خجل عربي من التطبيع.. السعودية وليبيا
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
خجل عربي من التطبيع.. السعودية وليبيا
ما يمكن استظهاره من حادثة الطائرة الإسرائيلية وغيرها من الوقائع إعلاميا أو سياسيا أن السعوديّة تتجه للتطبيع لكن بخطى بطيئة؟
هل التقادم الزمنيّ كفيل بكسر هذا الخجل ورفع ذاك التردّد؟ أم أن المواقف الشعبية للدول العربية بمثابة الضامن لمنع انتشار لوثة التطبيع؟
المشهد يتكرّر بين الدول العربية، تمنّع شعبيّ وخجل رسميّ وتردّد في الإقدام على خطوة التطبيع، مع وجود كلّ المؤشّرات على النوايا الرسمية في المضي بهذا الاتجاه.
الإسرائيلي مستعجل جداً ويحاول جمع نقاط التطبيع مع الدول العربية باعتباره مكسبا على جميع الأصعدة في ظل تغيرات جيوسياسية ونزول قوى كبرى لكسر هيمنة أميركا.
الحدث الاعتياديّ ضُخّم بالبروباغندا، وكأنّ في هذه الدعاية رسائل مبطّنة تقول إن ثمة استجابة سعودية باتجاه التطبيع رغم أن وكالة الأنباء السعودية لم تذكر الخبر بتاتا.
يأتي الارتباك الرسمي الليبي متزامناً مع موجة غضب عارمة من الشارع في عدة مدن ليبية، حيث وصف الليبيون لقاء الوزيرة الليبية بنظيرها الإسرائيلي بالعار، وطالبوا بإقالتها.
* * *
ظهر رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الثلاثاء 29 آب/أغسطس في حديث مصوّر مقتضب، نشره حساب رئاسة الوزراء الرسميّ على موقع "إكس" مدلياً بتصريح قال فيه:
"أود التعبير عن بالغ تقديري لمعاملة السلطات السعودية الدافئة للمسافرين الإسرائيليين الذين مرت طائرتهم في أزمة فاضطرّت للقيام بالهبوط في جدة. ويسعدني أن الجميع يعودون إلى بيوتهم سالمين، إنني أثمّن عالياً حسن الجوار".
هل هذا الحدث يستدعي أن نقف عنده في معرض تحليل السياسة السعودية مع موضوع التطبيع؟
ثمة أقوال في هذا المجال:
الأول: أن الاضطرار الذي لجأت إليه الطائرة "الإسرائيلية" مما دفعها للنزول في جدة هو حادث مفتعل لتأكيد أن ثمة اتصالات وتنسيقات بين السعودية والكيان الصهيوني، وأن الخطى على درب التطبيع ماضية ولم تتوقّف أو تتلكأ.
الثاني: أن "الطائرة الإسرائيلية" فعلاً اضطرت إلى النزول الاضطراري بسبب عطل فني، وتعامل المملكة العربية السعودية جاء من باب إنساني، وهذا يحدث حتى بين الدول التي لا تربطها علاقات دبلوماسية.
الثالث: أن الحادث اضطراري فعلاً، لكنّ تضخيم كيان العدو له جاء في سياق الاستثمار له، والدليل أن حوادث النزول الاضطراري لطائرة بلد ما لا تضطر رئيس الدولة أو رئيس الحكومة للخروج وشكر البلد الذي نزلت فيه الطائرة.
لا يمكن الوثوق في السيناريو الأول لأنه سيجرّنا إلى شبهة "نظرية المؤامرة" التي يصنّفها البعض على أنها عقدة نفسية تفسّر الظواهر الخارجية بالهواجس الداخلية للنفس ومخاوفها.
أما السيناريو الثاني فلا يصمد أمام التأمل، لأن الطيران فوق المملكة بحد ذاته تطبيع، والنزول الاضطراري هو تحصيل حاصل.
ويبدو أن السيناريو الثالث هو الأكثر ملاءمة للواقع، كون أن الحدث الاعتياديّ ضُخّم بطريقة البروباغندا، وكأنّ في هذه الدعاية رسائل مبطّنة تقول إن ثمة استجابة سعودية باتجاه التطبيع، مع أن وكالة الأنباء السعودية (واس) لم تذكر الخبر بتاتاً لا من قريب ولا من بعيد.
ما يمكن استظهاره من هذه الحادثة وغيرها من الوقائع على المستوى الإعلامي أو السياسي أن السعوديّ يتجه للتطبيع لكن بخطى بطيئة، وكأنه يعتقد أن الأمر يحتاج إلى نار هادئة لتنضيج هذا الموضوع الكبير، مع استثماره لمطالبه الأمنية والسياسية من الولايات المتحدة خصوصاً والغرب عموماً مقابل التطبيع.
إلا أن الإسرائيلي مستعجل كثيراً، وهو يحاول أن يجمّع نقاط التطبيع مع الدول العربية ظناً منه أنه مكسب على جميع الأصعدة (الاقتصادية والأمنية والسياسية) في ظل تغيرات جيوسياسية بفعل نزول قوى كبرى لكسر هيمنة أميركا وتغيير معادلات ما بعد الحرب الباردة الأولى.
وأدل على ذلك الخبر الذي تكشّف عن لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مع وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش في روما الأسبوع الماضي، وسارعت "هارتس الإسرائيلية" لنشر الخبر معللة اللقاء ببحث التعاون الاقتصادي والسياسي بين "البلدين".
