الخليج الجديد:
2025-01-03@17:04:45 GMT

أسئلة الأردن الكبرى

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

أسئلة الأردن الكبرى

أسئلة الأردن الكبرى

يبدو كأن الأردن يعيش أزمة عنقودية، بمعنى أنها متعدّدة الرؤوس والفروع وعلى غير صعيد، إن لم يكن في كل الأصعدة.

الأردن ليس فريداً في حالته هذه، فهو نموذج مصغّر لحالة الاستعصاء التي تعيشها بلاد العرب كلها، وبمقدارٍ ما من الاختلاف في هذا الحقل أو ذاك.

في فلسفة تقوم على هيكلة واقع حزبي على مقياس رؤيةٍ مسبقةٍ لما يريد "المهندس" أن يكون عليه هذا الواقع، لا يمكن لك أن تتحدّث عن "تنمية" حزبية.

الحصيلة كانت، بعد كل تلك الجهود (الجبّارة!) نصف مليون عاطل من العمل، و71% من ميزانية الدولة رواتب موظفين ومتقاعدين، و17% لخدمة المديونية!

سؤال الاقتصاد لن تجد له جواباً في قاموس الساسة، بل ابحث عنه في مرويات التاريخ غير المكتوبة لا في كتبه. والسؤال السياسي هنا مرتبطٌ بشكل وثيق بسؤال الاقتصاد.

* * *

لا أذكر أنني رأيتُ الأردن في حاله هذه منذ ما يقارب العقود الأربعة، إذ يبدو كأنه يعيش أزمة عنقودية، بمعنى أنها متعدّدة الرؤوس والفروع وعلى غير صعيد، إن لم يكن في كل الأصعدة.

والأردن ليس فريداً في حالته هذه، فهو نموذج مصغّر لحالة الاستعصاء التي تعيشها بلاد العرب كلها، وبمقدارٍ ما من الاختلاف في هذا الحقل أو ذاك، ويمكن لمن يطرح الأسئلة الكبرى التي تدور في أذهان الأردنيين وتقضّ مضاجعهم أن يسحبها على باقي الساحات العربية، فهو، إن جاز التعبير، عيّنة ممثلة لحالة العرب، وهي حالة يحار فيها الطبيب الأريب، ويتركه النظر فيها مبتئساً لا يدري من أين يبدأ العلاج.

ورغم هذا البؤس المخمّر، تسمع في الخطاب الإعلامي الرسمي، المحلي والعربي عموماً، ألواناً من التفاؤل والكلام المعسول، الذي لا يمتّ للواقع لا بصلة ولا ببصلة. كأنّ المسؤول قرّر، عن سبق إصرار وترصد، أن ينفصل عن الواقع ويعزف لحنه الخاص غير المُطرب، كمن يداعب نايه الحنون في ورشة حدادة.

وتلك حالةٌ غريبة تحتاج لتشريح وفكّ وإعادة تركيب، لفهم الدوافع التي تختبئ في بطن "الشاعر"، وتجعله يسرف في الغزل، مستحسناً واقعاً مليئاً بالبؤس والتردّي. ويبدو أن هذا الموقف هو قرار واع ينبع ربما من استهتارٍ بالمستمع أو المشاهد، على اعتبار أنه جهة مأمونة، ليس في وسعها فعل شيء، مهما بلغ السوءُ مبلغه.

وتلك حكايةٌ أخرى لها علاقة بالنظارات التي يضعها معظم المسؤولين الكبار، حينما يجلسون على الكرسي الرسمي، إذ تنكشف أمامهم الحكاية كلها، خصوصاً ما بطن منها، ويُدركون أنّ كل ما يجري فوق الأرض محضُ عبث، وأن "الحكاية" كلها تمثيل ولا يستحقّ الأمر عناء الصدق أو العمل الجادّ، لأنه لا فائدة منه، ما دامت الجذور في حالة تعفّن ميؤوس من شفائها!

