أكد القيادي في مبادرة الوفاق الوطني “نداء السودان”، الدكتور ربيع عبد العاطي، أن زيارة الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني إلى مصر جاءت في توقيت مفصلي وصلت فيه الجرائم التي ترتكب في ظل الحرب إلى مستوى لم يحدث في أفريقيا أو العالم. وقال في اتصال مع “سبوتنيك”، اليوم الخميس، إن “تلك الزيارة تأتي في وقت مفصلي جدا بعد استمرار الحرب ضد المليشيا المتمردة (الدعم السريع) والتي قامت بأفعال غير مسبوقة من عمليات نهب وسرقة واغتصاب للنساء وتدمير للبنية التحتية واحتلال المواقع المدنية من مستشفيات ومساكن وغيرها”.

وأضاف عبد العاطي: “لا شك أن تلك الزيارة جاءت لتوضيح الحقائق على الأرض للجانب المصري، باعتبار أن مصر هى الأولى بمعرفة كل هذه الحقائق وهذا من أوجب واجبات السودان بالنسبة لمصر، التي هي في سلم الأولويات، باعتبار أن أي حدث أو تحدي سيجري في السودان يهم المصريين في المقام الأول، وأن الأمن السوداني جزء بالتأكيد من الأمن المصري”. وأشار السياسي السوداني إلى أن الوفد الذي رافق البرهان خلال الزيارة كان له دلالة ويحمل رسائل حول التعاون المستقبلي الذي ينبغي أن يوضع في الأهمية، لأن هذا التعاون الآن في ظل هذا التحدي يتخذ صورة أخرى ولابد من توسيع مجالات هذا التعاون والتركيز على “تجويد العمل” المشترك بين الجانبين. وأوضح عبد العاطي، أن هناك جوانب كثيرة سوف تلي هذه الحرب ولا بد أن يكون لمصر دور فيها، وهي جوانب تتعلق بالتنمية والمشاركة والتعاون ، علاوة على التنسيق الأمني المشترك، بالإضافة إلى التنسيق حتى في المحافل الدولية والإقليمية، وجوانب إعادة الإعمار لإصلاح ما دمرته الحرب. ولفت عبد العاطي، إلى أن زيارة البرهان لمصر تأتي في إطار رسم خريطة التعاون مع القاهرة فيما بعد انتهاء الحرب في مختلف المجالات وهذا بدوره سيؤدي إلى نموذج في العلاقات التاريخية المشتركة. وكان البرهان قد سافر إلى مصر، يوم الثلاثاء الماضي، في أول زيارة خارجية له منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 15 أبريل/ نيسان الماضي، والتقى هناك بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في مدينة العلمين الجديدة. وتتواصل، منذ أكثر من 4 أشهر، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتمركز معظمها في العاصمة الخرطوم، والتي أسفرت عن المئات من القتلى، وإصابة المدنيين. ولعبت أطراف عربية وأفريقية ودولية دور الوسيط لوقف إطلاق النار في السودان، لكنها فشلت في التوصل إلى وقف القتال بشكل دائم. ويرى السياسي السوداني، أن تلك الحرب وهذا التحدي قد أفرز الكثير من النتائج التي سيكون لها دور مستقبلي في اتجاه التعاضد والتعاون والتوحد بين المشاعر والقرارات الرسمية المصرية، كذلك المشاعر الشعبية باعتبار أن السودان ومصر شعب ومصير وأرض واحدة، ولا يمكن أن نقول بأن هذا التحدي هو تحدي شعب السودان، وإنما هو تحدي شعب مصر والسودان في آن واحد. واختتم بقوله: “تلك الزيارة لها دلالات عظيمة جدا ونتوقع أن تكون جوانب التعاون التي نموذجا في أفريقيا والعالم العربي على حد سواء”. وكالة سبوتنيك

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عبد العاطی

إقرأ أيضاً:

“خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”

كل ما يجري في السودان اليوم هو نتيجة مباشرة لصنيع قادة الحركة الإسلامية الذين يتحملون مسؤولية كبرى عن الانتهاكات المرتكبة من قبل طرفي القتال. هذه الأزمة التي تفاقمت منذ عام 1989، تعتبر تجسيدًا لعقود من البراغماتية السياسية للإسلاميين، حيث قادت مغامراتهم للاستيلاء على السلطة البلاد إلى شفا الانهيار.
لقد بدأت ملامح عدم التعافي السياسي مع حادثة معهد المعلمين في الستينيات، والتي رسّخت وجود الإسلاميين في المشهد السياسي بدعم من قوى حزبية مدنية تعرضت للمزايدة والإرهاب. وكان تبني الدستور الإسلامي بمثابة الشرارة الأولى التي عمّقت الصراع مع الجنوب، وزادت من تعقيد العلاقات بين التيارات السياسية المختلفة.
الإسلام السياسي وجذور الأزمة
منذ استقلال السودان، هيمنت قضايا الإسلام السياسي على المشهد، مما استنزف طاقة النخبة السياسية وأدخل المجتمع في دوامة من التشظي والانقسام. أما ظهور الحركة الإسلامية في السلطة عبر انقلاب 1989، فقد عمّق الصراعات السياسية والاجتماعية وأوصلها إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد.
وبرغم سقوط نظام الإنقاذ، فإن الإسلاميين استمروا في التحكم بمفاصل الدولة من خلال اختراق القوات النظامية، وتحويل الخدمة المدنية إلى أدوات لخدمة أجندتهم. تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في معالجة إرث المشروع الحضاري، مما سمح للإسلاميين بإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لاستعادة السلطة.
الميليشيات الإسلامية في المشهد الحالي
في ظل الحرب الحالية، تسعى الميليشيات الإسلامية المسلحة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي. تنظيمات مثل "البراء بن مالك" تُذكرنا بسنوات ازدهار داعش في الشرق الأوسط، حيث تمارس الأساليب ذاتها من الترهيب والقتل والتطرف الدموي.
ما يثير القلق هو أن هذه الميليشيات تُسهم في استدامة الحرب بممارسات تعيدنا إلى زمن استبداد الإسلاميين في عهد المؤتمر الوطني. تلك الحقبة شهدت تعذيب المعارضين، واغتصاب النساء، وقمع الحريات، وهي ذات السياسات التي تسعى هذه الجماعات لتكرارها تحت مسميات جديدة.
التحدي الديمقراطي
النخبة السودانية المستنيرة تواجه اليوم تحديًا وجوديًا: إما بناء سودان موحد وديمقراطي، أو الخضوع لهيمنة الإسلاميين ومتطرفيهم. إن بروز تيارات داعشية جديدة داخل الحرب يعكس خطرًا كبيرًا يتمثل في تحول السودان إلى بؤرة للإرهاب والتطرف.
ولذلك، فإن تشكيل رأي عام مدني وديمقراطي قوي، يعارض استمرار الحرب ويدعم السلام الشامل، يمثل السبيل الوحيد لمنع السودان من الوقوع في قبضة التطرف مرة أخرى.
الحرب الحالية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الصراع الذي قادته الحركة الإسلامية منذ عقود. إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب، وتفكيك البنية الفكرية والتنظيمية للإسلام السياسي، فإن مستقبل السودان سيظل رهينة لمشاريع متطرفة تهدد وجوده كدولة حرة ومستقلة.

زهير عثمان

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري يكشف فوائد زيارة الرئيس الصومالي لمصر (فيديو)
  • نائب رئيس حزب المؤتمر: زيارة الرئيس الصومالي لمصر تعكس الدور الريادي للقاهرة
  • نفاد “المدخرات” يهدد 12 مليون سوداني بكارثة
  • هل أشعلت الحرب عقول الشباب السوداني؟
  • الـ”جارديان”: الإمارات هي من تأجج الحرب في السودان
  • الخارجية: الحكومة تعتزم مطالبة الرئاسة الأميركية وفق رؤية سودانية بمراجعة العقوبات على البرهان
  • المشهد السياسي في العاصمة البديلة بورتسودان وخفايا الصراع ومآلاته
  • يعاني من مرض نفسي..تفاصيل إنهاء شاب سوداني حياته قفزًا في الهرم
  • هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟
  • “خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”