تشهد محافظة كركوك العراقية منذ أسبوع، توترا سياسيا واحتجاجات شعبية وقطع للطرق الرابطة مع إقليم كردستان، وذلك على خلفية قرار من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يسمح للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني باستعادة جميع مقاره في المدينة.

وغادر الحزب الديمقراطي وقوات البيشمركة الكردية، جميع مقراتهم في كركوك على خلفية "استفتاء الانفصال" الذي أجراه رئيس الإقليم في وقتها، مسعود البارزاني، عام 2017، وتسبب بأزمة سياسية مع الحكومة في بغداد، دفعت القوات العراقية إلى فرض سيطرتها على المدينة.



خطوة الحكومة العراقية هذه أثارت تساؤلات عدة بخصوص توقيتها، ومدى علاقتها باتفاق طهران وبغداد على إخراج الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة من إقليم كردستان العراق، وفي ما إذا كانت بداية لإعادة تولي البيشمركة زمام الملف الأمني في كركوك؟.

اتفاق سياسي

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، الدكتور عصام الفيلي، إن "قرار السوداني يأتي ضمن اتفاق جرى بين القوى السياسية أثناء مرحلة تشكيل الحكومة الحالية يقضي بإعادة تطبيع الأوضاع في عدد من المحافظات الغربية والشمالية، وخصوصا كركوك".

وأضاف الفيلي في حديث لـ"عربي21" أنه "في ظل الممارسة الديمقراطية قبل انتخابات مجالس المحافظات المقررة في 18 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، سمح للحزب الديمقراطي الكردستاني بإعادة فتح مقاره في محافظة كركوك".



واستبعد الخبير العراقي أن "تعود الأوضاع في كركوك على ما كانت عليه قبل عام 2017، لأن غالبية القوات المتواجدة حاليا بالمدينة هم من الحشد الشعبي ثم الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب، رغم أن البيشمركة هي جزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية في البلد".

ولفت إلى أن "المباني التي استعادها الحزب الديمقراطي الكردستاني ليست عسكرية وهناك ترويج خاطئ للموضوع، وإنما هي حزبية بحتة كما للاتحاد الوطني والاتحاد الإسلامي الكرديين، وغيرهم من الأحزاب العربية والتركمانية مقار في كركوك".

وتابع: "لكن هناك من أراد استثمار الاعتراضات ضد عودة الديمقراطي الكردستاني إلى مقاره في كركوك لأغراض انتخابية وتسويق الموضوع ضمن إطار مكوناتي على حساب البرنامج الذي يقدمونه في الانتخابات".

وأكد الفيلي أن "هناك مخاوف لدى القوى السياسية حتى في داخل البيت الكردي، التي التزمت الصمت حاليا، لا تريد للحزب الديمقراطي الكردستاني العودة إلى محافظة كركوك، كونها ترى أن هذه المدينة هي منطقة نفوذها وليس للأخير مكانا فيها".

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، مخلد حازم لـ"عربي21"، إنه "عند تشكيل كل حكومة هناك اتفاقات سياسية غير معلنة، واليوم ظهر إلى السطح أن هناك بندا ضمن هذا الاتفاق يقضي بعودة مقار الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، وهي تقريبا بحدود 33 مقرا".

وتابع: "الملفت للنظر أن الديمقراطي الكردستاني مصر على العودة إلى مبنى تشغله حاليا قيادة العمليات المشتركة (تابعة للجيش) والذي كان سابقا يعد من المقار الرئيسة لهذا الحزب، وذلك أثار حفيظة سكان كركوك من العرب والتركمان على اعتبار أن المكان كان يستخدم للاحتجاز وفيه ذكريات مؤلمة لأهالي المدينة".

ولفت حازم إلى أن "الكثيرين من أهالي المدينة عثروا على جثث تعود لذويهم داخل هذا المقر التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، وذلك عندما جرى إخلائه في عام 2017".

وأشار إلى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني يعتبر استعادة هذا المقر تحديدا، هو جزء من اتفاق سياسي ويجب على الحكومة تنفيذه، وعلى إثر ذلك رأينا أن الكثير من المتظاهرين قطعوا الطريق الرابط بين كركوك وأربيل".

صفقة خارجية

وبخصوص تزامن عودة الحزب الديمقراطي إلى كركوك مع اتفاق بغداد وطهران على إخراج الأحزاب الإيرانية المعارضة من إقليم كردستان الذي أعلنت إيران التوصل إليه الثلاثاء الماضي، قال الفيلي إنه "ربما جزاء من عملية تبادل أوراق الضغط بين هذه الأطراف".

