31 أغسطس، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
محمد رضا الساعدي
من أهم الاشكاليات التي تواجه حاضر ومستقبل العالم اشكالية القضاء على الفساد وإرساء معالم النزاهة والعدالة بين البشرية.
لذا سنت القوانين ووضعت التشريعات ونفذت العقوبات لأجل التخلص من هذه الافة القاتلة.
وكتب في ذلك التنظيرات في كتب وبحوث ومجلات،وبحثت نفسيا واجتماعيا وقانونيا ،ولا شك اننا بحاجة لمثل هكذا دراسات على مر الزمن لأنها تعالج اشكالية محورية في حياة الأمم .
وكذلك انشات اجهزة ومؤسسات تنفذ تلك القوانين وتقبض على الفاسدين .
وكل هذه الحلول وان نجحت ولكن نجاحها ليس كليا او غالبيا بل يمكن أن يقال انه محدود لعدة اسباب اهمها ضعف التقنين او ضعف الجهاز التنفيذي او ضعف القانون في الدولة او فساد من يقوم بمكافحة الفساد او غيرها وكل ذلك عانى منه العراق ويعاني.
والخصيصة في تلك الحلول انها جاءت لمعالجة المسببات بمعنى تعالج المشكلة والفساد بعد وقوعه وبعد أن يسري اثره في المجتمع ويؤدي إلى تدمير بناه الاقتصادية او السياسية او الاخلاقية او غيرها.
ولكن هناك علاج اهم وانجع لم يسلط عليه الضوء كثيرا في تلك الدراسات ،وهو خلق الارادة النفسية والذاتية لرفض الفساد او الأقدام عليه او تبنية وذلك من خلال صناعة شخصية تؤمن بقيم واخلاقيات تعصمها عن الفساد والافساد .
وهذه المنظومة نجدها واضحة في تشريعات السماء ،فالذي يلاحظ القرآن الكريم وأحاديث النبي وأهل البيت عليهم السلام يجد منظومة أخلاقية وتربوية تعصم صاحبها من الفساد او الافساد بشرط تطبيقها.
وما تتميز به تلك المنظومة عدة نقاط :
اولا انها منظومة شاملة وعامة لكل انواع الفساد .
ثانيا انها منظومة تجعل الرقابة ذاتية بلا حاجة لجهة تشريعية او تنفيذية تراقب الفساد .
ثالثا انها تعالج الفساد قبل وقوعة اي انها تمنع وقوع الفساد وتحصن الناس عن ارتكابه وتستاصل وجوده في النفس والقلب فلا تتحرك الجوارح لفعله.
وبذلك لا يحتاج لتصادم في مكافحته لانه لم يقع بعد بمعنى انها تعالج الاسباب التي تدعو لوقوعه بخلاف الحلول الآخرى التي تعالج المسببات.
رابعا انه لا يحتاج إلى مؤنة وصرف في المكافحة لذلك الفساد.
وغيرها .
فما علينا لأجل ذلك الا صناعة انسان نزيه لا يفسد ولا يسعى للافساد.
وذلك من خلال بناء منظومته الدينية بشكل رصين واشعاره بالرقابة الإلهية والغيبية وان كل ما يغعله بمراى ومسمع من الله تعالى كما قال تعالى : (وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ).
واشعاره بمعية الله لنا في كل حال قال تعالى ( وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ )
فإذا استشعرت المعية الإلهية فهل تراك تفسد في الأرض.
وكذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك .
وعن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه).
فإذا كان الله حاضرا في كل اوقاتك وحياتك لا تفسد ابدا .
وغيرها من الآيات والروايات الدالة على هذا المعنى في صنع رقابة ذاتية غيبية وواعظ من النفس لا من الغير .
وبذلك يتميز صنفان :اما امين لا يخون ولو امنته على مليارات وأما خائن يخون ولو امنته على دنانير . قال تعالى (وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارٖ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِينَارٖ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَيۡهِ قائما).
والانتماء الديني -كما عبرت الآية- لوحده لايخلق تلك الارادة مالم تدعمها بتطبيق والا فكثير من المسلمين او اليهود او المسيح فاسدون مع انهم اهل كتب سماوية فضلا عن غيرهم ممن لادين لهم او ملاحدة او غيرهم ، فالخلل في التطبيق .
