اليمن: انقطاع الرواتب والبطالة يتسببان في كساد الفواكه الموسمية
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
تشهد أسواق الفواكه الموسمية في المحافظات الشمالية من اليمن ركوداً غير مسبوق، حيث يعجز المستهلكون عن الحصول عليها بسبب تردي الأوضاع المعيشية وانقطاع الرواتب والبطالة.
وفي حين تكدس كميات كبيرة من الفاكهة في المحال وعلى عربات الباعة المتجولين، يشتكي المزارعون والتجار من تلف كميات كبيرة من محاصيلهم في المخازن.
يقول سمير، وهو موظف حكومي في أحد القطاعات الإيرادية في العاصمة اليمنية صنعاء إنه يعجز عن شراء الفواكه إلا فيما ندر، ويضطر إلى رفض طلبات أطفاله بشراء الحلويات من أجل توفير ثمن فاكهة مرة كل أسبوع، محاولاً إقناعهم بأهمية الفواكه وفائدتها مقابل أضرار الحلويات التي ترهق ميزانيته بدورها.
ويضيف سمير لـ«الشرق الأوسط» أنه يحاول ألا يفوت موسم هذه الفواكه التي لا تأتي إلا خلال أشهر قليلة كل عام، بعكس العديد من المنتجات الزراعية الأخرى، التي تتوفر طوال العام، ويمكن الحصول عليها في أي وقت. ويبدي حسرته لأنه ليس بالإمكان الاستمتاع بهذه الفواكه إلا لقلة من الناس.
ويوافقه على هذا الرأي الموظف في منظمة دولية، حسن محمد، الذي يرى أن أسعار الفواكه مناسبة، ولا ينبغي تفويت مواسمها وتركها تفسد أو يضطر التجار إلى رميها في القمامة أو إطعامها للمواشي.
ويعزز رأيه بالإشارة إلى أنه يمكن لأصحاب المداخيل المحدودة أن يستبدلوا بالوجبات المعتادة الفواكه كي لا تفوتهم مواسمها وفوائدها، ويحاول تأكيد رأيه بالإشارة إلى الآراء الطبية حول الصحة، التي تفيد بأن أغلب ما يتناوله الفقراء من أغذية غير صحية وتتسبب في العديد من الأمراض المزمنة على المدى الطويل.
ويتساءل: لماذا لا تحاول العائلات الاعتماد على الفواكه التي تكتنز الفيتامينات بدلاً من وجباتها المليئة بالخبز والسكر والنشويات، بحسب رأيه.
جشع التجار
على العكس من ذلك يرى موظف عمومي آخر أنه وفي هذه الظروف التي يكاد المرء يعجز فيها عن توفير الخبز؛ تصبح الفاكهة رفاهية لا تستحق العناء، فحسب رأيه، أن ما يعجز المرء عن توفيره لا ينبغي أن يشغل باله، لأن ذلك سيزيده حسرة وألماً هو في غنى عنهما، ويكفيه أن يستطيع توفير ما يسد رمق عائلته.
ويوضح أنه فكر منذ أيام بشراء بطيخ، إلا أنه ندم على التفكير في ذلك، لأنه لم يجد بطيخة بأقل من 3 آلاف ريال(الدولار يساوي 530 ريالاً)، قبل أن يغير خياراته لشراء مانجو، ليجد أن سعر الكيلوغرام الواحد لا يقل عن 2000 ريال، بينما هو بحاجة إلى 2 كيلو جرام على الأقل نظراً لأن عائلته تتكون من 6 أفراد.
ويؤكد أنه أحجم عن التفكير في شراء الفاكهة تماماً، فحين راودته تلك الأفكار كان في طريقه إلى السوق لشراء دجاجة ثمنها 3500 آلاف ريال، وهو لا يستطيع شراء الدجاج إلا مرة كل أسبوع وأحياناً كل 10 أيام.
وخلال الصيف تمتلئ الأسواق اليمنية بالرمان والعنب والخوخ والمانجو والبطيخ، إلا أن الإقبال على شرائها يشهد تراجعاً كبيراً، مما يجبر أصحاب المحلات والباعة المتجولين على شراء كميات قليلة لتسويقها، حيث يمر المستهلكون أمام المعروض من الفواكه للفرجة والسؤال عن أسعارها لا أكثر، بحسب الناشط المجتمعي فؤاد الريمي.
