تسريبات للقذافي تزعم تطبيعه مع إسرائيل.. ما دلالة التوقيت؟
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
أثارت التسريبات التي انتشرت اليومين الماضيين حول محاولة العقيد الراحل معمر القذافي الاستغاثة بإسرائيل لإنقاذه من الثورة التي خرجت عليه في 2011 بعض الأسئلة عن دلالة التسريب وما إذا كان هدفه تخفيف الهجمة على "الدبيبة" بعد تورط وزيرة خارجيته بالتطبيع مع الاحتلال.
وانتشر تسريب صوتي لمكالمة بين القذافي وسفيره في إيطاليا وقتها، حافظ قدور، يطلب من الأخير التواصل مع مسؤولين في إسرائيل واستغلال استياء تل أبيب من الثورات العربية ضد الأنظمة وتوظيف ذلك الاستياء في الدفاع عن نظام القذافي، موجها أوامره له: "تحرك أنت أكثر".
كما أعاد ناشطون ليبيون وعرب تسريبات صحفية سابقة عن زيارة قام به العميد صدام نجل خليفة حفتر إلى "تل أبيب" لطلب الدعم لوالده وتوثيق علاقتهم بأميركا عبر دعم اللوبي اليهودي هناك.
وكذلك تصريحات لوزير الخارجية في حكومة البرلمان، عبدالهادي الحويج لصحيفة "معاريف" بأنه يود إقامة علاقات طيبة مع إسرائيل من أجل السلام، وهو ما تنصل منها الوزير بعد الحملة ضده.
وبالتزامن لاتزال المظاهرات في المدن الليبية مستمرة ضد لقاء وزيرة الخارجية المقالة بنظيرها الإسرائيلي، وسط دعوت حاشدة لجمعة "الأقصى" في ليبيا للمطالبة برفض التطبيع وإقالة حكومة الدبيبة.
فهل تسريبات الإعلام العبري لتطبيع القذافي أو تواصل حفتر هدفها تخفيف الضغط على حكومة الدبيبة؟ أم تسريبات لكشف باقي الأطراف في ليبيا وفضح تعاملهم مع دولة الاحتلال أمام الرأي العام؟
"التطبيع والبقاء في المنصب"
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إن "المتطلعون للحكم أو الاستمرار فيه يرون في التطبيع وسيلة للوصول إلى دعمهم إما للاستمرار على الكرسي كما حاول القذافي ويحاول الدبيبة أو للمساعدة في الوصول للحكم كما يحاول حفتر وسيف القذافي وآخرون".
واكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "ما يجهله هؤلاء هو أن إسرائيل لا تكرم عملاءها ولا تحرص على بقائهم بعد أن يقوموا بمهمتهم وعادة ما تعمل على إزاحتهم ليأتي من هو مستعد لتقديم الجديد، ولنا في رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية خير مثال وكذلك التخلي عن عملائها في عدة دول مثل مصر وتونس وليبيا بعد أن لفظتهم شعوبهم"، وفق قوله.
"الوصول لدعم أمريكا"
في حين قال السفير الليبي السابق، إبراهيم قرادة إنه "من الوهم الشائع في منطقتنا أن التطبيع مع إسرائيل يسهل ويوفر فرص البقاء في الحكم، ويبدو أن هذا استشرى لدى بعض القادة الليبيين، وبعض سبب ذلك هو ساسة الصدفة، صحيح أن التطبيع يساعد في تحسن العلاقات مع أميركا لكن واشنطن توجه سياساتها شبكة معقدة من أولويات المصالح الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية، أي أنها متغيرة التوجه".
وأشار خلال تصريحه لـ"عربي21" إلى أنه "لو كان التطبيع مع إسرائيل ينفع لأنقذ شاه إيران أو السادات، وفي ليبيا توازنات الحكم معقدة المعادلة بين لاعبين دوليين وأطراف محلية في رقعة ملتهبة ومأزومة تحيط بها"، وفق تعبيره.
وبخصوص التسريبات الأخيرة، قال الدبلوماسي الليبي: "الإعلام الإسرائيلي متنوع حزبيا وأيديولوجيا وهو بالنسبة لدولنا حر نسبيا، أي أنه أقرب لتصفية حسابات إسرائيلية داخلية، ضمن ما يرونه مصلحة عليا لتل أبيب، وربما يعتبر بعض الإعلام الإسرائيلي ما حدث مع ليبيا يعرقل ويؤخر مسار التطبيع مع دول أخرى"، كما رأى.
