رفض سجناء سياسيون مضربون عن الطعام في البحرين الامتيازات الإضافية التي قدمتها الحكومة، وسيمددون احتجاجهم، مما يزيد من مخاطر أكبر مواجهة منذ سنين بين المعارضين والعائلة الحاكمة المدعومة من السعودية.

وحجمت أسرة آل خليفة الحاكمة لحد كبير المعارضة، منذ أن أرسلت الرياض قوات لمساعدتها في سحق إحدى انتفاضات "الربيع العربي" عام 2011 والتي قادتها المعارضة التي يغلب عليها الشيعة.

ويمثل الإضراب عن الطعام أكبر احتجاج منظم منذ سنوات.

وكانت السعودية على امتداد تاريخها حساسة للغاية تجاه الاضطرابات السياسية في البحرين، حيث يحكم حلفاؤها من آل خليفة أغلبية شيعية، وحيث اتهمت سابقا منافستها الشيعية إيران بإثارة الاضطرابات.

وتقول جماعات حقوقية وعائلات المحتجزين إن نحو 800 سجين يضربون عن الطعام في سجن جو بالعاصمة المنامة، بسبب ما يصفونها بالأوضاع القاسية هناك، وقالت الخميس إن السجناء رفضوا الامتيازات التي قدمتها الحكومة.

وقال سيد الوداعي مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية: "بناء على المحادثات مع السجناء، بعد بيان وزارة الداخلية، من الواضح أن الإضراب عن الطعام سيستمر إلى أن تأخذ الحكومة مطالبهم بمحمل الجد ونية حسنة".

اقرأ أيضاً

البحرين تتعهد بمزيد من الحقوق للسجناء تزامنا مع أكبر إضراب لهم

وأضاف الوداعي، أن السجناء يطالبون بإنهاء عزل بعض المحكومين وزيادة فترة التعرض لأشعة الشمس، وإقامة الصلاة في جماعة، وتعديل ضوابط الزيارة، والحصول على المزيد من الرعاية الطبية والتعليم.

وقالت وزارة الداخلية الإثنين، إنها تعتزم مضاعفة الوقت الذي يقضيه النزلاء يوميا في الهواء الطلق إلى ساعتين، وزيادة مدة الزيارات العائلية ومراجعة معدلات المكالمات الهاتفية، بعدما بدأ الإضراب عن الطعام في 7 أغسطس/آب.

وتنفي السلطات في البحرين استهداف المعارضة السياسية، وتقول إنها تحمي الأمن القومي، وتحاكم مرتكبي الجرائم وفقا للقانون الدولي، ورفضت الانتقادات الموجهة لسير المحاكمات وظروف الاحتجاز.

وتشكك الحكومة في انضمام 800 سجين إلى الإضراب عن الطعام، وقالت الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل في بيان، إن عدد السجناء الذين أعلنوا إضرابهم عن الطعام "يبلغ 121 ولم يتجاوز أبدا في أي مرحلة 124".

والبحرين هي المملكة الوحيدة في الخليج التي واجهت اضطرابات خطيرة خلال احتجاجات الربيع العربي واستمرت المظاهرات بأعداد أقل حتى عام 2013.

ومنذ ذلك الحين، حلت البحرين جماعات المعارضة الرئيسية وحاكمت آلاف الأشخاص وجردت المئات من جنسياتهم في محاكمات جماعية. وفر كثيرون إلى الخارج.

اقرأ أيضاً

15 منظمة حقوقية تطالب بريطانيا بالتدخل لإنقاذ معتقلي البحرين

وقالت الناشطة البحرينية في مجال حقوق الإنسان مريم الخواجة، إن والدها عبدالهادي، وهو معارض بارز، نُقل إلى العناية الفائقة مرتين بعدما بدأ الإضراب عن الطعام وحُرم من كشف طبيب متخصص في أمراض القلب لعلاج حالته.

وذكرت أسرة أحمد جعفر، وهو سجين آخر، في بيان أنه وضع في الحبس الانفرادي بعدما بدأ الإضراب عن الطعام ونُقل إلى المستشفى في 27 أغسطس/آب.

وقالت الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل التابعة للحكومة إنها توفر للسجناء المشاركين في الإضراب إمكانية إجراء فحوصات طبية بشكل يومي.

