موقع 24:
2024-09-19@23:02:14 GMT

أكثر من قراءة لخروج البرهان من الخرطوم

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

أكثر من قراءة لخروج البرهان من الخرطوم

جولة البرهان الخارجية تبدو كأنها إشارة على أن ثمة طبخة سياسية تلوح في الأفق

لا توجد قراءة سياسية واحدة لعملية خروج رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان من الخرطوم وعزمه البقاء في بورتسودان، فهذه أول مرة تشهد العاصمة فراغاً في إدارة الحكم، ما يمنح الفرصة لتكهنات عديدة، بعضها يتعلق بمستقبل البرهان العسكري والسياسي، وبعضها بمصير الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع التي أمدها أكبر مما توقع الطرفان.


وأثارت الطريقة الدرامية التي خرج بها البرهان من مقر القيادة العامة قبل أيام تساؤلات حول الجهة أو الجهات التي رتبت عملية الخروج بعد أن أمضى بها أكثر من أربعة أشهر، فإذا كان الجيش يستطيع تأمين الخروج فلماذا لم يفعلها من قبل بدلاً من الشائعات التي لازمته وأساءت إلى سمعته العسكرية.
ليس مطلوباً من قائد الجيش والأجهزة المعاونة الحديث عن الشكل المخابراتي الذي اتبع لإتمام عملية الخروج بسلام، لكن من المؤكد أنها احتاجت إلى تعاون وتنسيق وتفاهم مع الجهة التي تحاصر جزءاً كبيراً من مقر القيادة العامة، وهي قوات الدعم السريع، أو مناورة خارقة قامت بها عناصر من الجيش السوداني.
أضف إلى ذلك أن وصول البرهان إلى شرق السودان عبر طائرة هليكوبتر بلا تهديدات عسكرية حقيقية أوحى بوجود ترتيبات تمت مع جهات إقليمية ودولية لها ثقل قوي في المنطقة، على غرار بعض عمليات الإجلاء التي تمت لرعايا دول عربية وغربية في الخرطوم عقب اندلاع الحرب منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

لم تتوقف الترتيبات الأمنية عند انتقال البرهان من الخرطوم إلى بورتسودان مرورا بعطبرة عند هذه النقطة، بل وصلت بها إلى تأمين حتى دخوله الأراضي المصرية والوصول إلى مدينة العلمين، في شمال غرب مصر، واللقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، ثم العودة إلى بورتسودان، بدلاً من استكمال الرحلة إلى السعودية ودول أخرى ونسجت حولها تقارير أشارت إلى أن وقفاً لإطلاق النار يمكن الوصول إليه قريباً.
لم تهدأ التوقعات والتخمينات حول خروج البرهان، من حيث التوقيت والطريقة والأهداف، فظهر كأنه نقطة فاصلة في الآليات التي تعتمد عليها الحرب أو إشارة على أن ثمة طبخة سياسية تلوح في الأفق يمكن أن تضع حداً لحرب وصفت بـ "العبثية" لعدم قدرة أيّ طرف على حسمها عسكريا أو جني ثمار سياسية كبيرة منها.
يمكن التوقف عند خمس قراءات رئيسية لخروج البرهان من الخرطوم، قد تصدق إحداها أو بعضها أو لا تصدق أبداً، لكنها تلخص ما يدور من تطورات متلاحقة في المشهد العام الذي أصبح موقف رئيس مجلس السيادة عنصراً مهماً في تحديد بوصلته.
القراءة الأولى: تجهيز المسرح السياسي لابتعاد رئيس مجلس السيادة نهائياً وفقاً لصيغة جرت مناقشتها مع جهات عدة معنية بالأزمة السودانية، خاصة أنه تحدث في العلمين عن حل سياسي، وكانت النبرة أكثر مرونة وأقل خشونة وتواضعا من ذي قبل، وتضمن خطابه عودة إلى مفردات الأجندة الرئيسية المتعلقة بانسحاب الجيش من السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات.
يمكن أن ينطوي هذا الخطاب على مناورة سياسية جديدة، وخاليا من الشروط المسبقة الموجهة إلى قوات الدعم السريع، لأنه جاء كرد على مبادرة بدت مفاجئة من قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الخاصة بتأسيس سودان جديد يتحاشى أخطاء الماضي، وينطلق من ثوابت تختزل الكثير من المشكلات التي يتعرض لها السودان.
القراءة الثانية: تشكيل حكومة في بورتسودان تمارس صلاحياتها من هناك، وهو خيار يشي بأن البرهان ورفاقه خسروا معركة الخرطوم عسكريا، حيث ينطوي على اعتراف ضمني بالفشل في السيطرة على مفاتيحها، للدرجة التي بات فيها كبار المسؤولين غير قادرين على العمل منها، ويحمل اعترافاً أيضاً بتفوق قوات الدعم السريع وعدم التوصل إلى حسم الموقف لصالح قوات الجيش في المدى المنظور.
تأتي الخطورة من وجود حكومة في شرق السودان من منح الفرصة لتشكيل حكومة في الخرطوم أو إقليم دارفور في الغرب من قبل قوات الدعم السريع، بما يعيد مقاطع مأساوية ممّا جرى في ليبيا بعد اندلاع أزمتها، فلا تزال هناك حكومة في الغرب (طرابلس) وأخرى في الشرق (طبرق)، وفشلت كل محاولات التسوية السياسية وإجراء انتخابات حتى الآن، وهو سيناريو يمكن أن يتكرر في السودان إذا قرر البرهان الاستمرار في بورتسودان إلى أجل غير مسمى.

