اعتبر محللون وخبراء في الشؤون الدولية عودة المحادثات بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة، المثير للجدل، "علامة جيدة" تؤشر إلى أنه لا يزال هناك مجال للتفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق حول مياه نهر النيل بين الدول الثلاث.

وقال خبير العلاقات الدولية، كريم مصطفى عبد الخالق، إن مصر وإثيوبيا تعاونتا مؤخرًا في الجهود المبذولة لإنهاء الصراع في السودان وفي عضويتهما المشتركة الجديدة في كتلة بريكس للأسواق الناشئة، وفقا لما أورده موقع "ميديا لاين" وترجمه "الخليج الجديد".

وأضاف أن التوصل إلى اتفاق ناجح سيعتمد في النهاية على "رؤى القادة وتصوراتهم وإرادتهم"، مشيرا إلى أ، "نوايا إثيوبيا كانت حاسمة، فقد حاولت تغيير القواعد من خلال خلق واقع جديد"، وتسعى للحفاظ على "اليد العليا" على السد، الأمر الذي يهدد الأمن المائي للدول الأخرى.

أما مصر، التي تعاني بالفعل من شح المياه، فإن سد النهضة "يعتبر مسألة حياة أو موت" لها، بحسب عبدالخالق.

وفي السياق، قال جيريجنا تاديسي تيرفا، المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن "إثيوبيا أبدت حسن نيتها من خلال تأجيل استكمال ملء السد حتى أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام لتمكين مصر والسودان من الحصول على ما يكفي من المياه"، واصفا الموقف المصري بأنه "صعب".

وأوضح: "إن العقلية القديمة السائدة بين العلماء والسياسيين المصريين، والتي تعتبر أن مصر هبة النيل، يمكن أن تشكل تحديًا كبيرًا".

وتابع أن "المصريين سمعوا قدرا كبيرا من المعلومات الخاطئة حول هذا الموضوع، مما يجعل من الصعب على القيادة المصرية إقناع الشعب بقبول الاقتراح (الإثيوبي)"، مشيرا إلى أن قبول مصر للاتفاق مع إثيوبيا سيدفع السودان إلى أن يحذو حذوها.

ويعتقد تيرفا أن المفاوضات الحالية "ستفتح الباب لمزيد من المناقشات والثقة المتبادلة"، فيما يرى عبدالخالق أن الأمر "معقد" وحث المراقبين على "البقاء متفائلين قدر الإمكان".

وأثار سد النهضة الإثيوبي مخاوف في مصر والسودان من فقدان الكثير من إمدادات المياه الخاصة بهما، ورغم أن المحادثات الأولى التي عقدت منذ أكثر من عامين انتهت دون التوصل إلى أي اتفاق، إلا أن البعض يقول إنه لا يزال هناك مجال للتفاؤل.

وبعد مرور أكثر من عامين على توقف المحادثات بشأن السد المثير للجدل، استؤنفت المفاوضات هذا الأسبوع في القاهرة بين مصر وإثيوبيا والسودان. لكن بعد يومين انهارت المحادثات مرة أخرى وانتهت دون أي اتفاق.

وبحسب وزارة الموارد المائية والري المصرية، فإن عدم التوصل إلى اتفاق يعود إلى عدم حدوث "تغيير ملموس في المواقف الإثيوبية".

اقرأ أيضاً

مصر: لا تغييرات ملموسة بجولة التفاوض مع إثيوبيا حول سد النهضة

ومع ذلك، صاغت وزارة الخارجية الإثيوبية الانهيار بشكل أكثر إيجابية، قائلة: "تبادل الطرفان وجهات النظر للتوصل إلى وضع مربح للجانبين". وأضافت أن جولة جديدة من المحادثات ستعقد في أديس أبابا في سبتمبر/أيلول المقبل.

وأثار السد، الذي اكتمل اليوم بنسبة 90%، احتجاجات متكررة من مصر والسودان، اللتين تخشيان من تقليله من تدفق مياه نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي لهما.

وترى إثيوبيا أن السد أمر بالغ الأهمية لتنميتها، لأنه سينتج الكهرباء لتلبية احتياجاتها الحادة وكذلك تمكين تصدير الكهرباء إلى البلدان المجاورة.

وأكمل عمال البناء 3 مراحل من ملء السد، ونجحوا في توليد الكهرباء لأول مرة في فبراير/شباط 2022، وقام المهندسون بتوصيل توربين إضافي به في أغسطس/آب من ذلك العام.

وأعربت مصر عن مخاوفها البالغة بشأن السد، إذ يأتي نحو 90% من حصتها المائية من نهر النيل، و85% من النيل الأزرق. ووصف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأمن المائي بأنه "خط أحمر" بالنسبة لبلاده.

وانهارت المحادثات بين الدول الثلاث في أبريل/نيسان 2021، لكن في الشهر الماضي، زار السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، السودان واتفقا على استئناف المحادثات، وتعهدا بالتوصل إلى اتفاق في غضون 4 أشهر.

وقال وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، آنذاك أن المفاوضات تهدف إلى التوصل إلى "اتفاق متوازن وملزم قانونا بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، بما يلبي مصالح واهتمامات الدول الثلاث".

اقرأ أيضاً

من الصراع الدبلوماسي إلى التفاهم.. هل تصل مصر وإثيوبيا لاتفاق بشأن سد النهضة؟

المصدر | ميديا لاين/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر السودان سد النهضة هاني سويلم التوصل إلى اتفاق مصر وإثیوبیا سد النهضة

إقرأ أيضاً:

لمحة من جرائم عصر محمد على

يصف كثيرون محمد على والى مصر خلال الفترة من 1805- 1848 بباعث النهضة المصرية الحديثة، وهذه مبالغة من مبالغات السلطة التى ورثناها وابتلعناها دون تمحيص.

