في ظل الحرب الدائرة.. هل تضغط واشنطن على أوكرانيا لإجراء انتخابات رئاسية في 2024؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
كييف ـ تصاعد الجدل مؤخرا في إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية الأوكرانية، التي كانت من المقرر عقدها يوم الأحد الأخير من شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم، والانتخابات الرئاسية الدورية المقررة في نهاية مارس/أذار من العام المقبل 2024.
ورغم أن الوقت قد فات لبدء الحملات الانتخابية البرلمانية، قبل 3 أشهر من الموعد المحدد وفق الدستور، فإن الجدل مستمر بخصوص الانتخابات الرئاسية، وإمكانية أن تنظم "فجأة"، أو في وقتها، ولكن في موعد واحد أو متقارب مع نظيرتها البرلمانية، على غير ما جرت العادة.
ومع أن كبار مسؤولي السلطة، بدءا من الرئيس فولوديمير زيلينسكي ومستشاريه، ومرورا بوزير الدفاع وأمين مجلس الأمن القومي والدفاع، وانتهاء برئيس الحكومة ورئيس البرلمان، لا يرون أن الظروف مواتية لهذا الأمر في ظروف الحرب، إلا أن الجدل يزداد حدة في مواجهة أمواج شائعات داخلية وخارجية كثيرة.
فأصوات في المعارضة ترى أن "تطبيق الديمقراطية أهم من أي شيء آخر"، وأن السلطة تستغل الظروف لصالح شعبيتها المرتفعة، وتربط إجراء الانتخابات بانتهاء الحرب، لتضمن فوز زيلينسكي بولاية جديدة، وانتصارا ساحقا لحزبه "خادم الشعب" في المعركة البرلمانية.
حليف وثيقوأما ما يتردد خارجيا فإن الغرب يمارس ضغوطا على الرئيس زيلينسكي لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها دون تأجيل، وضمان البقاء في السلطة فترة جديدة طويلة، كحليف وثيق لها.
هذا ما أشارت إليه صحيفة "فزغلاد" الروسية صراحة، التي اعتبرت أن زيارة السيناتور الأميركي البارز، ليندسي غراهام إلى كييف، كانت مخصصة لهذا الغرض، وهو أحد "أكبر وأشرس كارهي روسيا" في واشنطن، بحسب الصحيفة.
السلطات الأوكرانية لا ترى في إجراء الانتخابات أي منطق أو قانون مادامت الحرب دائرة، لاسيما وأن "الجيش لن يستطيع التصويت على الجبهات المشتعلة"، والأمر كذلك صعب على ملايين النازحين واللاجئين.
يوضح رئيس مجلس إدارة مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" الخبير فولوديمير فيسينكو للجزيرة نت أنه "بموجب الأحكام العرفية، والقوانين ذات الصلة، يحظر إجراء أي انتخابات وقد تم بالفعل تمديد الأحكام العرفية حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2023".
ويضيف أن "الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية في أوكرانيا جرت سابقا -بالفعل- خلال فترة الحرب، في 2014 و2015، وكذلك في 2019 و2020، ولكن دون فرض الأحكام العرفية آنذاك، وفي ظل حرب أصغر بكثير".
ولفت إلى أنه في الحروب الماضية كان عدد اللاجئين في الخارج أقل بكثير، ولم تكن هناك هجمات جوية روسية على جميع مناطق أوكرانيا تقريبا، كما يحدث اليوم بانتظام منذ بداية الحرب، وأدت إلى العديد من المآسي.
تقسيم المجتمعوللأمر بُعْدٌ آخر بحسب الخبير فيسينكو أيضا، فـ"احتدام المنافسات السياسية أثناء الانتخابات، التي تكون دائما حادة وعاطفية في أوكرانيا، يمكن أن يؤدي، إلى تقسيم المجتمع، أو أن يقلل بشكل كبير من مستوى وحدته، الأمر الذي يمكن للعدو الاستفادة منه بالتأكيد".
وأضاف أن الجدل بشأن الانتخابات بدأ عندما كان الجميع يتوقع أن تحسم شهور الربيع والصيف مسار الحرب لصالح أوكرانيا، ولكن من الواضح الآن أن الحرب مع روسيا تستمر إلى أجل غير مسمى، ولهذا يرى أنه "قد يكون من الضروري إنهاء الأعمال في بعض الجبهات، والتمهيد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية لا تنتظر نهاية الحرب، ولكن ليس قبل ربيع العام المقبل، حتى وإن أثر ذلك على شعبية زيلينسكي وفريقه".
ويتابع "بعض أصوات المعارضة قد تعارض التأجيل، ولكن قادتها وأحزابها يدركون جيدا أن ذلك في صالحهم حتى انتهاء الحرب، لأن الشعبية الساحقة الآن للسلطة، وانتهاء الحرب سيفتح قضايا الإصلاح وإعادة الإعمار وتعويض المتضررين وغيرها، التي يمكن أن تستند إليها المعارضة لبناء حملات انتخابية مؤثرة حينها".
ضغوط أم "نقاشات"؟وبالعودة إلى "الشائعات الخارجية"، يستبعد فيسينكو أن تمارس دول الغرب أي ضغوط على نظام كييف لإجراء الانتخابات، ويدعو هنا إلى التفرقة بينها وبين "النقاشات" الموجودة فعلا.
يوضح ذلك للجزيرة نت، فيقول: "على العكس، ثمة إجماع غربي على صعوبة إجراء الانتخابات في أوكرانيا حاليا؛ ولكن هناك تصريحات متفرقة لمسؤولين أوروبيين وأميركيين، تعبر عن آرائهم ومواقف أحزابهم، وترى أن إجراء الانتخابات مهم للتأكيد على مبادئ الحرية والديمقراطية في أوكرانيا".
وفي السياق ذاته يقول فيسينكو إن "السيناتور الأميركي ليندسي غراهام-على سبيل المثال وهو مؤيد قوي لأوكرانيا في الحزب الجمهوري الذي فيه أصوات معارضة تدعو إلى مراجعة الدعم الأميركي لكييف، كما نعلم، في النهاية،لا يمثل الحزب الديمقراطي الحاكم، وزيارته كانت محاولة لزيادة حجم تأييد أوكرانيا في صفوف حزبه، وإنه لا يستطيع الضغط على زيلينسكي، بل يمكنه مناقشة موضوع الانتخابات معه، وعرض وجهة نظره منها فقط".
ولفت إلى أن "البيت الأبيض، والاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، والحكومات الغربية عموما، لا ترى ضرورة لإجراء أي انتخابات في أوكرانيا ما دامت الحرب مستمرة، وما دون ذلك أصوات متفرقة، تعرض وتناقش وجهات نظرها، لكنها لا تضغط ولا تستطيع".
وخلص فيسينكو إلى أن بعض وسائل الإعلام، وخاصة الروسية منها، تستغل هذه الأصوات لرسم صورة مغايرة، تشوه بها حقيقة الموقف الغربي الموحد في دعم أوكرانيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة إجراء الانتخابات فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
مدير مركز أبحاث: انتخاب رئيس أمريكي جديد سيؤثر على أجندة واشنطن بالشرق الأوسط
أكدت الدكتورة عزة هاشم مدير مركز "الحبتور" للأبحاث أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية تعد واحدة من أهم الانتخابات في التاريخ الأمريكي الحديث، وذلك لعدة أسباب تتعلق بالتحديات غير المسبوقة على المستويين المحلي والدولي.
وقالت الدكتورة عزة هاشم، في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم "الأربعاء"، إن انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية يحمل دلالات كبرى ستؤثر على الأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط، والعلاقات مع الصين، وموقفها من الحرب الروسية الأوكرانية.
وشددت على أن الانتخابات الأمريكية تأتي في وقت حاسم، حيث تتسم منطقة الشرق الأوسط بتعقيدات جيوسياسية وصراعات متشابكة، حيث الحرب الجارية في الإقليم تكاد تعصف بالمنطقة، ورُبما تؤدي إلى حرب شاملة في حال استمرارها لفترات أطول، بحيث تجذب مزيدًا من الأطراف إليها، خصوصًا إذا استمرت الضربات المُباشرة بين إيران وإسرائيل، وبالتالي فإن للرئيس الأمريكي القادم دورا محوريا في كبح جماح الصراع الجاري والسيطرة عليه وإعادة الاستقرار للمنطقة.
وأوضحت هاشم أن الانتخابات الأمريكية تعتبر مواجهة بين رؤيتين متناقضتين حول مستقبل البلاد، إذ تتصدر قضايا محورية المشهد، مثل التفاوت الاقتصادي حيث يُعاني الكثير من الأمريكيين من تراجع مستويات الدخل أمام التضخم، وازدياد كلفة المعيشة، خصوصًا نفقات الإسكان والرعاية الصحية.
وأضافت أن استطلاعات الرأي تظهر أن الناخبين منقسمون حول أفضل السبل لإدارة هذه التحديات، ما بين سياسات تركز على الضرائب التقدمية وزيادة الإنفاق الحكومي لدعم الفئات المتوسطة والفقيرة، وسياسات تفضل التخفيف من تدخل الحكومة في السوق وتحفيز الاقتصاد من خلال ضرائب مخفضة على الشركات.
وأشارت إلى أن هناك أيضا تحديات تتعلق بالسياسة الاجتماعية، مثل قضايا الإجهاض، وحقوق التصويت، والهجرة، فبينما يرغب جانب من الناخبين في فرض قيود أكثر صرامة على الهجرة وتعزيز الإجراءات الأمنية الحدودية، يرى آخرون أن الحاجة مُلحة لتبني نظام هجرة أكثر إنسانية وتنظيميا.
وأضافت :"بالتالي يُبرز هذا الانقسام التحدي الأساسي في أمريكا اليوم، وهو الاستقطاب السياسي، الذي أدى إلى تراجع في الثقة بالمؤسسات الديمقراطية وتنامي النزعات المتطرفة من اليمين واليسار على حد سواء، ولذلك فإنه من المتوقع أن تؤثر نتائج الانتخابات على تماسك النظام السياسي، ما قد يؤدي إلى أزمات دستورية أو اضطرابات مدنية إذا لم تُحسم القضايا الخلافية بطرق سلمية".
وفيما يتعلق بالقضايا الدولية ، قالت الدكتورة عزة هاشم إن العالم يعتمد على القيادة الأمريكية في قضايا حيوية كالتغير المناخي، والتجارة الدولية، والأمن.
وتابعت: فيما يتعلق بالتغيُر المُناخي، تُعتبر الولايات المتحدة من بين أكبر منتجي الكربون، وسياسات الرئيس القادم ستؤثر بشكل كبير على الجهود العالمية لخفض الانبعاثات.. وفي حال فوز مرشح يؤمن بتعزيز الاستثمارات في الطاقات النظيفة وتعزيز اتفاقات المناخ، ستُساهم أمريكا بشكل كبير في الحد من التغير المناخي، بينما إذا كان الفائز أقل اهتمامًا بالبيئة، فقد يعيق الجهود الدولية، بما يؤثر بشكل مباشر على البلدان النامية، التي تعتمد على التمويل والمساعدات لمواجهة تأثيرات التغير المناخي.
ومن ناحية السياسة الاقتصادية، تقول الدكتورة عزة هاشم إن الاقتصاد العالمي شديد الارتباط بسياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المركزي)، وأي تغييرات في السياسة التجارية أو النقدية الأمريكية يكون لها تأثيرات واسعة النطاق، ومن المتوقع أن تحدد نتيجة الانتخابات اتجاه السياسة الأمريكية نحو دول مثل الصين، بخصوص الاقتصاد والسباق التكنولوجي الحالي، وإذا كانت الإدارة القادمة تتبنى سياسة متشددة تجاه الصين، فإننا قد نشهد تصاعدًا في الحرب التجارية، مما سيؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، وتباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي.