الفنان الشاب عمار حيدر… موهبة واعدة في فن البورتريه ورسم الطبيعة
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
اللاذقية-سانا
كان لا بد لجمال قريته الساحرة أن ينعكس بشكل من الأشكال على طفولة الشاب عمار حيدر، فإذ بهذه الطبيعة الريفية الغناء تظهر في رسوماته الطفولية قبل أن يتجسد هذا الميل الإبداعي خلال سنوات لاحقة عبر موهبة فذة حولته إلى رسام متميز.
بدأ حيدر برسم الشخصيات الكرتونية والحيوانات في طفولته قبل أن يعي جمال المناظر الطبيعية في قريته حلة عاراً في ريف جبلة فيبدأ بتجسيدها على الورق ضمن لوحات عكست شغفه العميق بالرسم، مبيناً أن والديه لاحظاً ما يتمتع به من قدرات خاصة في هذا المجال فقاما بتشجيعه ليبدأ تدريبه على أصول الرسم وهو في الحادية عشرة من عمره على يد الفنانة التشكيلية “نجود اسعيد”.
في مرحلة لاحقة باتت رؤية حيدر الفكرية أكثر عمقاً وشمولية فراح يدرس مشاعر الإنسان وأحاسيسه من خلال الوجوه وهو ما جعله يتوجه إلى البورتريه حسب قوله، مبيناً أنه اختار رسم وجوه الأهل والأصدقاء والمشاهير من المطربين بالفحم بشكل أساسي ومنها لوحة لكاظم الساهر وأخرى لملحم بركات.
وقال: كانت لي تجربة محببة لنقل الموسيقا إلى عالم الرسم من خلال لوحة الغيتار بالألوان الزيتية وقد نالت إعجاب المتلقين في المعارض التي شاركت فيها، حيث سعيت إلى إحداث تناغم بين الموسيقا كغذاء للروح وفن الرسم ذلك التناغم الذي شكل لوحة واحدة مفعمة بالأحاسيس تكون فيها الموسيقا روحاً والخطوط المتعرجة على الورق جسداً.
وأضاف: إن دراسته في كلية الهندسة المعمارية ساعدته على تحديد الأبعاد والمقاسات في لوحاته بصورة واضحة وبدقة عالية والتي غلب على معظمها اللونان الأبيض والأصفر كمؤثرات لإظهار الظل والنور اللذين يعبران عن الغموض والشفافية الواجب إظهارها في اللوحة.
وشارك حيدر في أربعة معارض في المركز الثقافي العربي في مدينة جبلة وقلعة جبلة معتبراً أن كل لوحة من لوحاته هي مولود جديد وتؤمن هذه الفعاليات له خروجاً حقيقياً إلى الحياة، فاللوحة رسمت لتراها الأعين وبذلك يكتمل الهدف من الفن والجمال وهذا ما يشكل بالنسبة لي دافعا أكبر إلى المزيد من الرسم والتعبير عن الذات.
من جانبها ذكرت الفنانة التشكيلية نجود اسعيد أن حيدر شاب موهوب جداً منذ طفولته، حيث بدأت تدريبه بعمر مبكر وسط اهتمام وموهبة بالغين ومع الممارسة أتقن التظليل والرسم بالفحم وبدأ باستخدام الألوان التي طالما اعتبرها عالمه الأجمل.
صفاء علي
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
كيف نُعيد الطفل إلى الطبيعة؟
ريتّا دار **
في خضمّ الحياة الرقمية المتسارعة أصبحت الأجهزة الذكيّة تحتلّ مكان المساحات الخضراء؛ حيث يعيش الأطفال اليوم بعيدين عن أبسط أشكال التواصل مع الطبيعة، ما يهدّد توازنهم النّفسي والجسدي، والسّؤال الّذي يفرض نفسه هنا: كيف نُعيد أطفالنا إلى أحضان الطّبيعة قبل أن تفقد مكانتها في وجدانهم؟
تشير الدّراسات إلى أنّ غياب الطّبيعة عن حياة الطّفل ليس تفصيلًا هامشيًّا، بل يؤثّر بشكل مباشر على نموّه وسلوكه. فقد كشف تقرير المجلس العربيّ للطفولة والتّنمية لعام 2020 أنّ 70% من الأطفال العرب يقضون أوقات فراغهم في استخدام الأجهزة الإلكترونية، بينما تقلّ نسبة مشاركتهم في أنشطة بيئية أو رياضيّة في الهواء الطّلق إلى أقلّ من 20%.
وعلى الصّعيد العالميّ، تؤكد منظمة الصّحة العالميّة أن قضاء الأطفال وقتًا منتظمًا في الطّبيعة يحسّن المزاج العام، ويخفض مستويات التوتّر، ويعزز مهارات التّركيز والتعلّم.
كما أظهرت مراجعة علميّة نشرتها مجلّة علم النّفس الأمامي عام 2019 أنّ التّفاعل مع البيئة الطّبيعية يُسهم في تحسين القدرات الاجتماعيّة والحدّ من السّلوكيات العدوانية لدى الأطفال.
وفي هذا السياق نؤكّد أن "العودة إلى الطّبيعة" ليست ترفًا تربويًّا؛ بل ضرورةً حيويةً لصناعة جيلٍ متوازنٍ نفسيًا وجسديًا.
لم تغفل الدّراسات أهمية النشاطات البيئية المباشرة؛ إذ أثبتت دراسة جامعة كولومبيا البريطانية أنَّ زراعة الأطفال للنباتات، حتى في بيئات حضريّة صغيرة، تعزز لديهم الإحساس بالمسؤولية والانتماء، وغرس قيم التعاون والمثابرة.
أما في سلطنة عُمان، فقد أطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة "المدارس الخضراء"، التي تهدف إلى غرس الوعي البيئي في نفوس الطلاب عبر أنشطة عملية مثل الزراعة المدرسية وإعادة التدوير، مما يُعزز العلاقة بين الطفل والبيئة المحيطة به.
ورغم ما قد يبدو من تحدّيات، إلّا أنّ العودة إلى الطبيعة لا تتطلب إمكانيات ضخمة أو استثنائية. يكفي تنظيم نزهة أسبوعية إلى حديقة قريبة، أو مشاركة الطفل في زراعة نبتة بسيطة مثل الحبق أو النعناع على شرفة المنزل؛ والاحتفال بإنجازاته الصغيرة باستخدام بعضٍ مما زرعه والثّناء عليه وتشجيعه. كما يمكن تخصيص "ركن أخضر" في المنزل حيث يتابع الطفل نمو النباتات ويتعلم الصبر والرعاية.
تلعب القدوة دورًا جوهريًا في تشكيل علاقة الطفل بكل ما حوله. الطفل الّذي يرى والديه يهتمّان بالبيئة سيتبنّى هذا السلوك بالفطرة وسيتعلّم أن الأرض كائن حيّ يمنحنا الحياة.
توصي منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" أيضًا بإدخال أنشطة الزراعة البسيطة ضمن الحياة اليومية للأطفال، لترسيخ مفاهيم الاستدامة والمسؤولية البيئية.
إنَّ إعادة الطفل إلى الطبيعة أصبحت مسؤولية حقيقية تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والمجتمع بأسره؛ فلنعمل على أن تبقى الطبيعة جزءًا حيًّا في حياة أطفالنا، لا مجرّد صورة رقمية تمرّ عبر الشاشات.
***********
المصادر:
تقرير المجلس العربي للطفولة والتنمية 2020
منظمة الصحة العالمية (WHO)
مراجعة علمية بمجلة علم النفس الأمامي 2019 (Frontiers in Psychology)
دراسة جامعة كولومبيا البريطانية.
مبادرة المدارس الخضراء، وزارة التربية والتعليم في سلطنة عُمان.
منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
** كاتبة سورية