الأمم تعانى وتنتصر، لا يوجد خط مستقيم. هكذا هو حال الأمم العظيمة، وهكذا حال السودان هذه الأيام.. الأراضى الشقيقة التى التحمت بمصر كدولة واحدة يوما ما. وحتى اليوم يبقى الالتحام التاريخى والثقافى بينهما وسيستمر.

فصول هذه العلاقة طويلة ومتشعبة، ومن أبهاها وأكثرها قربا إلى ذاكرة المصريين، كانت أخبار حفلتى أم كلثوم لصالح المجهود الحربى فى مصر عقب نكسة 1967، واستضافتهما السودان.

مع زيارة أم كلثوم إلى السودان، كانت «الأهرام» تنقل عن رئيس مجلس السيادة السودانى، إسماعيل الأزهرى دعوته لعقد مؤتمر قمة عربى، وتصريحاته: «التطورات الأخيرة لأزمة الشرق الأوسط تتطلب ضرورة اجتماع الملوك والرؤساء العرب لتحديد خطواتهم المقبلة».

وكانت دعوة الأزهرى مقرونة بتحية خاصة من أرض السودان إلى مصر التى وصفها الأزهرى: «أننا نحيى الجمهورية العربية المتحدة مهد الحضارات العريقة وحصن العروبة المنيع ودرعها الواقية، وموقفها الرائع فى مواجهة العدوان».

كان هذا كله على أنغام «هذه ليلتى» و«غدا ألقاك» التى تغنت بهما أم كلثوم فى أم درمان.. وهذا كله وفقا للأهرام

يتمايلون طربا لأغنية «أغدا ألقاك»

 

كتب مرارا عن هذه الزيارة وهذا الحفل، ولكن العودة إلى التفاصيل الموثقة تكشف أن الكثير لم يكتب بعد. الكثير عن سعادة أهل السودان واستعدادهم العظيم لاستقبال الضيفة العظيمة، وسعادة الضيفة بحفل كان فارقا فى تاريخ ممتد وثرى من الحفلات.

فى الهواء الطلق:

بتاريخ 15 ديسمبر 1967، أورد الكاتب الكبير كمال الملاخ (1918- 1987) بعض التفاصيل المنتظرة على «أحر من الجمر» حول حفل، أو لتحرى الدقة حفلتى السودان لأم كلثوم، وكان العنوان: «أم كلثوم ستغنى فى الهواء الطلق». وأدنى العنوان، جاء ما يلى، وبأسلوب الملاخ المميز: «فى عز البرد، ستغنى أم كلثوم فى مسرح بلا سقف، فى الهواء الطلق، كان معدا لـ 2000 مشاهد ومستمع، ثم زيد عدد مقاعده إلى 7000 حتى يتسع لإقبال الجمهور على الاستماع إليها فى أول مرة تظهر فيه وتحيى سهرتين ليلتى 20 و26 من هذا الشهر الحالى، على المسرح القومى فى أم درمان بالسودان».

وتستكمل تغطية «الأهرام» والملاخ، فيرد ما يلى: «والمعروف أن متوسط درجة الحرارة فى السودان فى مثل هذا الوقتى تصل ما بين 25 و28 ، وليس فى السودان مسرح أو دار سينما مغطاة بسقف (فيما عدا دورة أو مظلة لخشبة المسرح) ولهذا اعتاد المترددون للمشاهدة أو الاستماع على وضع بطاطين يؤجرونها أو يحملونها معهم يغطون بها أرجلهم اتقاء للسعة البرد».

ولكن مهما كان مقدار برودة الطقس المصاحب لحفلتى «الست» فى السودان، كان الاستقبال بالغ الدفء، فيكتب الملاخ: «سيحضر الحفل الأول: الرئيس السودانى إسماعيل الأزهرى (1900- 1969)، والوزراء، وفيه ستظهر أم كلثوم مرتدية (التوب) وهو الرداء التقليدى للمراة فى السودان، الذى سيهدى إليها ليلتها حيث تغنى وصلتين فقط هما (الأطلال) و(ليلتى). وسيهدى الرئيس الازهرى أكبر وسام سودانى إلى سيدة الغناء تكريما وتقديرا لها ولفنها فى حفل استقبال رسمى».