وأضافت: "لم يكن أي من السجناء المشاركين في الاحتجاج بحاجة إلى رعاية حرجة أو دخول المستشفى. وأي ادعاءات بغير ذلك كاذبة".

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها مستعدة لتقييم أوضاع السجون في البحرين وتقديم المشورة للسلطات بما يتماشى مع المعايير الدولية.

اقرأ أيضاً

إضراب متجدّد في سجون البحرين

المصدر | رويترز

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إضراب عن الطعام سجن إضراب الإضراب عن الطعام فی البحرین

إقرأ أيضاً:

القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛

القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
بعمارةِ اللفظِ والتركيبِ والدلالة
زياد مبارك | كاتب وناشر سوداني
.
.
1️⃣
✨ أجملُ ما في الشِّعر أنه كلما نهلنا من أحدِ منابعه الشعريِّة العذبة؛ قادنا ذلك إلى اليقين بأن من الشِّعر ما لم نقرأه بعد، ولا ينقادُ متذوِّق الشِّعر إلى هذا اليقينِ إلَّا إن تلقَّى رَسن ذائقته شاعرٌ لديه ذا المنهل والاقتدار على التحليقِ باللغة، لتضحى القصائدُ قلائدَ من البيان، لا تلك القصائد المنظومة التي في طوق كل شاعرٍ رصف ألفاظها كما تُرصَف الطُّرقات بالحجارة، بل القصائد المتوهِّجة التي تصعقُ اللبِّ وتأخذ الانتباه من أذنيه، ثم تُقدَّم في معبدِها كمشات من الإعجاب والثناء بغير حساب.
2️⃣
✨ ومما يمثِّل العقيدة الحداثيِّة في شأن الشِّعر - وهي مما قال الشعراءُ السلفيون ودفوفُهم من النقَّاد بصُحبة الصاجات النحاسيِّة الرنَّانة من أصاغرهِم: "إنها تخرجُ من مِلَّة الشعر قولاً واحداً!" – ما قالته سوزان برنار عن اتحاد المتناقضات في قصيدة النثر لا في الشكل فحسب، وإنما في جوهرها كذلك: إذ هي فوضوية مدمرة وفنٌ منتظم. فهذا التباين الداخلي هو ما بُنيت عليه قصيدة النثر، وهو سرُّ حيويتها؛ رُفعت الأقلام وجفَّت الصُّحف!
✨ فالقصيدةُ لا تتوهجُ إلا بانزياحِ اللفظِ عن معناه، وتركيبِ الجملةِ عمَّا اعتدنا عليه وألِفته أذهاننا، والدلالةِ إلى دلالةٍ أخرى بعيدة الغور بابتكارها وجِدَّتها وفرادتها وغرابتها ومخالفتها لتوقعاتنا. والقصيدةُ تتوهجُ حين تُقفلُ بالنهايات المدهِشة الصاعقة مثل مسَّةٍ كهربية. والقصيدة تتوهجُ حين يتنامى نصُّها أو مقاطعها إلى ذروةٍ تضعنا في دوَّامة من التأمل اللذيذ في كنه المعاني وأبعادها، والدلالاتِ ومراميها وأوجه مساقطها – إذا تعدَّدت أو انحصرتْ. والقصيدةُ تتوهجُ حين تُفرَكُ بالاستعارات والمجازات الذهنية؛ فيمتدُ أُفق القصيدةِ آفاقاً باتساع الاستعارة، بل تستعيرُ القصيدة أجنحة الطيورِ وتحلِّقُ في سماء اللغة باجتراحِ الشاعر الفنَّان. والقصيدةُ تتوهجُ حين، وحين، وحين... إلخ من الأحيان الشعريِّة الأخَّاذة ذات الألق والاِقمار.
3️⃣

✨ في ديوان الشاعر السوداني عبد المنعم عوض عبد الرسول؛ عشرة قصائد لأشياء الحرب، وثلاث عشرة قصيدة لأشياء أخرى. كُتبتْ بصورةٍ مقطعيِّة، تتحدُّ مقاطعها اتحاداً موضوعيِّاً. وكذلك فالعشر قصائد عن الحرب كالحبَّاتِ المُرسلةِ في خيطِ المسبحة ليجمعَ تفرُّقَها، فتقرأ مقاطع القصائد العشرة جميعها في موضوعةٍ واحدة، ولكأنها قصيدةٌ طويلة، يُؤذَّن بها في سُرادق النَّوح. إنها حرب الخامس عشر من أبريل 2023، التي يومئ الشاعر عبد المنعم إيماءً بإيحائه كنايةً عنها؛ في قصيدة (وجه):
✒️
"مرَّت الحرب من أمام بيته الطيني،
وبيت جاره الخرساني،
توقفت بقرب شجرة الليمون
كان جده قد مات تحت ظلها بعد عمرٍ ناهز التسعين،
في أبريل".
✨ ونلحظ مزجَ الَّشعر بالسَّرد، باستلاف الحكائية لتنميِّة القصيدةِ بالتداخل الأجناسي، وتلك نزعة الشعر الحديث للتمرّد على القوالب المعهودة المألوفة المطروقة. ولكن الحكائية هاهنا غرائبية فلا نتوقف عندها في ذاتها بقدر ما توقفنا غرائبيتها ومفارقتها الساخرة الصارخة، المفارقة بين بيتي الطين والخرسانة، والحرب المؤنسنة المتجسِّدة المارّة لتتوقّف قرب شجرة الليمون، ولكن الإدهاش في قفلة المقطع بموت الجدِّ تحت ظلِّ الشجرة مناهزاً التسعين، ولكن أوان موته في أبريل! وهنا ندرك أن الأين "قرب شجرة الليمون" لم يكن إلا تمهيداً لمباغتة توقعنا بالأوان، أوان موت الجدِّ الموافق لحرب أبريل. إننا في سرادق النوحِ، إنه الرثاء!
4️⃣
✨ وإنَّ تشريحَ هذا الديوان ليغرقنا فيما يطول ويطول، وإنَّ اقتباسَ مقطعٍ أو مقاطع منه سيوقعنا بلا ريب في ظلم مقاطع الديوان الأُخر. فذا محض إغراء وتحريضٌ على قراءته ودعوة للكشف عليه وسبر ما تحت توهجه وبريقه من أسرار اللغة وسحر البيان. ولا ينبغي إغفال الإشارة إلى "الإشارات" التي صدَّر الشاعر عبد المنعم بها قصائده للحرب، حيث تمثِّل هذه الإشارات عتبات للقارئ. ومنها الإشارة في مدخل قصيدة (الخرطوم الثالثة، هرباً منها)، ونصُّها:
✒️
"إشارة إلى الحرب:
سأخرج إليكِ أيتها الريح المسمومة، فانتظريني خارج حدود المدينة."
✨ وابتداءً من العنوان، والعتبة الإشارية، ثمَّ فيما بقي من جسد القصيدة: نلحظ أن الشاعر اعتمد معجماً لفظيِّاً عزَّز من دلالة الهرب: (هرباً منها/ سأخرج/ خارج حدود المدينة). ثم يلتفتُ إلى الخروج في سياق آخر، لكأن الخروج كله مذموم في أي سياقٍ ورَدَ بما أن سياقات الحرب سواء، يقول:
✒️
"تفتحُ الأسلحةُ مخازنها الحديدية في الفضاء الطلق،
فتخرُج نسورُها الجارحة إلى هواء السكينة الخادعة،
لتنهش بمخالبها الوحشية أمن البيوت الوادعة".
✨ والخروج كالهروب مقرونان بالذهاب والغياب والاختفاء والاحتجاب... إلخ مما تنتظم ألفاظه في حقلٍ دلاليٍّ واحد، لنقرأ:
✒️
"تكوَّرت في الهواء المهشم رائحة البارود الخانقة، وعانقت الغيومُ المنتفخة طقسَ الهزيمة الشخصية المضطرب،
كرةٌ متدحرجة من كتلة اللهب،
لتنفجر في دوار الريح،
وتحتجب".
✨ إن الكرة من اللهب لتتدحرج لتنفجر في دوَّار الريح وتحتجب، وهكذا فليس بعد الهرب من الخرطوم إلَّا خروج النسور إلى هواء السكينة الخادعة، وتدحرُّج كرات اللهب في الريح لتحتجب... لتكون المحصِّلة في الذروة المضمرة في النصِّ، إنها هزيمتنا الشخصيِّة، ففي الحرب الكل مهزوم مهما أُريقتْ في الأجواف من كؤوس النصر.
5️⃣
✨ ثم يتواصل نثر الشاعر لألفاظ تأكيدية لمعنى الهرب ودلالاته واحتمالاته، فذا هو (الركض/ واللهاث/ والتعب)، يقول:
✒️
"الرائحة النحاسية التي تنبعث من جسد النهار،
مفعمةً باليأس من لوثة البنادق المتشاحنة، تلهث متعبة من الركض نحو قبرات الموت،
الذي يسرق جسد الروح من إزاره، والثمر من أشجاره، والماء من أنهاره."
✨ ويصل الشاعر بنا إلى ذروة البناء الشعري، إلى قمَّة القصيدة، إلى قفلتها المدهشة، بتنامٍ فريد لتراجيديا الحرب ورهقها ووطأتها الشعورية الثقيلة، ليصعقنا بمغادرة الآدمي لجسده المنهك من الحرب، إنها الروح المُظلِمة المُطفأة السَّراج بعاصفة الحرب. يتوضأ الآدمي بالدماء ثم يغادر جسده، وهكذا فالهرب والخروج ووو... ينتهي كل ذلك بمغادرة الجسد، إنها المناحة الأخيرة، إذ يحبس الآدمي أنفاسه الأخيرة، يتوضأ بالدماء، يغادر جسده! فالخروج إلى الريح المسمومة خارج حدود المدينة ينتهي بمغادرة الآدمي لجسده عن سابق قصد. يقول الشاعر في المقطع الأخير:
✒️
"يحبس الآدمي أنفاسه الأخيرة، ليتوضأ من دماء الحرب، ويغادر جسده المنهك.
ليصبح الوطن الشهيد؛
خيطَ دم.
وغصةً في الحلق."
6️⃣
✨ وفي قصائد الديوان الأخرى ثمَة فرحٍ وغناء، فبينما تنقص الحرب منّا؛ يضيفُ الغناء إلى الحياة رواءً ومسرَّة. أو كما يتقلَّب النهار والليل، بين شروق ومغيب. إنها المفارقة في الحياة ذاتها، فما اتحاد المتناقضات في الشَّعر -كما في قول مولاتنا سوزان بنت برنار - إلَّا فرع من مفارقات الحياة وتناقضاتها واحتمالاتها المتعاكسة في مرايانا. يقول الشاعر في قصيدة (لنْ يستطيعَ أحدٌ أن يغنِّي وحدَهُ):
✒️
"مرَّ أول المساء حافياً من أمامي
حاملاً مسرجه الشاحب بين يديه
ويركل حجارة الضوء في الطريق بقدميه
فتقع في مستنقع الظلمة وتضيء."
✨ لقد مرَّت الحرب من قبل في قصيدةٍ للحرب، ولكن أول المساء أيضاً يمرُّ ويركل حجارة الضوء فتقع في الظلمة، فتضئ!
✨ إنها المفارقة الألمعية بطول الديوان، وإن الشاعر الشاعر لقادرٌ على إدهاشنا وحسب، وإن تأملنا في الشِّعر لهو ما يقودنا إلى اليقين بأن هناك من الشِّعر ما لم نقرأه بعد.

masarebart2019@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • حريق مأساوي في ملهى ليلي بمقدونيا الشمالية.. والأهالي يرفضون تسليم جثث أبنائهم
  • أمريكا تقول إنها بعثت برسالة واضحة إلى الحوثيين.. تفاصيلها
  • عرض أمريكي جديد على الحوثيين: يتضمن امتيازات
  • الإفراج عن مئات السجناء بتوجيهات رئاسية
  • أزمة تهدد الكرة الكولومبية بعد اضراب ألف لاعب
  • ذي قار.. السجناء السياسيون يصفون تصريحات رئيس هيئة المساءلة والعدالة بـالبلهاء ويطالبون بإقالته
  • القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
  • إضراب 1000 لاعب في الدوري الكولومبي.. ما السبب؟
  • حركة النهضة التونسية: النظام يرتكب تجاوزات خطيرة بحق السجناء السياسيين وعائلاتهم
  • المحكمة الدستورية تؤكد دستورية قانون الإضراب