أول أسئلة الأردن الكبرى السؤال الاقتصادي، وهو متشعّب مملٌّ وصادمٌ في الوقت نفسه، فلا يكاد يمر يوم من دون أن يلفح وجهك كلامٌ في هذا الباب، ولكنه كلامٌ من نوع أسمع طحنا ولا أرى دقيقا.

ولو قيّض لنا أن نجمع كل ما قيل وما عقد من ندوات ومؤتمرات و"خلوات" وخطط وبرامج في هذا الحقل، لأمكننا أن نجمع أطنانا من "المخلفات"، لا يصلح جلها إلا أن تكون حطبا في موقد فقيرٍ لا يجد ثمن "ربع" كاز لتدفئة صغاره.

وقد كنت شاهدا، بحكم عملي الصحافي، على عشرات المؤتمرات والقرارات والبرامج والخطط الساعية إلى النهوض بالاقتصاد وتحديثه وإصلاحه وتنميته وتصحيحه.

ومن عجبٍ أن الحصيلة كانت، بعد كل تلك الجهود (الجبّارة!) نصف مليون عاطل من العمل، و71% من ميزانية الدولة رواتب موظفين ومتقاعدين، و17% أو قريب من هذا لخدمة المديونية التي لا يُرجى سدادها، وما بقي هو لتنمية المجتمع وإقامة المشاريع الجديدة، إن بقي شيءٌ أصلا.

ولا أعرف كيف ينام مسؤول في بلد نصف شبابه لا يجدون ثمن شطيرة فلافل، هؤلاء كما وُصفوا قنبلة موقوتة، سيكون انفجارها مدوّيا ومكلفا إلى حد مريع، مع العلم أنني أسمع وأقرأ كلاما عن "مكافحة" البطالة منذ 40 عاماً، ولا يمكن أن يغيب هذا البند عن أجندة أي حكومة.

حتى بات المرءُ على ثقةٍ بأن مكافحي البطالة على مدار العقود الماضية كانوا يتفنّنون في زيادة نسبة العاطلين من العمل، واختراع كل الأساليب الإبداعية في تفريخ أجيال وأجيال من هؤلاء، حتى بات لدينا هذا العدد المهول ممن لا يجدون عملا غير الانتظار و"تربية الأمل!"، للحصول على فرصة عمل.

وهذا "سؤالٌ" يجب أن يُحاسَب عليه كل من استلم مسؤوليةً في هذا الملفّ، لو كان ثمّة عدل أو نية في إصلاح الحال والأحوال.

وهنا أخطر ما في المشهد، حين تتحوّل الأسئلة بشأن جدّية قرار الإصلاح الاقتصادي إلى شكّ، سرعان ما يتحوّل إلى يقين مدمّر، يدور حول "مخطّط" لإبقاء البلد في حالة جوع مزمن، يعيش في منزلة متوسطة بين منزلتين: الموت جوعاً والشبع النسبي.

سؤال الاقتصاد لن تجد له جواباً في قاموس الساسة، بل ابحث عنه في مرويات التاريخ غير المكتوبة لا في كتبه. والسؤال السياسي هنا مرتبطٌ بشكل وثيق بسؤال الاقتصاد.

وهنا تحضرني جملة كتبها صحافي عريق منتقداً منظمّات المجتمع المدني المموّلة من الخارج، وغرقها في إثارة قضايا تفرضها الجهات "المانحة!"، حيث قرّر، في نهاية نقده، أن "من يدفع لك ينتظر منك أن تلتزم بسياسته"، فلا أحد يدفع في هذا العالم بلا مقابل.

