المعارضة بالغابون: نطالب الانقلابيين بالاعتراف بفوزنا في الانتخابات
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
حضت المعارضة في الغابون، اليوم الخميس، قادة الانقلاب في البلاد على إنهاء فرز بطاقات الاقتراع في الانتخابات التي شهدتها البلاد للاعتراف بفوز مرشحها، داعية المجلس العسكري للحوار بشأن أفضل حل مستقبلي للبلاد.
كما قال المتحدث باسم المعارضة مايك جوكتان للصحافيين، إن البلاد يجب أن تكون ممتنة للعسكريين الذين أطاحوا الرئيس علي بونغو أوديمبا.
وقال إن عناصر "قوات الأمن والدفاع هم أول الشهود على الانتصار الكبير الذي حققه البروفيسور البير أوندو أوسا، كونهم كانوا موجودين أمام كل مركز اقتراع وأشرفوا على نقل الصناديق".
وبحسب النتائج الرسمية التي أعلنت قبل ساعة من الانقلاب واعتبر العسكريون أنها مزورة، حصل أوندو أوسا على 30,77 في المئة من الأصوات، مقابل 64,27 في المئة لعلي بونغو الذي حكم البلاد طوال 14 عاما.
مراسم التنصيبجاء ذلك، بعدما أعلن جيش الغابون أن مراسم تنصيب قائد الانقلاب الجنرال برايس أوليغي نغيما "رئيسا انتقاليا" ستقام في الرابع من أيلول/سبتمبر أمام المحكمة الدستورية، بعدما أطاح قادة الانقلاب بحكم علي بونغو أونديمبا.
وأكّد أولريك مانفومبي، الناطق باسم "لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات" التي تضم قيادات الجيش، أن الجنرال أوليغي قرر أيضا إنشاء "مؤسسات انتقالية على مراحل".
قيد الإقامة الجبريةوكان قادة الانقلاب أعلنوا، أمس لأربعاء، أن الرئيس بونغو وضع قيد الإقامة الجبرية و"أحيل على التقاعد".
كما أفاد قائد عسكري بأنه "تم توقيف" نجله ومستشاره المقرّب نور الدين بونغو فالنتان، ورئيس مكتبه إيان غيزلان نغولو، ونائب رئيس مكتبه ومستشارين اثنين آخرين للرئاسة وأكبر مسؤولَين في الحزب الديمقراطي الغابوني.
وانتُخب بونغو عام 2009 عقب وفاة والده الذي جمع ثروة طائلة من خلال الموارد النفطية للغابون. وأعيد انتخابه عام 2016 في ظروف خلافية قبل أن يتعرّض إلى ذبحة قبلية عام 2018 أضعفت سلطته.
من الشارع في العاصمة ليبرفيل دعما للانقلابيين - رويترز مزورةوجاء الإعلان عن الانقلاب بعد لحظات على إعلان هيئة الانتخابات الوطنية فوز بونغو بولاية ثالثة في انتخابات السبت مع حصوله على 64,2% من الأصوات.
وأعلن القادة الجدد الذين أطلقوا على أنفسهم "لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات" إلغاء نتائج الاقتراع التي قالت المعارضة إنها مزوّرة.
كما أفادوا في بيان أن الانتخابات "لم تفِ بشروط الاقتراع الشفاف والموثوق والشامل الذي كان يأمل به سكان الغابون".
وأثار الانقلاب إدانة من الاتحاد الإفريقي، بينما أعربت نيجيريا عن قلقها محذّرة من "عدوى الاستبداد" في إفريقيا.
وأما في فرنسا، فأعربت الحكومة عن "إدانتها للانقلاب"، وشددت على رغبتها في "أن ترى نتائج الانتخابات تُحترم، فور إعلانها".
فيما قال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "بطبيعة الحال، فإن الانقلابات العسكرية ليست الحل، لكن علينا ألا ننسى بأن الغابون أجرت انتخابات مليئة بالمخالفات".
وأضاف أن التلاعب بنتائج التصويت يمكن أن يرقى إلى "انقلاب مؤسساتي" مدني.
كذلك، أكدت الخارجية الأميركية "معارضتها الشديدة للانقلابات العسكرية"، إلا أنها أعربت عن مخاوف حيال "غياب الشفافية والتقارير عن مخالفات مرتبطة بالانتخابات".
هذا وأجريت الانتخابات في غياب مراقبين دوليين بينما تم منع الصحافيين الأجانب إلى حد كبير من تغطية الحدث، وفق ما أكدت "مراسلون بلا حدود".
