تشهد أسواق الفواكه الموسمية في المحافظات الشمالية من اليمن ركوداً غير مسبوق، حيث يعجز المستهلكون عن الحصول عليها بسبب تردي الأوضاع المعيشية وانقطاع الرواتب والبطالة.

 

وفي حين تكدس كميات كبيرة من الفاكهة في المحال وعلى عربات الباعة المتجولين، يشتكي المزارعون والتجار من تلف كميات كبيرة من محاصيلهم في المخازن.

 

يقول سمير، وهو موظف حكومي في أحد القطاعات الإيرادية في العاصمة اليمنية صنعاء إنه يعجز عن شراء الفواكه إلا فيما ندر، ويضطر إلى رفض طلبات أطفاله بشراء الحلويات من أجل توفير ثمن فاكهة مرة كل أسبوع، محاولاً إقناعهم بأهمية الفواكه وفائدتها مقابل أضرار الحلويات التي ترهق ميزانيته بدورها.

 

ويضيف سمير لـ«الشرق الأوسط» أنه يحاول ألا يفوت موسم هذه الفواكه التي لا تأتي إلا خلال أشهر قليلة كل عام، بعكس العديد من المنتجات الزراعية الأخرى، التي تتوفر طوال العام، ويمكن الحصول عليها في أي وقت. ويبدي حسرته لأنه ليس بالإمكان الاستمتاع بهذه الفواكه إلا لقلة من الناس.

 

ويوافقه على هذا الرأي الموظف في منظمة دولية، حسن محمد، الذي يرى أن أسعار الفواكه مناسبة، ولا ينبغي تفويت مواسمها وتركها تفسد أو يضطر التجار إلى رميها في القمامة أو إطعامها للمواشي.

 

ويعزز رأيه بالإشارة إلى أنه يمكن لأصحاب المداخيل المحدودة أن يستبدلوا بالوجبات المعتادة الفواكه كي لا تفوتهم مواسمها وفوائدها، ويحاول تأكيد رأيه بالإشارة إلى الآراء الطبية حول الصحة، التي تفيد بأن أغلب ما يتناوله الفقراء من أغذية غير صحية وتتسبب في العديد من الأمراض المزمنة على المدى الطويل.

 

ويتساءل: لماذا لا تحاول العائلات الاعتماد على الفواكه التي تكتنز الفيتامينات بدلاً من وجباتها المليئة بالخبز والسكر والنشويات، بحسب رأيه.

 

جشع التجار

 

على العكس من ذلك يرى موظف عمومي آخر أنه وفي هذه الظروف التي يكاد المرء يعجز فيها عن توفير الخبز؛ تصبح الفاكهة رفاهية لا تستحق العناء، فحسب رأيه، أن ما يعجز المرء عن توفيره لا ينبغي أن يشغل باله، لأن ذلك سيزيده حسرة وألماً هو في غنى عنهما، ويكفيه أن يستطيع توفير ما يسد رمق عائلته.

 

ويوضح أنه فكر منذ أيام بشراء بطيخ، إلا أنه ندم على التفكير في ذلك، لأنه لم يجد بطيخة بأقل من 3 آلاف ريال(الدولار يساوي 530 ريالاً)، قبل أن يغير خياراته لشراء مانجو، ليجد أن سعر الكيلوغرام الواحد لا يقل عن 2000 ريال، بينما هو بحاجة إلى 2 كيلو جرام على الأقل نظراً لأن عائلته تتكون من 6 أفراد.

 

ويؤكد أنه أحجم عن التفكير في شراء الفاكهة تماماً، فحين راودته تلك الأفكار كان في طريقه إلى السوق لشراء دجاجة ثمنها 3500 آلاف ريال، وهو لا يستطيع شراء الدجاج إلا مرة كل أسبوع وأحياناً كل 10 أيام.

 

وخلال الصيف تمتلئ الأسواق اليمنية بالرمان والعنب والخوخ والمانجو والبطيخ، إلا أن الإقبال على شرائها يشهد تراجعاً كبيراً، مما يجبر أصحاب المحلات والباعة المتجولين على شراء كميات قليلة لتسويقها، حيث يمر المستهلكون أمام المعروض من الفواكه للفرجة والسؤال عن أسعارها لا أكثر، بحسب الناشط المجتمعي فؤاد الريمي.

 

يقول الريمي لـ«الشرق الأوسط» إن أغلب تجار الجملة بدأوا الضغط على الباعة بالتجزئة لمحاولة إجبارهم على شراء كميات كبيرة من الفواكه لتسويقها، ويتهم التجار باستغلال طرفي معادلة تجارة الفواكه، حيث يستغلون خوف المزارعين من تلف محاصيلهم لبخس أسعارها، ثم يلزمون الباعة بالتجزئة بشراء كميات كبيرة لا يستطيعون بيعها للمستهلكين، فتتلف في محلاتهم.

 

وتنتج اليمن عدداً كبيراً من الفواكه الموسمية، مثل المانجو والبطيخ والخوخ والعنب والتين والتفاح والموز والقشطة والباباي، ويعدّ الرمان اليمني من أشهر أنواع الرمان عالمياً.

 

تسويق تقليدي

 

يرى خبير اقتصادي أن أسعار الفواكه المحلية في أسواق المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين تخضع للعرض والطلب، خصوصاً وأن غالبية المنتجات في اليمن يتم تسويقها بالطرق التقليدية، ومنها الفواكه التي يتم عرضها للبيع في السوق خلال مواسم إنتاجها فقط.

 

ويفيد الخبير، الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته، بأن مزارعي الفواكه يعانون من ارتفاع معدل الفاقد في منتجاتهم نتيجة التسويق التقليدي وعدم وجود ثلاجات مركزية لحفظها، بينما يحقق التجار أرباحاً أكبر من المزارعين، بخاصة وأنهم، أي المزارعين؛ يفتقدون لإمكانات التسويق الآمن والبيع بأسعار عادلة.

 

إلى جانب ذلك، يصطدم المزارعون بارتفاع معدلات العرض من نفس منتجاتهم، فيضطرون للبيع بأسعار تقل أحياناً عن تكلفة الإنتاج النهائية للفاكهة، ومع توقف التصدير من جهة، وضعف القدرة الشرائية بسبب انقطاع المرتبات والبطالة؛ يجدون أنفسهم مضطرين للبيع بأسعار بخسة، وفقاً للخبير نفسه.

 

ويتهم المزارعون الانقلابيين الحوثيين بخداعهم وتضليلهم للحصول على منتجاتهم بأسعار لا تكافئ مجهودهم وتكاليف إنتاج الفواكه، كما أوهموهم سابقاً بتبني استراتيجية لدعم الزراعة المحلية ووقف استيراد المنتجات من الخارج من جهة، وبناء مخازن تبريد لحفظ المزروعات طوال العام، لضمان عدم تلفها.

 

إلا أن المزارعين فوجئوا بعكس ما تم إيهامهم به، ووجدوا أنفسهم عرضة لابتزاز التجار ومشرفي الميليشيات للحصول على منتجاتهم مجاناً، أو دفع إتاوات بمبالغ كبيرة.

 

كما اتهموا الميليشيات الحوثية بالتواطؤ مع تجار الفواكه، فهم من يعملون، كسلطة أمر واقع، على تحديد أسعار المنتجات بحسب ما يعرضه التجار في الأسواق، متجاهلين ما يتعرضون له كمزارعين من خسائر وتلف المحاصيل، بل ويضاعفون من خسائرهم بسبب الجبايات التي تفرض عليهم، وإجبارهم على التبرع للجبهات.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الرواتب البطالة حرب اقتصاد کمیات کبیرة

إقرأ أيضاً:

الجنايات تقضى بالسجن المشدد 10 سنوات لتجار ألعاب نارية وشماريخ

قضت محكمة الجنايات الاستئنافية لجرائم الإرهاب، برئاسة المستشار خالد الشباسي، وعضوية المستشار محمد القرش، والمستشار تامر الفنجري، والمستشار رامي حمدي، وبحضور أحمد أيمن رئيس النيابة، بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة مليوني جنيه لثلاثة تجار الالعاب نارية ومفرقعات، والحبس 3 سنوات مع الشغل والنفاذ لثلاثة عناصر مسجلين خطر من العاملين لدى التجار.

محكمة الجنايات الاستئنافية

كانت تحريات الأمن العام والأمن الوطني توصلت إلى إعداد ثلاث تجار كمية كبيرة من الألعاب النارية والصواريخ والشماريخ والمفرقعات ذات القوة النارية الضوئية واعتزامهم ترويجها داخل البلاد بمناسبة عيد الفطر المبارك واعياد الإخوة المسيحيين.

وتم رصد التجار والعناصر العاملة لديهم ورصد تخزين الألعاب النارية والمفرقعات فى مخزنين أحدهما فى شبرا الخيمة والاخر داخل مزرعة على طريق مصر اسكندرية الصحراوي، وبمداهمة المخازن تم ضبط الألعاب النارية ومسدسات صوت وخرز وطلقات ضوئية بلغت قيمتها 80 مليون جنيه.

كما ألقى القبض على التجار الثلاثة و3 من الحراس على هذه المخازن وتم إحالة المتهمين للمحاكمة وقضت محكمة الجنايات الاستئنافية بحكمها المتقدم، مع مصادرة المضبوطات، والموافقة على مذكرة النيابة العامة، بنسخ صورة من ملف القضية وإحالته إلى مكافحة وحدة غسل الأموال لفحص ممتلكاتهم.

ونوهت المحكمة فى حيثيات حكمها، أن استعمال هذه الألعاب والمفرقعات ليس محلا لبهجة أو فرحة حيث يترتب عليها أضرار ومخاطر جسيمة تمس أمن وصحة وحياة المواطنين مما أوجب على المحكمة عدم استعمال الرأفة مع المتهمين حال أنهم لا يبتغون الا الربح والتربح ولو على حساب المجتمع وافراده.


 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • استجابة واسعة للتجار خلال العيد والعودة إلى النشاط العادي غداً
  • تقرير دولي يكشف عن كميات الغذاء والمشتقات النفطية التي وصلت ميناء الحديدة خلال 60 يوما الماضية
  • العراق يخفّض انتاجه قبيل قيام أوبك باعادة كميات من الإمدادات النفطية
  • جهاز مكافحة المخدرات يحبط محاولة لترويج كميات كبيرة من مادة “الكلابيس”
  • جهاز مكافحة المخدرات يحبط محاولة لترويج كميات كبيرة من مادة “الكلابيس
  • الجنايات تقضى بالسجن المشدد 10 سنوات لتجار ألعاب نارية وشماريخ
  • الرواتب والربيع.. انتعاش سياحة كردستان وجشع الفنادق ينغص الفرحة
  • استجابة أزيد من 54 ألف تاجر لنظام المداومة في اليوم الأول من عيد الفطر
  • الرواتب والمعاشات .. رؤساء نوعية النواب يكشفون عن رؤيتهم لزيادة مخصصات هذه القطاعات في الموازنة الجديدة
  • وزير العدل: بغداد لا تسعى لتحويل ملف الرواتب إلى قضية سياسية