يقول الريمي لـ«الشرق الأوسط» إن أغلب تجار الجملة بدأوا الضغط على الباعة بالتجزئة لمحاولة إجبارهم على شراء كميات كبيرة من الفواكه لتسويقها، ويتهم التجار باستغلال طرفي معادلة تجارة الفواكه، حيث يستغلون خوف المزارعين من تلف محاصيلهم لبخس أسعارها، ثم يلزمون الباعة بالتجزئة بشراء كميات كبيرة لا يستطيعون بيعها للمستهلكين، فتتلف في محلاتهم.
وتنتج اليمن عدداً كبيراً من الفواكه الموسمية، مثل المانجو والبطيخ والخوخ والعنب والتين والتفاح والموز والقشطة والباباي، ويعدّ الرمان اليمني من أشهر أنواع الرمان عالمياً.
تسويق تقليدي
يرى خبير اقتصادي أن أسعار الفواكه المحلية في أسواق المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين تخضع للعرض والطلب، خصوصاً وأن غالبية المنتجات في اليمن يتم تسويقها بالطرق التقليدية، ومنها الفواكه التي يتم عرضها للبيع في السوق خلال مواسم إنتاجها فقط.
ويفيد الخبير، الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته، بأن مزارعي الفواكه يعانون من ارتفاع معدل الفاقد في منتجاتهم نتيجة التسويق التقليدي وعدم وجود ثلاجات مركزية لحفظها، بينما يحقق التجار أرباحاً أكبر من المزارعين، بخاصة وأنهم، أي المزارعين؛ يفتقدون لإمكانات التسويق الآمن والبيع بأسعار عادلة.
إلى جانب ذلك، يصطدم المزارعون بارتفاع معدلات العرض من نفس منتجاتهم، فيضطرون للبيع بأسعار تقل أحياناً عن تكلفة الإنتاج النهائية للفاكهة، ومع توقف التصدير من جهة، وضعف القدرة الشرائية بسبب انقطاع المرتبات والبطالة؛ يجدون أنفسهم مضطرين للبيع بأسعار بخسة، وفقاً للخبير نفسه.
ويتهم المزارعون الانقلابيين الحوثيين بخداعهم وتضليلهم للحصول على منتجاتهم بأسعار لا تكافئ مجهودهم وتكاليف إنتاج الفواكه، كما أوهموهم سابقاً بتبني استراتيجية لدعم الزراعة المحلية ووقف استيراد المنتجات من الخارج من جهة، وبناء مخازن تبريد لحفظ المزروعات طوال العام، لضمان عدم تلفها.
إلا أن المزارعين فوجئوا بعكس ما تم إيهامهم به، ووجدوا أنفسهم عرضة لابتزاز التجار ومشرفي الميليشيات للحصول على منتجاتهم مجاناً، أو دفع إتاوات بمبالغ كبيرة.
كما اتهموا الميليشيات الحوثية بالتواطؤ مع تجار الفواكه، فهم من يعملون، كسلطة أمر واقع، على تحديد أسعار المنتجات بحسب ما يعرضه التجار في الأسواق، متجاهلين ما يتعرضون له كمزارعين من خسائر وتلف المحاصيل، بل ويضاعفون من خسائرهم بسبب الجبايات التي تفرض عليهم، وإجبارهم على التبرع للجبهات.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الرواتب البطالة حرب اقتصاد کمیات کبیرة
إقرأ أيضاً:
الهلال الأحمر القطري يحيي الآمال بشمال سوريا بعد انقطاع الدعم
دمشق- أطلق الهلال الأحمر القطري مشروعا يشمل 24 فريقا في شمال غرب سوريا، بهدف تقليل الوفيات وإنقاذ حياة آلاف الأطفال من خلال تقديم خدمات طبية ومكملات غذائية في مخيمات النازحين، في ظل تحديات انقطاع الدعم والظروف الميدانية المعقدة.
وأعلن الفريق القطري، في بيان، أنهم يواصلون تنفيذ "مشروع تحسين الوصول إلى برامج التغذية الشاملة وتغذية الأطفال والرضّع في حالات الطوارئ" في شمال غرب سوريا.
ويتضمن المشروع نشر 9 فرق استجابة سريعة و15 فريقا جوّالا لضمان تغطية المناطق النائية والأكثر احتياجا، مع التركيز على الفئات الأضعف، وهم الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات.