وجرت الاستعدادات كما يجب وكما كان معدا لها، ولكن أمر ما طرأ فأحدث تعديلا ميعاد وصول أم كلثوم إلى السودان. وحتى هذا التعديل، يعكس ويبرهن على أهمية هذه الزيارة وأهمية الزائرة بالنسبة لمستضيفيها. فبتاريخ 25 ديسمبر، يرد العنوان التالى: «سفر أم كلثوم إلى السودان يتأجل اليوم»، أما التفاصيل: «كان مفروضا أن تطير أم كلثوم إلى الخرطوم فى الثانية بعد ظهر أمس، وبالفعل وصلت سيدة الغناء العربى إلى مطار القاهرة ومعها فرقتها الموسيقية ( 25 عازفا) وبعثات محطات إذاعتنا والتلفزيون، لكن برقية من وزير المواصلات السودانى يحيى الفضلى وصلت إلى القاهرة تعتذر عن عدم استطاعة العاصمة السودانية استقبال أم كلثوم بالصورة التى تريدها السودان (شعبيا ورسميا) عصر أمس وذلك بسبب مظاهر الحداد التى تملأ مطار الخرطوم، لوفاة زوجة سفير السودان فى طوكيو ووصول جثمانها إلى الخرطوم فى نفس موعد وصول أم كلثوم. طلب وزير المواصلات، كما طلب نفس الشيء سفير السودان فى القاهرة عبدالكريم ميرغنى، معتذرا، تأجيل السفر حتى مساء أمس أو صباح اليوم. واختارت أمس كلثوم أن تطير 11 صباح اليوم إلى السودان».

..وجمهورها فى السودان الشقيق يبادلها حبا بحب

اللقاء الأول فى السودان:

ووصلت أم كلثوم ليكون «اللقاء الأول فى السودان» كما نقل الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهجت (1932- 2011) الذى رافق بعثة الفنون المصرية تلك إلى الخرطوم. كتب بهجت بتاريخ 28 ديسمبر 1968: «صدرت الصحف السودانية صباح أمس، وصور أم كلثوم وأغنية حفلها الأول تحتل أبرز صفحاتها وأعمدة مقالاتها الافتتاحية، لا حديث لها، إلا أم كلثوم وفنها».

ووفقا للأهرام، يروى بهجت: «الذين أسعدهم الحظ، استطاعوا حجز أحد المقاعد الـ 7000 التى ملأت المسرح القومى المكشوف فى أم درمان بعد توسيعه، والذين لم يستطيعوا استمعوا إلى أم كلثوم وطربوا مع (الأطلال) و(هذه ليلتى) من إذاعة أم درمان والتليفزيون السودانى. وكان بين الحاضرين إسماعيل الأزهرى وأعضاء مجلس السيادة السودانى وعلى عبدالرحمن نائب رئيس الوزراء والوزراء وقريناتهم يستمعون ويطربون مع أم كلثوم. ولقد سهر الشرق حتى الصباح.. ولم تكن أم كلثوم يوما ما بهذا التألق والصفاء والانفعال والسيطرة على الأداء».

ويستكمل بهجت شهادته عن رحلة الفن والحب، فيقول : «استعاد الجمهور كل جزء من أغنيتى أم كلثوم 4 مرات، وبعد إسدال الستار، ارتفع هدير المعجبين..ولم يتمالك كثيرون من أعضاء البعثة المرافقة أنفسهم أمام وجه الحب الأسمر، مقاومة البكاء من أجل التى عبرت عن مشاعر السودان فى كلمة وزارة الثقافة التى قالت وهى تخاطب أم كلثوم: «أن مدلول هذا اللقاء التاريخى أيتها السيدة الجليلة هو رمز من رموز نضالنا فى السودان، وقد منح فنك مشاعرنا معنى جميلا وبعيدا، قوامه النبل والعاطفة الإنسانية وكسر حواجز السن والطبقية فى سبيل وحدة العرب».

هذا التقدير كانت ذروته خلال حفل اللقاء الأول، ولكن وفقا للأهرام ولشهادة أحمد بهجت: «تكريم وترحيب ومظاهر للحب تلقاها أم كلثوم فى كل خطوة لها تخطوها على أرض السودان الشقيق، بل منذ بدأت أم كلثوم الصعود إلى الطائرة السودانية، فقد كانت صورها تملأ جدرانها، وكان كل التقدير لها عندما تقدمت هيئة قيادة الطائرة وطاقمها (8 أعضاء) يقدمون لها بيد قائدهم كلمات تقول «أننا نرحب بشعب الجمهورية العربية ممثلا فى شخصك، فأنت هدية الله لشعبنا المجيد ولشعب العرب والنبتة الصالحة من أرض مصر الطيبة، وسيظل صوتك خالدا خلود نيلنا العظيم ومعبرا عن وجداننا وعن بلادنا فى سلامها وحربها. جعلك الله دائما وأبدا رسالة السلام وهمسة الحب وإشراقة الرخاء».