وأوضح الفيلي أن "إيران لا ترضى بتواجد الأحزاب الكردية التي تعادي نظامها السياسي، داخل إقليم كردستان العراق، لذلك فإن طهران تريد من الحزب الديمقراطي الكردستاني التعاون لإخراجهم، خصوصا أنهم يتواجدون بمناطق جبلية ووعرة يصعب السيطرة عليها".

وبيّن الخبير العراقي أن "الديمقراطي الكردستاني لا يريد أن يدخل في مواجهة مع الأحزاب الإيرانية المعارضة، خصوصا أنه يصعب الحد من تحركاتها لأنها مناطق جبلية، وأن هذه الجماعات كلها تؤمن أن الحدود السياسية ليس لها وجود في عقيدتها، وأن كردستان كلها أرض واحدة في جميع البلدان، وبالتالي هم يتحركون على هذا الأساس".

وأشار الفيلي إلى أن "الوضع الداخلي في العراق ما يزال أمرا ليس محليا مئة بالمئة بقدر ما يكون هناك أطرافا خارجية مؤثرة في رسم معالم خارطة الطريق بالنسبة لهم".

من جانبه، استبعد حازم أن تكون عودة الديمقراطي إلى كركوك هو جزء من اتفاق إيراني عراقي، لأن حزب "كوملة" الإيراني المعارض يتواجد في منطقة كويسنجق الواقعة ضمن الحدود الإدارية التابعة لمحافظة السليمانية، التي يدريها الاتحاد الوطني الكردستاني.



ومن أبرز الأحزاب الإيرانية الكردية المتواجدة في كردستان العراق، هي: الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وجماعة الدعوة والإصلاح، وحزب الحرية الكردستاني (باك)، وحزب الحياة الحرة الكردستاني (بجاك)، وحزب خبات، وكوملة.

ووصف حازم الأوضاع في كركوك بأنها "معقدة" وأن الحكومة العراقية لم تخرج حتى الآن ببيان واضح وصريح بخصوص ما يجري هناك، سوى بيان واحد ضبابي ذكرت فيه أن "من حق الأحزاب الكردية أن تعود وتمارس نشاطها في كركوك قبيل الانتخابات".

وتوقع الباحث العراقي أنه إذا استمر هذا الوضع دون إيجاد حلول ناجعة فهذا سيؤدي إلى حدوث خلل أمني في هذه المنطقة، خصوصا أنها تشهد اضطرابات أمنية منذ عام 2017 وحتى الآن، وهناك تواجدا لتنظيم الدولة في هذه الرقعة الجغرافية الواقعة بين محافظات، كروك وصلاح الدين وديالى".

ورجح حازم أن يستغني الحزب الديمقراطي الكردستاني عن هذا المقر على اعتبار أن الأرض مملوكة للحكومة المحلية (إدارة المحافظة) في المدينة ولا تعود إلى أي شخص، وبالتالي إيجاد مقر بديل لهم والإبقاء على قيادة العمليات المشتركة فيه".

ومنذ يوم الأحد الماضي، يعتصم مئات من التركمان والعرب من سكان محافظة كركوك أمام المبنى المحافظة، حيث يغلقون طريق كركوك - أربيل السريع أمام حركة السيارات.

ووصف مسؤول منظمة بدر في كركوك محمد البياتي، الثلاثاء، قرار إعادة قوات تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى كركوك بالمخالفة الدستورية، مؤكدا استحالة موافقة الأهالي على إخلاء مقر قيادة العمليات المشتركة في المحافظة.

وقال البياتي خلال تصريح صحفي، ان "إعادة تسليم المقر المتقدم في كركوك إلى البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني فيه مخالفات عديدة، فضلا عن مخالفته للدستور لكون المنطقة من ضمن المناطق المتنازع عليها ولا يجوز لهذه القوات أن تتواجد فيها عسكريا ".

يشار إلى أن المناطق المتنازع عليها تشكل أهم محاور الخلاف بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، إذ تشمل أراضي في محافظات: نينوى، أربيل، صلاح الدين، ديالى، وكركوك، التي تعد أبرز ما تتنازع عليها بغداد وأربيل.