القراءة الثالثة: اتخاذ رئيس مجلس السيادة مسافة بعيدة عن فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير وقيادات الحركة الإسلامية، وهي التهمة التي تلازمه منذ اندلاع الحرب، وأخفقت محاولاته في التنصل منها، حيث يأتي ذهابه إلى شرق السودان عقب وصول قيادات من النظام السابق إليها، بما يشير إلى الوصل وليس القطع، أو أنه غير راغب عملياً أو لا يستطيع القيام بقطيعة نتائجها السلبية عليه قد تكون أكبر من إيجابياتها.
وما لم يثبت قائد الجيش أنه يمثل جميع مكونات السودان عمليا وليس طيفاً عقائدياً واحداً سوف يظل التشكيك في ولاءاته يلاحقه ويطارده شبح علاقته المريبة مع فلول البشير، وهي الحجة التي تتخذها قوات الدعم السريع ذريعة لتبرير معركتها ضد الجيش، وتستند هذه الرواية على شهادات مؤيدة من القوى السياسية في السودان.
القراءة الرابعة: إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية التي تعرضت إلى ضربات قوية منذ اندلاع الحرب، وأثبتت مواجهتها مع قوات الدعم السريع أن المعركة يمكن أن تمتد فترة طويلة، وما قيل حول قدرتها على الحسم العسكري خلال أيام قليلة كان بعيدا عن الواقع، والخسائر التي تكبدها الجيش في حاجة إلى إعادة تقييم في مظاهر الخلل التي أدت إليها.
وبعد دخول الحرب مرحلة متقدمة من الكر والفر في الخرطوم التي تجيدها قوات الدعم السريع ومحدودية فعالية سلاح الجو السوداني في ظل وجود مقاتلين في صفوف المدنيين لن يستطيع الجيش الاستمرار على الوتيرة الحالية، ومن الضروري أن يعيد النظر في الأوضاع ليتمكن من مواصلة الحرب أو يصل إلى استسلام مرفوض.
القراءة الخامسة: هي التفاهم على وساطة بين البرهان وحميدتي من خلال دعم منبر جدة الذي تقوده الولايات المتحدة والسعودية، أو دور حيوي يمكن أن تلعبه القاهرة على ضوء حرصها على وحدة السودان واستقلاله ومنع تفككه، وهي قراءة غير مستبعد أن تكون دافعا لزيارة البرهان السريعة إلى مصر، كطريق يمكن أن يحظى بتسهيلات من قوى متعددة سئمت الحرب وتوابعها.
ومهما كانت القراءة سوف يظل خروج البرهان من الخرطوم لغزا، فإما أن يطوي فصلاً من فصول الحرب البغيضة على السودانيين، أو يجرّهم إلى فصل جديد أشد مرارة، وستكشف التصرفات التي يقدم عليها كل طرف أيّ القراءات كان صحيحاً.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أحداث السودان البرهان من الخرطوم رئیس مجلس السیادة قوات الدعم السریع حکومة فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

السودان.. «البرهان» يرد على خطاب «بايدن» بشأن الوضع في البلاد

أشار رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، إلى أنه “اطلع على بيان الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بشأن الوضع في السودان، والذي دعا فيه المجلس وحركة الدعم السريع إلى الجلوس على طاولة المفاوضات”.