ومن قبل الطائرة، بدأت الاستقبال السودانى لأم كلثوم من المطار، حيث ودعها المسئولون السودانيون بالقاهرة وأبناء الجالية السودانية فى مصر، وذلك كله على نغمات «هذه ليلتى» التى تمت إذاعتها فى «صالة الترانزيت»

أمام هذا كله، كيف كانت ردة فعل أم كلثوم، تنقل «الأهرام»: «مظاهر الحب عبرت عنها أم كلثوم قائلة: إنها لا تحس بأنها انتقلت من مصر، وإنما تشعر بدفء وامتنان لهذا الشعب العظيم المناضل». وفور وصول أم كلثوم إلى الخرطوم التى بدت وكأنها فى عيد، استقبلتها كريمة الرئيس الأزهرى.

ويروى بهجت أن: «نكتة انتشرت فى السودان تقول: إن تماسيح الجنوب قررت أن تنتخب من بينها 5 تماسيح وتتوجه إلى الخرطوم وتسلم نفسها لأم كلثوم لتصنع من جلدها حقائب تعبيرا عن الحب».

أم كلثوم مع عروسى حفل الزفاف السودانى – تصوير ــ محمد لطفى

 

زفاف وزغاريد ووردى:

فتحت عنوان «أم كلثوم تفتتح مدرسة فى الخرطوم» وعنوان آخر «10 آلاف جنيه: دخل الحفلة الأولى»، طالع قراء الأهرام فى عدده الصادر بتاريخ 29 ديسمبر، ما يلى: «طلبت أم كلثوم تأجيل إذاعة حفلتيها من أم درمان.. حتى عودتها إلى القاهرة لتحضر عملية المونتاج على تسجيلات أغانى الحفلين». وفيما ينتظر «سميعة» القاهرة إذاعة حفلتى أم درمان، واصل «سميعة» الخرطوم الاحتفاء بالضيفة العظيمة والتى لم تبخل بمشاركتهم فى الكثير من أمورهم طالما كانت بينهم، فوفقا للأهرام: «افتتحت أم كلثوم صباح أمس مدرسة إعدادية فى الخرطوم، وأطلق اسم أم كلثوم عليها بعد حفل أقامه لها مجلس العاصمة السودانية، ثم حضرت حفل زواج سودانى وأهدت إلى العروس علبة لحفظ المجوهرات».

عن حفل الزفاف هذا، كان الكاتب أحمد بهجت قد كتب من الخرطوم ليشارك قراء «الأهرام» فى صورة بهيجة. فورد تحت عنوان «أم كلثوم فى حفل زفاف على الطريقة السودانية»، ما يلى: «شهدت أم كلثوم حفل زفاف على الطريقة السودانية دعاها إليه عبدالماجد أبو حسبو وزير الإعلام السودانى، كان حفل الزفاف فى أحد أحياء الخرطوم وكان العروسان هما علوية وأحمد أبو اليزيد، وقد فوجئا بأنهما محاصران بكاميرات السينما والتليفزيون وميكروفونات الإذاعى وآلات التصوير».

ويكمل بهجت وصف تفاصيل مشاركة «الست» فى حفل الزفاف السودانى، فيقول، وفقا للأهرام: «فى اللحظة التى هبطت فيها أم كلثوم من سيارتها، ذبح خروف كبير فى حجم (العجل) وبدأت الحفل بهذا التقليد العربى الذى يشترط أن يشرب الضيوف من مرقة الخروف الذى ذبح أمام أعينهم. وكانت العروس ترتدى ثوبا من الدانتيل تغطيه عقود ذهبية تشبه الكردان الذى نعرفه فى ريف مصر، مع فارق واحد وهو أن الذهب كان يغطى رقبة العروس ويديها ومعظم جسدها. وقد دفع والدها فى هذا الذهب 1200 جنيه. ودفع العريس مهرا قدره 1000 جنيه».

ويكمل بهجت شرح طقوس الزفاف السودانى البهيج، فيكتب: «بدأت مراسم الزواج بإنشاد مغنية سودانية وبالزغاريد المستقيمة التى تختلف عن الزغاريد المصرية المتقطعة. رقصت العروس رقصتين أمام أم كلثوم، رقصة الحمامة ورقصة الزفاف. فكانت تغمض عينيها وتدور حول العريس وهى تميل بوجهها يمينا ويسارا فى شكل حمامة…».

