بوابة الوفد:
2024-10-03@06:34:05 GMT

الفضاء الإلكترونى

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

الأدوات والوسائل لا يمكن الحكم عليها فى ذاتها بالقبول المطلق أو الرفض المطلق، فالسكين التى تقطع وتذبح لا غنى عن منافعها شريطة تجنب مضارها، والنار التى تحرق لا غنى أيضًا عن منافعها واستخداماتها الرشيدة شريطة تجنب مضارها، وكذلك صناعة السلاح الذى لا غنى عنه لحماية أمن المجتمعات والأوطان والدفاع عنها، فإنه قد يكون مَكْمَن خطورة إذا وقع فى يد الإرهابيين والمتطرفين ومن يسيئون استخدامه، بل القلم أيضًا قد يكون وسيلة رشاد أو آلة سباب، كلها أدوات ووسائل يمكن أن تُوجَّه للخير أو للشر، وهذا هو الحال نفسه فى سائر وسائل الاتصال الإلكترونى الذى يمكن أن نستخدمه فى كل ما يخدم العلم، والدعوة، والبشرية، وتيسير سبل التواصل، كما يمكن استخدامه للهدم على نحو ما تفعل الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

 

وينبغى أن نؤصل ونرسخ ونركز على أخلاقيات وضوابط الاستخدام الرشيد للفضاء الإلكتروني؛ لنجنب أبناءنا وشعوبنا والبشرية جمعاء مضاره وشروره.

ولا شك أن مكارم الأخلاق من القواسم المشتركة بين الأديان السماوية، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»، وقد ذكر القرآن الكريم فى سورة الأنعام عِدة وصايا قال عنها سيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما) إنها من الآيات المحكمات التى لم تنسخ فى أى ملة من الملل، وذلك حيث يقول الحق سبحانه: «قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *‏ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».

فالأخلاق والقيم الإنسانية التى تكون أساسًا للتعايش لم تختلف فى أى شريعة من الشرائع، وأرونى أى شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين، أو أكل السحت، أو أكل مال اليتيم، أو أكل حق العامل أو الأجير؟!.

وأرونى أى شريعة أباحت الكذب أو الافتراء أو الاختلاق وبث الشائعات وأذى الآخرين فى أعراضهم تشهيرًا واغتيالًا معنويًّا؟! سواء أكان ذلك فى دنيا الناس أم فى عالمهم الافتراضى.

بل على العكس فإن جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية، فمن خرج عليها فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها.

ثم جاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) ليرسخ مكارم الأخلاق تنظيرًا وتطبيقًا، حيث لخَّص (صلى الله عليه وسلم) هدف رسالته فى قوله (صلى الله عليه وسلم ): «إنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»، وسئل (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ؟ فقَالَ: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ»، وسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، فَقَالَ: «تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ»، وعَنْ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْها) قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ»، وقال (صلى الله عليه وسلم) : «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ».

ولقد نهى ديننا الحنيف عن الغمز واللمز وكل ألوان التهكم والسخرية والاغتيال المعنوى، ولا شك أن ذلك النهى عام يشمل ما يقع عبر مواقع التواصل كما يشمل ما يقع عبر غيرها، يقول الحق سبحانه متوعدًا أصحاب الهمز واللمز: «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ»، ويقول سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ».

وإن الأمم التى لا تبنى على القيم والأخلاق، تحمل عوامل سقوطها فى أصل قيامها وأساس بنائها..

وزير الأوقاف 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمد مختار جمعة الفضاء الالكتروني صلى الله علیه وسلم ى الله ع

إقرأ أيضاً:

"أهمية القراءة في تشكيل الوعي" على مائدة معرض الرياض الدولي للكتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشف  المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري، أن هناك من يحاول التقليل من منزلة الكتاب بدعوى وجود ما يعوضه في النشر الإلكتروني أو غيره، موضحًا: إذا نظرنا إلى الماضي وجدنا مثل هذه الأفكار، حيث كان هناك من يحاول أن يستنقص من قيمة الكتاب بمحاولة الرفع من وسائل أصبح لا قيمة لها في عصرنا الحاضر، مثل الأشرطة (الكاسيت)، موضحًا أن من يعتقد بأن وجود تقنيات تؤلف الكتب سوف ينهي الكتب هو اعتقاد خاطئ، حيث إن المؤلفات المعتمدة على التقنية -غالبًا- ما تفتقد لتوثيق معلوماتها، ويختلط فيها الغث والسمين.

جاء ذلك في ندوة حوارية بعنوان "أهمية القراءة والتدبر في تشكيل الوعي"، ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب ٢٠٢٤م، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت شعار "الرياض تقرأ" في جامعة الملك سعود.

القراءة ومكانتها الخاصة 
لافتا  : "لا بد أن نستشعر أن أول توجيه إلهي نزل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أمرًا بالقراءة، وأن نستشعر أن النبي -صلى الله عليه وسلم -كان يولي القراء مكانة خاصة، ولذلك كان يطلب من أصحابه أن يتعلموا القراءة، وقد ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل من أنواع الفداء الذي يقدمه أسرى بدر أن يعلموا أبناء المسلمين القراءة، ووقتها سنعلم الفائدة العظيمة في هذا الباب".

وأضاف: "إذا نظرنا إلى هذه الأمة وجدنا أنها في عصورها المتعاقبة والمتتابعة ضربت لنا أروع الأمثلة فيما يتعلق بهذا الباب في النشاط العلمي الكبير الذي نجده في المكتبة الإسلامية في فروع العلوم والفنون كافة؛ مما يتجاوز ما في الأذهان، ولولا ما ورد على الكتاب من هجمات ليست بالقليلة لوجدنا كتبًا مضاعفة، أكثر مما لدينا الآن".

أهمية تنظيم الوقت 

مشيرا  إلى أهمية تنظيم الوقت حتى يتمكن الإنسان من توفير وقت كافٍ للقراءة، موضحًا أن أكثر ما يستهلك الأوقات هو متابعة ما لا ينفع ولا يفيد، دون استشعار لقيمة العمر الذي يذهب سدى.

يذكر أن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب ٢٠٢٤م مستمر في مقر المعرض بجامعة الملك سعود حتى ٥ أكتوبر ٢٠٢٤م، ليتيح لزواره من عشّاق القراءة والكتاب والمعرفة، لقاء عدد من أبرز الكُتّاب والمبدعين والأدباء والمثقفين ضمن تجربة ثقافية ومعرفية فريدة ومتكاملة.

 

1-1 1-10 1-9 1-7-2 1-5-1 1-4-2 1-3-2 1-2-1

مقالات مشابهة

  • "أهمية القراءة في تشكيل الوعي" على مائدة معرض الرياض الدولي للكتاب
  • تنشئة الأطفال على حب الرسول.. ندوة لـ"خريجي الأزهر" بالوادي الجديد
  • نسخة من دعاء السفر مكتوب للمسافر كما ورد عن النبي ﷺ
  • استمرار الاحتفالات بميلاد النبي "صلى الله عليه وسلم" بأوقاف الفيوم.. صور
  • «الإفتاء» توضح حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد
  • أذكار النوم.. كما وردت عن رسول الله
  • سكرتير عام «مُنتجي الألبان»: اللبن سلعة استراتيجية مثل العيش.. وأمن قومي علينا التكاتف للحفاظ عليه
  • الإفتاء توضح العلاج النهائي للحسد والعين
  • ذكر عن رسول الله يصل بك إلى درجة القانتين
  • فضائل سورة الكافرون.. براءة من الشرك وتحصين للنفس