وأكد البرهان، “أن حكومة الخرطوم منفتحة على جميع الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء الحرب”.

وقال البرهان في بيان: “بالنيابة عن الحكومة السودانية والشعب السوداني، أرحب بتعبير الرئيس “بايدن” عن قلقه وأقدر دعم الولايات المتحدة للجهود الإنسانية داخل السودان وفي الدول المجاورة، ونحن نشاركه القلق البالغ إزاء التكلفة البشرية للصراع الدائر، الذي جلب آلامًا ومصاعب لا حصر لها لشعب السودان”.

وأضاف: “تظل الحكومة السودانية مصممة وملتزمة تمامًا بإنهاء معاناة مواطنينا، ونحن عازمون على بذل جهودنا الرامية إلى إنهاء الصراع الحالي بشكل سريع وحاسم، وضمان استعادة السلام والأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد. هدفنا ليس مجرد إنهاء العنف، بل القيام بذلك بطريقة تضع الأساس لسلام مستدام، يعالج الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار ويعزز الوحدة والمصالحة بين جميع السودانيين على المدى الطويل”.

وأضاف: “ما ذكره الرئيس “بايدن” بشأن الهجمات المنهجية والواسعة النطاق التي تشنها ميليشيا قوات الدعم السريع على الفاشر لا يعكس سوى جزء بسيط من الفظائع التي ارتكبتها هذه الميليشيا الإجرامية في أجزاء أخرى من السودان، القوات المسلحة السودانية ثابتة في التزامها بمبادئ القانون الإنساني الدولي وأعراف الحرب، بما في ذلك حماية المدنيين، إن أعمالنا متجذرة بعمق في القيم الثقافية والأخلاقية للسودان، التي تؤكد على حماية أرواح المدنيين والحفاظ على تراث أمتنا الغني. وفي تناقض صارخ، تظهر تصرفات ميليشيا قوات الدعم السريع استهتارًا تامًا بحياة الإنسان والبنية التحتية المدنية والتراث الثقافي القديم للسودان، الذي يعود إلى الحضارتين الكوشية والمروية. يجب على المجتمع الدولي ألا يدين هذه الجرائم فحسب، بل يجب عليه أيضًا محاسبة الدول التي تواصل دعم وتمكين هذه الميليشيات”.

وبحسب وسائل إعلام سودانية، قال البرهان في البيان: “تظل الحكومة السودانية منفتحة على كافة الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء هذه الحرب المدمرة، نحن على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين سعياً للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة شعبنا ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة، وإنني أتطلع إلى تعميق هذه المناقشات مع المسؤولين الأمريكيين خلال مشاركتي المقبلة في الجزء الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل”.

وأمس، قال الرئيس الأمريكي في بيان: “أدعو المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين – القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع- إلى سحب قواتهم، وتسهيل الوصول الإنساني دون عوائق، وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب”.

هذا وتتواصل المعارك بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل2023، ما أسفر عن مقتل نحو 13 ألفا و100 قتيل، فيما بلغ إجمالي النازحين في السودان نحو 7.9 مليون شخص، ونحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • نقل البشير إلى شمال السودان لتلقي العلاج
  • السودان.. «البرهان» يرد على خطاب «بايدن» بشأن الوضع في البلاد
  • البرهان وحميدتي منفتحان على حل سلمي للصراع في السودان
  • قائد الدعم السريع: الحرب ليست خيارنا ومستعدون لوقف إطلاق النار
  • في أعقاب زيارة البرهان لجوبا: هل يتدفق نفط جنوب السودان من جديد؟
  • البرهان يرحب بتصريح بايدن والمعارك تحتدم في الخرطوم
  • البرهان يرحب ببيان بايدن ويدعو لمحاسبة مساندي الدعم السريع
  • قلق وتخوف!!
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • البرهان يوافق على مبادرة من سلفاكير بشأن الحرب مع الدعم السريع