فالكلام في خلق تلك الارادة وهذا دور العائلة التي تتمسك بقيمها ودور المعلم ودور الدولة ودور الموسسات الدينية.
ولا شك أن التنظير لها لا يكفي بل لابد من إبراز قدوات يقتدى بها في هذا الجانب وتكون منارا صالحا كما كان عليه الانبياء والاوصياء واذا لم نقدر فلا اقل نتمسك بما قاله الامير عليه السلام (ألا وإن لكل مأموم إمام يُقتدى به، ويستضيء بنور علمه؛ ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طُعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد).
وهذا ما نحتاجه اليوم في بلدنا بعد ان ظهر الفساد في البر والبحر .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الإلحاح في الدعاء سر الاستجابة.. أقوى 6 أدعية من القرآن والسنة
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أهمية الدعاء في حياة المؤمن، مشددًا على استحباب الإكثار من الدعاء والإلحاح في الطلب من الله تعالى، لما في ذلك من تعبير عن صدق اللجوء وافتقار العبد بين يدي ربه.
وأوضح المركز أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يرى عبده في حالة من التضرع والافتقار أمامه، وهو ما يظهر جليًا في الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «كان النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا» [رواه مسلم]. هذا الحديث، وفقًا لما ذكره المركز، يحمل في طياته دلالة عظيمة على أهمية الإلحاح في الدعاء عند طلب الحاجات من الله، وبيّن أن النبي ﷺ كان يُلح في دعائه ويكرر السؤال ثلاث مرات، وهو ما يُستحب للمسلم أن يفعله في دعائه.
كما أشار المركز إلى أن الإلحاح في الدعاء لا يعني أن الله عز وجل يتأخر عن الإجابة، بل هو تعبير عن خضوع العبد لله وتأكيد لصدق رغباته في تحقيق الخير لنفسه. وأضاف أن الإكثار من الدعاء هو وسيلة قوية للاقتراب من الله، والاعتراف بحاجات الإنسان العميقة، فيكون الدعاء بذلك عبادة عظيمة يتقرب بها المؤمن إلى ربه.
ويحث المركز المسلمين على أن يكون الدعاء جزءًا من حياتهم اليومية، خاصة في أوقات الشدة والرخاء، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الدعاء خالصًا لله تعالى وموجهًا بقلب صادق ومؤمن بالإجابة.
أقوى الأدعية من القرآن والسنة1. دعاء الفرج والراحة
قال الله تعالى: {رَبُّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].
هذا الدعاء من أعظم الأدعية التي تفتح أبواب الرحمة والمغفرة من الله.
2. دعاء الهداية
قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6].
دعاء الهداية يعتبر من الدعوات اليومية التي يجب أن يرددها المؤمن في صلاته، إذ يطلب الهداية من الله لتحقيق ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
3. دعاء التوفيق
عن النبي ﷺ قال: "اللهم إني أسالك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً." [رواه ابن ماجه]
هذا الدعاء يستحب أن يدعو به المسلم عندما يسعى لتحقيق هدف معين أو يطلب التوفيق في عمله ودراسته.
4. دعاء الاستغفار
قال الله تعالى: {وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 118].
هذا الدعاء يساعد على تطهير النفس من الذنوب ويجلب رحمة الله على العبد.
5. دعاء الرزق
عن النبي ﷺ قال: "اللهم إني أسالك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت." [رواه مسلم]
دعاء ينبه المسلم إلى ضرورة التوجه لله في كل ما يتعلق بالرزق، سواء في المال أو في العلم أو في العمل.
6. دعاء في وقت الشدة
قال رسول الله ﷺ: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين." [رواه الترمذي]
هذا الدعاء يُستحب عند مرور المؤمن بمواقف صعبة أو شديدة، حيث يُعبّر عن التوكل الكامل على الله.
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أهمية الإلحاح في الدعاء والإكثار منه، وذلك كما كان يفعل النبي ﷺ في حياته. ويحث المركز المسلمين على أن يتوجهوا إلى الله تعالى في كل وقت وحين، وأن يكون الدعاء جزءًا أساسيًا من حياتهم اليومية، ليحصلوا على بركات الله ورحمته في الدنيا والآخرة.