ويومها علّقتُ عليه كاتبا بسؤال: هل ينطبق هذا المبدأ على الدول كما ينطبق على مؤسّسات المجتمع المدني وفرسانها؟

ولم أتلقّ جوابا حينها، لأن الجواب محفوفٌ بالمخاطر، خصوصاً بعد إقرار قانونٍ يجرّم حرية الرأي، ويضعك في مواجهة حكم طويل بالسجن و/ أو دفع غرامة طائلة لا تملك منها غير فواتير ماء وكهرباء وهاتف مكسورة عليك، وبالطبع أقساط قرض أو أكثر لبنك أو أكثر لقاء شراء حاجاتٍ أساسية، لم يعد في وسعك أن تستغني عنها أو تشتريها نقدا.

ولعلّ ما يقال عن السؤال السياسي يُفضي إلى سؤال الحقوق والحرّيات، ففي فلسفة تقوم على هيكلة واقع حزبي على مقياس رؤيةٍ مسبقةٍ لما يريد "المهندس" أن يكون عليه هذا الواقع، لا يمكن لك أن تتحدّث عن "تنمية" حزبية، إلا إذا كنت تتصرّف كمزارع نصف ميزانية مزرعتك مخصّصة لتنمية الأعشاب الضارّة لا النباتات المفيدة.

*حلمي الأسمر كاتب صحفي من الأردن

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن استعصاء البطالة المجتمع المدني الإصلاح الاقتصادي سؤال الاقتصاد فی هذا

إقرأ أيضاً:

أسئلة تنتظر إجابات في قضية أولمو نجم برشلونة

ما زال الغموض يلف قضية داني أولمو لاعب برشلونة بعد استبعاده من طرف رابطة الدوري الإسباني رفقة زميله باو فيكتور من تشكيلة النادي الكتالوني الذي لم يتمكن من تسجيله حتى الآن.

ورفضت محكمة إسبانية الجمعة الماضي طلب برشلونة تسجيل لاعبه أولمو في قائمة الفريق لما بعد نهاية العام الجاري، مما سيدفع بصانع الألعاب الدولي لمغادرة النادي الكتالوني مجانا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مورينيو يعترف بأكبر خطأ في مسيرته التدريبيةlist 2 of 2"مهزلة وسخافة".. الإعلام الإسباني يهاجم برشلونة بعد فشل تسجيل أولموend of list

وانتقل أولمو إلى برشلونة الصيف الماضي قادما من لايبزيغ الألماني مقابل 60 مليون يورو وفقا للتقارير. ومع ذلك، فإن قواعد الدوري الإسباني أعاقت عملية تسجيله.

ومنذ 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ظلت بعض النقاط في قضية أولمو وفيكتور مجهولة وبعض المعلومات طي الكتمان في برشلونة.

وأدى نقص المعلومات إلى إثارة التكهنات والقلق ليس فقط بين لاعبي كرة القدم المعنيين، ولكن أيضا بين مشجعي البلوغرانا.

وحاولت صحيفة "موندو ديبرتيفو" تقديم بعض التوضيحات حول تطور قضية أولمو بالإجابة عن عدد من الأسئلة:

قبل 1 يناير/كانون الثاني، هل تم تقديم عقد بقيمة 100 مليون يورو إلى الدوري الإسباني نظير بيع مقاعد كبار الشخصيات؟

أصرت مصادر موثوقة من نادي برشلونة صباح الخميس على أن "كل ما كان يجب القيام به تم القيام به" وأنه تم تقديم الوثائق اللازمة، لكنها لم تخض في التفاصيل.

لماذا لم يعلن البارسا عن ذلك بشكل رسمي حتى الآن؟

لم يكشف نادي برشلونة عن أي تفاصيل رسمية حول عقد بيع مقاعد كبار الشخصيات في ملعب "كامب نو سوبيتفاي" على الرغم من أنه تم التوصل إلى اتفاق مع مستثمرين عرب.

إعلان

كما أكدت مصادر النادي أنه من المفترض أن تسمح هذه الاتفاقية للنادي بحل مشاكل اللعب المالي النظيف والوصول إلى قاعدة الدوري الإسباني 1:1.

