صباح محمد الحسن
أعلنت الشركة القابضة مصر للطيران عن تسيير أولى رحلاتها الجوية المباشرة من مدينة القاهرة الىربورتسودان إعتبارا من الغد، تأتي هذه الخطوة بعد زيارة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الي السيسي في لقاء خاطف خرج منه البرهان (مخطوف اللون) ولم يستطع الفريق السيسي إخفاء ملامح الإحباط من وجهه، ولأننا تحدثنا أن مصر لن تستطيع أن تنقذ البرهان، فمثلما أخبر البرهان السيسي بما يحدث في الميدان، أخبره السيسي بما توصل له المجتمع الدولي من قرار نهائي، لهذا كان لابد من أن يتأبط البرهان أزمته ويعود الي البلاد لكن فكر السيسي أن يستثمر في هذه الأزمة وأن لاتفوت عليه فرصة الإستفادة بعد وقف النار .
فمصر اول الدول المتضرره من إستمرار الحرب لأثرها الإقتصادي عليها وتوقف التجارة بينها والسودان الأمر الذي نتج عنه زيادة مخيفة في الأسعار ونقص وشح في الموارد التي كانت تأتي إليها من السودان ، لذلك قصد السيسي أن يتقدم بخطوة على الدول العربية الأخرى ليحجز مكانه الجوي وتكون مصر أول دولة تفتح مسارا جوياً للسيطرة على عملية إدخال المساعدات الإنسانية ، وهي رساله واضحة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي (إننا جاهزون) فمصر لن تتخلى عن نصيبها سيما أن الدول المانحة والمنظمات هذه الأيام تتخذ من إثيوبيا مهبطاً ومقرا لها لبداية عملها في السودان
وتفكير مصر في مصالحها ومكاسبها يؤكد أن الخارج تجاوز ميادين المعركة وبدأ يعمل ولا اقول يتحدث في مابعدها وهذه هي الحقيقة التي شكلت صدمة للبرهان وفلول النظام المائت
فمصر تعلم أن الغرف الخارجية لحل الأزمة السودانية تخطت الحرب والحديث عن كيفية إيقافها ، وإن تحركات المجتمع الدولي الآن تتجه نحو وضع خطة إقامة دولة جديدة تحتاج البناء ، فالسفير الأمريكي عندما قال إن طرفي الصراع لايصلحان للحكم لم يكن هذا مجرد تصريح فهو يعلم مايدور هناك ومايقوم به (مايك هامر) المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي، المتواجد الآن في نيروبي والذي يزور أديس أبابا ، لبحث الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء العنف وإقامة حكم ديمقراطي ودعم العدالة والمساءلة.
إذن كيف خرج البرهان ومن الذي وفر له الحماية الجوية خطوات إتخذتها أمريكا لتتخلص بها من القلق الذي يحاصرها على طاولة المفاوضات
حتى وفد الحرية الحرية والتغيير ( المجلس المركزي ) يقوم بزيارة إلى دولة قطر لا تفسير لها سوى أنها تصب في ماعون عملية انعاش العلاقات الإقتصادية سيما أن قحت تمثل الآن جبهة مدنية شعبية ، يهمها البناء ودعم الإقتصاد بعد توقف الحرب
ومعلوم أن قطر من أكثر الدول التي تقف بعيدا أثناء الحرب ، فهي لا ترسل سلاحا ولا تتبنى تأجيج الفتن، تبسط يدها لمساعدة الدول الصديقة في الإعمار (لبنان نموذج) حتى علاقتها بالإسلاميين عندما قدمت لهم الدعم كانت تدعم الحوار عبر الاتفاقيات وتتبني البناء والإعمار، بان ذلك جليا في دارفور
فخلاصة هذا السرد تؤكد أن حل الأزمة تجاوز محطة المعارك
فحركة السير والإتجاه الخارجي نحو إنهاء الحرب يقابلها إحباط داخلي وسط الفلول لكن رغم مواصلة الإشتباكات في الخرطوم، فشل دخان المدافع والحرائق في حجب الرؤية عن شمس السلام والديمقراطية التي بدأ شعاعها يلوح في الأفق، أصدقكم القول إننا نقترب !!
طيف أخير:
شكرا لنقابة الصحفيين ودورها العظيم الذي تقوم به تجاه الأعضاء لتخفيف قسوة ظروف الحرب، وشكرا للأمانة الخارجية التي تواصلت معي ظناً منها إنني خارج السودان ، نحن هنا مثلما شهدنا أول طلقة نراقب الآن تحليق الحمام على سماء الوطن.
