هل يستطيع العراق التوسط لإنهاء الحرب في اليمن؟
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
سيكون من الصعب تصور أن يحل العراق محل سلطنة عمان باعتباره الوسيط الدبلوماسي الأجنبي الرئيسي في الصراع اليمني، لكن قربه من إيران قد يساعده في التأثير على الحوثيين، وجلبهم إلى حل وسط ينهي الحرب المستعرة منذ سنوات.
هكذا يتحدث تحليل لـ"منتدى الخليج الدولي"، وترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى تحديات عدة تواجه العراق في مهمته التي عرضها وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في 23 يوليو/تموز، للتوسط في محادثات وقف إطلاق النار الجارية في اليمن.
وقال حسين خلال استقباله نظيره اليمني أحمد بن مبارك في بغداد: "العراق مستعد للوساطة.. لدينا علاقات جيدة مع جميع الأطراف.. ويمكننا استخدام نفوذنا لتحقيق الاستقرار والأمن في اليمن".
ووفق التحليل، يستند عرض العراق إلى صعود نجمه في السنوات الأخيرة، كوسيط إقليمي، حيث ساعد دول المنطقة على إصلاح العلاقات كجزء من التقارب الإقليمي الأوسع في حقبة ما بعد 2021.
ولعب العراق، إلى جانب الصين وسلطنة عمان، دوراً بالغ الأهمية في جلب السعودية وإيران إلى اتفاقهما الدبلوماسي الأخير، فضلا عن تسهيله استعادة النظام السوري علاقاته مع الدول العربية، وإعادة اندماجه بشكل عام في السلك الدبلوماسي في الشرق الأوسط.
وجاء طلب وساط العراق، في ظل وقف فعلي لإطلاق النار في اليمن، على الرغم من انتهاء الهدنة الرسمية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين الشماليين منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022.
اقرأ أيضاً
العراق يبدى استعداده للتوسط لإنهاء الحرب في اليمن
ورغم أن العنف لم يتوقف بشكل كامل، إلا أن مستوياته ظلت منخفضة للغاية مقارنة بذروة الحرب، وهو ما سمح بانخفاض الأضرار الجانبية التي لحقت بالمدنيين وغير المقاتلين باستئناف بعض برامج المساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، في حين أن هذا الهدوء النسبي مناسب للأطراف المتحاربة، إلا أنه لا يضمن عدم عودة القتال إلى اليمن في المستقبل.
وإدراكاً لعدم إحراز تقدم في مفاوضات السلام هذا الصيف، إلى جانب تحذير زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي مؤخراً من أن الهدنة الحالية في اليمن لن تصمد إذا لم تستجب السعودية لمطالب الحوثيين، فإن هناك مخاوف مشروعة بشأن مصير الحرب في اليمن.
وأمام ذلك، يتساءل التحليل: "إلى أي مدى يمكن للعراق البناء على مناوراته وإنجازاته الدبلوماسية السابقة للعب دور وسيط بناء في اليمن؟".
ويضيف: "من العدل النظر في كيفية تأثير القرب النسبي لبغداد من طهران على المعادلة، فمنذ أن خلف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني سلفة مصطفى الكاظمي، العام الماضي، أصبحت الحكومة العراقية بلا شك، مدينة أكثر بالفضل لإيران".
ويتابع: "قد يخلق التحالف الوثيق بين بغداد وطهران انطباعا داخل المعسكر الموالي للحكومة بأن العراق غير مناسب للتوسط بشكل فعال في اليمن، نظرا لرعاية إيران للحوثيين، كما يمكن أن تساهم علاقة الحوثيين الودية مع بعض الجهات الفاعلة الموالية لإيران في العراق، في تصورات مفادها أن الحكومة العراقية ليست محايدة بما يكفي للتوسط بين الفصائل اليمنية المختلفة".
اقرأ أيضاً
موقع استخباراتي: الحرس الثوري الإيراني يسعى لدعم الحوثي بمقاتلين عراقيين
ويزيد: "ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن يكون للنظام السياسي الموالي لإيران في بغداد عواقب إيجابية على احتمالات الوساطة الناجحة بين الحوثيين وخصومهم اليمنيين".
