وزير الصحة : 1500 قتيل مدني في الحرب ومخاوف من انحدار مريع للأوضاع
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
كشف وزير الصحة الاتحادي المكلف هيثم محمد إبراهيم، عن مقتل 1500 شخصًا مدنيًا جراء الحرب،فيما تتزايد المخاوف من تردي الأوضاع البيئية مع بدء الامطار في ظل تناثر الجثث جراء المعارك المحتدمة في الخرطوم ومدن اخرى منذ نحو أربعة أشهر.
وتقول الأمم المتحدة إن 80% من المرافق الصحية في السودان توقفت عن الخدمة، نتيجة لتعرضها للقصف والإخلاء القسري ونقص الإمدادات الطبية.
وقال الوزير هيثم محمد إبراهيم في مقابلة مع “سودان تربيون” اجريت الأربعاء؛ إن وزارة الصحة “أحصت مقتل 1500 مدنيًا وإصابة أكثر من 6 آلاف فرد جراء القتال”.
وتوقع أن يكون العدد الحقيقي للقتلى والمصابين أكثر من المرصود، في ظل صعوبة وصول كل الحالات للمستشفيات أو المشارح. واضطر العشرات لقبر الضحايا في بعض المنازل وحتى الطرقات العامة والميادين والاحياء، بعد تعذر الخروج أو الوصول الى المقابر بسبب استمرار المعارك. وتقول منظمات حقوقية ان ضحايا الحرب في السودان قد يتجاوز الثلاث الاف قتيل والاف الجرحى
تفشي الأوبئة
وتخوف الوزير من تدهور الوضع الصحي والبيئي، نتيجة لانتشار الجثث في بعض الولايات خاصة العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، وتأثرها بمياه الأمطار، مشددًا على أن الجثث تسبب كثير من الأوبئة.
وقال إنه لاحظ، خلال زيارته لبعض أحياء العاصمة الخرطوم المكتظة بالسكان والتي لم تتأثر بالأمطار انتشار الجثث فيها. وشدد وزير الصحة على أهمية تلافي هذه المخاطر حتى لا تحدث آثار بيئية، قبل أن يعود ويؤكد وجود مهددات بيئية أخرى بسبب فصل الخريف في عدد من ولايات السودان، وقال إنها قد يؤدي لبعض الأمراض مثل الإسهالات في انتشار نواقل الأمراض والناموس.
وكشف عن حدوث حالات للاسهالات المائية في جنوب كردفان، جرى التعامل معها لامتلاك الولاية إمداد كافي من المحاليل الوريدية. وأعلن وزير الصحة عن تسجيل أكثر من 3 آلا حالة للحصبة في 8 ولايات مختلفة بالبلاد إضافة إلى 58 حالة وفاة، وقال إن أكثر الولايات تأثرًا هي النيل الأبيض والنيل الأزرق.
وتحدث عن بدء تدشين حملات تطعيم الحصبة المرتبطة بالوباء في ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض بالتنسيق والتعاون مع بعض المنظمات الدولية اليونيسف والصحة العالمية وأطباء بلا حدود.
وذكر الوزير أن توقف حملات التطعيم الروتينية، يؤدي إلى انتشار أمراض الطفولة على راسها الحصبة، لكن بالتنسيق والتعاون مع اليونيسف وصلت حزمة كبيرة جدا من التطعيمات الروتينية. وأضاف: “نأمل أن يستقر الوضع الأمني في ولايات كثيرة فيها معدلات التطعيم منخفضة على أساس الناس تسعي في زيادة التطعيم في تلك الولايات”.
وأوضح الوزير أن نواقل الأمراض الملاريا منتشرة في كل ولايات السودان، فيما تنتشر نواقل حمى الضنك في 10 ولايات، ومكافحتها تتطلب تحريك المجتمع لارتباطها بالبيئة وذلك أن تنتشر بكثافة.
وأكد على أن مرض الملاريا منتشر في معظم ولايات السودان، لكن ليس بالنسب المتوقعة في هذا العام، حيث أن فصل الخريف مازال مستمر ولذلك نتوقع انتشار الناموس الناقل مع نهاية موسم الأمطار بصورة كبيرة جدًا.
المستشفيات وشح الأدوية
وأفاد الوزير بتأثر السكان بخروج المستشفيات عن الخدمة في مناطق الحرب، لا سيما في العاصمة الخرطوم ووسط وغرب دارفور وتوقف بعضها جزئيًا جنوب دارفور.
وأكد على أن بعض المستشفيات بدأت تعود للخدمة في العاصمة الخرطوم التي تعمل فيها حاليًا 42 مستشفى و56 مركز رعاية صحية و14 مركزًا لغسيل الكلى. وأضاف: “فقدت المستشفيات المركزية والمرجعية في الخرطوم، لكن جرى الاستعاضة ببعض الخدمات الموجودة في الولايات مثل الجزيرة التي تتوفر فيها مستشفيات كبيرة للقلب والأورام والجهاز الهضمي والعظام”.
وأكد الوزير عدم وجود إحصائية للأضرار التي تكبدتها المستشفيات في الخرطوم، وقال إن “ما حدث كبير جدًا حيث فُقدت كثير من الأجهزة والمعدات الأساسية”. وتحدث عن توقف خدمات الرعاية الصحية في دارفور بسبب دواعي الأمنية، خاصة في ولايات وسط وجنوب وغرب دارفور.
وأضاف: “يعاني النظام الصحي كله، كما تعاني البلاد. ومراكز الإيواء منتشرة في معظم السودان وهناك اكتظاظ في بعضها ، وخصصت عدد من المنظمات خدمات عيادات متنقلة ومباشرة وأخرى مجانية لهم”
وتخوف الوزير من تدهور الوضع الصحي مع فصل الخريف والكثافة السكانية في هذه المراكز من ظهور بعض الأمراض الوبائية، مشددًا على أنه لم تسجل حالات إسهالات مائية حادة او انفجارات وبائية بالخرطوم حتى الآن.
وتحدث هيثم محمد إبراهيم عن وجود 8 آلاف مريض بالكلي، يحتاجون إلى 72 ألف عملية غسيل كلوي شهريًا بتكلفة تصل خلال الثلاث أشهر نحو 2.5 مليون دولار. وقال إن الدعم الذي يصل من الدول قليل لهذه الحصة الكبيرة، كما لا تغطي الفجوة لذلك اتجهت وزارة المالية خلال الفترة الأخيرة مع بعض الشركاء الداعمين في توفير مخزون يكفي إلى نهاية العام.
وتوقع وصول هذه الإمدادات منتصف سبتمبر القادم، واقر وجود شح كبير هذه الأيام في أدوية أمراض الكلى، وقال نعمل على معالجة ذلك مع بعض المنظمات مثل قطر الخيرية والداعمين الآخرين على أساس سد الفجوة في الوقت الحالي، خاصة وأن معظم المراكز تعاني من نفاد غسلات الكلي.
سودان تربيون
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: العاصمة الخرطوم وزیر الصحة وقال إن على أن
إقرأ أيضاً:
من أحرق مدينة الفاشر؟
إنّهما جبريل ومناوي، حينما فارقا الحياد وانخرطا في دعم حرب الحركة الإسلامية الهادفة لاستعادة السلطة، التي نزعها ثوار ديسمبر بمساندة قوات الدعم السريع، بعدما أعلنا ذلك في مؤتمر صحفي بعاصمة الحركة الطريدة بورتسودان، قلنا أن ذلك الموقف الذي اتخذاه قد مثّل أبهى صورة لتجليات العبودية، والارتزاق من دم الأقربين، وبذلك عكسا الوجه الأكثر بشاعةً للانتهازي المتملق القادم من دارفور، المستعد لمسح جوخ أحفاد الزبير باشا سمسار العبــيد، الذي خرق آذان اجدادهما ونظمها بحبل ممتد من دارفور وبحر الغزال، وصولاً لأسواق النخاسة والرق بمصر، فالحرب كشفت لإنسان دارفور حقيقة اخوانه الذين تاجروا به وبقضيته، وجعلوها كالبغي التي تدر على سيدها المال الحرام برمي نفسها في أحضان الرجال، لقد دهشت النساء ورهب الأطفال واحتار الشيوخ في مخيمات النزوح، وهم يشاهدون مناوي وجبريل اللذين وعداهم بجنة الأمن ونعيم الاستقرار، ينامان على حرير أسرّة فنادق بورتسودان – العاصمة المؤقتة لعصابة الإسلام السياسي، لقد فرز أهل دارفور "البيض" من "الحميض"، وادركوا أن (الحوامض) جميعها قد آثرت الارتماء في حضن محتقرها، وحزنت المخيمات لصمت الرجلين حيال ذبح من يحمل صبغة دارفور الوراثية بالمدن المركزية، وصدمت لتمسكهما بالكرسي بعد هول المجزرة التي ارتكبها طيران العدو بإبادة سكان قرية "طُرة" الواقعة شمال مدينة الفاشر، هكذا ختم أمراء الحرب مسيرة الارتزاق، وبلا شك سيلاحقون لما جلبوه من عار.
ما كان للدمار الذي حاق بسكان وبنيان مدينة الفاشر أن يحدث لو مكث الرجلان في حيادهما، وما جرى لقاطني فاشر السلطان من موت وجوع وعطش ونقص في الدواء والغذاء والكساء، يتحمل وزره جبريل ومناوي اللذين أرسلا شباب قبيلتهما لمحرقة الحرب، لجني ملايين الدولارات المصروفة لأجل رفاه الأقربين، لم يحدث أن عق ابن من أبناء الإقليم المنكوب أهله مثلما فعل المرتزقان، فأين هما من "دريج" الحاكم الأسبق للإقليم الذي بنى الطرق؟، فالآن، هل عرف أهل دارفور من هو البناء ومن ذلك النهّاب؟ ومن بني الطرقات ومن سرق المؤسسات (البعثة الأممية المشتركة)؟، وهل يسمح هذا الشعب البسيط بعودة الذين أحالوا دياره لمحرقة تفحمت فيها الجثث وتدمرت فيها البيوت؟، إنّ المدينة التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل فج عميق، دخلت في ليل بهيم ودجى مظلم، وسهرت نساؤها مع أصوات المدافع التي أحالتها إلى جحيم لا يطاق، لبؤس الرجلين اللذين اتخذا قرار المواجهة الخاطئ، وما كان لهذه المدينة التاريخية أن تؤول لهذا المآل المرعب لولا أن قرارها ليس بيد أبنائها، لقد أذاها الصحراويون الويل والثبور وعظائم الأمور، إنّها مدينة التلال الرملية الباذخة التي زرتها قبل اندلاع (حرب تحرير السودان) بثلاث سنوات، استنشقت فيها عبق التاريخ في مشهد لن تجده إلّا في الفاشر، ذلك المشهد هو أن سكانها يقدمون للزائر العطر والحلويات والكعك في غير أيام العيد.
سوف تضع الحرب أوزارها ويرمم قصر السلطان وملحقاته، وتمتلئ البحيرة بالمياه الجارفة لدماء الخطيئة الكبرى التي ارتكبها مناوي وجبريل، ويرقص الصغار والكبار على إيقاع "الفرنقبية"، و يُنحر كابوس الشر على بوابة الفرقة العسكرية – مكمن الداء وحصن الأعداء، الذين كادوا لهذه الديار الطيب أهلها كيداً عظيماً منذ العام الأول (للاستغلال)، قريباً سيعود المواطنون لا (النازحون) إلى مدينتهم وبيوتهم الممسوحة غير المسفوحة، والمخططة رسمياً من إدارة الحياة المدنية الجديدة، فبعد هذه المتاجرة الرخيصة لجوقة الشؤم بقضايا النازحين، لن يكون هناك سودانياً واحداً نازحاً على أرضه بعد التحرير، فالعهد الجديد هو عهد المواطنة الحقة التي لا مكان فيها للأحياء العشوائية وحارات العشش وبيوت الصفيح ومدن الكرتون، وسوف يأوي كل سوداني إلى قطعة أرضه المستحقة من الدولة، لا تلك الأرض التي يشتريها من حر ماله بغرض السكن، إذ كيف لمواطن أن يشتري أرضاً سكنية مقتطعة من تراب وطنه؟، هذا السؤال يجب أن يؤخذ في اعتبار القائمين على أمر بناء الحياة القادمة، لقد عشنا زماناً معتقدين أن الواجب علينا شراء الأرض التي نود أن نبني عليها بيوتنا، داخل أوطاننا، إنّ هذا لعمري أكبر فضيحة وعار لدويلة السادس والخمسين، كيف صمت المواطنون السودانيون عن هذه المهزلة الحكومية طيلة هذه السنين؟.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com