بل وانتشر تصريح رسمي للوزير الإسرائيلي بقوله: "إن اللقاء تمّ بواسطة رئيسة وزراء روما، وأكد أنه بحث مع المنقوش سبل التعاون وإمكانية فتح علاقة دبلوماسية، وإمكانية مساعدة "إسرائيل" ليبيا، والحفاظ على التراث اليهودي الليبي.
فيما نفت حكومة ليبيا أن اللقاء كان مخططاً له، وأصدرت وزارة الخارجية الليبية بياناً قالت فيه: "نؤكّد التزامنا الكامل بالثوابت الوطنية والوزيرة رفضت عقد لقاءات مع أيّ طرف ممثّل للكيان "الإسرائيلي"، وما حدث في روما هو لقاء عارض غير رسمي وغير معدّ له مسبقاً، واللقاء لم يتضمّن أي اتفاقيات أو مباحثات أو مشاورات".
ويأتي الارتباك الرسمي الليبي متزامناً مع موجة غضب عارمة من الشارع في عدة مدن ليبية، حيث وصف الليبيون اللقاء بالعار، وطالبوا بإقالة الوزيرة".
المشهد في مضمونه يتكرّر بين الدول العربية، تمنّع شعبيّ وخجل رسميّ وتردّد في الإقدام على خطوة التطبيع، مع وجود كلّ المؤشّرات على النوايا الرسمية في المضي بهذا الاتجاه.
لكن السؤال، هل التقادم الزمنيّ كفيل بكسر هذا الخجل ورفع ذاك التردّد؟ أم أن المواقف الشعبية للدول العربية بمثابة الضامن لمنع انتشار لوثة التطبيع؟
*عباس الجمري كاتب وباحث بحريني
المصدر | الميادين نتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية ليبيا إسرائيل التطبيع نتنياهو الكيان الصهيوني الطائرة الإسرائيلية نجلاء المنقوش الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
ماذا قال الإعلام الإسرائيلي قبل اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب؟
القدس المحتلة - الوكالات
ذكرت تقارير إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حدد أولوياته قبل لقائه المقرر اليوم الثلاثاء في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ووصل نتنياهو الأحد إلى العاصمة الأميركية حيث سيكون أول زعيم أجنبي يستقبله ترامب بعد تنصيبه، مما يرمز إلى التحالف الثابت بين البلدين.
وتجري الزيارة في حين يتوقع استئناف المفاوضات من خلال الوسطاء هذا الأسبوع بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأكدت القناة 13 الإسرائيلية أن نتنياهو يسعى للحصول على مزيد من الوقت قبل استكمال المفاوضات مع الفلسطينيين لضمان استمرار ائتلافه الحكومي في السلطة.
ويصر جزء من التحالف الحكومي في إسرائيل على استئناف القتال في غزة بمجرّد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وتلقى نتنياهو انتقادات من هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين قبل لقائه بترامب، ووصفته بأنه "مخرب صفقات التبادل"، وأضافت أن نتنياهو "سيحاول التلاعب بالرئيس ترامب كما خدع بايدن، لأسباب تتعلق بنجاة الائتلاف الحكومي".
وأكدت العائلات أن ترامب أثبت أنه الرافعة الأكثر فاعلية للضغط على نتنياهو.
وفي حين تحدثت القناة 13 عن عدم وجود يقين بشأن مدى إصرار نتنياهو على المضي قدما في اتفاق غزة، نقلت صحيفة معاريف عن مصادر أمنية قولها إن نتنياهو يحاول منع المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية -نقلا عن مسؤول إسرائيلي- أن نتنياهو يحاول الحصول من الرئيس الأميركي على ضمانات بأن حماس لا يمكن أن تكون جزءا من غزة.
وقال ترامب قبل لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه "لا ضمانات" على استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي كان جالسا إلى جانبه سارع إلى القول إن الهدنة "صامدة حتى الآن ونحن بالتالي نأمل حتما (…) بأن نُخرج الرهائن وننقذ أرواحا ونتوصّل، كما نأمل، إلى تسوية سلمية للوضع برمّته".
الملف الإيراني
من جانب آخر، أشارت القناة 13 الإسرائيلية إلى أن نتنياهو سيوضح لترامب أن التعامل مع إيران أهم من المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ويعتزم اقتراح تغيير ترتيب أولويات الشرق الأوسط خلال لقائه بالرئيس الأميركي، وتقديم الهجوم على إيران قبل استكمال صفقة غزة.
وشددت القناة على أن نتنياهو سيبذل جهدا كبيرا لإقناع ترامب بخططه.
لكن المسؤول الإسرائيلي الذي تحدث لواشنطن بوست أكد أن الإدارة الأميركية الجديدة تركز على هدف مختلف في المنطقة يتطلب إنهاء القتال في غزة، مشيرا إلى أن الحديث عن مهاجمة إيران لم يعد محل نقاش بين ترامب ونتنياهو.
وأعلن نتنياهو قبل سفره إلى الولايات المتحدة أنه سيبحث مع ترامب "الانتصار على حماس، وعودة جميع رهائننا ومحاربة المحور الإيراني بكل أبعاده". وأشار إلى أن قرارات إسرائيل أثناء الحرب أعادت تشكيل الشرق الأوسط وهو أمر يمكن لدعم ترامب أن يدفع به إلى الأمام.
وقال "أعتقد أنه من خلال العمل من كثب مع الرئيس ترامب، سيكون بإمكاننا إعادة رسم (خارطة الشرق الأوسط) بشكل إضافي وأفضل".