فرانس برس
يشهد شرق السودان حركة نشطة في الاتجار بالسلاح، خصوصا في المنطقة الحدودية مع إريتريا وإثيوبيا، في ظل حرب متواصلة في البلاد منذ 4 أشهر، إلى حدّ لم يعد بإمكان التجّار تلبية الطلب، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.

وبدأت المعارك في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وأسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 5 آلاف شخص ونزوح 4,6 ملايين سواء داخل البلاد أو خارجها، وهي حصيلة يقول ناشطون إنها أقل من "العدد الحقيقي" للضحايا.



وفي البلد الذي يبلغ عدد سكانه 48 مليون نسمة وعانى لعقود من نزاعات مسلحة وحروب أهلية، كان السلاح منتشرا أصلا. ويسجّل في ظل العنف الجاري، مزيد من الطلب على السلاح، وارتفاع هائل في الأسعار.

وفي سوق تجاري صغير قرب المثلث الحدودي بين البلدان الثلاث في شرق السودان، قال مهرّب الأسلحة ود الضو، الذي اختار اسما مستعارا: "زاد الطلب على السلاح حتى صرنا لا نستطيع تلبيته".

وتابع المهرب البالغ من العمر 63 عاما ضاحكا: "ماذا تريد؟ كلاش (البندقية الآلية أو الكلاشينكوف) أم قناصا أم مسدسا؟"، في إشارة إلى أنواع الأسلحة المتاحة لديه، حسب فرانس برس.

وتؤكد السلطات الموالية للجيش، استمرار ضبط شحنات من الأسلحة تصفها بـ"المتطورة".

وفي العاشر من أغسطس، تبادلت قوة من الجيش في ولاية كسلا شرقي السودان، إطلاق النار مع مهربين كانوا يستقلّون شاحنتين محمّلتين بالأسلحة، وفق ما نقلت وكالة أنباء السودان (سونا)، التي أضافت أن الشحنتين "كانتا في طريقهما إلى الخرطوم لصالح قوات الدعم السريع".

البرهان وسط جنوده في 30 مايو 2023 – صورة أرشيفية.
البرهان يعود من مصر لـ"بحث مسائل داخلية" قبل التوجه للسعودية
عاد رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، مساء الأربعاء، إلى بلاده من زيارة لمصر استغرقت يوما واحدا، وتأتي ضمن جولة خارجية من المقرر أن تشمل أيضا السعودية ودولا أخرى.
"الإقبال الآن أكبر"
وكشف مسؤول أمني لوكالة فرانس برس، طلب عدم ذكر اسمه، أن "السلطات صادرت أيضا خلال أشهر الحرب الماضية شحنتين من السلاح، واحدة جنوب ميناء سواكن على البحر الأحمر، وأخرى قرب كسلا"، لافتا إلى "عدد من عمليات (المصادرة) الصغيرة الأخرى".

وفي هذا الصدد، قال الضو: "السبب وراء ضبط هذه الشحنات، يعود إلى أنه في السابق، كانت الشحنات تصلنا كل 3 أشهر.. الآن تصلنا شحنة كل 15 يوما تقريبا".

يذكر أنه حتى قبل اندلاع الحرب، كانت كمية الأسلحة المتواجدة في البلاد تثير قلق الحكومة.

وفي نهاية العام الماضي، أعدّت لجنة جمع السلاح، وهي جهة حكومية تشكّلت عام 2017، تقريرا قال إن هناك "5 ملايين قطعة سلاح في أيدي المواطنين، غير الأسلحة لدى الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق".

من جانبه، أكد صالح (اسم مستعار) البالغ من العمر 35 عاما، والذي يعمل في تهريب الأسلحة، أن "الإقبال على تجارة السلاح اليوم أكبر"، لافتا إلى ظهور "وجوه جديدة في المجال".

"أسلحة أميركية وروسية وإسرائيلية"
وتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في السودان مؤخرا، صورة للمئات من رجال قبيلة في شرق السودان، يحملون أسلحة رشاشة وبنادق آلية، ويعلنون ولاءهم للجيش في الحرب الجارية".

وقال صالح لفرانس برس، إن "اهتمامات الزبائن في الوقت الحالي اختلفت عن السابق"، مضيفا: "كان الطلب على المسدسات سابقا، أما الآن يرغب الناس في بنادق القنص والرشاشات".

وأشار كذلك إلى أن أنواع بنادق القنص المتاحة "إما أميركية أو إسرائيلية، وهناك القليل إيراني".

