أجمع ضيوف برنامج "سيناريوهات" على أن "التراخي" الأوروبي والأميركي في التعاطي مع انقلاب الغابون يعود لاختلاف الظروف والسياقات السياسية بين هذه الدولة والبلدان التي شهدت انقلابات عسكرية وآخرها النيجر.

وبالنسبة لأستاذ الشؤون الدولية في جامعة حمد بن خليفة الدكتور عبد الفتاح محمد فرغم أنه كانت هناك إدانات من المجتمع الدولي لانقلاب الغابون الذي أطاح بالرئيس علي بونغو، فإنها لم تحمل لغة القوة والحدة كما كان الأمر في حالة انقلاب النيجر يوم 26 يوليو/تموز الماضي والذي أطاح بالرئيس محمد بازوم.

وأرجع سبب هذا التراخي تجاه انقلاب الغابون لكون الانتخابات الأخيرة التي جرت هناك كانت مشوبة بالفساد، يضاف إليها مرض الرئيس المطاح به، مما جعل الدول الغربية تتعامل بحذر مع الانقلاب في هذا البلد، مشيرا إلى أن الاختلافات في المصالح تؤدي إلى اختلافات في المواقف السياسية.

من جانبه لم يستبعد الكاتب الصحفي المختص في الشؤون الأوروبية منصف السليمي أن تكون فرنسا "بالتحديد" قد أخذت درسا من تجربة النيجر، ولذلك أدانت انقلاب الغابون بحذر وتعاملت معه ببراغماتية، كما قال.

أما الموقف الأوروبي العام الذي تقف وراءه ألمانيا -كما يواصل السليمي- فقد عبّر عنه مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي أدان انقلاب الغابون وتحدث عن تجاوزات كبيرة في الانتخابات التي نظمت قبيل الانقلاب وأُعلن فيها عن فوز بونغو بولاية ثالثة بحصوله على 64.27% من الأصوات.

ووفق ما كشف ضيف حلقة (2023/8/31) من برنامج "سيناريوهات"، فإن هناك موقفا أوروبيا آخر عبرّت عنه وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك بقولها إن العسكريين ليسوا هم من يصحح المسار السياسي ولا يمكن أن يكونوا هم البديل.

ومن وجهة نظر السليمي، فحيث تكون مصالح الدول تنخفض حدة المواقف السياسية، والدليل أن الدول الغربية لم تنتقد أنظمة مثيرة للجدل كما هو الحال في تونس ومصر، ولم تكترث لتجاوزات حقوق الإنسان في بعض الدول العربية.

ومن منطلق الحفاظ على المصالح، أكد أن الأوروبيين خصوصا يدركون أن هناك تهديدا لمصالحهم ولنفوذهم الاقتصادي والإستراتيجي في الدول التي تشهد انقلابات عسكرية في أفريقيا وخاصة في المنطقة الواقعة تحت النفوذ الفرنسي، لذا لجؤوا للتروي بعيدا عن التصعيد والمواقف الحادة من الانقلاب.

وبشأن الموقف الأميركي في التعاطي مع انقلاب الغابون، أشار السفير الأميركي السابق لدى الغابون إريك بنجامينسون إلى أن بلاده أرادت فهم ما حصل في هذه الدولة وأنها تنتظر التطورات القادمة، مؤكدا أنه لم يحدث انتهاك لحقوق الإنسان هناك، بالإضافة إلى أن هذه الدولة لا تعاني من أزمات على غرار بوركينا فاسو والنيجر ومالي، التي يوجد فيها مناطق خارج سيطرة الدولة.

وقال إنه لا مصالح اقتصادية كبيرة للولايات المتحدة في الغابون، وإن الاهتمام بها يأتي من منطلق أنها منطقة هادئة وتساهم في عمليات حفظ السلام في وسط وغرب أفريقيا، وأنها نشطة في مجال التغيرات المناخية.

فساد وفقر

غير أن الدبلوماسي الأميركي السابق أثار في سياق حديثه مسألة الفساد في ظل حكم عائلة بونغو، وتحدث عن قيادة الرئيس المطاح به سيارات فارهة في وقت يعاني فيه شعبه من الفقر.

وفي السياق نفسه، تحدث أستاذ الشؤون الدولية في جامعة حمد بن خليفة عن الفساد في الدولة البترولية، وعن عائلة بونغو التي قال إنها حكمت أكثر من 50 سنة، دون تقديم أي فائدة للشعب.

ومن وجهة نظر الكاتب الصحفي المختص في الشؤون الأوروبية، فإن نموذج الديمقراطية الغربية هو موضع تساؤل في الدول الأفريقية، فمصالح شعوب القارة الاقتصادية والاجتماعية لم تتحقق، مما هيأ المناخ لموجة الانقلابات التي تحدث.

وأشار إلى أن النخب السياسية والعائلات في منطقة النفوذ الفرنسي تتسم بفساد شديد، والمعارضة هناك لا تمتلك مقومات القوة من أجل التغيير، مما يجعل القوة العسكرية تسيطر على السلطة، وذلك بخلاف الدول الأنجلوساكسونية، حيث يوجد مجتمع مدني والأحزاب أكثر مرونة في التعامل مع المشاكل.

