سلسلة متواصلة من الانقلابات التي شهدتها إفريقيا على مدار العقد الماضي، سواء في غينيا ومالي وبوركينا فاسو، ذلك أن المحاولات الانقلابية التي حدثت في أكثر من دولة افريقية أخرى خلال الأعوام الماضية، آخرها انقلابات النيجر والغابون، والملاحظ أن معظم الانقلابات التي وقعت كانت أقل عنفا ودموية، كما أن قادة الانقلابات يستخدمون خطابا مناهضا للدول الاستعمارية السابقة مثل فرنسا، من أجل تبرير الانقلابات وتأجيج المشاعر الوطنية.
وقد صدر تقرير اممي بعد انقلاب النيجر في 26 يوليوز 2023 بعنوان (الجنود والمواطنون: الانقلابات العسكرية والحاجة الى التجديد الديمقراطي في إفريقيا) أصدره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في نحو 190 صفحة، ويطرح التقرير أربعة أسئلة بحثية رئيسية في غاية الأهمية تتمحور حول: ماهي محركات التنمية للانقلابات العسكرية في إفريقيا، وما الذي يفسر الدعم الشامل لمثل هذه الانقلابات وماهي السياقات التي أتيحت للقادة المنتخبين الديمقراطيين، وماهي الخيارات الإقليمية والدولية النظر فيها عن الانقلابات العسكرية، وما الذي يمكن أن تفعله هذه الجهات الفاعلة لاستعادة النظام الدستوري والحفاظ عليه وإعادة ضبط العقد الاجتماعي وتعزيز الحكم الديمقراطي الشامل.. تلك مجموعة اسئلة طرحها التقرير، مقدما بعد ذلك مجموعة من الاقتراحات التي تنصب كلها حول ما الذي على الأفارقة فعله ؟؟ دون أن يغوص التقرير في تحديد نوعية العلاقات الإقتصادية والسياسية بين افريقيا وأوروبا واجزاء أخرى من العالم، وتأثيرها على مجرى الأحداث.. ان المحاور الأساسية التي ارتكز عليها هذا التقرير نجدها تتكرر اليوم في انقلاب الغابون، حيث أعلن عسكريون استيلاءهم على السلطة، ووضع الرئيس علي بونغو في الإقامة الجبرية بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة الانتخابات فوزه بولاية رئاسية ثالثة، في حين خرجت شوارع العاصمة- ليبروفيل – في مظاهرات مؤيدة للانقلاب وشمل المؤسسات التي أعلن عن حلها الحكومة ،ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية ،ولجنة الانتخابات .. وفي أول رد فعل من الخارج، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل أن وزراء دفاع دول التكتل سيناقشون الموقف في الجابون، واصفا ما يحدث في غرب إفريقيا بانه مشكلة كبيرة في أوروبا، من جانبه أدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ما وصفها محاولة انقلاب في الغابون، كما أعلن البيت الأبيض أنه يتابع الوضع في
الجابون عن كثب، معتبرا أن ما يحدث يبعث على القلق بل وادانت الولايات المتحدة الأمريكية هاته المحاولة الانقلابية ..من ناحية أخرى. دعت الخارجية الصينية الأطراف المعنية في الغابون العودة إلى النظام الطبيعي فورا وضمان السلامة للرئيس علي بانغو، وفي موسكو قال الكرملين أنه يراقب الوضع في الجابون عن كثب، وقالت في هذا الصدد المتحدثة باسم وزارة الخارجية أن روسيا تتابع بقلق التطورات بهذا البلد.. وفي بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية المغربية، أفاد أن المملكة المغربية تتابع عن كثب تطور الوضع في الجمهورية الجابونية، وأن المملكة المغربية تؤكد على أهمية الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق وطمأنينة ساكنته.. وفي باريس، أعرب المتحدث باسم الحكومة عن إدانة فرنسا للانقلاب في الجابون، وشدد على ضرورة احترام نتائج الإنتخابات، ومن جهة أخرى أعلنت شركة التعدين الفرنسية “ايراميت” تعليق عملياتها في الغابون، حيث أنه في هذا البلد تملك وحدة لإنتاج المانغانيز، وانخفضت أسهم الشركة بنحو 5%عقب قرار تعليق العمليات ؛ ومعلوم أن مجموعة التعدين الفرنسية “ايراميت” تحولت إلى أكبر منتج في العالم للمانغنيز عالي الجودة بفضل منجم “واندا “الرئيسي في الجابون حيث انتجت منه 7,5 ملايين طن من الخام عالي الجودة في عام 2022..كما تأثرت شركة الطاقة الفرنسية وانخفضت أسهم العديد من مؤسسات المالية والتجارية الفرنسية اليوم في بورصة باريس .. أن ما وقع في الجابون لا نستطيع التنبؤ بتطورات الأحداث فيه في غياب مؤشرات كثيرة حول هذا الموضوع، علما أن القارة الإفريقية، صارت انعكاسا للصراعات العالمية، لكن الواضح هو التداعيات الاقتصادية التي يمكن أن تنتج عن هذا الانقلاب في الجابون الغنية بموارد طبيعية، لاسيما أنها من اهم خمس دول منتجة للنفط، وهي عضو فاعل في الأوبك ..الأيام القادمة تجعلنا نترقب مآل الأوضاع السياسية والسيناريوهات الممكنة .. وآنذاك لكل حادث حديث..
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية:
فی الجابون
إقرأ أيضاً:
ديلي صباح: هذا ما يمثله استضافة ليبيا لـ القمة الإفريقية التركية المقبلة في 2026
ليبيا – استضافة القمة الإفريقية التركية 2026 تُعيد تأكيد الدور القيادي لليبيا في إفريقيا
قرار الاتحاد الإفريقي وأهمية الاستضافة
سلط تقرير تحليلي نشره القسم الإنجليزي في صحيفة “ديلي صباح” التركية الضوء على قرار استضافة ليبيا فعاليات القمة الإفريقية التركية المقبلة في عام 2026. وقد تم اتخاذ هذا القرار خلال قمته الأخيرة في عاصمة إثيوبيا، أديس أبابا، مما يعكس أهمية الحدث في إطار جهود الاتحاد الإفريقي لاستعادة دوره الفاعل ومكانته القيادية في القارة السمراء.
إقرار دولي بالإمكانات الليبية وتعزيز التعاون
أشار التقرير، الذي تابعته صحيفة المرصد وترجم أهم مضامينه، إلى أن استضافة ليبيا للقمة تُعد إقراراً دولياً متجدداً بقدراتها وإمكاناتها، ودورها المحوري في تعزيز الحوار والتعاون الاستراتيجي، والمصالح المشتركة، والشراكات الفعالة مع دول رئيسية مثل تركيا. ويأتي ذلك بعد أن لعبت تركيا أدواراً سابقة في توسيع التعاون الاقتصادي والسياسي والتنمية المستدامة على مستوى القارة الإفريقية.
تركيز تركيا على مبدأ “الفوز للجميع”
وفقاً للتقرير، تركز أنقرة على مبدأ “الفوز للجميع” من خلال مضاعفة حجم تجارتها مع القارة الإفريقية ليصل إلى 8 أضعاف حجمها الحالي. كما يشير التقرير إلى أن تركيا تُعد رابع أكبر مورد للأسلحة لدول منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فيما تسهم شركات البناء التركية بشكل كبير في مشاريع البنية التحتية. كما تُبرز الاستضافة القوة الناعمة التركية المتراكمة في قطاعات التعليم والإعلام والدين المشترك مع العديد من البلدان الإسلامية الإفريقية.
ترجمة المرصد – خاص