"تسريبات وأخبار مرسلة"
في المقابل، رأى عضو مجلس النواب الليبي، صالح افحيمة أن "تسريبات القذافي مع سفيره في إيطاليا لا تحمل أي تأكيدات أو أدلة على تطبيع العقيد الراحل مع إسرائيل، هو أراد فقط استغلال استياء الاحتلال مما أسماه القذافي الفوضى في المنطقة لخدمة نظامه".
وأضاف: "وكذلك ما نشر عن لقاءات تجمع مسؤولين في الكيان المحتل والمشير حفتر هي مجرد أخبار مرسلة لا تحمل أدلة ولا يوجد تسريبات صوتية مثلا، كما أنه لم يخرج أحد من مسؤولي الكيان ليتحدث عن هذه اللقاءات مثلما فعلوا مع الدبيبة، وهناك أخبار ترددت عن زيارة صدام نجل حفتر لتل أبيب أو لقاء مسؤولين وهذه أيضا تكهنات مرسلة لم تثبتها أي أدلة حتى الآن"، بحسب كلامه.
وتابع لـ"عربي21": "لكن لقاء وزيرة خارجية حكومة الدبيبة مع نظيرها الإسرائيلي فقد تأكدت ولم تنفها الحكومة ولن تسطيع، وهذا الأمر ليس للمساومة، فالشارع خرج ليرفض التطبيع مع إسرائيل، هذه هبات شعبية وليست أطراف سياسية ضد الحكومة أي أنها تحركات شعب كون التطبيع تأكد"، كما قال.
"تغير ديناميكي"
لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي والأكاديمي الليبي، رمضان بن طاهر رأى من جانبه أنه "في السنوات الأخيرة، شهدنا بعض الدول العربية تتخذ مبادرات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ما يشير إلى تغير في الديناميكية السياسية في المنطقة، وهذا التغيير غير منعزل عن المشهد السياسي في ليبيا بسبب الارتباطات الإقليمية والدولية للأطراف المتنازعة".
وأكد أن "هذه الارتباطات تستخدم في صراع الأطراف الدولية من أجل البقاء والتأثير في المشهد الليبي، ويعتقد بعض المتنفذين في السلطة أن بناء العلاقات والتواصل مع إسرائيل يمكن أن يسهم في الحصول على دعم من الولايات المتحدة، التي تلعب دورًا رئيسًا في الشأن الليبي".
واستدرك قائلا: "ومع ذلك، لا يمكننا أن نقول بثقة أن جميع السياسيين في ليبيا يسعون للتطبيع بهدف البقاء في السلطة، فهناك تباين في الآراء والمواقف بين السياسيين في البلاد، وهناك من يعارضون هذا التطبيع بشدة ويعتبرونه خيانة للقضية الفلسطينية والمبادئ العربية، لذا يعصب الحكم دون توفر تفاصيل ومعلومات مؤكدة"، بحسب تصريحاته لـ"عربي21".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدبيبة الاحتلال حفتر ليبيا التطبيع ليبيا احتلال تطبيع حفتر الدبيبة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع إسرائیل التطبیع مع فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: إسرائيل والسعودية مرتاحتان لترامب.. تقدم بطيء نحو التطبيع
ذكر مقال للكاتب داني زاكن نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن "إسرائيل والسعودية تريان في ترامب رئيسا اكثر راحة بكثير من ناحيتهما، ولهذا فهما تنتظران تسلمه مهام منصبه وتصممان ببطء الخطوط الرئيسة الممكنة لاتفاق التطبيع لكن في موعد ما ستضطران للحديث أيضا عن تنازلات وعن الفلسطينيين".
وقال داكن في مقاله، "نبدأ بفكرة تستند الى معلومة: لن يكون اتفاق تطبيع مع السعودية قبل دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، رغم انه توجد تمهيدا لهذا استعدادات ومحادثات ومداولات مكثفة بين رجال ترامب وكل ذوي الشأن، بما في ذلك إسرائيل، النصف الأول من الجملة اقتبسها عن دبلوماسي سعودي كبير (شخصية أنا على اتصال معها منذ اتفاقات إبراهيم)، وهو الذي توجه الي بعد أن نشر في إسرائيل امس عن تقدم نحو التطبيع".
وتابع، أن "الإمكانية التي نشرت بإسرائيل اليوم في آب على لسان مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى جدا، الذي شرح بان هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات كفيلة بالذات بان تسرع التطبيع في الفترة الانتقالية اذ يسهل عندها على الرئيس بايدن تلقي الاذن بذلك من الكونغرس الذي سيكون مطالبا بان يقر مثل هذا الاتفاق، بسبب ذاك القسم من اتفاق الدفاع الأمني بين السعودية والولايات المتحدة، والجمهوريون غير متحمسين لاقرار مثل هذا الاتفاق".