وبينما دعا الأفارقة إلى التفكير في بدائل أفريقية لحل مشاكلهم، توقع الكاتب الصحفي أن تكون القارة السمراء بؤرة صراع حاد خلال المرحلة المقبلة، في ظل غياب تربة تؤهلها لقيام ديمقراطية وحكم رشيد، وفي ظل التنافس الدولي على هذه المنطقة، لكنه أكد أن الدول الأجنبية والأوروبية تحديدا مطالبة بتغيير سياساتها تجاه القارة السمراء.

ومن جهته، توقع أستاذ الشؤون الدولية في جامعة حمد بن خليفة حدوث المزيد من الانقلابات في القارة الأفريقية، وربما في الدول نفسها التي شهدت هذه الانقلابات مؤخرا، مبرزا أن حلول الأزمات الحالية غير جاهزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: انقلاب الغابون فی الدول إلى أن

إقرأ أيضاً:

رسوم ترامب تجبر أوبك على خفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط

خفّضت منظمة أوبك (البلدان المصدرة للبترول) توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2025، تحت تأثير بيانات الربع الأول من العام والرسوم الجمركية الأميركية، كما خفّضت توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي في العامين الجاري والمقبل.

وتوقعت أوبك، في تقريرها الشهري، ارتفاع الطلب العالمي على النفط 1.3 مليون برميل يوميا في 2025، بانخفاض 150 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر الماضي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غولدمان ساكس يتوقع ارتفاع الذهب إلى 3700 دولار خلال 2025list 2 of 2إعفاء أميركا الواردات التكنولوجية من الرسوم ينعش الأسهم العالميةend of list

في المجمل، صار من المتوقع أن يبلغ الطلب العالمي 105.05 ملايين برميل يوميا في 2025 تراجعا من 105.20 ملايين برميل كانت متوقعة الشهر الماضي، وفق أوبك.

وارتفع برميل خام برنت 1.36% إلى 65.64 دولارا، في أحدث تعاملات، كما زاد سعر برميل الخام الأميركي 1.40% إلى 62.36 دولارا للبرميل.

وتابعت أوبك في التقرير: "أبدى الاقتصاد العالمي ثباتا في اتجاهه نحو النمو في بداية العام، إلا أن الديناميكيات الأخيرة المتعلقة بالتجارة زادت الشكوك فيما يتعلق بتوقعات النمو الاقتصادي العالمي على المدى القصير".

ولا تزال توقعات أوبك للطلب على النفط عند الحد الأعلى من التوقعات في القطاع، وتتوقع أن يستمر تنامي استخدام النفط لسنوات، على عكس وكالة الطاقة الدولية التي تتوقع أن يبلغ الطلب ذروة في العقد الجاري مع تحول العالم إلى أنواع وقود أنظف.

إعلان

وتأتي ارتفاعات النفط اليوم على خلفية استثناء بعض المنتجات من الرسوم الجمركية الأميركية، وبعدما كشفت بيانات ارتفاع واردات الصين من الخام بشكل كبير في مارس/آذار الماضي.

لكن المكاسب حدت منها المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتأثر الطلب على الوقود بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

أسعار النفط ارتفعت خلال التداولات اليوم الاثنين (غيتي) نقاط ضعف

ونقلت رويترز عن المدير العالمي لقسم الأبحاث لدى أونيكس كابيتال غروب، هاري تشيلينجويريان قوله: "أسهمت الأنباء عن الإعفاءات من الرسوم الجمركية في تحسين المعنويات بالأسواق.. لكن لا يزال ثمة كثير من نقاط الضعف.. ثمة مخاطر سياسية مرتبطة بهذا النهج التجاري المتقلب مما يؤثر على الأسواق".

واستثنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت متأخر من يوم الجمعة الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب وبعض الإلكترونيات الأخرى، التي يتم استيراد معظمها من الصين، من الرسوم الجمركية الكبيرة.

وكانت هذه أحدث حلقة في سلسلة من إعلانات فرض رسوم جمركية تم التراجع عنها، مما أثار حالة من الضبابية لدى المستثمرين والشركات.

وقال ترامب، أمس الأحد، إنه سيعلن عن نسبة الرسوم الجمركية التي سيفرضها على أشباه الموصلات المستوردة خلال الأسبوع الجاري.

مقالات مشابهة

  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • بختة منصوري في لواندا بدعوة من نظيرتها الأنغولية
  • «الشؤون الإسلامية» تكرّم موظفيها ضمن فريق برنامج العلماء الضيوف
  • براءات الاختراع تجعل المغرب يتصدر الابتكار الطبي بالقارة السمراء
  • بيان مصري كويتي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين وسوريا ولبنان
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • أحمد موسى: الكويت من أولى الدول التي دعمت مصر منذ 30 يونيو 2013 وحتى اليوم
  • رسوم ترامب تجبر أوبك على خفض توقعاتها لنمو الطلب على النفط
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس الغابون بفوزه في الانتخابات الرئاسية
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس الغابون بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية