رد شُحنة الغاز أويل: كلفة مرتفعة لم تزد ساعات التغذية الكهربائية
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
ردّ وزير الطاقة والمياه وليد فياض، أمس، شحنة الغاز أويل، بعدما أمهلت الشركة المُورِّدة الدولة اللبنانية، أول من أمس، 24 ساعة لفتح الاعتماد المالي وتفريغ الشحنة أو ردّها.
واكد رئيس الحكومة في كتاب جوابي لفياض" ان اقتراحكم بالعدول عن طلب الباخرة يضحي الحل المناسب للموقف الراهن الناتج عن الخطأ المرتكب من قبلكم ويقتضي السير به».
وأشارت مصادر وزارية لـ»البناء» الى أن «استمرار وزارة الطاقة بسياسة استيراد البواخر يؤدي الى مزيد من الاستنزاف في خزينة الدولة وفي احتياطات مصرف لبنان»، متسائلة عن إصرار وزارة الطاقة على استيراد البواخر في ظل وجود الفيول العراقي بعد تجديد العقد مع العراق لتزويد لبنان بالفيول لتشغيل المعامل ورفع الكمية»، علماً أن كلفة البواخر المرتفعة وفق المصادر لم تستطع رفع ساعات التغذية التي وعدت بها الوزارة، ما يعني أن المواطنين يستندون على المولدات الخاصة طالما أن ساعات التغذية لا تتعدى الـ 3 ساعات والـ 6 ساعات في الحد الأقصى، فلماذا ننفق مئات ملايين الدولارات إذاً؟». ولفتت الى أن الحل الأمثل في هذه الحالة هو وقف استيراد البواخر لتفادي تكبيد الدولة الكلفة العالية. وأبدت المصادر استغرابها حيال تهديد وزارة الطاقة الحكومة والمواطنين بالعتمة الشاملة بدل البحث عن حلول أقل كلفة وأكثر إنتاجية، طالما أن واردات الوزارة ارتفعت بشكل كبير بعد ارتفاع فواتير الجباية وتشديد المراقبة بهذا الإطار. وكان الوزير فياض قال في مؤتمر صحافي" ان ردّ باخرة الفيول من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يشكّل خسارة جولة في مسار تنفيذ خطة الطوارئ للكهرباء ومن المعلوم ان كلفة المولدات الخاصة هي الأعلى كلفة».وقال: ان مناقصة الباخرة الراسية في البحر تمت بموافقة هيئة الشراء العام، واعتبرنا أنّ السكوت علامة الرضا، ولذلك وقعنا العقد المتعلّق بباخرة الفيول الراسية في البحر مع الشركة وقد وصلت الباخرة بعد تمنّع شهر ونصف شهر عن فتح كتاب الاعتمادات.
وأضاف: تواصلنا مع شركة»كورال» لإلغاء العقد أو الشحنة، وتمكّنا بعد التفاوض معها من إلغائه من دون ترتيب أي كلفة علينا.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل يُؤسر الوعي؟!
يُعرفُ عن الوعي بأنه الإدراك، وهو حالة ذهنية؛ مطلقة؛ تنبثق عن جملة من القناعات التي يصل إليها الفرد، فيتخذ منها مواقف، ويصدر من خلالها آراء، وممارسات على أرض الواقع، وبالتالي فمجمل هذه المواقف والآراء والممارسات «تُقَيَّمْ من قبل الآخرين» على أنها مستويات من الوعي لدى هذا الفرد أو ذاك، وإن اتسعت الدائرة فيشار في ذلك إلى المجموع، وهذا الأمر لا ينفي أن يسبق تَكوّن هذا الوعي وتشكله مجموعة من المغذيات، وهذه المغذيات هي مجموع ما تنتجه البيئة الحاضنة من أحداث ومواقف، وتصادمات وتفاهمات، ومحتوى الحاضنة نفسها هو الذي يحدد نوع هذا الوعي، فالدول التي تعيش صراعات عسكرية، أو صراعات ثقافية، أو صراعات دينية، أو صراعات اقتصادية، سوف ينعكس ذلك حتما على وعي الفرد، فيصب كل ذلك في خانة الوعي عند الفرد، ويضاف إلى ذلك مجموعة من التجارب الشخصية التي يمر بها، وهو في حاضنته الاجتماعية؛ القريبة منها أو البعيدة، ومن هنا يقاس مستوى الوعي بين الأفراد على اعتبار سنوات العمر التي قطعوها في حياتهم، وبالتالي فلا يمكن أن ينظر إلى وعي من هو في العقد الأول من العمر، مثل من هو في العقد الرابع أو الخامس، وهنا أفرق بين اكتساب المعرفة «التخصص» وبين مكتسبات الوعي المتعمق في قضايا الحياة، ومعنى هذا أن هناك من يكون في العقد الثاني أو الثالث، ويملك مستوى من المعرفة المتقدمة، بينما لا يملكها من هو في العقد الرابع أو الخامس، وهذا أمر مسلم به، ولا يحتمل جدالا سفسطائيا مملا، فهذه حقيقة، ومعنى هذا أن الوعي شيء، واكتساب المعرفة شيء آخر، نعم؛ قد يزيد اكتساب المعرفة من مستويات الوعي، وليس العكس.
هذه البسطة في المقدمة عن الوعي لا تذهب إلى الإجابة عن السؤال الذي يحمله العنوان (هل يُؤْسَر الوعي؟)، بقدر ما تقدم توصيفا بسيطا للفكرة العامة في هذه المناقشة، والإجابة عن هذا السؤال: نعم؛ يُؤْسَر الوعي، وهذا الأسر لا يتوقف عند تحييده عن اتساع دائرته التأثيرية؛ فقط، بل يصل الأمر إلى تعطيل الدور الذي يقوم به، وتأثيره على الواقع المحيط، ولأن المسألة مرتبطة بالفرد، فإن وسائل التحييد تظل كثيرة، وفي مقدمتها الدعاية الإعلامية «البروباجندا» التي تسعى إلى أسر الوعي لدى المتلقي، وتوجيهه نحو الرسالة التي يبعثها المرسل من خلال رسالته فقط، دون أن تترك لهذا المتلقي حرية القبول أو الرفض، كما هو في حال الإعلانات التجارية؛ كمثال بسيط؛ وهذا ما أثبتته نظرية «الرصاصة الإعلامية» السائدة في مطلع القرن العشرين المنصرم، وإن ظهرت نظريات فيما بعد، عطلت هذه النظرية، ومنها نظرية «التعرض الانتقائي» التي أعطت الفرد المتعرض للرسالة حرية الاختيار والانتقاء لهذه الرسالة أو تلك.
وأسر الوعي؛ يمارس على نطاق واسع، وتتسع دائرته في الحاضنة الاجتماعية، عندما يعمد المجتمع، سواء عبر الممارسات الأسرية، التي تحتكر الكثير من المعلومات عن أبنائها؛ بحجة أنهم صغار لا يفهمون، أو عبر مؤسسات ، يعمد أفرادها إلى عدم إعطاء الجمهور الصورة الكاملة لكثير من أنشطتها؛ بحجة أن ذلك ليس مهما، بقدر ما تهم النتائج المترتبة على تنفيذ البرامج والخطط، كل ذلك حتى لا تقابل تلك البرامج والخطط بشيء من النقد، أو التعديل، أو محاولة الإفصاح عن حقيقتها الموضوعية، والمادية، ومآلات نتائجها، حيث يجد الجميع أنفسهم أمام واقع غير جديد، ويحدث هذا حتى على مستوى المؤسسة نفسها؛ في كثير من الأحيان، سواء أكانت مؤسسة عمل، أو مؤسسة أسرية، وخطورة هذه المسألة أن ممارستها أصبحت ضمن المعتاد، وتتوارثها الأجيال، وكأن الأمر عادي بالمطلق.