الغابون... قلعة "فرانس أفريك" تغير الاتجاه
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
بينما مازالت فرنسا متمسكة وتمني النفس بعودة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى الحكم، بعدما تمت إزاحته في عملية انقلابية منذ أكثر من شهر دون أن يتحقق لها ذلك، فقدت باريس عاصمة "فرانس أفريك"، بعدما قرر عساكر الغابون إزاحة الرئيس علي بانغو وإلغاء نتائج الانتخابات وحل كافة المؤسسات في البلاد والإعلان عن "نهاية النظام القائم".
إذا لم تكن باريس على علم بما كان يجري تدبيره من طرف عساكر الغابون ضد حكم الرئيس علي بانغو، نجل الرئيس السابق عمر بانغو، وتفاجأت مثل غيرها من الدول بالانقلاب العسكري، فذلك مؤشر على فشل استخباراتها. وإذا كانت على علم بذلك ولم تستطع الوقوف ضد هذا التغيير غير الدستوري، فهو يعد فشلا مزدوجا، لأن الغابون ليست مالي ولا بوركينافاسو ولا حتى النيجر، حيث يختلف النفوذ الفرنسي بها، لأن الأمور تختلف في العاصمة ليبرفيل، حيث تمثل قلعة "فرانس أفريك" لدى كل الرؤساء الذين تعاقبوا على قصر الإليزي إلى غاية الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.
وتطرح علامات استفهام كثيرة بشأن هذا المستجد الطارئ في الغابون، حيث كانت مضرب المثل لعقود من الزمن حول سياسة "فرانس أفريك" التي مارسها حكام فرنسا في القارة الإفريقية. ومن بين الأسئلة المطروحة: هل قامت باريس بـ"التضحية" بأحد أهم شركائها الموثوقين في القارة السمراء ردا على موجة الغضب الشعبي التي تستهدف وجودها، خصوصا في مستعمراتها القديمة، بغية تصديقها أنها فعلا أعلنت "توبتها " من سياسة "فرانس أفريك" إلى غير رجعة، من خلال تحطيم صنمها في الغابون الذي كان مزارا وممرا إجباريا لمن يرغب من الرؤساء في بعث رسائله إلى باريس؟
إن باريس تملك من الآذان في الغابون ما لا تتوفر عليه في غيرها من الدول، من خلال قواعدها العسكرية المتعددة وشركاتها النافذة وجاليتها الكبيرة هناك، وهو ما يجعل تنفيذ ونجاح أي عملية انقلابية في البلاد غير مضمون النتائج. فهل كانت العملية الانقلابية على طريقة "الكاميكاز" كرسالة على أن أمر الرئيس الغابوني لم يعد يحتمل التأخير وقاموا بـ"تناوله كوجبة غذاء قبل أن يتعشى بهم"؟ إن تريث باريس ووسائل إعلامها في ردة فعلها على العملية الانقلابية وعدم مسارعتها مثلما فعلته في النيجر، حيث سبقت الجميع إلى التنديد والتهديد والوعيد وأعلنت تمسكها بالرئيس محمد بازوم ووصفته بـ"المنتخب ديمقراطيا"، من شأنه أن يترك احتمال قراءة أخرى للمشهد في الغابون وربما عدم تكرار موقف القطيعة الذي تبنته مع المجلس العسكري في النيجر، وبذلك ربما تضرب عصفورين بحجر واحد، الحفاظ على علاقتها بالسلطة الجديدة في الغابون والتخلص من الرئيس علي بانغو الذي أضحى ضيفا ثقيلا ومصدر تهديد لمصالح فرنسا في المنطقة، بعد تصاعد الغضب الشعبي ضد حكمه وتحالف أحزاب المعارضة ضده وتفشي فضائح الفساد في البلاد بشكل كبير، في ظل شارع مقتنع ويرى أن "توريث" وحماية فرنسا له طيلة عدة سنوات وراء هذه الأزمة التي تولدت في البلاد.
إن إعلان الانقلابيين في بيانهم الأول عن "نهاية نظام الحكم القائم" وطي صفحة تركة عمر بانغو هو سقف عال رفعه خصوم بانغو. فهل هي مجرد رسالة لكسب تأييد الشارع لهذا التغيير وتحقيق التفاف شعبي حوله؟ أم هي عملية "ليفتينغ" لإعطاء الانطباع بأن الغابون غير جلده فقط مثل الثعبان دون المساس بمرتكزات عقيدته؟ إلى حين وضوح الرؤية أكثر في هذا المشهد الجديد، الأكيد أن الأنظار ستتحول من النيجر باتجاه الغابون، فهل هو إيذان بأن قلعة "فرانس أفريك" غيرت الاتجاه؟
المصدر: الخبر
كلمات دلالية: فی الغابون فی البلاد
إقرأ أيضاً:
من قلعة نزوى لقصر العلم.. لقاء إعلامي يبرز ملامح تطور سلطنة عمان
اختتم سلطنة عمان أمس الاثنين اللقاء الإعلامي الذي يحمل عنوان "عُمان والعالم"، والذي نظمته وزارة الإعلام، احتفالا بالذكرى الخامسة لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم. وكانت للمشاركين في اللقاء جولة عبر معالم بارزة في السلطنة.