غير أنه حسب مصادر مطلعة شطبت القضية عن جدول الأعمال وذلك بسبب قرار مشترك لبايدن وترامب.
وأوضح الكاتب، أن "للإدارة الجديدة نوايا لإعادة تفعيل الخطة لترتيب الشرق الأوسط من جديد، بسبب الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر، وبعد تغيير صورة موازين القوى بفضل الإنجازات الإسرائيلية في لبنان وحيال ايران والتي حققت ثورة حقيقية، فإن هذه الخطة الجديدة باتت قابلة للتحقق اكثر من أي وقت مضى".
إضافة إلى ذلك، حتى لو كان للإدارة الراحلة احتمال للدفع قدما باتفاق ثلاثي مع السعودية وإسرائيل، فإن الدولتين الشريكتين معنيتان بانتظار ترامب، الأكثر راحة بكثير من ناحيتهما.
وتابع، "ليس صدفة أن التقى مبعوث ترامب إلى المنطقة ستيف ويتكوف في الأيام الأخيرة في الرياض مع العراب محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والرجل الذي يمكن معه عقد الصفقات".
واستدرك، "صحيح حتى الآن، على حد قول الدبلوماسي السعودي الأمر الذي أكده أيضا مصدران إسرائيلي وأمريكي – فإن المحادثات غير الرسمية تعول على الخطوط العريضة للاتفاق في مستويين. الأول، المثلث الإسرائيلي – الأمريكي – السعودي، الذي يعنى بالجانب الأمني، بما في ذلك حلف دفاع وتناول في مسألة إقامة منشأة نووية مدنية سعودية".
أما الثاني، "إقليمي، يشرك معظم دول المنطقة من الخليج حتى لبنان (بناء على طلب فرنسا) ويكون شاملا، مثل خطة القرن بل واكبر بكثير "خطة كبرى".
تنمية إقليمية واسعة
ويتابع داكن، أن المشاكل في المستوى الأول هي مدى الحلف الأمني، والحاجة لاقرار مجلس الشيوخ لمثل هذا الحلف.
وأضاف، أن الورقة الإسرائيلية القومية هي المعرفة بانه اذا ما شمل هذا الحلف إسرائيل، بما في ذلك التطبيع، فان فرصه للمرور في مجلس الشيوخ عالية.
أما المستوى الثاني سيتضمن في داخله فضلا عن الخطط الاقتصادية الشاملة، تنمية إقليمية واسعا أيضا بتمويل دول الخليج في الدولتين الضعيفتين الأردن ولبنان ولدى الفلسطينيين وفق الكاتب.
ويرى داكن، أن هنا يكمن الخلاف الأساس، ظاهرا على الأقل. فقد عاد السعوديون وقالوا ان حل المشكلة الفلسطينية وإقامة دولة لهم هو جزء لا يتجزأ من التطبيع. بالمقابل فانهم لا يثقون ولا بقدر قليل بالسلطة التي هي في نظرهم فاسدة وغير ناجعة.
وتابع، ولهذا فقد طالبوا بإصلاحات وتغييرات بعيدة المدى فيها. في لقاء كان في الرياض في كانون الثاني هذه السنة بمشاركة مستشار الامن القومي السعودي ومسؤولين كبار آخرين كرؤساء المخابرات الفلسطيني، المصري والأردني، أوضح للفلسطينيين بان فقط تغييرات بعيدة المدى في قيادة السلطة وفي سلوكها ستؤدي الى دعمهم لمشاركتها في خطة اليوم التالي.
ويقول الدبلوماسي السعودي ان تغيير رئيس الوزراء الفلسطيني كان جزء من استجابة أبو مازن للمطالب، وانه بعد انتخاب ترامب واضح أنه يوجد تقدم إضافي – والدليل، الحملة في جنين ضد الجهاد الإسلامي وحماس.
وفي إسرائيل، او على الأقل في الائتلاف الحالي سيجدون صعوبة في قبول التقدم الى دولة فلسطينية حتى لو كان مجرد ضريبة كلامية.
وختم كاتب المقال قائلا، "كما أن لدور السلطة في إدارة مدنية للقطاع سيصعب على نتنياهو الحصول على الموافقة. المعنى هو أنه عندما تتقدم الاتصالات، نحو النهاية سيتعين على نتنياهو أن يصطدم بشركائه الائتلافيين على هذه البنود، سيعرض المقابل الكبير، لكنف ي النهاية سيتعين عليه أن يقرر. اتفاق تاريخي وإعادة تنظيم الشرق الأوسط كله، حتى بثمن تغيير الائتلاف أو استمرار السيطرة الإسرائيلية على القطاع وتجميد الوضع في الضفة. هذه المعضلة".