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google Newsالمصدر: العربية
إقرأ أيضاً:
انقلاب السودان: وأد التعاون مع تركيا وأجهض النهضة المنتظرة
السفير عادل إبراهيم مصطفى**
في 25 تشرين الأول – أكتوبر 2021، شهد السودان انقلابا عسكريا أجهض أحلام الشعب في بناء دولة تنعم بالحرية والسلام والعدالة. لم يكن هذا الانقلاب مجرد انقلاب على الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير، بل كان انقلابا على مستقبل السودان ذاته، على علاقاته الدولية، وعلى المشاريع الكبرى التي كانت تُبنى بشق الأنفس لتؤسس لنقلة نوعية في حياة السودانيين.
من أبرز هذه الخسائر كانت العلاقات السودانية – التركية التي شهدت تطورا ملحوظا في ظل حكومة الثورة. فقد كان السودان وتركيا على أعتاب شراكة إستراتيجية شاملة تتضمن مشروعات طموحة في مجالات الزراعة والتعدين والبنية التحتية والصحة. لكن الانقلاب أوقف زيارتين مفصليتين كانتا مقررتين في أواخر عام 2021؛ الأولى لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى تركيا، والثانية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان. هاتان الزيارتان كانتا تحملان في طياتهما العديد من الاتفاقيات والمشاريع التي كان من شأنها أن تُحدث تحولا جذريا في الاقتصاد السوداني وتخلق فرصا تنموية ضخمة.
كان من بين هذه المشاريع مشروع بناء مطار الخرطوم الدولي الجديد بتمويل تركي، وهو مشروع كان سيعزز حركة التجارة والسياحة والاستثمار. كما تضمنت الخطط نقل تجربة بلدية أنقرة في مجال معالجة النفايات وتطوير إدارة المدن إلى الخرطوم، بالإضافة إلى مشاريع لترميم الآثار السودانية وتعزيز الهوية الوطنية من خلال التعاون الثقافي.
في المجال الصحي، كانت هناك فرصة لإعادة تفعيل بروتوكول التعاون الموقّع بين السودان وتركيا منذ عام 2007، والذي يتيح علاج المرضى السودانيين في المستشفيات التركية مجانا، خصوصا مرضى القلب والأورام والكلى. كما تم التوصل إلى اتفاقيات بشأن تطوير قطاع الطوارئ داخل السودان والاستثمار في الصناعات الدوائية. كل هذه المبادرات توقفت نتيجة الانقلاب، تاركة السودانيين محرومين من فوائدها المباشرة.
أما في قطاع الثروة الحيوانية، فزيارة وزير الثروة الحيوانية السوداني إلى تركيا كانت قد أسفرت عن توقيع اتفاقيات لبناء مسالخ حديثة وتأهيل مراكز التلقيح الصناعي، مما كان سيُسهم في تحسين جودة الإنتاج الحيواني وزيادة الصادرات. لكن مع الانقلاب، تعطلت هذه الاتفاقيات، وضاعت فرصة تحقيق عائدات اقتصادية كبيرة وتحقيق الأمن الغذائي للسودان.
لم يقتصر تأثير الانقلاب على العلاقات مع تركيا فقط، بل امتد ليشمل جميع المكاسب التي حققتها حكومة الثورة. فقد عاد السودان إلى عزلته الدولية بعد أن كان قد خرج منها بفضل جهود حكومته المدنية، وأصبح غير قادر على استقطاب الاستثمارات أو الحصول على التمويلات الدولية التي كانت تُبشر بنهضة اقتصادية. توقفت الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت تؤتي ثمارها في تحسين ميزان المدفوعات واستقرار العملة الوطنية.
كانت هذه الضربات موجعة للسودان وشعبه، لكنها كانت بداية لمسار أكثر ظلاما. فالانقلاب لم يكتف بتعطيل المشروعات والخطط، بل قاد البلاد نحو حرب أهلية مدمرة أحالتها إلى ركام وأثقلت كاهل الشعب بمرارات يومية. كان بإمكان السودان أن يستفيد من تعاونه مع تركيا وشركائه الدوليين لتحقيق نهضة شاملة، لكن الانقلاب أجهض هذه الفرص وأعاد البلاد عقودا إلى الوراء، ليصبح المستقبل رهينة لحرب وصراعات عبثية.
إن ما حدث ليس مجرد حدث عابر في تاريخ السودان، بل هو كارثة شاملة أغلقت أبواب الأمل وفتحت أبواب المعاناة. الشعب السوداني اليوم يقف أمام تحد وجودي يتطلب إرادة جماعية قوية لإعادة بناء ما دمره الانقلاب واستعادة مسار التنمية والسلام.
-------------------
سفير السودان فى تركيا الذى أقيل بعد إنقلاب 25 إكتوبر 2021