الخليج الجديد:
2025-05-01@23:16:05 GMT

تراجع الثقة في البنوك المصرية... هل له مبرر؟

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

تراجع الثقة في البنوك المصرية... هل له مبرر؟

تراجع الثقة في البنوك المصرية... هل له مبرر؟

تراجعت الثقة لدى بعض المواطنين في مصر بالقطاع المصرفي، لا أقول الكل، بل شريحة قد تمثل عددا لا يجب التعامل معه بخفة واستهانة وتجاهل.

أتحدث عن هؤلاء الذين يتابعون مزاعم متواصلة تتحدث عن قرب إفلاس مصر وتعثرها عن سداد أعباء الديون، وهو ما سينعكس سلبا على ودائعهم.

لا يكفي الخروج من وقت لآخر والتأكيد أن أموال المصريين في البنوك آمنة، فشريحة من هؤلاء يحتاجون لخطوات عملية لاسترداد الثقة في البنوك.

عجز أرصدة النقد الأجنبي لدى البنوك المصرية بلغ 27.1 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي ما يعادل أكثر من نصف إجمالي الودائع بالنقد الأجنبي.

* * *

دعونا نعترف أن هناك تراجعا في معدل ثقة بعض المواطنين في مصر بالقطاع المصرفي، لا أقول الكل، بل شريحة قد تمثل عددا لا يجب التعامل معه بخفة واستهانة وتجاهل.

وهذه الحالة لها أسبابها الموضوعية والمنطقية، فبنوك لبنان التي وضعت يدها على أموال المودعين وترفض الإفراج عنها وإعادة المدخرات لأصحابها ليست ببعيدة عن مصر.

ورغم مرور أكثر من 3 سنوات على حال البنوك اللبنانية المزرية، إلا أنه لا يوجد حل في الأفق القريب والمتوسط، بل قد يفقد المودعون جزءا من أموالهم حينما يتم تحميلهم جزءا من خسائر القطاع المصرفي والتي تتجاوز 130 مليار دولار وفق تقديرات.

وعجز أرصدة النقد الأجنبي لدى البنوك المصرية بلغ نحو 27.1 مليار دولار بنهاية شهر يونيو/حزيران الماضي وفق أحدث الأرقام، وهو ما يعادل أكثر من نصف إجمالي الودائع بالنقد الأجنبي.

والجنيه المصري تتآكل قيمته منذ نهاية عام 2016، بل وفقد أكثر من نصف قيمته خلال عام 2022 فقط، ونحو 70% مقارنة بالأسعار السائدة حاليا في السوق السوداء.

ولا تزال الحكومة تعتمد على أموال البنوك الدولارية في سد جزء من أعباء الدين الخارجي، أو تمويل واردات السلع الغذائية مثل القمح والذرة والزيوت والوقود وغيرها من السلع الاستراتيجية، أو تغطية الطروحات الحكومية من أدوات الدين المختلفة مثل السندات وأذون الخزانة التي يتم طرحها بالدولار أو اليورو.

ولا تزال البنوك هي من تقدم القروض الدولارية لمشروعات كبرى قد لا تدر عائدا سريعا بالنقد الأجنبي، وقد لا تدر أصلا.

ولا يزال يجرى تحميل البنوك مسؤولية تدبير تمويل للواردات الخارجية، وحل أزمة تكدس السلع المستوردة في الموانئ، حيث إنها ملزمة بتدبير النقد الأجنبي للمستوردين أصحاب تلك السلع.

لا أتحدث هنا عن شريحة مهمة من الشعب المصري باتت تخشى أصلا التعامل مع البنوك لأسباب عدة منها ما هو ديني، ولنستثني منها هؤلاء الذين يكتنزون مدخراتهم الدولارية في البيوت خوفا من مصادرتها، أو الذين يناكفون السلطة القائمة ويمارسون أدنى أنواع المعارضة السلبية.

بل أتحدث عن هؤلاء الذين باتت تزعجهم أنباء مهاجمة مودعين مقار البنوك اللبنانية وفروعها للحصول على أموالهم بقوة السلاح، حاملين معهم المسدسات وغيرها من أدوات التهديد.

أتحدث أيضا عن تلك الشريحة التي باتت تتأثر بشدة بما يبث في بعض وسائل الإعلام التي تحذرهم من التعامل مع البنوك، أو شراء أوعية ادخارية فيها مطروحة بالعملات الأجنبية، أو إيداع مدخراتهم الدولارية فيها.

أتحدث عن هؤلاء الذين يتابعون مزاعم متواصلة تتحدث عن قرب إفلاس مصر وتعثرها عن سداد أعباء الدين الخارجي، وهو ما سينعكس سلبا على ودائعهم.

اذاً، المتخوفون وفاقدو الثقة بالقطاع المصرفي لديهم مبررات قوية من مخاوف الإيداع في البنوك، وهذه الحالة لم يتم قياسها رقميا بعد حتى نعرف العدد بدقة وحجم الأموال اليت بحوزتهم.

لكن في المقابل لا يجب إنكارها ببيانات وتصريحات، والخروج من وقت لآخر بالتأكيد على حدوث زيادة في ودائع القطاع المصرفي، وهو ما يعني زيادة الثقة بالبنوك والسياسة الاقتصادية للدولة، فهذا الكلام مردود عليه.

فالزيادة في حجم الودائع قد تكون ناتجة فقط عن زيادة أسعار الفائدة في البنوك، وليست ناتجة عن ضخ سيولة جديدة سواء بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار.

أزمة ثقة البعض في القطاع المصرفي حتى وإن نظرنا إليها على أنها لا تمثل ظاهرة جماعية، وأنه لا يزال هناك 14.2 مليون مصري يتعاملون مع البنوك من واقع الأرقام الرسمية، لكنها موجودة ولا يمكن لأحد إنكارها ودفن الرؤوس في الرمال.

والمطلوب حلها بشكل جذري بسبب حساسية القطاع، وإعادة ثقة المصريين بقطاعهم المصرفي الذي يتولى تاريخيا إدارة مدخراتهم ويحافظ عليها بل وينميها ويزيد قيمتها، لا أن يهددها ويعرضها للمخاطر كما يزعم البعض من وقت لآخر.

لا يكفي هنا الخروج من وقت لآخر والتأكيد أن أموال ومدخرات المصريين في البنوك آمنة، فشريحة من هؤلاء يحتاجون لخطوات عملية لاسترداد ثقتهم وإعادة الاعتبار لعملتهم وسد الفجوة في أرصدة النقد الأجنبي وتخفيف الحكومة قبضتها على القطاع، خاصة في ما يتعلق بالمدخرات الدولارية وتمويل أنشطة غير استثمارية.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر الثقة البنوك المصرية بنك مصر البنك الأهلي المصري أزمة الدولار في مصر البنوک المصریة القطاع المصرفی النقد الأجنبی هؤلاء الذین فی البنوک أکثر من وهو ما

إقرأ أيضاً:

الأسرى الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية.. دورهم بقيادة النهضة الفكرية

بم تمتاز هذه الشريحة من الناس؟ نفروا في سبيل الله ثم خاضوا غمار السجون لسنوات طويلة قضوها في القراءة والبحث والتربية والتزكية النفسية والخبرات الأمنية والبصيرة السياسية والتبحّر في معرفة العدوّ لغة وسياسة واقتصادا وأمنا وثقافة، وأهم من هذا كلّه أنّهم فقهوا الدين على محك التجربة والعمل فوصلوا إلى ما لا يصل إليه النظريون، الذين تفقهوا بعيدا عن ساحات العمل والمواجهة.

الفرق بين هؤلاء وهؤلاء ما بين السماء والأرض، وهذا ما علينا أن ننتبه له جيدا وأن نعلي من شأن من فقهوا في الميدان وأن نأخذ ما وصلوا إليه. وسأضرب لذلك أمثلة، ولكن قبل ذلك أودّ أن نعرّج على قول الله تعالى: "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"، وهنا نقف عند استخدام كلمة نفروا حيث إنّها تستخدم لمن خرج للجهاد، فهذا الفهم الذي وصل إليه المجاهدون من أحكام من عمق تجربتهم ومن صميم خبرتهم في الميدان، هو الفقه العملي الذي وصلوا إليه في جهادهم ولو لم يخرجوا لما وصلوا إليه أو لبقي فهمهم نظريا بعيدا عن الاستفادة من واقع تجربتهم وجهادهم.

لذلك فإن واجب هؤلاء المفكرين والفقهاء أن يُعلّموا من لم يخرجوا في سبيل الله ولم تتغبّر أقدامهم ولم تكتو أمعاؤهم الخاوية ولم يشتبكوا مع ألدّ أعداء الله، ولم يدركوا كيف تتنزّل آيات آل عمران والتوبة والأنفال والأحزاب ومحمد على قلوب الرجال وعند اشتداد الالتحام مع صفوف الأعداء. عسكريا وسياسيا وأمنيا وثقافيا، هناك مسائل كثيرة لا تتضح أمورها إلا في ميادين العمل والمواجهة.

إذا هناك فقه لا يصل إليه القاعدون بينما يصل إليه المجاهدون فيسبرون غوره ويستنبطون منه الأحكام، هناك مستجدّات تواجههم فيجتهدون وغالبا ما يكون ذلك بشكل جماعي ليصلوا إلى ترجيح ما يرون فيه صوابا، فالفقيه هنا ليس الذي يميّز بين المصلحة والمفسدة، وإنما قد يوضع في مواقف ليرجح أقلّ المفسدتين ضررا أو ليرجح بين مصلحة ومصلحة ليصل إلى أفضل المصلحتين. كثير من أهل الفقه لا يفقهون السياسة ولا يسبرون غورها، فإذا تحدّثوا في السياسة ظهر ضعفهم وجمودهم الذي لا يصيب الدين ولا السياسة، وهم يعتقدون أنّهم خير من يجسّد المبادئ والعقائد والأصول الدينيّة الثابتة، بينما الأمر يتطلّب الحنكة السياسيّة والمرونة التي تتعامل مع معطيات المسائل المطروحة بما يصل إلى الصوابية والرشد والوصول إلى الأهداف المطلوبة.

وهناك أيضا "ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون" يصلون إلى القدرة العالية على تحسّس المخاطر التي تتعرض اليها شعوبهم وأمتهم خاصّة الأمنية والسياسية، ويعرفون كيف توظّف الإمكانات المحدودة في لتجنّب هذه المخاطر.

"لعلّهم يحذرون" يُحذّرون قومهم بعد أن درسوا تفاصيل المعركة المحتدمة في ميادين السياسة والأمن والثقافة، ومن خلال معرفتهم التفصيلية والعميقة لعقل عدوّهم وطريقة تفكيره السياسية والأمنية ومعرفة ثقافته بكلّ أبعادها من باب "من عرف لغة قوم أمن شرّهم". هم بذلك الانخراط في معركة الوعي يملكون قدرات عالية على أن يحذّروا أمّتهم بعد هذا الرجوع العظيم من تلك الرحلة الطويلة في ميدان الفقه العملي ومعركة الوعي مع هذا العدو الذي اشتبكوا معه من خنادق متقدّمة عمرا مديدا هو فترة وجودهم في السجن.

باختصار، هم الأكثر كفاءة وقدرة على قيادة طوفان الوعي وهم المؤهّلون ليكونوا المرجعية العليا لمسائل كثيرة لن يفقهها على أصولها مثلهم خاصة ما لها علاقة في فقه الأولويات ومتطلبات المعركة، لأن هذه المعركة ليست معركة بين جماعة أو تنظيم صغير اشتبك مع المشروع الصهيوني المدعوم من كل طواغيت الشرّ في العالم، بل هي معركة الأمّة.

