وصلتنى رسالة صوتية عبر "الواتس آب" من أحد الأصدقاء، ليطلعنى على مدى تخلف الفتاوى السلفية الوهابية، وهى بصوت أحد أشهر دعاة هذا التيار الذى ما زلنا نعانى آثار فتاواه المدمرة المسيئة لعموم المسلمين، بل تسيئ للإسلام نفسه، والإسلام بريئ من هؤلاء الشيوخ ومن فتاواهم التى تنم عن جهل مطبق، وتشدد مقيت، والوقوف بالزمن عند عصر مضى وانقضى، وما كان يصلح لهذا الزمان لم يعد يصلح لزماننا هذا بما اعتراه من متغيرات رهيبة وأحوال مستجدة، ومعلوم أن الفتوى الشخصية تتغير باختلاف الشخص، فما يفتى به العالم لشخص بعينه، قد تتغير فتواه لشخص آخر فى المسألة نفسها، وقد حدث هذا على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصار هذا هو ديدن العلماء ودينهم الحق مقتدين بسيد الأولين والآخرين ومعلم البشرية ما يصلح لهم شأن دينهم ودنياهم وأخراهم.
هذه الفتوى التى اضحكتنى كثيرا عند سماعها، جاءت ردا على سؤال إحدى السيدات: هل يجوز لبس "البنطال" للزوج داخل المنزل؟، والبنطال عندنا كما تعلمون هو "البنطلون"، وجاءت فتوى الشخ بالتحريم ـ أى والله بالتحريم ـ وذلك لأن فيه تشبه بالرجال! هذا باختصار شديد، لأن فضيلة الشيخ أخذ يلف ويدور وكأنه يؤصل لفتوى يدور عليها عمل الأمة، لدرجة أننى ظننت أنه لم ينتبه إلى أن الأمر يتعلق بلباس زوجة لزوجها داخل المنزل، ولكن فى السياق تأكدت أنه يعى ذلك، ورغم ذلك انتهى إلى أن السائلة لا يجوز لها ذلك.
هذه الفتوى وغيرها ومثلها أكثر من أن أحصيه فى هذا المقال، ولكن من أراد أن يطلع على مزيد من الفتاوى الغائبة عن الواقع، التى تصدر عن شيوخ السلفية والوهابية عندنا فى مصر، وكبيرهم فى المملكة العربية السعودية الشيخ بن باز الذى لا يجوز إلا أن نترحم عليه، وكثير غيره ممن انتبهت المملكة مؤخرا لخطورة هذه الفتاوى وذلك الفكر الجامد المتحجر المجافى لقواعد الفقه وأصوله، والبعيد عن المنهج العلمى المؤسس لأصول الفتوى الذى تنتهجه دار الإقتاء المصرية وتؤصل له جامعة الأزهر الشريف فى مناهج الكليات الشرعية، ولذا نجد أن دار الإفتاء عندنا فى مصر تتولى الرد على مثل هذه الفتاوى التى تثير الضحك أو تسيئ إلى صورة الإسلام والمسلمين فى عالم متربص بنا ويتلقف مثل هذه الفتاوى لتشويه صورة الإسلام الجميلة وتلطيخ ثوب الإسلام الأبيض بالسواد.
ومن أشهر الفتاوى التى جعلت كثيرا من المتدينين يتورطون فى تجارة الآثار، فتوى شاذة للشيخ محمد حسان أطلقها عام 2010، وأكد فيها أن الإنسان إذا وجد أثارا فى أرضه أو منزله أو أى مكان يملكه فهى ملكه، فيعد هذا رزق وكنز من عند الله ومن حقه أن يبيعها ويصرفها، وتكون أموالها حلالا له، لافتا إلى أنه إذا وجد أى أثار مجسدة فى صورة أشخاص فلابد من أن يطمسها الإنسان.
دار الإفتاء ردت على هذه الفتوى مؤكدة أنه لا يجوز شرعًا المتاجرة بالآثار أو التصرف فيها بالبيع أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات، إلا في حدود ما يسمح به ولي الأمر وينظِّمه القانون مما يحقق المصلحة العامة، حتى ولو وجدها الإنسان في أرض يمتلكها، فانتقال ملكية الأرض لا يستتبع انتقال ملكية المدفون في الأرض من الآثار، ما لم يكن المالك الحالي أحد ورثة المالك الأول صاحب الأثر المدفون -وهو أمر مستبعدٌ-، فمِن ثَمَّ يكون ذلك الأثر "مال عام"، ويصير لُقَطة يجب ردها إلى الدولة، وهذا ما عليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: الغناء والموسيقى حلال في هذه الحالات «فيديو»
قال الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن سماع الموسيقى والغناء لا حرج فيه إذا كان في سياق غير مخالف للشرع.
واستشهد أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حواره مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة الناس، بما فعله سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بعدما دخل أبو بكر الصديق رضي الله على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام ووجد جارتين تغنيان في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها، واعترض قائلا: «مزمار الشيطان في بيت رسول الله»، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «دعهم يا أبا بكر، فإن اليوم يوم عيد»، لافتا إلى أن ذلك يدل على أن الغناء والموسيقى لا بأس بهما في بعض المناسبات، مثل الأعياد والفرح».
وأكد أن الموسيقى والغناء في ذاتهما لا يعدّان محرمين في الإسلام، وإنما الحرمانية تكمن في الكلمات البذيئة التي تثير الفتن أو الشهوات، مضيفا أن الغناء الذي يحتوي على كلمات حسنة أو فنية جميلة يعتبر مباحا، بينما الغناء الذي يتضمن كلمات قبيحة أو دعوة إلى الرذيلة يكون محرما.
وأشار إلى أنه لا حرج في سماع الموسيقى أو الأغاني المناسبة في أوقات معينة، مثلا أثناء التنظيف في المنزل أو تحفيز الذات في العمل أو الدراسة، إذا كانت تلك الأغاني كلماتها طيبة.
وعقّب على ذلك قائلا: «واعتاد الناس أيضا في مجالس الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يمدحوا النبي بإنشاد المدائح، مثلما كان يفعل سيدنا حسان بن ثابت الذي كان يمدح النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمات التي تشبه الغناء، فهذا لا يعد محرمًا، بل هو عمل مبارك ومحبب إلى الله».
اقرأ أيضاًحكم سماع الموسيقى والأغاني.. دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي
بعد طلب عمر كمال.. «الإفتاء» توضح حكم سماع الموسيقى والأغاني
الاثنين المقبل.. حفل موسيقي لفرقة «سماعي» بمكتبة الإسكندرية