أحمد ياسر يكتب: البريكس وإثيوبيا.. حدود جديدة في لعبة شد الحبل السياسي
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
في عصر أصبحت التحالفات العالمية أكثر أهمية من أي وقت مضى، فإن توسع مجموعة البريكس الأخيرة لتشمل إثيوبيا هو شهادة على الديناميكيات المتطورة في السياسة الدولية.
لا يمثل هذا الإدراج توافقًا استراتيجيًا للتحالف فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على أهمية إثيوبيا المتزايدة في الجغرافيا السياسية الإقليمية.
إن تأكيد إثيوبيا لنفوذها في القرن الأفريقي، وخاصة نفوذها على الصومال ونفوذها المزعوم على أجزاء من البحر الأحمر ومياه المحيط الهندي، يسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه إثيوبيا في المنطقة، ومن خلال الترحيب بإثيوبيا، تؤسس مجموعة البريكس بشكل فعال موطئ قدم في منطقة حيث أصبح الوصول إلى الطرق البحرية والسيطرة على مياه البحر الأحمر والمحيط الهندي نقاط خلاف متزايدة.
ومع ذلك، فإن آثار هذا التوسع تمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء... قد يدفع تقارب إثيوبيا مع مجموعة البريكس الصومال إلى تعزيز علاقات أعمق مع القوى الغربية، ولا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والغرب، الذي يدرك الأهمية الاستراتيجية لمياه البحر الأحمر والمحيط الهندى..
إن توقيت إدراج إثيوبيا الذي يتزامن مع الاتفاق المتعدد بين الإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا يوفر طبقة أخرى من القصة.
ولكلا البلدين مصالح متزايدة في القرن الأفريقي، وخاصة في المياه البحرية والموانئ الصومالية، هناك نمط ناشئ هنا؛ الدول القوية تستغل الدول الضعيفة... وليس سرًا أن الحكومة الصومالية كانت تتصارع مع قضايا الاستقرار، والتي يبدو أنها أتاحت فرصة لدول مثل الإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا للحصول على موطئ قدم في المنطقة.
إن تكتيك استخدام الدول الأعضاء الفيدرالية الإقليمية لزيادة تقليص سيادة الصومال هو خطوة استراتيجية.. إنها حالة كلاسيكية من "فرق تسد"، فإذا تمكنت من إضعاف السلطة الفيدرالية من خلال دعم القوى الإقليمية، فمن الممكن أن تتعرض سيادة القوة المركزية للخطر.
وهنا يكمن احتمال تصاعد التوتر الجيوسياسي... إذا أصبح الصومال مسرحًا لصراعات القوة بين الغرب ومجموعة البريكس، فربما نشهد المراحل الأولى من حرب باردة جيوسياسية جديدة.... إن المياه قبالة سواحل الصومال، والتي كانت ذات يوم مشهورة بالقرصنة، يمكن أن تصبح الآن نقطة محورية لاستراتيجية عالمية أكبر.
وبالنسبة للصومال، يعد هذا بمثابة نداء صحوة.... وبينما تمارس القوى الكبرى ألعابها الجيوسياسية، فمن الأهمية أن يستعيد الصومال سيادته، ويضمن الاستقرار، ويضع نفسه استراتيجيًا على الساحة العالمية... إن توسع مجموعة البريكس بمثابة تذكير بأنه في عالم الجغرافيا السياسية، غالبا ما يحل الموقع الاستراتيجي والنفوذ محل المبادئ القديمة المتمثلة في السيادة وتقرير المصير.
إن التحرك المحتمل من قبل الغرب لتعزيز البحرية الصومالية سيكون له دلالة واضحة... ولن يشكل ذلك تحديا لمزاعم إثيوبيا بالسيطرة على المياه الصومالية فحسب، بل سيدل أيضا على التزام الغرب بالحفاظ على نفوذه في المنطقة... ومثل هذه الخطوة من شأنها أن تبعث برسالة واضحة إلى مجموعة البريكس ــ مفادها أن الغرب لن يتراجع عن تأمين مصالحه في المحيط الهندي والبحر الأحمر.
ومع تطور ونمو مجموعة البريكس، فإن قراراتها سوف يتردد صداها حتما في جميع أنحاء العالم... قد يكون ضم إثيوبيا مجرد توسيع للعضوية على الورق، ولكن في عالم الجغرافيا السياسية، يعد هذا خطوة يمكن أن تعيد تشكيل التحالفات وتشعل منافسات جديدة.
من الأفضل لأصحاب المصلحة في جميع أنحاء العالم أن ينتبهوا عن كثب إلى هذه التطورات، لأنها قد تبشر ببداية فصل جديد في الدبلوماسية العالمية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر أثيوبيا السودان البريكس الإمارات الصومال مجموعة البریکس
إقرأ أيضاً:
حركة نسائية اسرائيلية جديدة تناهض الحرب على غزة (شاهد)
أطلق نساء اسرائيليات حملة للمطالبة بوقف الحرب على قطاع غزة، حيث بدأت النساء عبر مجموعة "واتساب" صغيرة قبل أن تتحول الى مبادرة تطالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بوقف حرب الابادة.
وتحولت مجموعة الـ"واتساب" إلى حركة احتجاجية نسائية في تل أبيب، حاملةً صور ضحايا الغارات الإسرائيلية من الأطفال الفلسطينيين، ومتحدية الرواية الرسمية.
وبحسب تقرير مفصل عن هذه الحركة نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فقد تشكلت نواة هذه الحركة من نساء إسرائيليات يعملن في مجالات المحاماة، والنشاط المجتمعي، وعلم النفس، وبدأن في التواصل عبر الإنترنت بعد معاودة إسرائيل قصف قطاع غزة عقب انتهاء الهدنة المؤقتة، ومع توالي صور الضحايا، وخصوصًا الأطفال، قرّرن أن يبدأن احتجاجًا أسبوعيًا صامتًا في قلب مدينة تل أبيب.
"الثمن الإنساني مغيّب".. لحظة انطلاق
ومع استئناف الحرب في شهر أذار / مارس، بدا أن الساحة الإسرائيلية تمضي في طريق تجاهل الخسائر البشرية في غزة، حيث تشير التقديرات إلى سقوط أكثر من 51 ألف شهيد فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال، في ظل صمت شبه تام داخل إسرائيل عن هذا الثمن الإنساني، وفي هذا المناخ، بدأت النساء يشعرن أن الوقت قد حان لرفع الصوت.
وقالت المحامية أميت شيلو، عمرها 30 عاما، التي كانت من أوائل المشاركات، للصحيفة: "في الماضي، كان الحديث عن قمع الفلسطينيين يعتبر شيئًا غريبًا أو حتى خيانة لإسرائيل، لكن مع هذه الصور، بدأ الناس يشعرون للحظة أن هناك بشرًا على الجانب الآخر".
وأضافت أن المجموعة بدأت بنحو 10 نساء، ثم تزايد العدد ليصل إلى 50، ثم إلى 100، وفي أحد الاحتجاجات وصل إلى نحو 200 سيدة.
صور الضحايا.. شموع الحداد.. ومقاومة الصمت
واقترحت الناشطة ألما بيك، 36 عامًا، والتي كانت تنشر صور الضحايا عبر حسابها على "إنستغرام"، في أحد اللقاءات الأولى، أن يتم طباعة الصور واستخدامها في المظاهرات، وتعاونت مع آدي أرجوف، أخصائية نفسية متقاعدة، تدير موقعًا يوثق الضحايا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وتم جمع صور وأسماء الضحايا، وطبعها على أوراق كبيرة، كما تم شراء "شموع شيفا"، وهي شموع تُستخدم في طقوس الحداد اليهودية، ليحملها المحتجون في كل وقفة.
من بين الصور التي أثرت في المشاركين، صورة الطفلة نايا كريم أبو دف، ذات الخمس سنوات، التي كانت تملك رموشًا طويلة وعيونًا بنية، واستشهدت في غارة يوم 19 أذار / مارس.
كما ظهرت صورة الفتى عمر الجمصي (15 عامًا)، الذي استُشهد في غزة وعُثر في جيبه على وصية كتب فيها أنه مديون لفتى آخر بشيكل واحد، وصورة أخرى للطفلة مسك محمد ظاهر (12 عامًا) وهي ترفع علامة السلام مع شقيقتها، وقد استُشهدت في غارة على دير البلح في 19 مارس.
الاحتجاج في قلب تل أبيب
وتتزامن احتجاجات الحركة النسائية مع مظاهرات ضخمة تطالب بإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، لكن ما يلفت النظر هو مجموعة الـ200 سيدة اللواتي يقفن بهدوء على أطراف الساحة، لا يهتفن، بل يحملن الصور والشموع، بينما البعض من المارة يبطئ خطواته وينظر بدهشة.
وقالت إحدى المشاركات إن هدفهن هو توسيع دائرة التعاطف الإنساني داخل إسرائيل، مع الأطفال الفلسطينيين، وتابعت: "أردنا أن يرى الناس وجوه الأطفال الذين يموتون. أن يعرفوا أن هؤلاء ليسوا مجرد أرقام".
ورغم أن النساء لا يرفعن شعارات سياسية صريحة، فإن نشاطهن يتحدى الخط السائد في الشارع الإسرائيلي، وقد تلقّت بعض المشاركات تهديدات عبر البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، كما وصفهن بعض المنتقدين بـ"الخونة" أو "المتعاطفات مع العدو".
ومع ذلك، فإن عدد المنضمات إلى مجموعة "واتساب" التنظيمية للحركة في تزايد مستمر، والاحتجاجات باتت أكثر انتظامًا، ما يشير إلى أن هناك شرخًا بدأ يتسلل إلى الرواية الإسرائيلية الأحادية، وأن الصور قادرة، أحيانًا، على تجاوز كل الأسوار.