وجمع اللقاء الإعلامي بين نخبة من الصحفيين والإعلاميين من مختلف دول العالم، وذلك ضمن الجهود المستمرة لتعزيز التفاعل الثقافي والإعلامي بين السلطنة والدول الأخرى، وإبراز الإنجازات الوطنية والتراث العريق الذي تمتاز به عمان.
وخلال اللقاء قدمت السلطات العمانية رؤية شاملة حول التطورات التي تشهدها البلاد في مختلف المجالات، مع تسليط الضوء على المشروعات الوطنية الكبرى والجهود الرامية لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية عمان 2040. كما كان من أهداف الفعالية لتعزيز الشراكات الإعلامية مع المؤسسات الدولية.
ويقول رئيس تحرير مؤسسة الأهرام المصرية ماجد منير إن عمان "تشهد نقلة نوعية في جهودها التنموية"، مشيرًا إلى "البيئة الجاذبة التي تخلقها السلطنة للاستثمارات في القطاعات الواعدة"، وأضاف منير أن السياسة الخارجية العمانية "تُعبر عن التزامها بالسلام والاستقرار والعلاقات الإيجابية مع مختلف دول العالم".
جانب من لقاء عدد من الإعلاميين مع مسؤولين في الحكومة العمانية (الجزيرة)وبعد يومين من اللقاء الإعلامي المفتوح بين كبار المسؤولين العُمانيين ونخبة من الصحفيين العالميين داخل أروقة القاعات، انطلق المشاركون للقيام بزيارات ميدانية وحضور فعاليات ثقافية تسلط الضوء على أهم المعالم التاريخية والحضارية في عمان، ما منح الزوار تجربة تعكس عمق التراث والتقدم الحضاري الذي حققته للسلطنة.
إعلان استكشاف التراثوشملت الجولة مدينة نزوى التاريخية، التي تُعتبر رمزًا للإرث الثقافي العماني. يزور الإعلاميون قلعة نزوى الشهيرة التي تعكس القوة الدفاعية والهندسة المعمارية العمانية التقليدية وبراعتها.
وتُعد قلعة نزوى إحدى أبرز المعالم التاريخية والثقافية في سلطنة عمان، بُنيت في القرن السابع عشر الميلادي على يد الإمام سلطان بن سيف اليعربي، لتكون رمزًا للقوة والدفاع، ومركزًا للحكم والإدارة خلال فترة الإمامة اليعربية.
وتتميز القلعة بتصميمها الفريد الذي يعكس الطراز المعماري العماني التقليدي، وأبرز ما يميزها برجها الدائري الضخم، الذي يُعد الأكبر من نوعه في عمان، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 24 مترًا وقطره 43 مترًا. ويتميز البرج بجدرانه السميكة التي صُممت لتحمل الهجمات، مع فتحات لرمي السهام والماء المغلي.
جانب من قلعة نزوى من أبرز المعالم التاريخية والثقافية في السلطنة (غيتي)وكانت القلعة تُستخدم لأغراض دفاعية وعسكرية، حيث شكّلت خط الدفاع الأول للمدينة ضد الغزوات. كما كانت مركزا إداريا وسياسيا يُدير شؤون المنطقة، وتضم غرفا للإمام والمسؤولين، بالإضافة إلى مخازن للمؤن والأسلحة.
سوق نزوىبُنيت القلعة بالقرب من سوق نزوى ومسجد نزوى الكبير، ما يعكس أهميتها في حماية النشاط التجاري والديني للمدينة. كما يُوفر موقعها المرتفع رؤية بانورامية للمدينة والمناطق المحيطة بها، مما يجعلها نقطة مراقبة استراتيجية.
كما تتضمن الزيارة سوق نزوى التقليدي الذي يقع بجانب قلعة نزوى التاريخية، حيث تتاح للصحفيين فرصة لاستكشاف الحرف اليدوية العمانية والمنتجات المحلية مثل الفضيات، النسيج، والفخار. ويُعد سوق نزوى واحدًا من أبرز الأسواق التقليدية في سلطنة عمان، يتميز السوق بطابعه المعماري التقليدي الذي يعكس الهوية الثقافية والتراثية للمنطقة، ويُعد نافذة حية على الماضي العماني.