ويهدف المشروع إلى:
الكشف المبكر عن حالات سوء التغذية الحاد. إجراء الفحوصات الطبية. توفير المكملات الغذائية الوقائية. إحالة الحالات الحرجة إلى مراكز علاج متخصصة. الالتزام ببروتوكولات الطوارئ المعتمدة دوليا والإجراءات التشغيلية القياسية.وتقول يسرى "أم محمد"، النازحة في أحد مخيمات إدلب للجزيرة نت "هذا المشروع كان بمثابة طوق نجاة لعائلتي، فابني الصغير ياسر، كان يعاني من نقص حاد في الوزن، وخفت أن أفقده بسبب سوء التغذية، فلم يكن بمقدورنا شراء الطعام الكافي أو الوصول للعيادات الطبية".
وتضيف "عندما وصلت الفرق الجوالة إلى المخيم، فحصوا طفلي وأعطوه مكملات غذائية، وقدموا لنا نصائح للعناية به. الآن، وبعد أسابيع من المتابعة، تحسّنت حالته بشكل كبير، وبدا نشطا وحيويا".
أما سامر نجار، أحد سكان مخيم الضياء شمال إدلب، فلم يتمكن من العودة لمنزله بسبب تدميره، ولديه طفلان توأمان يعانيان من سوء تغذية، ولكنه تمكن من تجاوز الخطر بعد الحصول على الرعاية الأولية والغذاء للأطفال من مركز الهلال القطري.
ويقول للجزيرة نت "نحن كمهجّرين أصبحنا منسيين، فلا استطعنا العودة لمنازلنا ولم يبق مساعدات تعيننا على تحمل أعباء المعيشة، ولولا تقديم الرعاية الصحية المجانية لنا لفقد أطفالي حياتهم، فليس بمقدوري أنا ومعظم المهجَّرين جلب الغذاء الخاص ولا دفع ثمن الرعاية الطبية".
من جهتها، أشارت مسؤولة التغذية في وزارة الصحة السورية، الدكتورة هلا داود، إلى آليات للحد من سوء التغذية في أوساط الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى برامج محلية تكميلية تدعم مشروع الهلال الأحمر القطري، وتركز على الرصد المبكر والتدخل السريع لمعالجة حالات سوء التغذية.
إعلانومن أبرز التحديات التي تواجه الكوادر الصحية -حسب هلا داود- نقص وسائل النقل، وغياب الحوافز المادية للعاملين، وضعف البنية التحتية والتجهيزات اللوجستية، ما يؤثر سلبا على جودة الخدمات واستمراريتها، حيث تتطلب بعض الحالات تأمين وسائل نقل إسعافية لضمان وصول المرضى بسرعة وتلقيهم العلاج اللازم.
وأكدت أهمية التدريب المستمر للكوادر لضمان الالتزام بالبروتوكولات الصحية الوطنية، مشيرة إلى دور البيانات الدقيقة في تحديد المناطق الأكثر احتياجا، حيث دفعت هذه البيانات الوزارة إلى مخاطبة المنظمات الدولية لإرسال فرق جوالة إلى تلك المناطق لمتابعة الحالات وعلاجها.
وأوضحت هلا داود أن المستشفيات والمراكز الصحية تلعب دورا حيويا في متابعة الحالات المحالة من الفرق الجوالة، مع تقديم تغذية راجعة لضمان فعالية العلاج.
ويُنفذ المشروع بروتوكولات التغذية المجتمعية في حالات الطوارئ المعتمدة من منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف، مع تدريب الكوادر عبر ورشات ميدانية لضمان تقديم خدمات موحدة وعالية الجودة.
وفي السياق، يقول رئيس المكتب التمثيلي للهلال الأحمر القطري في تركيا وسوريا، مازن عبد الله، إن المشروع يواجه تحديات عدة، أبرزها ارتفاع معدلات النزوح بين 2011 وحتى 2024، وما تبعه من عودة النازحين لمناطقهم الأصلية، ما أثَّر على استقرار كوادر المشروع وتسبب في تذبذب التنفيذ ببعض المواقع.
وذكر أن اختيار المناطق المستهدَفة يعتمد على التنسيق مع قطاعي الصحة والتغذية ومديريات الصحة المحلية، إضافة إلى تحليلات الاحتياج الصادرة عن الهلال الأحمر القطري وشركائه. وقال "نركز على المناطق التي تعاني من ضعف البنية الصحية وارتفاع معدلات النزوح وسوء التغذية، ونسعى لإفادة الفئات الأكثر هشاشة".
