هبني من لدنكَ ضوءًا .. للكاتبة اللغوية سهى نعجة: أناقة لغةٍ وهندسة صور وتنغيم إيقاع
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
“هبني من لدنكَ ضوءًا “
للكاتبة اللغوية #سهى_نعجة: #أناقة لغةٍ وهندسة #صور وتنغيم إيقاع.
أ.د #خليل_الرفوع
في إصدارها الأدبي الآخير ” #هبني_من_لدنك_ضوءًا ” الصادر عن دار الآن ناشرون وموزعون عام ٢٠٢٢م ، تتموسقُ الكلمات في توقيعات شعرية، وتتوهج لغة وصورا وإيقاعا وإبداعا وانزياحا في حالة صوفية موغلة في الأنا والآخر القريب لتشكيل نص أدبي ممتد لا يحده رويٌّ أو قافية ، بل يتفتح معاني متشابكة تفوح حنينا وأملا وحياة مثل زهر اللوز حينما يبوح بهجة وألقا وغواية.
الأستاذة الدكتورة سهى نعجة أديبة لغوية تكتب الكلمة صورةً والصورةَ نغما ، فبعد كتابيها : بصيرة عمياء وذات أرق ، يجيء هبني من لدنك ضوءا ليكون استكمالا لمنجز أدبي كامل البهاء والدهشة والإبداع ، ولأعذرْ إن قلت في شرفات هذه التآليف الثلاثة: إنها إيقاعات وجدانية تُتغَّنى على وتر فني محكم ، تستظل الكاتبة بالغمام لتمطر الكلمات بأحرف قطنية ناعمة، وكأنها مغزولة برائحة القمر والسنابل ومغسولة بضوء الصبح والياسمين .
إلى ابنها محمد العاشق والمعشوق يبتدئ النص، وتختتمه بمناجاة مُدفأة بأمومة يلسعها الاغتراب وتراود العشب روحها متخمة بالسفر وكل شيء حولها يحتضر إلا الكفن باحثة عن وطن منتظر، وهي على مرمى نرجسية مندّاة وتغني للحزن البري ويحزُّ قلبها مدامع وشوك الشوق؛ لأنها ربة الكلمات ومشكاة الصبر وميراث الوفاء للآخر الابن والزوج والأهل .
محمد ضوء الروح الذي تريده وتبحث عنه في الذات، وتقتفي شغفه كي تنسجه حبا وأملا ، وتبسط رهبانيتها صلاةً تسبح فيها لله سبْحا طويلا .
تقول الكاتبة في المفتتح تفيض على محمد الرضى والبر:
” ودعني بنعيم فردوسك
أتكوثر وأتعطر
حذارِ يا حِبّ:
نعسةً عني
فينهد فيّ الجُبُّ …” وفي أخر نص تتلو أنفاسها لمحمد:
” توضأ بالدعاء
وصلِّ لمن توسدتَ زنده ذات رجاء
ومد يديك لرب السماء….
راعف فيّ أنت فهبْني من لدنك ضوءا”.
فهذه الترنيمات تحفر في الروح علامات الشعرية ووشوم العشق ، تفيض مع بقية النصوص شعرية استعارية لا تتوقف؛ فاللفظة عندها ومضة وجدانية فلسفية تتحرك ضمن رؤية فنية صادقة. والآخر هو ناي الخلود سليل الشوق، تستكمل صورته كما نسجتها في بصيرة عمياء ” كلماتي دونك يتامى
وجُملي أرامل
حذارِ أنا حرف جر وفعل معتل أنت” وفي هبني من لدنك ضوءا نرى الآخر ” إضمامة نور سماوي، إنك إني لا سواك أناجيه
وليس سواك يستحلُّ فيض بياني
ما أشبهكَ بالمطر أتطهر به وأتعطر “.
