الخليج الجديد:
2025-01-03@21:06:30 GMT

فرنسا: السياسة تحت العباءة

تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT

فرنسا: السياسة تحت العباءة

فرنسا: السياسة تحت العباءة

مشاكل التعليم في فرنسا مختلفة تماما أقلها النقص المسجّل في عدد الأساتذة.

قرار وزير التعليم «لا دستوري ومخالف للمبادئ الأساسية للعلمانية» فضلا عن كونه «علامة لهوس رفض المسلمين».

«من المحزن أن نرى العودة المدرسية وهي تتعرّض لمثل هذا الاستقطاب السياسي من خلال حرب دينية جديدة لا معنى لها ومفتعلة بالكامل»!

في فرنسا رأى سياسيو اليمين واليمين المتطرف، وهما يقتربان من بعضهما أكثر فأكثر، أن استهداف المسلمين ذخيرة انتخابية ثمينة ومجزية للأسف.

لم يكن تحريك ضجة العباءة خالصا لوجه العلمانية وقيم الجمهورية الفرنسية بل استكمال لخطابات وممارسات وقوانين استسهلت استهداف المسلمين دون غيرهم.

«الأصولية العلمانية» عند بعض الفرنسيين لا تبتعد كثيرا عن «الأصولية الدينية» عند «طالبان» فهذه تفرض على النساء ما يلبسنه والأخرى تفرض ما لا يلبسنه!

* * *

لا حديث في فرنسا هذه الأيام سوى عن النيجر بعد الانقلاب والمدارس الثانوية بعد منع التلاميذ من ارتداء العباءة.

في الأولى تقول باريس إنها تدافع عن الشرعية والديمقراطية في حين أنها تدافع في الحقيقة عن مصالحها الاقتصادية في آخر موطئ قدم لها في غرب إفريقيا..

وفي الثانية تقول إنها تدافع عن قيم العلمانية الجمهورية في حين أنها، على الأغلب، تدافع عن جنوحها المتزايد نحو اليمين، متخذة من المسلمين على أراضيها هاجسها الأكبر.

وإن كان مفهوما أن تتصدّر النيجر نشرات الأخبار الفرنسية خاصة بعد دعوات العسكر في نيامي إلى إنهاء الوجود العسكري الفرنسي على أراضيها وطرد السفير، فإن الحديث عن العباءة ووقوف المذيع أمام شاشة ليشرح مواصفاتها بأنها فستان نسائي فضفاض بكم طويل وفتحة رقبة ضيقة بدا غريبا فعلا!

تقول صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية إن وزير التعليم غابريال أتال، وفي أول ظهور تلفزيوني له بعد أسابيع قليلة من تعيينه في هذا المنصب، «ضرب بقوة على الأقل إعلاميا وسياسيا» وهو يعلن الأحد الماضي قرار منع البنات من ارتداء العباءة في المدارس لأنه «عليكم ألا تكونوا قادرين على تحديد دين أي تلميذ عندما تدخل أي فصل مدرسي» كما قال.

هذه «الضربة القوية» ليست بالضرورة في محلّها، على الأقل كما يراها معارضوها من الساسة الفرنسيين أنفسهم، ناهيك عن المسلمين وهم يلمسون التضييق المتزايد عليهم، لاسيما مع تعهّد وزير التعليم، المزهو بدخوله «القوي» على ما يبدو، بإرسال «جملة من النصوص في الأيام المقبلة» حول العلمانية إلى المربّين ومدراء المؤسسات التعليمية.

يرى المناهضون لقرار الوزير أن مشاكل التعليم في فرنسا مختلفة تماما، أقلها النقص المسجّل في عدد الأساتذة، ويقول أحد أبرز هؤلاء جون ليك مالنشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» المعارض إنه «من المحزن أن نرى العودة المدرسية وهي تتعرّض لمثل هذا الاستقطاب السياسي من خلال حرب دينية جديدة لا معنى لها ومفتعلة بالكامل»!

في حين تساءلت النائبة في البرلمان من نفس حزبه قائلة «إلى أين يمكن أن تمضي شرطة اللباس؟!» معتبرة قرار وزير التعليم «لا دستوريا ومخالفا للمبادئ الأساسية للعلمانية» فضلا عن كونه «علامة لهوس رفض المسلمين». أما النائبة والأستاذة الجامعية المؤيدة لقضايا المرأة ساندرين روسو فرأت فيه «رقابة اجتماعية على جسد السيدات والشابات».

أما المؤيدون للقرار فرأوا فيه وجاهة لا شك فيها مستندين في ذلك إلى تقارير «مفزعة» من وجهة نظرهم تشير إلى أن عدد «الانتهاكات» لعلمانية الدولة في فرنسا في تزايد مستمر، حتى أنها ارتفعت بنسبة 120٪ في العام الدراسي 2022-2023 عن العام السابق، وأن عدد إشعارات الاحتجاج بشأنها وصلت بين أبريل/ نيسان ويونيو/حزيران من هذا العام فقط إلى 1892، وهو الرقم الذي يقولون إنه لم يسجّل منذ 2018، تاريخ بدء رصدها وتسجيلها في صفوف التلاميذ في فرنسا البالغ عددهم 12 مليونا.

ومع أن فرنسا أصدرت في 15 مارس/آذار عام 2004 قانونا يمنع أي علامة توحي بالانتماء الديني للتلاميذ، كالقلنسوة على الرأس عند اليهود وقلادة الصليب البارزة عند المسيحيين والحجاب عند المسلمين، واعتبر كافيا جدا ويفي بالغرض الذي أرادته المؤسسة السياسية في فرنسا، إلا أن حكومة ماكرون رأت الآن إضافة العباءة مع أنها لا تحمل أي دلالة دينية، حتى وإن اقترنت عند كثيرات بالحجاب، فضلا عن أن المدارس المعنية بها لا تتجاوز 150 من بين 60 ألفا في كامل البلاد.

إنها مجرد فستان، قد يعجب البعض وقد لا يعجب، لكن الأكيد أنه خال تماما من أي حمولة دينية مهما كانت، مثلما أكّد ذلك المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، حتى أن سيسيل ديفلو وزيرة التنمية الفرنسية الإقليمية السابقة نشرت صورة لفستان كهذا من إصدار دار «غوتشي» الشهيرة للأزياء لتقول: أنظروا إنه مجرد فستان عادي لكنه فضفاض!!

قسّمت هذه القضية السياسيين في فرنسا، كما تقول صحيفة «لوموند» والبعض لا يتردد في الإشارة إلى تداعياتها السلبية المنتظرة حتى أن صوفي فينيتيتاي الأمينة العامة لنقابة التعليم الثانوي رأت أنه لا بد من الموازنة بين احترام العلمانية وبين ضرورة إرساء حوار مفيد مع الشباب حتى لا تؤول الأمور إلى إقصاء قاس ودائم لقطاع من التلاميذ الذين قد يتوجّهون إلى المدارس الخاصة أو الدينية، مما يعتبر فشلا ذريعا للتعليم العمومي ككل.

لم يكن وازع تحريك ضجة العباءة خالصا لوجه العلمانية وقيم الجمهورية الفرنسية بقدر ما كان استكمالا لسلسلة خطابات وممارسات وقوانين استسهلت استهداف المسلمين في فرنسا دون غيرهم، رأى فيها سياسيو اليمين واليمين المتطرف، وهما يقتربان من بعضهما أكثر فأكثر، ذخيرة انتخابية ثمينة ومجزية للأسف.

لقد وصلت «الأصولية العلمانية» عند بعض الفرنسيين إلى درجة لا تبتعد كثيرا عن «الأصولية الدينية» عند «طالبان» فهذه تفرض على النساء ما يلبسنه والأخرى تفرض ما لا يلبسنه!!

*محمد كريشان كاتب وإعلامي تونسي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فرنسا العلمانية العباءة اليمين حكومة ماكرون وزیر التعلیم فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة غير المسلمين في أعيادهم

انتشرت أقاويل تحرم تهنئة غير المسلمين فى أعيادهم، ولكن حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل، وأوضحت حكم الشرع في تهنئة المسيحيين في عيد الميلاد المجيد.

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

وقالت دار الإفتاء المصرية: «لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين فالمولى عز وجل لم يفرق بين المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها، قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، فالتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية

الجدير بالذكر أن دار الإفتاء المصرية أوضحت أن الاحتفال ببداية السنة الميلادية من مظاهر الاحتفال والفرح «جائزٌ شرعًا»، ولا حرمة فيه.

وقالت دار الإفتاء إن الاحتفال برأس السنة الميلادية، صار مناسبة اجتماعية ومشاركة وطنية، وما دامَ أنَّ ذلك لا يُلزِم المسلمين بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات تخالف عقائد الإسلام أو يشتمل على شيء محرم فليس هناك ما يمنعه من جهة الشرع.

الاحتفال برأس السنة الميلادية

وأضافت دار الإفتاء أن الاحتفال برأس السنة الميلادية مناسبة تتناولها مقاصد اجتماعية، دينية، ووطنية، فإنَّ الناس يودِّعون عامًا ماضيًا ويستقبلون عامًا آتيًا حسب التقويم الميلادي الـمُؤَرَّخ بميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، والاختلاف في تحديد مولده عليه السلام لا يُنَافي صحَّة الاحتفال به.

وأكدت الإفتاء أن الاحتفال برأس السنة الميلادية، المقصود به إظهار الفرح بمضي عام وحلول عام، وإحياء ذكرى مولد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، مع ما في ذلك من إظهار التعايش والمواطنة وحسن المعاملة بين المسلمين وغيرهم من أبناء الوطن الواحد، ومن هنا كان للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عدة مقاصد، وكلُّها غيرُ بعيد عن قوانين الشريعة وأحكامها.

اقرأ أيضاًدار الإفتاء تنشر أدعية أول ليلة من شهر رجب

استقبلت 3400 حالة.. دار الإفتاء المصرية تحقِّق نقلةً نوعية في الإرشاد الزواجي خلال 2024

حصاد دار الإفتاء 2024.. 50 إصدارا متنوعا بين الدراسات الموسعة والخطط الاستراتيجية

مقالات مشابهة

  • باحث سياسي: توقيت الزيارة الفرنسية الألمانية إلى سوريا ملفت للنظر
  • صادرات الكهرباء الفرنسية لجيرانها تصل لمستويات قياسية
  • الخارجية الفرنسية: نريد تعزيز عملية انتقالية سلمية في سوريا
  • رئيس كوت ديفوار: القوات الفرنسية ستغادر أراضينا الشهر الجاري
  • ساحل العاج تطالب القوات الفرنسية بمغادرة أراضيها
  • دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة غير المسلمين في أعيادهم
  • دولة إفريقية جديدة تطالب القوات الفرنسية بالمغادرة
  • رئيس الكوديفوار يعلن رحيل جميع القوات الفرنسية من بلاده
  • ساحل العاج تعلن إنهاء وجود القوات الفرنسية على أراضيها
  • رئيس ساحل العاج يعلن انسحاب القوات الفرنسية من بلاده