ذلك لأنه لا يمكن تقييم النهضة والحداثة بما يطرأ على الحجر من تغيرات، دون التفات لأحوال البشر. إذ ما معنى القصور المشيدة والجسور والطرق، والإنسان بائس، متخلف، مساق، وذليل؟؟

ونسبة الفضل لأهله تدفعنا إلى تقدير الدراسات والكشوفات التى قدمها الدكتور خالد فهمى فى هذا الشأن، بدءاً من كتابه الفذ «كل رجال الباشا» وحتى دراسته النابهة «السعى للعدالة».

كذلك، العودة لشهادات المستشرقين الأوروبيين الذين زاروا مصر خلال حكم الباشا، تؤكد أن الناس العامة كانوا فى نهاية حكم محمد على أكثر بؤساً وحرماناً ومعاناة مما كانوا عليه قبل حكمه.

ومن بين الشهادات الرائعة ما يقدمه لنا المستشرق البريطانى إدوارد وليام بين (وهو خال المؤرخ الشهير ستانلى بول). لقد زار «بين» مصر ثلاث مرات، عايش خلالها الناس، وأتقن لغتهم، وتكيف مع عاداتهم، وتفهم همومهم وأنماط تفكيرهم، ليخرج لنا بكتب عظيمة أبرزها «المصريون المحدثون»، وترجمة ألف ليلة وليلة، ودراسات فى القرآن، وغيرها.

وما يعنينا من شهادة الرجل، تلك الإشارات المتنوعة حول بعض الجرائم التى عايشها خلال زياراته الثلاث لمصر من 1825 إلى 1849 وهى ما يدلل على حالة المجتمع الذى زعمت السلطة الحاكمة فيه أنه تمدن.

ففى فبراير 1834 دخل جندى تركى منزل سيدة يهودية ثرية وحيدة، وقتلها ثم قطع رأسها وأخفاه فى زير للمياه، ثم أهال التراب على فوهة الزير، وحمله إلى خارج البيت. لكن لسوء حظه كان الزير مكسوراً من أسفل، فتساقطت منه قطرات الدماء، فلفتت انتباه المارة، فتجمعوا وقبضوا عليه ليجدوا معه مجوهرات القتيلة.

فى الشهر ذاته قبضوا على قواس (شرطى) من حرس الباشا اعتقل حاجاً تركياً فى الإسكندرية ثم سرقه، وقتله وألقى بجثته فى ساقية مهجورة.

ويحكى إدوارد وليام لين أيضاً أنه فى 12 أغسطس 1934 قام أحد القادة المقربين من الباشا واسمه الجنرال سليم، باستئجار عدد من المقرئين، وأمرهم بقراءة القرآن بصوت مرتفع فى منزله، وصعد إلى غرفة الحريم وخنق زوجته. وكان القاتل قد اتهم زوجته بالفسق، وبعث برسالة بذلك إلى إبراهيم باشا، فأذن له أن يفعل ما يشاء، ثم استأذن محمد على فأجابه بالرد نفسه، فنفذ الإعدام فى زوجته.

ويعلق المستشرق البريطانى على الواقعة بأنها تعطينى تصوراً لأفكار محمد على بشأن العدالة، فإنه لو أراد للجنرال سليم أن ينصاع للقانون ويطبقه كما يجب لطلب منه تقديم أربعة شهود ضد زوجته أو تنفيذ فكرة الملاعنة كما أقرها الشرع الإسلامى.

وفى أكتوبر 1933 زار المستشرق مدينة فوه، ولاحظ أن الناس أكثر بؤساً مما هى الحال فى القاهرة، لكنه لاحظ مسيرة الشباب المساق للتجنيد بالقوة من الحقول والقرى وخلفهم تسير زوجاتهم وحبيباتهم حتى يصل الركب كله إلى العاصمة، فيرسل الشباب تباعاً إلى جبهات الحرب، وتضطر النساء – تحت العوز – إلى امتهان البغاء. وحسب شهادته وقتها يقول الرجل «صارت مصر الآن ممتلئة بالبغايا، وأصبحت القرى نصف مهجورة، ويسكنها أكثر الناس فقراً وقبحاً».

تلك نذر يسيرة من أكذوبة محمد على باعث النهضة العظيمة، الذى أتيحت له فرصة لم تتح لغيره للارتقاء بالمصريين وتعليمهم وتغييرهم، حيث حكم لخمس وأربعين سنة متصلة، كان فيها الأول والآخر والمهيمن على كل شىء. غير أنه استغل المصريين فى ساحات صراعاته لبناء ممالكه وأمجاده، التى ذرتها الريح فى النهاية، وظل الإنسان كما كان بل أشد ذلاً وحرماناً.

والله أعلم

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • محللون: هجوم الاحتلال على جنين هدفه التغطية على فشله بغزة
  • ترامب: بوتين يدمر روسيا.. وعليه أن يبرم صفقة
  • ترامب: بوتين "يدمر روسيا" برفضه إنهاء الحرب
  • السفير الإسرائيلي في واشنطن: فريق ترامب قام بدور رئيسي بمفاوضات غزة
  • جدل بشأن "الزيت السام".. أزالوه من قائمة طعام ترامب
  • ضربة جوية مستحيلة
  • أبرزها غزة وإيران وسوريا.. ترامب يبدأ ولايته الثانية بفحص ملفات الشرق الأوسط
  • محللون: اليوم الأول لوقف إطلاق النار بغزة رسخ قواعد جديدة
  • لمحة من جرائم عصر محمد على
  • اتفاق غزة.. مؤشر بورصة تل أبيب يقفز إلى قمة قياسية