ومقابل الآخر تبدو صورة الكاتبة فنيا :حبلى بالكلام عطرية الروح قلبها نار تلظى، تورق خضرة وتتضوع رحيقا أنثويا خالصا
“حِبري فسيح
وأصابعي كسيحة
غير أني حبلى بالكلام
سأظل أورق فيكَ
عنوةً
فرحيق أنثاي لا يهدر
أسرجتُ خيلي
فهل تبدأ نضالكَ
لأجلي”
ولعل ما يضيف علامات إبداعية في النصوص تلك الصور الجديدة التي لم نألفها في ذاكرة ديوان الشعر العربي من قبل، كقولها:” الفجر قهوتي ، الشمس ضحكتي ، السلاف فلفلي ، البيد لا يعطرها المطر ، ليليْ كحبري مشاكس شقيّ ، مارتْ فيِّ الحشرجات ، الحب قزَحي اللون ، كرز أحمر أنت عنقود عنب وإني مزاجه ، الخاصرة سماوية البوح ، قد توسدت خاصرة الدعاء ، ثلمتَ أنفاسي بمنجل الكلمات ، لدغني الجمال، مُسّني بنبضك، يرتعش الضوء في عيني التياعا ، يغفو الفجر على زند العصافير، جفّ ضرع القصيدة “.
فاللفظة وحدها صورة فنية، وهذا ما يميز الكاتبة بلغتها الشعرية الاستعارية المتدفقة التي تنداح منذ ومضة العنوان حتى آخر هدأة في النص المتكامل فنيا. وليس التجديد في الصور وحسب بل تبدو الألفاظ متزينات متأنقات “فالصباح مُعْسوْسل ، والقلب تكهرب ، والكلام يتحشرج، والروض مغناج والحب يتكهّف ” .
وتستحضر الشعراءَ حالاتٍ مندغمة المعنى في النص ” لكنه العنب
دار في الرأس
بعد أكؤس
وشَى بمعناها المهلهل وامرؤ القيس “
ومن قيس بن الملوح تستحضر رجاء اللقاء وقد ولدت نفسُها أنفسا عِطاشا على الرغم من كثرة الماء :
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن ألا تلاقيا
تساقطُ نفسي حين ألقاك أنفُسا
يردْنَ فما يصدُرْنَ إلا صواديا
“ربي سبحانك : يجمع الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا” ، ومن مصطفى وهبى التل تصطلي توهجا في قوله :
أهكذا حتى ولا مرحبا
لله أشكو قلبَك القُلّبا
لتعيد الشكوى ليس من قلبه بل من قلبها هي حتى لكأنه يلتذ حتى بالهجر
” يا نبع نبضي
أهكذا حتى ولا مرحبا
ويحًا لقلبي إذ يلتذ منك بالهجر”
ومن الشخصيات التاريخية الأدبية تستحضر حالة شهريار الملك
” أنام فأحلم بشهريار
يراود دواتي
ويخط بريشتي
لنسوة قضين العمر في انتظار موت
لا بواكي له بسيف مسرور “
إنه رفض لحال النساء اللواتي ينتظرن الموت بعدما كان شهريار المخلص لهن بعد أن قضى بحكاياته ألف ليلة لم يستبح دماءهن لكن المرأة لم تخلص نفسها من قيد الوهم ومأساة الموت الفجائعي.
وبعدُ، فإن أدب الأديبة سهى نعجة يتنفس شعرا ريانا بالفن يسير على شرفات الغيم ليرسم بالاستعارة ضوءا كما أرادتَه رسيسا من محمد الابن وسيد الكلمات الذي أظمأها انتظارا، وقد استحال نبضه فيها ألما بعد أن نضّرَ الروح زمنا واستراحت على زنده. إنها حالة شعرية أضافت للمكتبة الأدبية الأردنية والعربية نصوصا إيقاعية مكثفة الانزياح والرؤى تومض كل كلمة شعرا ينبض حبا خالصا وأمومة مبهجة، إنها نصوص تستحق القراءة والتأمل والتوحد فيها .
أ.د.خليل الرفوع مقالات ذات صلة التفكير بين الطبيعة والمهارة للدكتور إبراهيم الطيار في بيت إربد التراثي 2023/08/31
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع المطورون ضبط إيقاع العقارات السكنية في أبوظبي ودبي 2025؟
الاقتصاد نيوز - متابعة
تواجه سوق العقارات السكنية في الإمارات تحدياً رئيسياً في 2025، مع تراجع القدرة الشرائية للعملاء، في ظل ارتفاع الأسعار، وتقع على كاهل كبار المطورين في أبوظبي ودبي مهمة ضبط إيقاع السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وإبقاء عوائد الإيجارات عند مستوى جذاب، بحسب "بلومبرغ إنتليجنس".
يعد كبح زيادة الأسعار عاملاً مؤثراً في مستقبل شركات التطوير العقاري الرئيسية في الإمارات وعلى رأسها "إعمار العقارية" في دبي و"الدار العقارية" في أبوظبي، في ظل تحول القدرة على تحمل تكلفة الشراء إلى تحد أمام المشترين. واعتاد المطورون لضبط إيقاع السوق على الحرص على موازنة العرض مع الطلب عبر إعادة جدولة المشروعات المخطط لها وعدم إطلاق مشروعات بشكل مفرط.
كان العديد من المحللين قد توقعوا اعتدال وتيرة ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات -وهو الأمر الذي جعل دبي واحدة من أهم أسواق العقارات على مستوى العالم- أو حتى انخفاضه بحلول أوائل 2024. ولكن لم تتحقق هذه التوقعات رغم استمرار التوترات الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحماس، وارتفاع تكلفة المعيشة وتراجع جاذبية المدينة للأثرياء الروس.
يأتي ذلك في ظل توقعات بتفوق الطلب على المساكن في دبي على العرض مدفوعاً بالنمو السكاني، ما يعني دفع الأسعار لمزيد من الارتفاع، حسبما قال تيمور خان، رئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "جيه إل إل"، في مقابلة مع "الشرق" نهاية نوفمبر. يُقّدر خان أن السوق ستصل لنوع من التوازن بدايةً من 2027، بعد الانتهاء من تنفيذ المشروعات قيد الإنجاز وطرح الوحدات السكنية في السوق.
مكاسب أسعار المنازل والإيجارات في دبي
ارتفع متوسط سعر المنازل في دبي 16% في الاثني عشر شهراً حتى سبتمبر، مقارنة مع 19% في 2023، بدعم من طلب كبار الأثرياء والإصلاحات التي تجذب المشترين على المدى الطويل، والعرض المتحكم به. نمت الإيجارات 17% هذا العام دون تغيير عن العام الماضي، لتعكس ارتفاعات الأسعار وتُبقى العوائد مستقرة بالسوق، وفق "بلومبرغ إنتيلجنس".
لعب البيع على الخارطة دوراً في حركة مبيعات الوحدات السكنية بأكبر سوقي عقارات في الإمارات، فبينما رفع حجم عمليات البيع في دبي، هوى بعدد المعاملات في أبوظبي
على الرغم من النمو، وفي حين ما زالت سوق العقارات متوسطة الأسعار في دبي تتمتع بالقدرة على جذب مشترين جدد، فإن القدرة على تحمل التكلفة تتضرر جراء ارتفاعات الأسعار الأحدث. لذلك ترجح "بلومبرغ إنتليجنس" أن الزيادات الإضافية في الأسعار ربما تكون محدودة لتجنب التأثير سلباً على عائد الإيجارات "القوي" في الإمارة الذي يتراوح بين 5% و6%، بالمقارنة مع عائد بنحو 3% لإيجارات المنازل في هونغ كونغ والهند مما يمثل نقطة جذب لا سيما للمستثمرين الآسيويين.
التوقعات حيال الأسعار متباينة في دبي، إذ ذكرت وكالة "إس آند بي غلوبال" أن "أسعار العقارات في دبي ستستقر بدءاً من العام المقبل، وخلال 2026، عندما يتم تسليم آلاف الوحدات السكنية المبيعة". لكن في المقابل، تُرجح شركة الاستشارات العقارية "نايت فرانك" (Knight Frank) أن تقفز أسعار المنازل في دبي مجدداً خلال العام المقبل بعد ارتفاعها بنسبة 20% بالفعل منذ بداية 2024 وحتى ديسمبر.
زادت أسعار المنازل في دبي بقوة منذ أواخر 2020 لترتفع 58% وتتجاوز ذروتها المسجلة في 2014 بواقع 8%. لكن في أبوظبي، زادت الأسعار 10% فقط في تلك الفترة، وما زالت منخفضة 20% عن ذروة 2014، لذا تقول "بلومبرغ إنتليجنس" إن ذلك يشير لإتاحة مجال لزيادة الأسعار بالنظر للطلب الخارجي.
