الخليج الجديد:
2024-07-01@22:57:39 GMT

الأردن وأضرار الإغراق في التوقعات

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

الأردن وأضرار الإغراق في التوقعات

الأردن وأضرار الإغراق في التوقعات

في تصريح لأحد أركان الحكومة قال إن المواطن الأردني قد يلمس آثار الرؤية التحديثية الثلاثية لكن خلال عشر سنوات.

استمرار ترديد كليشيهات قديمة عن الإصلاحات ودورها التنموي بالمجال الاقتصادي والإداري ليست أكثر من ذر للرماد في العيون.

كل الخطابات واللجان الاستشارية ومخرجاتها والوثائق كانت تعد الأردنيين بسياسات تنتهي بأن يتلمسوا مباشرة آثار التحديث.

استخدام نفس التعبيرات بعد 20 عاما يعني استرسالا في تكوين أطنان من الورق يتضمن عبارات وفقرات منمقة ومليئة بالطموح المبالغ فيه في المسألة الاقتصادية.

يجب أن تعد الحكومة الأردنيين حصرا بما تستطيعه وفقا للوقائع، لأن الحديث عن آمال قد لا تحصل لا يشكل إدارة حكيمة ورشيدة والاستمرار بتوقع نتائج مذهلة بعد إنجاز عادي روتيني لا بد أن يتوقف.

* * *

ردود فعل غالبية الأردنيين في القاعدة الشعبية وحتى في بعض النخب السياسية على ما سمعوه بمناسبة عام على الرؤية التحديثية في المجالين الاقتصادي والإداري، تحتاج إلى تأمل عميق لأنها تشكل مفتاحا لحل الأزمة التي يشكو منها اليوم كبار المسؤولين عند حديثهم عن مصداقية خطاب الإصلاح بمساراته الثلاثة.

بعض ردود الفعل تلك وفي حال رصدها، تبلغك ضمنا باللجوء إلى مقاربات السخرية اللاذعة في بعض التعليقات، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي.

ردود فعل أخرى من الناس العاديين تثبت بأن الشارع له ذاكرة وأي سياسي يجازف بتجميد أو وفاة تلك الذاكرة يقع في إطار الرهان الخاسر.

أحدهم نشر تعليقا استذكر فيه أن الشارع سمع نفس الخطابات ونفس الكلام قبل عشر سنوات، ومن جهة وزراء في الطاقم الاقتصادي أيام مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي انعقد في البحر الميت.

سياسي من طراز رفيع أرسل لي نسخة من رد حكومة الرئيس علي أبو الراغب قبل نحو 20 عاما على توجيه مرجعي وملكي بخصوص تشكيل لجنة الأردن أولا وفي المضامين في رد الحكومة آنذاك بعض الكلمات والعبارات والأفكار التي وردت بعد 20 عاما في لغة وأدبيات ونصوص اجتماع البحر الميت. ما الذي يثبته ذلك بصورة محددة؟

هذا سؤال قد لا نميل كأردنيين ومن باب تقاليد احترامنا لمؤسساتنا إلى طرحه بصورة علنية.

لكن المواطن الأردني وفي العقل الاجتماعي الجامع الأفقي يطرح مثل هذا السؤال، لأن استخدام نفس التعبيرات وبعد 20 عاما تقريبا يعني الاسترسال في تكوين أطنان من الورق الذي يتضمن عبارات وفقرات منمقة ومليئة بالطموح المبالغ فيه، خصوصا في المسألة الاقتصادية.

ويعني أيضا وقد يكون ذلك الأهم أن هذا الورق لم ينعكس خلال عقدين على الأقل على حياة المواطنين.

ثمة ما يدفع للتأمل في تصريح لأحد أركان الحكومة قال فيه بأن المواطن الأردني قد يلمس آثار الرؤية التحديثية الثلاثية لكن خلال عشر سنوات.

المسؤول يقرر الحفاظ على مصداقية الخطاب وعدم رفع التوقعات، والمصيبة هنا أن مثل هذه المصارحة للناس تأتي في وقت صعب وعصيب، فالمواطن الأردني في الأزمة المعيشية يحتاج الى إجراء سريع أمس الأول وليس غدا أو اليوم، وفي الأزمة المعيشية يتعامل الناس مع مقتضياتها اليوم بالقطعة، فيما تقول لهم الحكومة للمواطن إنه يمكن خلال عشر سنوات أن يلمس آثار الرؤية التحديثية التي تقدمت بها الحكومة تنفيذيا وإجرائيا مؤخرا.

لا نذيع سرا إذا قلنا إن مثل هذا الكلام تكرر على لسان غالبية رؤساء الوزارات في ربع القرن الأخير، وإن كل الخطابات واللجان الاستشارية ومخرجاتها والوثائق كانت تعد الأردنيين بسياسات تنتهي بأن يتلمسوا مباشرة آثار التحديث. لكن تلك الآثار تتحول وتتسلل ولا تلمس فيما غير المنصف تحميل الحكومة الحالية مسؤولية التراكم والركام.

الاستمرار في ترديد كليشيهات قديمة عن الإصلاحات ودورها التنموي على الأقل في المجالين الاقتصادي والإداري ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، وبالنسبة لبعض الحكومات قد لا تساوي الأوراق التي يقال فيها الآن ثمنها وكلفتها المادية.

طبعا عمليا من حق الحكومة ـ أي حكومة ـ أن تقول ما تريده وأن تعد المواطنين بما تستطيع فعله وما لا تستطيع فعله.

لكن مجددا ندخل كأردنيين هنا في مفارقة أزمة المصداقية في الخطاب وفي الوعد والالتزام، وندخل وقد يكون هذا الأكثر حساسية في أزمة حرجة عنوانها الاستمرار في علك الكلام وتقديم تقييمات وتقديرات تثبت الحكومات المتعاقبة بأنها إما عاجزة عن تنفيذها والالتزام بها.

وبالتالي تستمر عملية تغليف الغبار أو إعادة تعبئة الهواء، بما تنطوي عليها الآن من مخاطر في ظل استمرار سيناريو تضليل القيادة والناس معا.

وبالتالي السحب من رصيد الدولة وبالتدريج وبعملية يبدو أن بعض صناع القرار لا يجدون فيها إلا المعادل الموضوعي بدلا من الإنتاجية والعمل الحقيقي.

سمعت شخصيا نخبة من كبار المسؤولين في الحكومة وهم يتحدثون وجها لوجه أمامي عن تقديراتهم الحقيقية، سواء في التمكين الاقتصادي او في الإصلاح الإداري على الأقل وما سمعته كان موضوعيا ومهنيا ويعبر عن الآمال فقط ولكنه يقرأ الوقائع.

وما سمعته من هؤلاء علنا وأمام الإعلام، إغراق في التوقعات بدون مبرر، يخالف مضامين ما نسمعه في لقاءات وجاهية وثنائية.

هذا النمط من الفصام ضار جدا وينبغي أن يتوقف ويمكن للحكومة ومعها الدولة أن تتحدثا بلغة أبسط بدون استعراضات، ولا اجتماعات عريضة في صالات وقصور مؤتمرات، وأن تعد الأردنيين حصرا بما تستطيع تنفيذه وفقا للوقائع، لأن الحديث عن آمال قد لا تحصل لا يمكنه أن يشكل إدارة حكيمة ورشيدة.

ولأن الاستمرار بتوقع نتائج مذهلة بعد إنجاز عادي روتيني يتوجب أن يتوقف.

*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن حكومة توقعات المجال الاقتصادي عشر سنوات

إقرأ أيضاً:

QNB يتوقع تحسن الاقتصاد العالمي

قال QNB أن الأداء القوي للاقتصادات الكبرى يدعم تحسن التوقعات الاقتصادية العالمية 

وأوضح البنك في تقريره الأسبوعي أنه في بداية العام، أدت الرياح المعاكسة القوية إلى موجة من التشاؤم في توقعات النمو العالمي لعام 2024. 

ويعد إجماع استطلاع بلومبرغ أداة مفيدة تكشف عن وجهات النظر المتغيرة حول التطورات الرئيسية بشأن الاقتصاد الكلي. يرصد هذا الاستطلاع القياسي توقعات المحللين ومراكز الفكر ومؤسسات الأبحاث.

وقد أظهر الاستطلاع أن النسبة المتوقعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لهذا العام تبلغ 2.6%. ولوضع هذا الرقم في منظوره الصحيح، ينبغي معرفة أنه أقل بنقطة مئوية واحدة من متوسط النمو المسجل خلال الفترة 2000-2023 والذي بلغ 3.6%. علاوة على ذلك، فإنه يعتبر أعلى بقليل من نسبة 2.5% التي تشير معدلات النمو السنوي الأدنى منها إلى ركود عالمي. خلال الفترة من 2000 إلى 2023، لم يحدث ركود عالمي إلا خلال الفترات الاستثنائية للأزمة المالية العالمية في عام 2009، وأثناء جائحة كوفيد في عام 2020. ومنذ عام 1980، شهد الاقتصاد العالمي أربع فترات ركود وفقاً لهذا المعيار.

ولكن التطورات الإيجابية أدت إلى مراجعة التوقعات في الاقتصادات العالمية الرئيسية الثلاثة: الولايات المتحدة، والصين، ومنطقة اليورو، والتي تمثل مجتمعة ما يقرب من 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. 

ورصد تقرير بنك قطر الوطني الأسباب الرئيسية وراء تحسن التوقعات في الاقتصادات الرئيسية الثلاثة ومساهماتها في توقعات النمو العالمي.

 وأشار إلي أن أداء الاقتصاد الأميركي كان سبباً في تعزيز المسار التصاعدي الملحوظ في توقعات النمو. وكانت التوقعات الأولية تعكس تشاؤماً واسع النطاق وسط معدلات التضخم المرتفعة مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للأسر، واضطراب أسواق السلع الأساسية، والتشديد القياسي للسياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. في ظل هذه الخلفية، كان الإجماع يشير في يناير من العام الجاري إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيحقق نمواً متواضعاً تبلغ نسبته 1.3% في عام 2024.

ولكن البيانات الصادرة أشارت إلى أن الاقتصاد الأمريكي يستند على أسس متينة. وأظهرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2024 أن استهلاك الخدمات، الذي يمثل حصة كبيرة من الاقتصاد، نما بمعدل سنوي متميز قدره 4%، وهو أعلى بكثير من النمو المسجل في عام 2023 والذي بلغت نسبته 2.3%. بشكل عام، ظل قطاع الاستهلاك مدعوماً بجودة الميزانيات العمومية للأسر وقوة أسواق العمل. علاوة على ذلك، تظهر المؤشرات الرئيسية أن التباطؤ المتوقع للاقتصاد الأمريكي سيكون سلساً. في الواقع، يشير الإجماع الحالي إلى نمو بنسبة 2.4% لهذا العام، أي أقل بقليل من النمو الذي بلغت نسبته 2.5% في عام 2023. وقد ساهم التحسن في توقعات الاقتصاد الأمريكي، الذي يعتبر أكبر اقتصاد في العالم، بشكل كبير في تحسين التوقعات العالمية.

ويشير التقرير إلي أن التوقعات الاقتصادية للصين تحسنت على خلفية التعافي القوي وإجراءات التحفيز الحكومية الجديدة. في بداية العام، كان التشاؤم المحيط بأداء الصين أحد الأسباب الرئيسية وراء توقعات النمو العالمي الفاترة نسبياً لعام 2024. وأشار استطلاع بلومبرغ إلى معدل نمو قدره 4.5%، وهو أقل بكثير من متوسط ما قبل الجائحة البالغ 6.7% بين عامي 2015 و2019. لكن بعد ذلك، ظلت البيانات الصادرة تشير إلى مفاجآت في الاتجاه الصعودي. وعلى وجه التحديد، تحقق خلال الربع الأول من عام 2024 معدل نمو سنوي قدره 5.3%، على نحو يتجاوز التوقعات بهامش ملحوظ قدره 0.5 نقطة مئوية.