وتقول الأكاديمية في كلية جيرتون بجامعة كامبريدج إليزابيث كيندال، إن "القيمة الحقيقية لعرض بغداد للتوسط تكمن على وجه التحديد في روابطها الوثيقة مع إيران".
وتضيف: "كانت إحدى نقاط الضعف في الجهود المبذولة للتفاوض على السلام في اليمن هي افتقار المجتمع الدولي إلى التأثير على الحوثيين.. وإذا تمكن العراق من استخدام نفوذه مع إيران، فقد يكون لذلك آثار غير مباشرة على جلب الحوثيين إلى حل وسط".
وبغض النظر عن مدى تأثير علاقة العراق بإيران على المعادلة، يشير بعض الخبراء وفق التحليل، إلى قضايا أخرى يمكن أن تحد من وسائل بغداد لمساعدة الفصائل اليمنية على التحرك نحو سلام دائم.
أبرز هذه التحديات، هو مستوى النفود المنخفض نسبياً للعراق في اليمن.
ويعلق الباحثة اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية فينا علي خان، على ذلك بالقول: "بينما يطمح العراق إلى أن يكون وسيطاً إقليمياً، يبدو بصراحة أنه يفتقر إلى القدرة والنفوذ اللازمين".
ويوضح خان أيضاً أن عوامل مثل "رغبة الرياض في احتكار المحادثات ونفوذ العراق المحدود وعلاقاته على الأرض من أجل وساطة فعالة، يمكن أن تكون بمثابة حجر عثرة رئيسي في جهود بغداد".
اقرأ أيضاً
هل يمكن «زج العراق» في صراع اليمن؟
يشار إلى أن عمان أكبر لاعب أجنبي في الدبلوماسية اليمنية، وتحظى بثقة نسبية من قبل مختلف الأطراف، وقد كرست طاقة دبلوماسية كبيرة لإنهاء الصراع.
ورفضت مسقط الانضمام إلى التحالف العسكري العربي الذي تقوده السعودية، والذي يقاتل الحوثيين في عام 2015، واختارت الحفاظ على موقفها التقليدي المحايد في السياسة الخارجية تجاه الصراع.
وفي المراحل الأولى من الحرب، بدأت عُمان باستضافة محادثات بين مختلف الجهات الفاعلة اليمنية والأجنبية، وقد أدى هذا النهج المتطور للغاية والمتعدد الجوانب إلى نجاحات مذهلة.
كما أنه من الواضح أن الوساطة العمانية ساعدت في خفض مستوى العنف في اليمن، ولعبت مسقط كذلك دورا رئيسيا في دعم الشعب اليمني بالمساعدات الإنسانية.
ويقول التحليل: "سيكون من الصعب تصور أن يحل العراق محل عمان باعتباره الوسيط الدبلوماسي الأجنبي الرئيسي في الصراع، فمخاطر الحرب على السلطنة أعلى بكثير من العراق، نظراً لاحتمال امتدادها عبر حدود عمان المجاورة".
ويضيف: "تتمتع مسقط بسجل حافل من الدبلوماسية في اليمن وحصلت على مستويات عالية من الثقة من جميع أطراف النزاع تقريبًا".
اقرأ أيضاً
العراق يرفض بيان القمة العربية الطارئة والحوثي يشكره
ويتابع: "من الأهمية بمكان، أن يظل الوسطاء العمانيون ملتزمين بحل الأزمة، مما يلغي الحاجة إلى قوة بديلة".
ويستطرد التحليل: "لكن لا العمانيين ولا العراقيين ينظرون إلى التحديات الدبلوماسية في اليمن باعتبارها لعبة محصلتها صفر، ولن تكون مسقط وبغداد متنافستين على الساحة السياسية في اليمن".
قبل أن يختتم التحليل بالقول: "يمكن لجهودهما وغيرهم أن تكمل بعضها البعض بسهولة، وإذا تمكنوا من تحقيق سلام دائم في اليمن، فإن منطقة الخليج الأوسع ستكون في وضع أفضل بكثير".
وتتكثف خلال الأشهر الأخيرة مساع إقليمية ودولية، لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت جولات خليجية للمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينج، والأممي هانس جروندبرج.
ووسط أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة، يشهد اليمن منذ أكثر 9 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وتتصاعد بين اليمنيين آمال بإحلال السلام منذ أن وقعت السعودية وإيران بوساطة الصين في 10 مارس/آذار الماضي، اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين الدولتين الأكثر تأثيرًا بمآلات الأزمة اليمنية.
اقرأ أيضاً
«الحرس الثوري»: الحرب في سوريا والعراق واليمن ولبنان أبعدت المعارك عن إيران
المصدر | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العراق اليمن الحرب في اليمن وساطة إيران السعودية اقرأ أیضا الحرب فی فی الیمن یمکن أن
إقرأ أيضاً:
مشروع قرار أمريكي في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا
22 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: عرضت واشنطن الجمعة مشروع قرار على الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا في أسرع وقت لكن دون الإشارة إلى وحدة أراضيها. مقترح رحبت به موسكو فورا لكن مراقبين قالوا إنه “أشبه بخيانة لكييف وصفعة للاتحاد الأوروبي”.
دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو السبت أعضاء الأمم المتحدة إلى دعم مشروع قرار تقدمت به بلاده الجمعة ويدعو إلى “نهاية سريعة” للحرب بين موسكو وكييف، دون الإشارة إلى وحدة أراضي الأوكرانية.
وقال روبيو: “تقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار بسيط وتاريخي في الأمم المتحدة، وندعو كل الدول الأعضاء إلى تأييده بهدف رسم مسار نحو السلام”.
ومع استمرار الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يدعو مشروع القرار إلى “نهاية سريعة للنزاع وإلى سلام مستدام بين أوكرانيا وروسيا”، في صياغة مقتضبة تنطوي على اختلاف كبير مقارنة مع نصوص سابقة للجمعية تدعم صراحة أوكرانيا.
وفيما لم يعلق الوزير الأمريكي في بيانه السبت، على خلو مشروع القرار من ذكر وحدة أراضي أوكرانيا، وصف سفير موسكو لدى المنظمة الدولية فاسيلي نيبينزيا المقترح بأنه “فكرة سديدة”، لافتا إلى افتقار النص لما يشير إلى “جذور” النزاع.
ومن المقرر أن تلتئم الجمعية العامة للأمم المتحدة الإثنين في الذكرى السنوية الثالثة لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا. بالمناسبة، أعدت أوكرانيا والأوروبيين مشروع قرار يشدد على ضرورة “مضاعفة” الجهود الدبلوماسية من أجل وضع حد للحرب “في هذا العام”، ويشير إلى مبادرات دول أعضاء عدة طرحت “رؤيتها لاتفاق سلام شامل ومستدام”.
ويكرّر النص أيضا المطالب السابقة للجمعية العامة في ما يتصل بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الروسية من أوكرانيا ووقف هجماتها عليها. وحظيت نصوص سابقة بهذا الصدد بأكثر من 140 صوتا مؤيدا من بين الأعضاء البالغ عددهم 193.
إلا أن انعقاد الجمعية العامة الإثنين هو الأول منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وقد وجّه الجمعة انتقادات لاذعة إلى الرئيس الأوكراني معتبرا أنه من “غير الضروري” حضور الأخير مفاوضات مع روسيا لا يمتلك فيها “أي أوراق”.
ومن المرجّح أن يثير النص الأمريكي المقترح والذي يقتصر على 65 كلمة، حفيظة الأوروبيين المتوجّسين من الحوار الأمريكي-الروسي بشأن أوكرانيا.
في هذا الصدد، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير: “لا تعليق في الوقت الراهن”.
واعتبر ريتشارد غوان الباحث في مجموعة الأزمات الدولية أن “نصا بسيطا كهذا لا يدين العدوان الروسي ولا يشير صراحة إلى وحدة أراضي أوكرانيا يبدو أشبه بخيانة لكييف وصفعة للاتحاد الأوروبي، وكذلك ازدراء للمبادئ التي تشكل صلب القانون الدولي”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts