ما زالت المظاهرات في السويداء مستمر احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية

جرى رفع علم "الثورة السورية" في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة لأول مرة منذ سنوات خلال مظاهرات شهدتها مدينة السويداء احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، حيث مازالت موجة الاحتجاجات مستمرة منذ أكثر من أسبوعين.

مختارات ارتفاع خرافي للأسعار.

. شبح الجوع يلاحق سوريين سوريا: تواصل الاحتجاجات بالسويداء ضد النظام وسوء الأوضاع المعيشية مظاهرات وعصيان مدني احتجاجا على غلاء الأسعار جنوب سوريا الدروز- خطر الإرهاب في سوريا وتحدي قانون الدولة اليهودية في إسرائيل

وانطلقت الاحتجاجات  منتصف أغسطس / آب الجاري عقب قرار الحكومة رفع الدعم عن الوقود فيما اندلعت مظاهرات في محافظتي درعا والسويداء، لكن زخمها كان – وما زال – قويا في السويداء.

وفي مقابلة مع DW، قال أحد سكان المدينة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أصبح "نظام الأسد اليوم في أسوأ وأضعف حالاته خاصة في السويداء. حاول بعض السكان منذ فترة طويلة تنظيم مظاهرة، لكن قوات الأمن صدتهم".

ورغم ذلك، أقر متظاهر من السويداء في مقابلة مع DW "بأن الاحتجاجات الجارية لن تتوقف مهما حاول نظام الأسد. نحن حذرون ونعلم أساليب (قوات الأمن) الدنيئة والإجرامية".

وشهدت السويداء، معقل الأقلية الدرزية في سوريا، إغلاقا للطرق المؤدية إلى دمشق، فيما أوصدت المكاتب الحكومية أبوابها مع إزالة صور الرئيس السوري بشار الأسد فوق المباني.

وانتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء المحافظة مع رصد عشرات  الفعاليات  الأسبوع الماضي فيما نُظمت مظاهرات تضامنية صغيرة الحجم في مدن أخرى خاضعة لسيطرة الحكومة مثل مدينة درعا قرب الحدود الأردنية.

اندلعت مظاهرات تضامنية مع احتجاجات السويداء في مدن الشمال السوري

وفي درعا، قال متظاهر "نحن نتظاهر لأن الحكومة مازالت تحتجز أكثر من نصف مليون معتقل وأيضا بسبب الاغتيالات وارتفاع الأسعار والحواجز التي تتمركز فيها ميليشيات تطلب منا دفع أموال مقابل مرورنا من خلالها".

وأضاف في مقابلة مع  DW أن "الاحتجاجات ستستمر حتى إسقاط النظام. هذا مطلب لا مفر عنه. في درعا، نخشى الاعتقال عند نقاط التفتيش، لكننا لا نخشى أي شيء آخر".

وفي إدلب، آخر معقل للمعارضة السورية، قال الناشط رضوان الأطرش إن "الاحتجاجات المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام مهمة للغاية. نتمنى ألا تتوقف مظاهرات السويداء حتى تحقيق الهدف ونأمل في أن تمتد الاحتجاجات إلى الساحل وحلب ودمشق".

 مؤشر على ثورة جديدة؟

ويرى مراقبون أن مثل هذه المؤشرات تُنذر بأن الأحداث الأخيرة قد تمهد الطريق أمام ثورة جديدة نظرا لأهميتها رغم أن السنوات الأخيرة قد شهدت مظاهرات من الحين والآخر.

ويتفق في هذا الرأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط روبن ياسين كساب، قائلا في مقال إن "أقلية سورية بأكملها (الدروز) تعارض الآن نظام الأسد، هذا يعد بالأمر الهام نظرا لما تبرره حكومة الأسد لتكتيكاتها من أنها إذا تخلت عن السلطة، فإن الأقليات السورية ستكون معرضة للخطر."

وأشار كساب إلى  البعد الاقتصادي ، قائلا "الاقتصاد السوري قد شارف على الانهيار ما ينذر إما باندلاع ثورة أو مجاعة جماعية".

الجدير بالذكر أن ما يقرب من 90% من الشعب السوري بات تحت خط الفقر بعد أكثر من عقد على اندلاع الانتفاضة السورية، بحسب بيانات الأمم المتحدة.


البعد الاقتصادية

ورغم قرار الحكومة مضاعفة رواتب الموظفين عقب إلغاء دعم المحروقات، إلا أن الفجوة بين دخل السوريين وارتفاع التكاليف الحياتية مثل سلع ومواد غذائية أساسية اتسعت في الآونة الأخيرة خاصة مع ضعف الزيادة في الرواتب وتأخر حصول الموظفين عليها.

وعلى وقع ذلك، نظم عدد من التجار وسائقي سيارات الأجرة والحافلات إضرابا عن العمل احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية بين 30% و100% في غضون ليلة واحدة.

بدوره، قال حايد حايد، الباحث والكاتب السوري المتخصص في قضايا الأمن وحل النزاعات في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمركز "تشاتام هاوس" للأبحاث، إن "السوريين عانوا كثيرا، لكن ما حدث في الماضي لم يمنعهم من التظاهر مرة أخرى إذا لم يتمكنوا من إطعام أطفالهم".

وفي مقابلة مع DW، قال "من المنطقي القول بأن العامل الاقتصادي كان المحرك الرئيسي، لكن الأمر في طياته يحمل عاملا سياسيا لأنه يمكن إلقاء اللوم في تردي الأوضاع الاقتصادية على الحكومة".

وأشار مراقبون إلى أن الاحتجاجات اتسمت  بالطابع السياسي  مع إطلاق دعوات داخل السويداء لتفعيل القرار الأممي 2254 الذي ينص على "دعم عملية سياسية بإشراف أممي" من أجل إنشاء "حكم ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية".

انخفضت قيمة العملة السورية مع ارتفاع معدلات التضخم

رد فعل الحكومة السورية

 

وإزاء ذلك، يطرح مراقبون تساؤلات حيال الخطوات التي سوف تُقدم عليها الحكومة السورية لمواجهة الاحتجاجات الراهنة. وفي ذلك، قال حايد "أعتقد أن النظام سيحاول استخدام أساليب مختلفة للتعامل مع الأمر على أساس مخاطر ذلك. من المرجح أنهم يأملون في إحتواء الاحتجاجات في السويداء ويأملون في أن يسئم السكان في نهاية المطاف من الاحتجاج. ويُرجح أيضا اللجوء إلى استخدام القوة في مناطق أخرى، لكن الحكومة سوف تتجنب هذا السيناريو في السويداء في الوقت الحالي".

الجدير بالذكر أن تعامل  الحكومة السورية مع الأقلية الدرزية، التي كانت تشكل حوالي 3% من سكان سوريا قبل الأزمة، اتسم بالحذر حتى أنها تسامحت مع بعض مواقفها المعارضة وحتى حدوث مظاهرات في معاقلها في البلاد مثل السويداء على النقيض من الوضع في المدن الآخرى.

ففي محافظتي درعا وحلب، قامت قوات الأمن على الفور بقمع الاحتجاجات التي اندلعت الشهر الجاري فيما جرى نشر مقطع مصور يُظهر قيام قوات الأمن في اللاذقية بمحاولة منع إضراب عام وسط تحذيرات من نشطاء أن قوات الأمن قرب مسجد بحمص كانت تسعى إلى وقف الاحتجاجات.

من جانبه، يرى جوزيف ضاهر، الخبير في الشأن السوري والأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، أن الأقلية الدرزية لديها أفضلية تتمثل في أنها تمتلك فصائل مسلحة مثل "حركة رجال الكرامة" التي برز اسمها خلال قتال مسلحي "داعش".

رفع المتظاهرون في السويداء شعارات مناهضة للحكومة السورية

وأضاف ضاهر في مقابلة مع DW أن السويداء "تمكنت على مر السنين من الحصول على أشكال محدودة من الحكم الذاتي، لذا يمكن القول بأن توازن القوى في السويداء لا يصب في صالح القوات الحكومية".

بدوره، قال حمد علاء غانم، الخبير البارز في المجلس السوري-الأمريكي في واشنطن، إن الحكومة السورية  "تنخرط في محاولات دبلوماسية مكثفة للغاية في السويداء لاقناع المتظاهرين بوقف الاحتجاجات، لكنني سمعت مصادر حكومية تقول إن النظام يعمل على خطة بديلة إذا فشلت الدبلوماسية، حيث يعمد إلى تعبئة قوات الأمن لنشرها إذا لزم الأمر".

التأثير النفسي

ورغم ذلك، اتسم حديث الخبراء في مقابلاتهم مع DW بالحيطة عند وصف الوضع الحالي في سوريا  بأنه  يُنذر باندلاع ثورة جديدة على مستوى البلاد.

وفي ذلك، قال ضاهر "إذا لم تسفر الاحتجاجات في السويداء عن تدشين برنامج وطني، فإنها لن تمثل تحديا للنظام السوري".