السودانيون رفضوا الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش بدعم من قوات الدعم السريع في 2021
"رؤية الدعم السريع".. هل فكرة "السودان الفيدرالي" واقعية؟
بعد أربعة أشهر ونصف تقريبا من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، خرج الأخير بما وصفه برؤيته للحل الشامل، معتبرا أن النظام الفدرالي هو الأمثل لحكم البلاد.
وعن أسعار الأسلحة، أوضح صالح أن "الرشاش الآلي الروسي (كلاشنكوف) بلغ سعره ما يعادل ألفي دولار تقريبا، مقارنة بحوالي ألف دولار قبل الحرب".

وبلغ سعر بندقية القنص الأميركية ما يعادل 8300 دولار، فيما بلغ ثمن مثيلتها الإسرائيلية حوالي 10 آلاف دولار، وهي من بين "الأعلى طلبا"، بحسب صالح الذي يشير الى أن بضاعته "تأتي من البحر الأحمر"، من دون المزيد من التفاصيل.

وقال مسؤول أمني للوكالة: "يستخدم مهرّبو السلاح والمخدرات مرافئ في مناطق نائية من جنوب البحر الأحمر، جغرافيتها وعرة. ومن أشهر المناطق: منطقة خليج سالم جنوب مدينة طوكر، وقرب حدود السودان مع إريتريا".

وتابع أن "حركة تجارة الأسلحة في هذه المنطقة لا تقتصر على السودان فقط، بل ينشط فيها مهرّبون من اليمن، وبعض المهربين من الصومال.. وهم جزء من مجموعات مرتبطة بشبكات عالمية لتهريب الأسلحة".

سهل البطانة
واستطرد المسؤول الأمني، أن "مثلث الحدود بين الدول الثلاث، يعتبر تاريخيا مركزا لتجارة السلاح غير الشرعية، بسبب نشاط المجموعات المسلحة الإثيوبية الإريترية ضد حكوماتها".

وأشار بالتحديد إلى منطقة "البطانة"، وهي منطقة سهلية منبسطة تمتد من شرق السودان حتى العاصمة، وتمر بها ولايات كسلا والقضارف والجزيرة ونهر النيل، و"تمثل ممرا لتهريب السلاح".

البرهان وسط جنوده في 30 مايو 2023 – صورة أرشيفية.
أول زيارة خارجية منذ بداية الاشتباكات.. البرهان يلتقي السيسي في مصر
أفاد بيان لمجلس السيادة الانتقالي في السودان بأن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، توجه إلى مصر للقاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء.
وتابع: "البطانة منطقة قليلة السكان والتواجد الأمني فيها ضعيف، كما أن طرقها غير ممهدة وتحتاج إلى خبير لمعرفتها".

وفي هذا الصدد، قال الضو: "يشتري ناس البطانة السلاح لأنهم يعملون بالرعي والزراعة، وبعد حرب الخرطوم، أصبح كل واحد منهم يريده (السلاح) لحماية نفسه".

وفيما يتهم الجيش قوات الدعم السريع بأنه المشتري الأول لشحنات الأسلحة المضبوطة، نفت قوات الدعم السريع ذلك.

وقال ضابط فيها لوكالة فرانس برس: "نحن قوة نظامية لديها قانَون، ومصدر تسليحها معروف ولا نتعامل مع المهربين، بل نعمل على ضبطهم".

أما صالح، فقال ردا على سؤال عن الجهات الشارية: "نحن نسلّم البضائع لأشخاص في البطانة، ولا نسأل عن وجهتها".

فرانس برس  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع شرق السودان عبد الفتاح فرانس برس

إقرأ أيضاً:

تسريبات أميركية وإسرائيلية حول اتفاق وشيك لوقف النار

رغم التصعيد الكبير الذي شهده يوم أمس، وسجّل خلاله أكبر عدد من عمليات حزب الله وتوجيه أكبر عدد من الصواريخ إلى اسرائيل في يوم واحد، في مقابل قصف عنيف تعرّضت له الضاحية الجنوبية لبيروت ليلاً، أصرّت الأوساط الأميركية على تسريبات تؤكد أن «الأجواء إيجابية». فبعدما أسهبت وسائل إعلام عبرية في الحديث عن توجيه هوكشتين «تهديداً» إلى الإسرائيليين بالانسحاب من الوساطة «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام»، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن «اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يقترب ولا يزال هناك بعض العمل يتعيّن القيام به». وأُعلن عن توجّه مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دانيال شابيرو إلى إسرائيل اليوم لإنهاء تفاصيل التسوية. وفي كيان العدو، جارت وسائل الإعلام «الإيجابية» الأميركية، إذ نقلت القناة 14 عن مصدر إسرائيلي رفيع «أننا نتجه إلى إنهاء الحرب على لبنان، ربما خلال أيام»، موضحاً «أننا سنوقّع الاتفاق مع الولايات المتحدة وسيكون مؤقتاً قبل الانتقال إلى اتفاق دائم مع لبنان». وليلاً، نقل المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» نداف أيال عن «مصادر في لبنان والولايات المتحدة وإسرائيل» أن «إسرائيل أعطت ضوءاً أخضر انسجاماً مع قرار نهائي للمجلس الوزاري المصغّر، للتوقيع على اتفاق مع لبنان. وأبلغ هوكشتين لبنان بذلك هذا المساء». كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية أن «إسرائيل أعطت الضوء الأخضر لهوكشتين للمضي قدماً نحو الاتفاق مع لبنان».
غير أن هيئة البث الإسرائيلية عادت لتنقل عن مصدر مطّلع «نفيه بشدة إعطاء الضوء الأخضر للتوصل إلى تسوية»، مشيراً إلى أن «واشنطن تنتظر إجابات وتحديثات من الأطراف وحل قضايا صغيرة تحتاج إلى تسوية».
ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنه لا تزال هناك نقطتان خلافيتان رئيسيتان تعيقان التسوية، الأولى تتعلق بمشاركة فرنسا في آلية الإشراف على تنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أن «إسرائيل تعارض منح الفرنسيين دوراً على خلفية تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون ضد إسرائيل، ورد فعل فرنسا على أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغانتس». ونقلت الصحيفة عن مصادر أن «إسرائيل مستعدة لإدخال جنود فرنسيين في مرحلة التنفيذ فقط، بينما يطالب لبنان بمشاركة أكبر، لكن الحل المتوقّع هو آلية إشراف مشتركة بين الولايات المتحدة ودولة عربية لم يتم اختيارها بعد».
أما النقطة الخلافية الثانية، فتتعلق بالمطالبة الأميركية - اللبنانية بإدراج بند في الاتفاق يلزم بإجراء مناقشة فورية بشأن 13 نقطة خلافية على الحدود البرية، فيما تفضّل إسرائيل صياغة غامضة تسمح لها بتحديد توقيت بدء المناقشات. وتوقّعت الصحيفة أن «تستمر المحادثات هذا الأسبوع في محاولة لتقليص الفجوات، وسط حديث عن تقدّم بشكل إيجابي نحو حسم نقاط الخلاف، وصولاً إلى الاتفاق». وأضافت أن هوكشتين «سينقل قريباً إلى لبنان التحفظات الإسرائيلية، وسط ترجيح إسرائيلي، بالتوصل إلى اتفاق في غضون أسابيع قليلة، وربما أقل»، مشيرة إلى أنه «يُفترض أن تصل قوة أميركية إلى لبنان قريباً للإشراف على تنفيذ الاتفاق»، وأن «انسحاب الجيش الإسرائيلي سيحصل خلال 60 يوماً مع انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود».
وفي السياق، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، من بيروت، من أن لبنان بات «على شفير الانهيار»، بعد شهرين من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. وحثّ على «وقف فوري» لإطلاق النار. وقالت مصادر مطّلعة إن «زيارة بوريل كانت زيارة وداعية قبل انتهاء ولايته ولم تحمِل أي جديد باستثناء تكرار الدعوة لوقف إطلاق النار».

مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس: أسلحة أميركية استُخدمت في غارات “إسرائيلية” على صحفيين في حاصبيا
  • البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 
  • تسريبات أميركية وإسرائيلية حول اتفاق وشيك لوقف النار
  • وزير الإعلام خالد الإعيسر: الحـرب ستنتهي اليوم إذا التزمت مليشيا الدعم السريع بمخرجات منبر جدة
  • هزائم الدعم السريع
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • الخارجية التركية: تهريب السلاح بين العراق وسوريا يجب إيقافه.. الحرب النووية “ليست مزحة”
  • لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
  • “قطعوا لي أذني.. لا يرحمون أحدًا” .. انتهاكات الدعم السريع
  • المتحدث باسم القوة المشتركة: نجحنا بقطع طريق إمدادات عسكرية ولوجستية ضخمة كانت متجهة إلى مليشيا الدعم السريع