لقد وصلوا على سبيل المثال إلى القدرة العالية على بناء الذات بامتياز، وهم متفرغون لهذا الأمر في محاضن خاصة شكّلتها تجربتهم التربوية في السجون، بإمكانهم المساهمة تربويا في كيف يكون البناء للشخصية القادرة على مواجهة مخاطر المشروع الصهيوني العالمي.

وصلوا إلى الكفاءة العالية في معرفة تفاصيل العقل الصهيوني وثقافته وسرديّته، وكيفية الاشتباك مع هذه الثقافة بكفاءة عالية واقتدار يحسم الأمر لصالح هويتنا الثقافية ويحسن تحصينها ويعزّز من قدراتها على الاشتباك المنتصر.

وصلوا إلى الكفاءة السياسية العالية في الاستفادة من قدرات الأمّة، ومعالجة تراكمات سلبية جعلت من التناقضات المذهبية تطغى على المشتركات التي تصنع وحدة الأمة وتوظف قدراتها كافة؛ بدل تبديدها في حالة من التخلّف الفكري الذي يشتّت ويضعف بدل أن يجمع ويوحّد، إضافة إلى أنها تملأ مساحات واسعة من الفضاء المعرفي والفكري في نقاشات لا طائل منها سوى الشحن الطائفي والمذهبي المقيت.

وصلوا إلى فقه السياسات الاستعمارية والاستفادة من تجارب كثيرة من المجتمعات البشرية التي خضعت وتحرّرت، فساروا في الجغرافيا والتاريخ ليصلوا للاستفادة من كل التجارب وطرق توظيفها لصالح قضيتنا وأمتنا.

ميادين فكرية نهضوية كثيرة يستطيع هؤلاء الأسرى الفقهاء والمفكّرون أن يكونوا عناوين واضحة ومنارات فكرية تنشر ضوءها على مساحات الفكر الواسعة بما يحقّق النهضة الفكرية للأمّة، وبصراحة بما يقطع الطريق على الحالة الهلامية التي شكّلها كثيرون ممّن يتصدرون الخطاب الإسلامي بعيدا عن فقه الواقع وفقه السياسة، يظنهم الناس بقدراتهم العالية على الوعظ وحسن الخطابة والكلام في جوانب محددة من العلوم الدين أنهم المؤهّلون للحديث في شئون السياسة والأمن والاقتصاد والعلاقات والتحالفات الدولية، بينما هم في الحقيقة لا يحسنون صنعا ولا يملكون خبرة ولا تجربة ولا معرفة في هذه المجالات. الفقهاء والمفكرون المشتبكون في الميادين هم الذين يُستمع إليهم وهم المرشّحون لهذه النهضة الفكرية، وقد يكون ذلك بشكل جماعي كمؤسسات دراسية وهو الأفضل.

أذكر على سبيل المثال مركز حضارات الذي تشكّل من قبل مجموعة ممن تحدّثت عنهم، كان ذلك وهم في السجن قبل الحرب، الآن أُفرج عنهم بالتبادل وننتظر منهم أن يكملوا الطريق وأن يزوّدوا الناس بما وصلوا إليه: "ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون".

مقالات مشابهة

  • سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك المصرية بنهاية تعاملات اليوم الخميس 1 مايو 2025
  • تصنيف دولي يضع النظام المصرفي العراقي بخانة عالي المخاطر وخبير يحذر
  • هل نجح الفيتناميون الذين فروا إلى أميركا في التعايش؟
  • الأسرى الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية.. دورهم بقيادة النهضة الفكرية
  • بنك قناة السويس يشارك في المؤتمر المصرفي العربي لعام 2025
  • سعر اليورو اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 في البنوك المصرية
  • ممثل الجامعة العربية بمجلس الأمن: دعم كامل للخطة المصرية والعربية لإعادة إعمار غزة
  • اتحاد مصارف الإمارات:534.7 مليار درهم إجمالي رأسمال واحتياطيات البنوك
  • حزب الله: الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت "اعتداء" غير "مبرر"  
  • مبرر لفسخ العقد.. خبير لوائح يفجر مفاجأة بشأن بيان الزمالك ضد زيزو