قوة العوامل الأساسية للعقارات في الإمارات
رغم تحدي التكلفة، فإن العوامل الأساسية قوية، إذ حققت السوق العقارية في الإمارات عموماً ودبي على وجه الخصوص أكبر مكاسب في منطقة الخليج منذ ذروة جائحة كورونا، بعد أن عززت الإصلاحات للقطاع ارتباطها العالمي، ومكانتها كملاذ آمن، مما جذب إليها التدفقات الأجنبية. في الوقت ذاته، أظهرت السوق في دبي متانة حيال الصدمات الخارجية في ظل عدم تأثرها بحالة عدم اليقين الاقتصادي وارتفاع أسعار الفائدة والصراعات في الشرق الأوسط.
أدى تحول دبي إلى واحدة من أبرز أسواق العقارات إلى ارتفاع الأسعار عن متناول المستثمرين، ما أعاد الاهتمام بصناديق الاستثمار العقاري وتطبيقات الملكية الجزئية.
النمو في الأسعار تعزز على مدى السنوات الأربع الأخيرة، إذ زاد متوسط سعر الوحدة قيد الإنشاء في محفظة "إعمار العقارية" 50% إلى 3.4 مليون درهم (نحو مليون دولار) مقارنة مع المستوى المنخفض البالغ 2.3 مليون درهم (600 ألف دولار) الذي سجلته في 2020، بينما توجد بضع مشروعات تقل عن ذلك السعر بوجه عام.
تلقى نمو الأسعار الدعم أيضاً من زيادة في طلب المستثمرين من روسيا والصين والهند.
في الوقت ذاته سيشكل نمو السكان عنصراً حيوياً في استيعاب دخول 50 ألف وحدة جديدة سنوياً في ظل زيادة حجم إطلاق المشروعات وعمليات التسليم التي من المرجح أن تصل إلى مستوى قياسي في 2027 و2028.
من ناحية أخرى، يركز الإنفاق بقطاع الإنشاءات في الإمارات، باستثناء الجزء الموجه لقطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، على الإسكان منذ الجائحة، إذ ينمو عدد السكان بوتيرة سريعة -مدعوماً بتدفق المغتربين- فيما من المتوقع زيادة عدد سكان دبي إلى 5.8 مليون بحلول عام 2040 من 3.6 مليون في عام 2023.
تبلغ القيمة الإجمالية لمشاريع البناء الحالية في الإمارات نحو 590 مليار دولار، وتستأثر المشاريع السكنية بنحو 125 مليار دولار (21%)، فيما تبلغ قيمة المشاريع متعددة الاستخدامات 232 مليار دولار (39%). بحسب تقرير لشركة الأبحاث العقارية "جيه إل إل" (JLL).
تحول في تركيبة المشترين
تشير "بلومبرغ إنتليجنس" إلى أن تركيبة مبيعات عقارات شركة "إعمار" في الإمارات شهدت تحولاً هذا العام صوب العملاء من دول التعاون الخليجي، والصين، والمملكة المتحدة، فيما يظل المستثمرون الهنود يتصدرون قائمة المشترين منذ العام الماضي، بينما تذيلت روسيا القائمة.
"أسعار العقارات في دبي ستستقر بدءاً من العام المقبل، وخلال 2026، عندما يتم تسليم آلاف الوحدات السكنية المبيعة"، بحسب توقعات "إس آند بي غلوبال".
على العكس كان المستثمرون الروس قد تصدروا المشترين في العام الماضي، وتلاهم نظراؤهم من الهند والإمارات والصين. وأدى تباطؤ المشتريات من جانب مستثمري أوروبا وروسيا إلى أن تسعى "إعمار" و"داماك" وراء مستثمرين جدد.
تعافت مشتريات الصينيين إلى معدل ما قبل الجائحة لتزيد عن 3 مليارات درهم العام الماضي بحسب تقديرات "بلومبرغ إنتليجنس". اتسم أيضاً تدفق الاستثمارات الهندية إلى السوق العقارية في الإمارات بالثبات بدعم من الشركات التي تنقل مقراتها إلى البلاد، إذ جرى منح تراخيص لـ15481 شركة هندية جديدة العام الماضي وفقاً لغرفة تجارة دبي. وتسلك الشركات الباكستانية والصينية نفس المسار للعمل في الإمارات.