من اشترى مقاعد كبار الشخصيات بالكامب نو المستقبلي، وإلامَ؟

بشكل غير رسمي سيكون الاتفاق لمدة 20 عاما. ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة فإن المستثمرين هم خليجيون وسيدفعون حوالي 100 مليون يورو بدلاً من 200 مليون يورو المطلوبة في البداية.

ومع ذلك، قرر النادي عدم الكشف عن هوية الشركات أو الصناديق التي استحوذت على هذا الأصل.

كم عدد المقاعد والسعر المحدد؟

سؤال آخر ظل دون إجابة. ولم يقدم أحد في النادي حتى الآن معلومات دقيقة عن عدد مقاعد كبار الشخصيات أو الامتيازات المتعلقة بها.

وهناك أيضًا عدم وضوح بشأن السعر الإجمالي للصفقة وتأثيرها على الموارد المالية لبرشلونة.

هل قام المستثمرون بشراء مقاعد أو صناديق لكبار الشخصيات من أندية أخرى؟

من غير المؤكد أيضًا ما إذا كان الملاك الجدد للمقاعد لديهم خبرة سابقة في هذا النوع من الاستثمار في الأندية الرياضية الأخرى. وسيكون من المهم معرفة سعر الصفقة وما إذا كانت مشاركتهم جزءًا من إستراتيجية استثمارية أوسع.

هل سيتمكن الملاك الجدد من التعامل مع مقاعد كبار الشخصيات؟

لم يتم توضيح ما إذا كان الملاك الجدد سيستطيعون تسويق المقاعد أو إعادة بيعها خلال الـ20 عامًا بحسب الاتفاقية.

كم قيمة خسارة برشلونة إذا أصبح أولمو حرًّا؟

بلغت قيمة انتقال أولمو إلى برشلونة 48 مليون يورو ويمكن أن تضاف خسائر جديدة إلى المبلغ إذا تم تضمين مبالغ إضافية.

ويمكن للاعب المطالبة براتب عقده حتى عام 2030، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الضغوط المالية على النادي.

ما الخسائر التي سيتم احتسابها في العام الجاري؟

وفقًا لرابطة الدوري الإسباني، فإن هذا سيعتمد على الاتفاقية الموقعة مع أولمو.

ففي حال دفع له النادي كل شيء على الفور، فسيتم ترحيل الخسائر إلى العام الجاري. وبخلاف ذلك، يمكن توزيعها حتى عام 2030.

ومع ذلك، في حالة رسوم الانتقال الثابتة البالغة 48 مليون دولار من لايبزيغ، والتي كان يفترض تسديدها خلال 6 سنوات، فإن التأثير السلبي على حسابات عام 2024 سيمثل عجزًا غير متوقع قدره 40 مليون يورو إذا أصبح أولمو حرًّا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد الأميركي في عام 2025.. 10 أسئلة وأجوبة رئيسية
  • حالة عدم استقرار جوي تؤثر على الأردن الأسبوع القادم
  • أسئلة تنتظر إجابات في قضية أولمو نجم برشلونة
  • الرسوم المستحقة على الهواتف وتطبيق تليفوني الجديد.. القومي للاتصالات يجيب عن أسئلة المواطنين
  • «تليفوني».. خطوة نحو رقمنة سوق الهواتف المحمولة
  • أيمن الجميل : نجاح تطوير مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى يدعم الاقتصاد الوطنى.. لدينا أكبر مصنع غزل فى العالم ومصدر للعملة الأجنبية
  • الأردن.. النمو الاقتصادي يرتفع إلى 2.6% في الربع الثالث
  • تقرير- عدن تتصدر قائمة الانتهاكات التي طالت الحريات الصحفية خلال 2024 وصنعاء ثانيًا
  • أوّل مناظرة رئاسيّة في لبنان
  • نتنياهو: إسرائيل في حالة حرب ضد تحديات وجودية