مؤخراً، نفذت الحكومة الصينية مجموعة من التدابير السياسية لتوفير الدعم للقطاع الخاص ومواصلة تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وشملت هذه المبادرات جولات لتخفيض أسعار الفائدة وضخ السيولة في الاستثمارات العامة. علاوة على ذلك، عالجت الحكومة المخاوف المحيطة بالقطاع العقاري، حيث قدمت مساعدات مالية للمطورين والشركات المدعومة من الحكومة، وحوافز للمطورين العقاريين الإقليميين لشراء المنازل غير المباعة وتخصيصها للسكان ذوي الدخل المنخفض. ونظراً للتحسن في الزخم وتدابير التحفيز من خلال السياسات الاقتصادية، نعتقد أن هناك مجالاً لمزيد من المراجعات الإيجابية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني.

وثالث الأٍسباب التي رصدها التقرير هو أن منطقة اليورو بعد فترة طويلة من الركود، تشهد تعافياً معتدلاً يدعم المراجعات الإيجابية لتوقعات النمو لعام 2024. منذ أوائل عام 2022، ظلت منطقة اليورو في دوامة سلبية، وواجهت رياحاً معاكسة كبيرة جراء ارتفاع أسعار الطاقة، وحالة عدم اليقين الجيوسياسي وضعف الطلب الخارجي. وتراجع النمو في الربعين الثاني والثالث من عام 2023 إلى نسبة -0.1%، مما يعني أن التكتل الأوروبي سجل ركوداً فنياً، قبل أن يتوقف هذا الانحدار خلال الربع الرابع. وفي بداية هذا العام، بلغ إجماع التوقعات بشأن النمو في منطقة اليورو لعام 2024 نسبة متواضعة لم تتجاوز 0.55%.

بدأ التعافي يكتسب زخماً في الربع الأول من عام 2024، مع توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% مقارنة بالربع السابق، مما يوفر مبرراً لمراجعة التوقعات. وحتى لو كانت الرياح المعاكسة التي تلوح في الأفق لا تسمح بالإفراط في التفاؤل، فإن العديد من العوامل توفر الثقة لرفع مستوى توقعات النمو. إن الجمع بين انخفاض التضخم وارتفاع نمو الأجور يعني ضمناً مكاسب في القوة الشرائية للأسر، وهو ما من المرجح أن يترجم إلى زيادة الإنفاق بشكل قوي. بالإضافة إلى ذلك، ومع نهاية فترة "الركود في قطاع التصنيع العالمي"، ويتوقع أن يصبح نشاط التصنيع أكثر دعماً لنمو منطقة اليورو خلال الأرباع القادمة. وأخيراً، فإن بداية دورة تخفيض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي ستوفر المزيد من الدعم للاقتصاد. وعلى خلفية هذه التطورات الإيجابية، تحسن إجماع التوقعات بشأن النمو في منطقة اليورو، حتى ولو بشكل طفيف، إلى 0.70% لعام 2024. 

وينتهي التقرير إلي أنه بشكل عام، تحسنت آفاق الاقتصاد العالمي لهذا العام على خلفية التطورات الإيجابية في جميع الاقتصادات الرئيسية الثلاثة (الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين). وعلى الرغم من أن وتيرة التوسع المتوقعة بنسبة 2.9% أقل من المتوسط على المدى الطويل، إلا أنها تقف على بعد مسافة آمنة من نطاق الركود.

مقالات مشابهة

  • النقد الدولي يقر المراجعة الأولى لبرنامج الأردن ويتيح سحب 130 مليون دولار
  • عضو بـ«الشيوخ»: مخرجات الحوار الوطني تدعم خطط الحكومة المرتقبة في ملف الاقتصاد
  • «الشعب الجمهوري»: الحفاظ على الأمن القومي من أولويات الحكومة المرتقبة
  • ملفات الحوار الوطني تتصدر أجندة عمل الحكومة المرتقبة.. بينها استمرار دعم الشباب
  • بالفيديو.. رئيس حزب الاتحاد: الحكومة المقبلة تواجه تحديا كبيرا في الملف الاقتصادي
  • حزب الاتحاد: الملف الاقتصادي التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة (فيديو)
  • حزب العدل يطالب بتقليل عدد الوزارات في الحكومة المرتقبة
  • QNB يتوقع تحسن الاقتصاد العالمي
  • خبير يمني يحمل الحكومة مسؤولية ضياع آثار اليمن في المزادات العالمية
  • الحكومة تقرر تخفيض أسعار المشتقات النفطية لشهر تموز /يوليو 2024