آخر، أكد المحامي رشيد مسلي رئيس منظمة "الكرامة" لحقوق الإنسان وأحد مؤسسي المركز القانوني لمنظمة تريال الدولية، أن "القضاء السويسري مستقل وأن الضغوط من طرف الجزائر لن تنجح في وقف متابعته لنزار ومن سيكشف عنه التحقيق".
وقال مسلي في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "لم يعد هناك من سبيل أمام الجنرال خالد نزّار إلا أن يمتثل أمام المحكمة ويواجه الشهود والاتهامات الموجهة له، فالمحاكمة ذات طابع قانوني محض، والجنرال متورط في جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية".
وأشار مسلي إلى أن الخطير في القرار القضائي السويسري أن "المنفذين لسياسة نزار رجعوا لحكم الجزائر"، وقال: "صحيح أن خالد نزار هو الذي كان يقود السياسة القمعية.. لكن النظام الجزائري متخوف من المحاسبة.. فجبار مهنى وشنقريحة كانا في الميدان ونفذا أوامر نزار".
وتعليقا على بيان الخارجية الجزائرية الرافض لقرار القضاء السويسري، قال مسلي: "وزير الخارجية أحمد عطاف معروف فهو الواجهة المدنية للنظام العسكري.. وقد كان وزيرا للخارجية بعد الانقلاب، ثم تمت تنحيته بعد ذلك، ورجوعه اليوم إلى الخارجية يأتي في سياق إعادة المجرمين المدنيين إلى مواقعهم. وقد جيء به لذات السياسة أي تنفيذ تعليمات العسكر".
وأكد مسلي أن موقف الجزائر الرسمي الرافض لقرار القضاء السويسري غير مستغرب، لكن قلل من أهميته في التأثير على مجريات المحاكمة، التي قال بأنه لم يعد أمامها إلا تحديد مواعيد الجلسات وبداية الاستماع للشهود، وفق تعبيره.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائر القضاء سويسرا متابعة الجزائر سويسرا قضاء متابعة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضاء السویسری فی الجزائر إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس لبنان يدين الهجوم على موكب اليونيفيل ويؤكد ملاحقة المعتدين
دان الرئيس اللبناني جوزيف عون اليوم السبت الهجوم الذي تعرض له موكب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) على طريق مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مما أسفر عن إصابة نائب قائد القوة المنتهية ولايته.
وأكد عون أن المعتدين سينالون عقابهم، مشددا على أن القوى الأمنية اللبنانية "لن تتهاون مع أي جهة تحاول زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد".
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب عون في أعقاب الهجوم الذي وقع مساء أمس الجمعة، حيث تعرض موكب قوات اليونيفيل إلى هجوم عنيف من مجموعة من الشبان، مما أدى إلى إحراق إحدى مركبات القافلة وإصابة نائب قائد القوة الذي كان في طريقه إلى بلاده بعد انتهاء مهمته في لبنان.
وأعرب عون عن صدمته من الحادث، مؤكدا أنه "اطمأن على حالة الضابط المصاب". وأضاف أن "القوى الأمنية ستقوم بواجبها في حفظ الأمن إذا تجاوزت ردود الفعل الحدود المسموح بها، خاصة إذا شكلت تهديدا لأمن المواطنين وسلامتهم".
من جهتها، أفادت اليونيفيل في بيان بأن القافلة تعرضت "لهجوم عنيف" أثناء توجهها إلى مطار بيروت، حيث أُضرمت النيران في إحدى مركباتها. وأكدت القوة الأممية أن الهجوم يشكل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقد يصل إلى مستوى جرائم حرب".
إعلانوطالبت اليونيفيل السلطات اللبنانية بإجراء تحقيق شامل وفوري، والعمل على تقديم المسؤولين عن الهجوم إلى العدالة.
الجيش يتعهد بالتحقيقمن جهته، أكد قائد الجيش اللبناني بالإنابة اللواء الركن حسان عودة، في اتصال مع قائد بعثة اليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو أن الجيش "يرفض أي تعرض لليونيفيل"، وسيعمل على "توقيف المواطنين الذين اعتدوا على عناصرها وسوقهم إلى العدالة".
وأضاف أن الجيش اللبناني سيعمل "بكل حزم على منع أي مساس بالسلم الأهلي".
كما أجرى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام اتصالا مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان هينيس بلاسخارت والجنرال لازارو، مستنكرا "الاعتداء الإجرامي" على قوات حفظ السلام.
وأكد سلام أنه طلب من وزير الداخلية "اتخاذ الإجراءات العاجلة لتحديد هوية المعتدين، والعمل على توقيفهم وتحويلهم إلى القضاء".
ووصفت بلاسخارت الهجوم بأنه "غير مقبول"، مؤكدة أن مثل هذه الاعتداءات "تهدد سلامة موظفي الأمم المتحدة الذين يبذلون جهودا متواصلة للحفاظ على الاستقرار في لبنان"، مضيفة أن "هذا الاعتداء العنيف يهدد جهود حفظ السلام في جنوب لبنان خلال فترة صعبة".
ويأتي الهجوم على موكب اليونيفيل في سياق احتجاجات لليوم الثاني على التوالي، حيث قطع متظاهرون الطريق المؤدي إلى مطار بيروت احتجاجا على عدم منح السلطات اللبنانية الإذن لطائرة إيرانية بالهبوط في المطار. وقد أشعل المحتجون إطارات السيارات أمام مدخل المطار، رافعين شعارات مؤيدة لحزب الله.
وكانت سلطات مطار بيروت قد رفضت أول أمس الخميس منح إذن لطائرة ركاب إيرانية تابعة لخطوط "ماهان" بالهبوط في المطار، مما أدى إلى تأجيل الرحلة إلى الأسبوع المقبل. وقد أثار هذا القرار غضب أنصار حزب الله الذين نظموا اعتصامات في محيط المطار.