ضرب إعصار "إيداليا" (Idalia) ساحل خليج فلوريدا -أمس الأربعاء- مصحوبا برياح عاتية وأمطار غزيرة وأمواج قوية، ثم ضعف مع تحوله إلى جنوب شرق جورجيا، حيث حاصرت مياه الفيضانات بعض السكان في منازلهم.

ووصلت العاصفة القوية -التي وصفها المركز الوطني للأعاصير بالولايات المتحدة بأنها "حدث غير مسبوق"- إلى اليابسة بعد وقت قصير من الفجر مع رياح بلغت سرعتها أكثر من 257 كيلومترا في الساعة بالقرب من شاطئ كيتون على ساحل خليج فلوريدا.

وكان "إيداليا" قد تحول من عاصفة استوائية إلى إعصار في وقت مبكر أمس الأول، بعد يوم من مروره بغرب كوبا، حيث ألحق أضرارا بالمنازل وأغرق القرى.

ولكن ما الذي يجعل "إيداليا" بهذه القوة؟

حرارة المحيطات

تحصل الأعاصير عادة على طاقتها من الماء الدافئ، وقد تغذى "إيداليا" على بعض من أكثر المياه سخونة على الكوكب، وازدادت قوة الإعصار بسرعة مع اقترابه من فلوريدا وبقية ساحل الخليج.

وكان العلماء يتحدثون طوال الصيف عن مدى ارتفاع حرارة سطح المحيطات، خاصة المحيط الأطلسي وبالقرب من فلوريدا، وكيف أن المياه العميقة -التي تقاس بما يسمى المحتوى الحراري للمحيطات- تحافظ على تسجيل أرقام قياسية أيضا بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.

ومن جانبها، تقول كريستين كوربوسييرو أستاذة علوم الغلاف الجوي بجامعة ألبانيا إن هذه المياه الدافئة ناتجة عن مزيج من تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، وظاهرة النينيو الطبيعية وغيرها من الأحداث المناخية العشوائية.

ويوضح فيل كلوتزباخ الباحث في مجال الأعاصير بجامعة ولاية كولورادو -في بيان صحفي منشور على موقع "فيز دوت أورغ"- أن درجة الحرارة بلغت 32 درجة مئوية فوق المسار الذي اتبعته العاصفة، لذا فقد كان هذا هو الوقود الصاروخي للعاصفة.

وأوضح مدير هيئة الأرصاد الجوية الوطنية كين غراهام أن ما يجعل الأمر صعبا وخطيرا للغاية أن "إيداليا" تحرك بسرعة كبيرة وازدادت شدته بسرعة كبيرة أيضا.

 "إيداليا" تحرك وازدادت شدته بسرعة كبيرة مما جعل الأمر خطيرا (رويترز) المرور بالتيار الحلقي وغياب رياح القص

كان "إيداليا" قد توقف لبعض الوقت فوق التيار الحلقي ودواماته (Loop Current) والذي يعد أحد تيارات المحيط الأطلسي، وهو دافئ يتدفق شمالا بين كوبا وشبه جزيرة يوكاتان، وينتقل شمالا نحو خليج المكسيك، ويدور شرقا وجنوبا في حلقات قبل المغادرة إلى الشرق عبر خليج فلوريدا والانضمام إلى تيار الخليج.

وتقول كوربوسييرو إن هذه البرك من المياه الدافئة والعميقة الإضافية تتدفق من منطقة البحر الكاريبي إلى خليج المكسيك. وتعتبر المياه العميقة مهمة لأن تطور الإعصار غالبًا ما يتوقف عندما تضرب العاصفة الماء البارد.

والحقيقة الأخرى التي يمكن أن تبطئ تعزيز الإعصار هي الرياح المتقاطعة في المستوى العلوي، والتي تسمى رياح القص. لكن خبراء الأعاصير قالوا إن "إيداليا" انتقل إلى منطقة لا يوجد بها الكثير من القص أو أي شيء آخر لإبطائها.

الأمر صار مألوفا

وكما يشير تقرير موقع "فيز دوت أورغ" يبدو أن هذا النمط من الأعاصير التي تزداد قوة مع اقترابها من الساحل صار مألوفا، حيث اشتدت عام 2021 حدة 6 أعاصير (دلتا، غاما، سالي، لورا، هانا، تيدي) بسرعة. وقال كلوتزباخ إن أعاصير إيان وإيدا وهارفي ومايكل فعلت ذلك قبل أن تضرب الولايات المتحدة السنوات الخمس الماضية.

فقد وجدت دراسة نشرت في 24 أغسطس/آب الجاري بدورية "نيتشر كوميونيكيشنز" أن العواصف التي تقترب من السواحل، على بعد 400 كيلومتر، في جميع أنحاء العالم، تتزايد قوتها الآن بسرعة أكبر 3 مرات مما كانت عليه قبل 40 عاما. وكانت هذه الأحداث تحدث في المتوسط 5 مرات في السنة، والآن صارت تحدث 15 مرة في السنة.

وقال شواي وانغ المؤلف المشارك بالدراسة وأستاذ علم المناخ في جامعة ديلاوير الأميركية "الاتجاه واضح للغاية، لقد صدمنا للغاية عندما رأينا هذه النتيجة".

نمط الأعاصير التي تزداد قوة مع اقترابها من الساحل صار مألوفا (رويترز)

وقال علماء، مثل وانغ وكوربوسيرو، إنه عندما يتعلق الأمر بعاصفة واحدة مثل إيداليا، فمن الصعب إلقاء اللوم على تغير المناخ في تكثفها السريع. ولكن عندما ينظر العلماء إلى الصورة الكبيرة على مدى سنوات عديدة والعديد من العواصف، تظهر الدراسات وجود علاقة بين ظاهرة الاحتباس الحراري والتكثيف السريع.

وفي دراسته، رأى وانغ أن دورة المناخ الطبيعية المرتبطة بنشاط العواصف ودرجات حرارة سطح البحر الأكثر دفئا هي عوامل تتسبب في تكثف العواصف بسرعة، وقال "قد نحتاج إلى توخي الحذر بعض الشيء" في إلقاء اللوم على تغير المناخ في عواصف منفردة "لكنني أعتقد أن إعصار إيداليا يوضح سيناريو قد نشهده في المستقبل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

مقعد فلوريدا الساخن.. حسابات ما بعد مغادرة روبيو

في ضوء تقارير تفيد بأن السيناتور الجمهوري ماركو روبيو سيصبح وزير خارجية ادارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يشهد مقعد روبيو في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا حالة من الغموض. إذ تطرح تساؤلات عدة بشأن مصير هذا المقعد ومن سيشغله في حال تعيين روبيو في الإدارة الجديدة.

وتزيد أهمية هذا القرار بالنظر إلى أن مقعد روبيو كان محط الأنظار في ولاية فلوريدا التي تمثل ثقلًا سياسيًا كبيرًا في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل هذه التطورات محل اهتمام واسع من المواطنين والسياسيين على حد سواء.

ماذا يقول قانون فلوريدا؟

وفقًا للأنظمة القانونية في ولاية فلوريدا، يتم شغل المقعد الشاغر من خلال تعيين مؤقت يقوم به حاكم الولاية، رون ديسانتيس، إذ يمنحه القانون صلاحية اختيار شخص ليشغل هذا المقعد، حتى يحين موعد الانتخابات العامة في عام 2028.

ويخدم أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين لمدة 6 سنوات، وتم اعادة انتخاب روبيو عام 2022، إلا أن احتمال انتقاله إلى الخارجية قد يعيد ترتيب خطط حاكم فلوريدا، الذي قد يجد نفسه مضطرًا لتعيين شخصية تحظى بتأييد حزبي وشعبي واسع.

ورغم قلة المعلومات المؤكدة علنياً بشأن الشخصية التي سيعينها ديسانتيس لشغل هذا المنصب، إلا أن العديد من المتابعين والمحللين السياسيين يتوقعون أن يكون التعيين لصالح حليف سياسي مقرب من الحاكم.

ويعتقد بعض المتكهنين أن الاختيار يقع على أحد العاملين في مكتب ديسانتيس التنفيذي أو على شخصية بارزة من مجلس تشريعي فلوريدا أو من الكونغرس.

ويُعرف ديسانتيس بميله لتعيين شخصيات قريبة منه سياسيًا، ويشمل ذلك احتمال تعيين أحد الأعضاء الجمهوريين الذين يدعمون سياساته أو ممن يتوافقون مع رؤيته المستقبلية للولاية.

تقارير: ترامب يختار ماركو روبيو وزيرا للخارجية ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، الإثنين، إن من المتوقع أن يعيّن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، السيناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا في منصب وزير الخارجية. هل يعين ديسانتيس نفسه؟

ما يثير الاهتمام أنه وفقًا لقوانين فلوريدا، يمكن للحاكم تعيين أي شخص يراه مناسبًا، حتى لو كان التعيين يشمله هو شخصيًا، وهذا من الناحية النظرية قد يعني إمكانية أن يشغل ديسانتيس المقعد بنفسه، إذا ما اختار ذلك، وهو خيار قد يبدو بعيدًا لكنه ممكن قانونيا.

ويعود آخر شاغر في مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا إلى عام 2009، حين عيّن الحاكم آنذاك تشارلي كريست، جورج إس. ليميو، الذي شغل المقعد لفترة مؤقتة دون أن يسعى للترشح لاحقًا في انتخابات ذلك المقعد، مما أثار جدلاً حينها حول دور الحاكم في اختيار خليفته وأهمية هذا القرار.

وتأتي هذه الأخبار عن رحيل محتمل لروبيو باتزامن مع مهمة تجارية لديسانتيس في أوروبا، مما يضفي على المشهد مزيدا من التعقيد.

ويُعرف عن روبيو أنه من الداعمين البارزين لترامب طوال حملة 2024، بل وكان من بين أبرز المرشحين لشغل منصب نائب الرئيس في مرحلة معينة، ما يعزز فرصه للانضمام إلى فريق إدارة ترامب القادمة.

وفي ظل هذه التطورات، يتابع الجميع باهتمام كبير الكيفية التي سيتعامل بها الحاكم ديسانتيس مع هذا الشاغر المحتمل، وما إذا كان سيختار شخصية تعزز قوته السياسية في الولاية، أم أنه سيختار شخصًا يمكنه التعاون معه لضمان استمرار تأثيره السياسي القوي في المشهد الفيدرالي والمحلي على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تناقش مع الشرجبي حلولًا عاجلة لأزمات المياه والبيئة
  • تقارير.. الأعاصير أكثر قوة بسبب الاحتباس الحرارى
  • معلومات الوزراء يستعرض تقرير البنك الدولي حول أهمية المياه الجوفية ودورها في حماية النظم البيئية العالمية
  • الفلبين في مهب الأعاصير.. «أوساجي» يلحق بـ«توراجي» والخسائر غير مسبوقة
  • ترامب يجهّز إدارته المقبلة من فلوريدا.. الكفاءة ليست أولوية
  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟
  • عاجل | حماس: الادعاءات الأميركية بتحسين الوضع الإنساني بغزة تكذبها التقارير الأممية التي تؤكد وجود مجاعة شمالي القطاع
  • مقعد فلوريدا الساخن.. حسابات ما بعد روبيو
  • رشيد في مؤتمر كوب 29 لم يتطرق إلى استمرار إيران بقطع المياه عن العراق
  • مقعد فلوريدا الساخن.. حسابات ما بعد مغادرة روبيو