نقلا عن صحيفة الجريدة
الوسومصباح محمد الحسنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
“بيرييلو” ومآلات الحرب السودانية
لعل من غير المستغرب أن يهرول المبعوث الأمريكي “توم بيرييلو” إلى “بورتسودان”، التي رفض من قبل أن يزورها، بحجة القلق على حياته جراء اضطراب الأمن.
ولم يَمضِ وقت طويل قبل أن يجد نفسه في مأزق؛ يائساً، محروماً من أي فرص ، بعد فشله في تقديم الإفادات الصحيحة غير المنحازة حول الأزمة السودانية ، بل ظهر كوسيط منحاز تماماً للطرف الآخر من الصراع ، هو الآن محروماً من الأموال بعد الاستثمار في قضية مشبوهة وإنفاق مبلغ ضخم في محاولة “جنيف ” الفاشلة.
في موازاة ذلك وسَّعت مليشيات “ال دقلو” حربها التدميرية، هدفُها واضح، تدفيع السودانيين ثمناً رهيباً رداً على مساندتهم للجيش الوطني ، تريد المليشيات إغراق السودان في الركام وقلق النزوح وتوتراته، حتى يتسنى لرعاتها الدوليين استصدار قرار أممي باحتلال بلادنا عبر ما يسمى ب “قوات حماية المدنيين” ، ولكن المفاجأة .. الحليف القوي “روسيا” أحبطت المحاولة باستخدام حق النقض “الفيتو” .
في الجانب الآخر ، لا يعلم “بيرييلو” ان السودان ينتظر انتقالَ المقاليد في البيت الأبيض إلى يد “دونالد ترمب” بعد شهرين، عندها مصير مهمة المبعوث الأميركي لن تنفصل عن الحديث الدائر عما سيكون عليه وضع ملف السودان في عهد ترمب الثاني، وغالب ظني سيدفع “ترمب” بملف السودان الى وكلائه في الخليج ، وستعود نغمة “منبر جدة ” من جديد .
بغض النظر عن تحالفات السودان الجديدة مع القطب الشرقي ، والتي بدأت باستئناف الشراكة الاقتصادية مع الصين ، إستعادة العلاقات مع “إيران” ،وتفاهمات ناجحة مع روسيا ظهرت جلياً في موقفها امس، فإن مماطلة الامريكان كثيراً في إدانة واتخاذ موقف حاسم يساهم في إنهاء معاناة السودانيين ، جعلت حكومة السودان غير آبهة بزيارة المبعوث الأمريكي ولم توليها الاهتمام الكافي .
في ذات السياق ، حتى وإن استئنف “منبر جدة” مرة أخرى، من يفاوض السودان؟ ، هل يملك “حميدتي” أي سيطرة على عصابات النهب التي تحارب المدنيين في الجزيرة ، سنار ، دارفور ؟ ، بالطبع (لا) ،خرجت تلك العصابات عن إمرة قادة الدعم السريع ، ولن تنتهي إلا بالقتال، إذا ما الذي يجبر “البرهان” على الخضوع لإملاءات الغرب؟ .
الرئيس “البرهان” رجل ذكي ، نجح في إنقاذ السودان من الاحتلال الأجنبي، سوى كان عبر حرب الوكالة التي يخوضها “حميدتي” أو عبر مؤامرات الغرب وامريكا التي فشلت أمس بواسطة الموقف الروسي .
أنتصر “البرهان” على الغرب ، ومن حسن الحظ أن جروحَ السنوات الماضية لم تقتلع من نفوس السودانيين بقايا مشاعر التضامن الوطني والإنساني، لذلك يجد شعبه يسانده في كل المواقف التي يتخذها.
الفترة التي تفصلنا عن تسلم “ترمب” مهامه شديدة الخطورة، وحشية المليشيات بلا حدود أو روادع.
إذا رغبت “أمريكا” في الحفاظ على قدر متوازن من مصالحها في السودان عليها اتخاذ قرارات حاسمة بشأن “ال دقلو” وحربهم ضد المدنيين ، اتخاذ القرارات الحاسمة اليوم أفضل من اتخاذها بعد الانهيار الكامل للعلاقة بين السودان والولايات المتحدة .
حسم المليشيات عبر قرارات ومواقف دولية واضحة يساهم في عودة الدولة السودانية ، الدولة وحدها التي تملك الحق في المنح والرفض ، وايضاً وحدها تستطيع تضميد جروح السودانيين وتبديد مخاوفهم وليست القوات الأممية.
محبتي واحترامي
رشان اوشي
إنضم لقناة النيلين على واتساب