ويقدر عدد الأكراد في المناطق المتنازع عليها نحو 1.2 مليون، إذ تبلغ مساحتها بـ37 ألف كلم مربع، ومن بينها شريط طوله ألف كلم يمتد من الحدود مع سوريا حتى الحدود الإيرانية، حيث يقع هذا الشريط جنوب محافظات الإقليم الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراقية كردستان السوداني العراق احتجاجات كردستان السوداني سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الدیمقراطی الکردستانی کردستان العراق إقلیم کردستان محافظة کرکوک إلى کرکوک فی کرکوک عام 2017 إلى أن

إقرأ أيضاً:

أحرجته على الهواء.. ماذا قالت مذيعة القاهرة الإخبارية لمستشار الحزب الجمهوري؟

تصدرت الإعلامية والمذيعة بقناة “القاهرة الإخبارية” فيروز مكي، التريند على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) بعد مداخلة مثيرة مع المستشار بالحزب الجمهوري ليف لارسون، خلال برنامج "مطروح للنقاش". 

جاء ذلك في حلقة يوم الجمعة 3 يناير 2025، حيث أثارت فيروز اهتمام المتابعين بردها القوي والجريء على موقف لارسون.

ماذا فعلت فيروز مكي؟

في اللحظة التي تحدثت فيها فيروز مكي عن المآسي التي يعيشها الأطفال في غزة في ظل الأحداث المؤسفة والتصعيد المستمر، فوجئت بابتسامة المستشار الأمريكي، والتي جاءت خلال حديثه عن الوضع الفلسطيني. بدلاً من الصمت، اختارت مكي الرد بقوة، حيث قالت: "حين أطلب منك عدم الابتسام أعلم أنك تقوم بالسخرية".

واصلت مكي حديثها بتعبير واضح عن استيائها: "أنت تتحدث عن طفل فلسطيني يُباد وتبتسم؟! أطفالكم لا يعيشون ربع ما يعيشونه." وقد أكدت على عدم قبول المصريين لمثل هذه التصرفات على شاشة إعلامية عربية. 

دعم كبير من رواد "إكس"

تفاعل رواد منصة "إكس" بقوة مع أداء فيروز مكي، حيث عبر الكثيرون عن دعمهم لما فعلته. من بين التعليقات التي جذبت الانتباه، كتب أحد المستخدمين من غزة: "لا يحق لك أن تسخر عند الحديث عن طفل عربي فلسطيني يُقتل، عليك احترام مأساة أطفالنا." بينما أيدت حسابات أخرى ما قامت به، مشيرة إلى أنه عندما تجتمع عاطفة الأم وجدعنة المرأة المصرية، تصبح أقوى من أي شخص آخر.

شمس الموقف لم تشرق فقط على فيروز مكي، بل سلط الضوء بشكل أكبر على الدور الذي يلعبه الإعلام في توعية الجمهور حول القضايا الإنسانية. 

وبحسب المتابعين، فإن موقف مذيعة القاهرة الإخبارية الجريء قد قدم درسًا ليس فقط للمستشار الأمريكي، بل لكل من يعمل في مجال الإعلام حول أهمية التحلي بالإنسانية واحترام المآسي التي يمر بها الآخرون.

ما الوضع في غزة؟

ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، ارتفعت حصيلة الشهداء منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 إلى 45581 شهيدًا، بينما تجاوز عدد المصابين 108438 شخصًا يأتي هذا التصعيد في ظل استهداف ممنهج للبنية التحتية المدنية والمناطق السكنية في القطاع.

وبحسب مصادر طبية فلسطينية، فقد شهد فجر اليوم، ارتقاء 52 شهيدًا فلسطينيًا في غارات شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة. 

وبدأ العدوان الإسرائيلي في أعقاب تصعيد ميداني في قطاع غزة، حيث صعّدت القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية، مستهدفة المناطق المأهولة بالسكان ويعاني قطاع غزة من تدهور كبير في الأوضاع الإنسانية، حيث أدت الهجمات إلى تدمير واسع في المنازل والبنى التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس

مقالات مشابهة

  • أحرجته على الهواء.. ماذا قالت مذيعة القاهرة الإخبارية لمستشار الحزب الجمهوري؟
  • ماذا طلب حزب الله من مناصريه؟
  • ماذا وراء إصرار السلطة على استكمال حملتها الأمنية بمخيم جنين؟
  • ماذا وراء منع السويداء دخول فصائل المعارضة المسلحة؟
  • إلى الداعين لحزب جديد!
  • جمع توكيلات حزب الجبهة الوطنية بطنطا بحضور الجزار والسيد القصير.. صور
  • فيديو من أوتوستراد جبيل - بيروت.. ماذا حصل هناك؟
  • نائب:السوداني أبلغ مجلس النواب “أن الأحزاب ترفض التعديل الوزاري”
  • حزب الجبهة الوطنية يبدأ جمع توكيلات التأسيس.. والجزار وكيلا
  • المؤتمر السوداني يرفض مقترح تشكيل حكومة موازية