ويوضح بهجت أن العريس، فى المقابل، كان مركز دوران العروس، ممسكا بسيف فى إحدى يديه، وبسوط فى اليد الأخرى، وذلك فى رمز إلى الفروسية العربية. وأشار إلى أن والد العروس رفض تصوير رقصتى العروس، باعتبارهما من «أسرار الزفاف التقليدية» التى لا يطلع عليها إلا الأهل. خلال الحفل، حضر للغناء، المطرب السودانى الشهير محمد وردى ( 1932- 2012)، كما رقصت صديقات العروسة سعادة بزفافها. شاركت أم كلثوم هذه الطقوس كلها، لتنصرف بعد منتصف الليل، ويستمر حفل الزفاف من بعدها.

وعن المدة التى تستغرقها احتفالات الزفاف فى السودان، يكتب بهجت شارحا: «استمر الفرح ليلتين بعد ذلك. وكان الأصل فى التقاليد القديمة أن تستمر ليالى الفرح أربعين ليلة،ثم راح العدد يتناقص مع تقدم المدنية حتى انكمش إلى سبع ليال ثم استقر عند ثلاث».

يسرا الشرقاوي – بوابة الأهرام

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أم کلثوم إلى إلى السودان إلى الخرطوم أم کلثوم فى السودان فى حفل الزفاف فى السودان أم درمان

إقرأ أيضاً:

السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟

قبل معارك منطقة «جبل موية» بولاية سنار جنوب شرقي السودان خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم تكن «قوات الدعم السريع» قد خسرت معركة كبيرة منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023.

اقرأ ايضاًفيديو.. اشتباكات ومواجهات عنيفة بين عائلات أسرى إسرائيليين ورجال الأمن

لكن خسائرها توالت بعد استعادة الجيش تلك المنطقة الاستراتيجية، وتراجعت مناطق سيطرتها تدريجياً في وسط وشرق البلاد، كما أصبح وجودها في العاصمة الخرطوم مهدداً. فهل تعني انتصارات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وتراجعات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن حرب «الجنرالَين» على وشك الانتهاء؟

يؤكد الجيش أنه حقق انتصارات كبيرة وألحق هزائم فادحة بـ«قوات الدعم السريع»، متوعداً باستمرار الحرب حتى القضاء عليها تماماً. من جانبها، تنفي «قوات الدعم السريع» تعرضها لهزائم، وتؤكد أنها انسحبت من المناطق التي دخلها الجيش من دون معارك، وذلك بسبب «تكتيكات قتالية جديدة»، مشيرة إلى عدم استطاعة الجيش توثيق الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد التي يتحدث عنها.

ولُحظ أن «قوات الدعم السريع» المنسحبة تتوجه إلى إقليمي دارفور وكردفان حيث الحاضنة الاجتماعية لتلك القوات، فيما يقول متحدثون باسمها إن «المناطق التي انسحبنا منها، انتزعناها من الجيش انتزاعاً في الأشهر الأولى من الحرب. احتفظنا بها لأكثر من عام ونصف العام، ثم تركناها برغبتنا، ونستطيع انتزاعها مرة أخرى متى ما أردنا ذلك». لكن مؤيدي الجيش يرون أن المعركة أوشكت على النهاية، بينما يؤكد مراقبون مستقلون أن «نهاية الحرب لا تزال بعيدة».

استراتيجية جديدة

ويقول المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إن تقدم الجيش ليس سوى «جولة من جولات الحرب التي لا تبدو لها نهاية قريبة»، موضحاً أنه «من المتوقع أن تتخذ الحرب طابعاً أكثر عنفاً ودموية، لكن ليس في المناطق التي استردها الجيش، بل في مناطق رخوة في خاصرة الحاضنة الشعبية للجيش».

وأشار الفاضل إلى التصريح الأخير من قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الذي طالب فيه قواته بعدم التأثر بفقدان بعض المناطق مؤخراً، وأنه ينبغي عليهم التركيز على مناطق جديدة سيسيطرون عليها. وأضاف الفاضل: «يبدو أن (قوات الدعم السريع) ستتبع استراتيجية جديدة، تتخلى فيها عن تكتيك الانتشار الواسع في البلاد. كما أن هجمات المسيّرات خلال الفترة السابقة تشير إلى مناطق المعارك المرتقبة، فبينما تتراجع في الخرطوم، نشهد تقدمها في مناطق أخرى غرب البلاد بالاشتراك مع (قوات عبد العزيز الحلو)».

وتوقع عدد من المحللين أن تنتقل الحرب من العاصمة إلى أقاليم غرب البلاد، وأن «تتخذ شكلاً أعنف إذا تم تشكيل حكومة موازية في تلك المناطق، وإدخال أسلحة نوعية وإضافة إمكانات حربية جديدة، مما سيغير من خريطة الحرب على الأرض».