وأوضح عبد الله أن المعايير المتبعة لتحديد الفئات المستهدفة تشمل الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، بالاستناد إلى مؤشرات صحية معتمدة دوليا لتحديد سوء التغذية منها: محيط منتصف العضد، والطول، والوزن.
وعن التنسيق بين الفرق الجوالة ومراكز العلاج المتخصصة، أشار عبد الله إلى أنهم يعتمدون نظام إحالة متكاملا يضمن تشخيص الحالة ميدانيا، وتوثيقها وتحديد درجة خطورتها، مع توفير مرافقة طبية عند الحاجة.
وأضاف "نتابع الحالات بعد الإحالة، لضمان التزامها بالخطة العلاجية، وتعزيز فرص الشفاء في إطار منظومة صحية تعاونية".
خطط للتطويروحول المكملات الغذائية المقدمة، أكد عبد الله أن المشروع يوفر مغذّيات دقيقة جاهزة لاستخدام للأطفال، وأطعمة علاجية عند الضرورة، ويجلبونها من موردين معتمدين لدى المنظمات الأممية وتخضع لرقابة صارمة.
وكشف عن خطتهم مع الهلال الأحمر العربي السوري لتوسيع نطاق المشروع، ليشمل مناطق إضافية في سوريا. وأضاف "نغطي حاليًا 30 موقعًا، ونسعى لتوسيع خارطة الخدمات وفقا للاحتياج".
كما أنهم يقيسون أثر المشروع عبر فريق يستخدم أدوات تقييم معتمدة، قبلية وبعدية، بما يشمل قياس مؤشرات سوء التغذية، ونسب الإحالات الناجحة، وعدد المستفيدين، وذلك لتطوير الخطط المستقبلية وتحسين الاستجابة الميدانية، حسب قوله.
إعلانويعتمد المشروع -وفق عبد الله- على بروتوكولات التغذية المجتمعية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، والتي تشمل الكشف المبكر، وإحالة الحالات الحرجة، وتوزيع المكملات الغذائية بشكل آمن، ويدربون فرقهم باستمرار ويوفرون لهم إرشادات ميدانية لتوحيد الأداء وتقديم أفضل الخدمات.
وذكر أن المشروع ينفذ بدعم من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" (OCHA)، وبالتنسيق مع شركاء إنسانيين ضمن قطاعي التغذية والصحة، لتفادي الازدواجية وتعزيز التكامل في التغطية الجغرافية والإحالات.
وأكد أن الهلال الأحمر القطري يولي أهمية كبيرة لاستدامة المشروع، عبر تدريب الكوادر المحلية، وتعزيز التوعية المجتمعية، ونقل بعض المهام تدريجيا إلى الشركاء المحليين، مضيفا أنهم ينوّعون مصادر التمويل ويوسعون الشراكات للحفاظ على الأثر الإيجابي للمشروع على المدى المتوسط والطويل.
من جهتها، قالت منسقة التغذية في منظمة الهلال الأحمر القطري كفاء ديبو، إن المشروع يهدف لتحسين الوصول إلى برامج التغذية الشاملة وتغذية الرضع وصغار الأطفال، خاصةً في حالات الطوارئ.
ويشمل المشروع 15 مركزا ثابتا مدمجا مع مراكز صحية ومستشفيات ومستوصفات، تقدم خدمات متعددة، بينها تقديم المكملات الوقائية للأطفال الأصحاء والمغذيات الدقيقة وبودرة الفيتامينات والمغذيات العلاجية للحالات المصابة بسوء التغذية وفق المعايير المعتمدة.
كما يقومون -حسب كفاء ديبو- بإجراء مسح غذائي للنساء الحوامل والمرضعات، لضمان حمل آمن وولادة طفل بصحة جيدة، وتقول إنهم يواجهون تحديات يكمن أبرزها، بانقطاع الدعم وتوقف العديد من المراكز الصحية، وبالتالي ازدياد الضغط على مراكزهم.
وبعد عمليات التحرير، برزت تحديات أخرى، تمثلت بعودة السكان إلى مناطقهم التي نزحوا منها، دون توفر مراكز تقدم نفس خدمات التغذية والرعاية الصحية، ما يهدد بتفاقم حالات سوء التغذية مجددا بسبب نقص المكملات الغذائية والخدمات الصحية.