سوق مطرح القديم يوصف بأنه من أجمل الأسواق الشعبية في البلاد (غيتي)ويجمع السوق بين أروقة واسعة وأزقة ضيقة تضج بالحياة، حيث تعرض فيه منتجات متنوعة تشمل الحرف اليدوية العمانية مثل الخناجر المزخرفة والمجوهرات الفضية والفخار المصنوع يدويًا، إلى جانب المنتجات الغذائية المحلية كالتمور والعسل.
إعلانكما يشتهر السوق بقسمه الخاص لبيع المواشي والأسماك، مما يعكس دوره كمركز اقتصادي محلي. ويشهد سوق نزوى اهتمامًا كبيرًا من أبناء الولاية الذين يحرصون على الحفاظ على نشاطه وتراثه، ليبقى رمزًا للتجارة التقليدية ومصدرا للفخر الثقافي العماني.
متحف تاريخيواستمرت الجولة بزيارة متحف "عمان عبر الزمان"، الذي يقدم تجربة تفاعلية مميزة تسرد تاريخ السلطنة عبر عصورها المختلفة. ويُعد المتحف الواقع في ولاية منح بمحافظة الداخلية، إضافة مميزة للمشهد الثقافي العماني، حيث يسلط الضوء على تاريخ السلطنة الممتد عبر العصور بأسلوب تفاعلي ومبتكر. افتُتح المتحف في عام 2023 ليكون جسرًا بين الماضي والحاضر، ووجهة تعليمية وثقافية بارزة.
ويمتاز المتحف بتصميمه العصري المستوحى من البيئة العمانية، ويضم قاعات متعددة تعرض مختلف مراحل تاريخ السلطنة، بدءًا من عصور ما قبل التاريخ، مرورا بالفترة الإسلامية، وصولًا إلى العصر الحديث، ويعتمد المتحف على تقنيات متقدمة، مثل العروض ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي، مما يوفر تجربة فريدة للزوار.
دار الأوبرا السلطانية معلم بارز في مسقط ويجمع بين الفنون العالمية والتراث العماني (غيتي)في اليوم الرابع من اللقاء الإعلامي، تتحول الأنشطة إلى محور الفنون والثقافة. يزور المشاركون دار الأوبرا السلطانية مسقط، التي تُعد تحفة فنية تعكس تزاوجًا فريدًا بين الفنون العالمية والتراث العماني. يستمتع الإعلاميون بجولة داخل الدار للتعرف على تصميمها المعماري والأنشطة الفنية التي تقدمها.
وفي المساء، يحضر الصحفيون والإعلاميون الحفل الطلابي الوطني بمناسبة مرور خمس سنوات على تولي السلطان هيثم مقاليد الحكم بحضور السلطان نفسه، و يبرز إبداعات الشباب العماني في مجالات الفنون. ويشكل مناسبة للاحتفاء بالمواهب العمانية الشابة وتعزيز روح الابتكار والإبداع.
إعلان استكشاف المعالمويستكمل البرنامج لزيارة المعالم الدينية والسياسية البارزة في مسقط. تتضمن الجولة زيارة جامع السلطان قابوس الأكبر، الذي يُعد رمزا للفن المعماري الإسلامي، ويتميز بتصميمه الفريد وسجادته الضخمة التي تُعد واحدة من أكبر السجاجيد اليدوية في العالم.
الواجهة البحرية لقصر العلم الذي يمثل رمزا للسيادة في سلطنة عمان (غيتي)بعد ذلك، انتقل الإعلاميون إلى قصر العلم، الذي يمثل أحد أبرز المعالم السياسية في السلطنة، واستمتع الزوار بجولة في الساحة الخارجية للقصر، حيث تعرفوا على دلالاته الرمزية كواجهة تمثل القوة والسيادة العمانية.
وفي اليوم السادس من أيام اللقاء الإعلامي، اتجهت الأنشطة لاستكشاف التراث البحري والتاريخي لعمان، إذ زار الصحفيون سوق مطرح التراثي، الذي يُعد مركزا حيويا يعكس الحياة التجارية التقليدية في مسقط، كما شملت الجولة زيارات إلى قلعتَي مطرح والميراني، اللتين تجسدان الحقبة التاريخية البحرية لعمان.
قلعة الميراني مرتبط بالتاريخ البحري الذي عرفت به سلطنة عمان في القرون الماضية (غيتي)واختتمت الأنشطة بوجبة عشاء تقليدية في مطعم "روزنة"، حيث تذوق الصحفيون الأطباق العمانية الأصيلة في أجواء مستوحاة من التراث المحلي.