معارك العاصمة

ميدانياً، تدور معارك «كسر عظم» في مدن العاصمة المثلثة - الخرطوم وأم درمان وبحري - حيث يحقق الجيش تقدماً لافتاً، ففي منطقة شرق النيل بمدينة بحري، يقترب الجيش وحلفاؤه من جسر «المنشية» الرابط بين شرق النيل ووسط مدينة الخرطوم، بعد أن استعاد معظم منطقة «الحاج يوسف»؛ وهي من أهم معاقل «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب.

غير أن حدة المواجهات انخفضت في الخرطوم وأم درمان مع بداية شهر رمضان المبارك، فقد تراجعت العمليات في معظم خطوط التماس بين الطرفين المتحاربين، وبقيت مناطق السيطرة كما هي دون تغيرات كبيرة. ويقول شهود إن الجيش ما زال يسيطر على أحياء في جنوب غربي الخرطوم حتى جسر «الحرية» والمنطقة الصناعية، بينما لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على أحياء أخرى في جنوب الخرطوم؛ بما فيها القصر الرئاسي ومنطقة «جنوب الحزام»، ومقر القيادة الاستراتيجية التابعة للجيش و«مطار الخرطوم»، والجزء الشرقي من مقر القيادة العامة للجيش.

وفي أم درمان، وسع الجيش من مناطق سيطرته لتشمل بعض الأحياء الجنوبية والغربية من المدينة، خصوصاً منطقتَي أم بدة والفتيحاب، لكن المعارك على حدود المنطقتين تحوّلت إلى كر وفر، من دون تقدم لمصلحة أحدهما.

معارك الغرب

اقرأ ايضاًحماس وإسرائيل.. هل تستأنف المفاوضات أم الحرب؟

أما في شمال إقليم كردفان بوسط غربي البلاد، فقد حقق الجيش انتصارات باستعادة السيطرة على مدينتَي أم روابة والرهد، وتمكن من الوصول إلى أطراف مدينة الأُبيّض؛ كبرى مدن الإقليم، وفتح الطريق البرية الرابطة بينها وبين وسط البلاد. إلا إن الجيش مُني بهزيمة كبيرة حين حاول التقدم شرقاً باتجاه مدينة بارا، وأعلنت «قوات الدعم السريع» أنها «دحرت القوات المهاجمة وألحقت بها هزائم كبيرة في الأرواح والعتاد»، ولم يصدر تعليق من جانب الجيش.

وتأثرت العمليات العسكرية في ولاية النيل الأزرق بالتحالف الذي نشأ بين «قوات الدعم السريع» وقوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو»، فقد استطاعت القوتان معاً السيطرة على عدد من مناطق الولاية المتاخمة لجمهورية جنوب السودان، وأصبحت القوات المشتركة بينهما تهدد حاضرة الولاية؛ مدينة الدمازين.

ووقّعت قوى سياسية وحركات مسلحة، على رأسها «حركة عبد العزيز الحلو»، مع «قوات الدعم السريع» في 22 فبراير (شباط) بالعاصمة الكينية نيروبي، ميثاقاً سياسياً يهدف إلى توحيد العمل السياسي والعسكري ضد الجيش وحلفائه من أنصار النظام السابق، بالإضافة إلى تشكيل حكومة في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»؛ لمنافسة الحكومة التي يقودها الجيش وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

Via SyndiGate.info


Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟ قيادي في حماس: هذه الطريق الوحيد لنتنياهو لاستعادة أسراه إحالة روان بن حسين للقضاء بـ 3 تهم صادمة أردوغان: نتنياهو يماطل وإسرائيل غير ملتزمة.. وتطورات بشأن المفاوضات انفجار قرب مرفأ طرطوس.. وغارات إسرائيلية في محيط المدينة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [153]
  • إشتعال حرب في جنوب السودان سينعكس سلبا على السودان
  • التقى موسيفيني .. القائد/ مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي في زيارة إلي دولة يوغندا
  • على طريقِ الانعتاقِ من الهيمنةِ المصرية (2 – 20)
  • على هامش مشاركته في القمة العربية الطارئة – رئيس مجلس السيادة يلتقي أمير دولة قطر
  • فاطمة حسن لـ "البوابة نيوز": اعتمدت في معرضي «إيكادولي» على الموتيفات النوبية
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (1 – 20)
  • حزب العمال الكردستاني ووقف إطلاق النار.. قراءة في الدلالات والانعكاسات الإقليمية
  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • مايكل جاكسون وسبايدر مان على مائدة إفطار سودانية – صورة