ويرى غانم أن الاحتجاجات أحييت في نفوس السوريين ذكرى المظاهرات التي اندلعت في مستهل الثورة السورية عام 2011، مضيفا "شعرت انني اعيش في عام 2011 لأن المتظاهرين في السويداء كانوا يرددون الشعارات ذاتها. من الناحية العاطفية، شعرت وكأني أعيش عام 2011 من جديد."

ويساور أبو سليم، طالب لجوء سوري يعيش حاليا في ألمانيا، نفس المشاعر، قائلا "تعرضت للاحباط خلال الأشهر الأخيرة، بعد قيام دول عديدة بالتطبيع مع الأسد. لكنني لا أتوقع اندلاع ثورة جديدة لأن هذا غير ممكن."

كاثرين شاير / عمر البم - إدلب /م.ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: السويداء سوريا النظام السوري احتجاجات في السويداء مظاهرات في سوريا الأوضاع المعيشية في سوريا السويداء سوريا النظام السوري احتجاجات في السويداء مظاهرات في سوريا الأوضاع المعيشية في سوريا الحکومة السوریة فی السویداء احتجاجا على ثورة جدیدة قوات الأمن

إقرأ أيضاً:

اتفاق بين الحكومة السورية والدروز لإنهاء التوتر في جرمانا

اتفق مسؤولون في الحكومة السورية مع ممثلين عن المجتمع الأهلي والمحلي بمدينة جرمانا في ريف دمشق للتهدئة ووقف التصعيد، بينما دعا الزعيمان في الطائفة الدرزية بسوريا حمود الحناوي ويوسف الجربوع، اليوم الثلاثاء، إلى الوحدة الوطنية ونبذ الفتنة.

وأفادت وكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن الاتفاق نص على ضمان إعادة الحقوق وجبر الضرر لذوي الضحايا الذين سقطوا في المدينة نتيجة الأحداث الأخيرة، بالإضافة إلى التعهد بالعمل على محاسبة المتورطين بالهجوم الأخير وتقديمهم للقضاء العادل.

كما نص الاتفاق على ضرورة توضيح حقيقة ما جرى إعلامياً والحد من التجييش الطائفي والمناطقي، والعمل على تأمين حركة السير بين محافظة دمشق ومحافظة السويداء أمام المدنيين.

صور من مشاركة مدير مديرية الشؤون السياسية في ريف دمشق الأستاذ أحمد طعمة، ومدير منطقة الغوطة الشرقية الدكتور محمد علي عامر بصياغة الاتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا.#سانا pic.twitter.com/M4IEowjP53

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) April 29, 2025

انتشار أمني

في هذه الأثناء، عززت قوات الأمن العام السورية انتشارها في أطراف جرمانا بعد اشتباكات دامية اندلعت أمس الاثنين وتجددت صباح اليوم الثلاثاء، أودت بحياة 8 أشخاص.

إعلان

ووقع الاشتباك على خلفية انتشار تسجيل صوتي مسيء إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، منسوب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، مما أدى إلى موجة غضب واسعة بين السوريين.

ورصدت مراسلة الجزيرة نت أصوات طائرات استطلاع مجهولة المصدر تحوم فوق المدينة منذ الساعة الواحدة ظهرا اليوم الثلاثاء دون توقف.

وأفاد مصدر أمني، للجزيرة، بمقتل اثنين من قوى الأمن العام خلال اشتباكات اندلعت فجر اليوم في محيط جرمانا. وأكد المصدر أن قوات الأمن العام لم تكن طرفا في الاشتباكات، لكنها حاولت فض اشتباك بين مجموعات غير نظامية.

وذكرت مصادر أمنية، للجزيرة، أن 6 مسلحين من مجموعات مسلحة في جرمانا قتلوا خلال الاشتباكات، كما أصيب أكثر من 12 آخرين.

بدوره، قال المسؤول الأمني في منطقة الغوطة الشرقية محمد خير تقلجي إن "جميع من تورطوا في الدماء على خلفية أحداث مدينة جرمانا سيقدمون إلى القضاء، مهما كان انتماؤهم".

وأضاف تقلجي -في تصريحات للجزيرة- أن مروجي المقطع الصوتي المسيء للنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) قصدوا الفتنة بين مكونات الشعب السوري.

وفي وقت سابق، أوضح بيان لوزارة الداخلية أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الشخص الذي وُجهت إليه أصابع الاتهام لم تثبت علاقته بالتسجيل الصوتي، وأن العمل جار للوصول إلى صاحب التسجيل، وتقديمه للعدالة لينال العقوبة المناسبة، وفق القوانين المعمول بها في البلاد.

أما وزارة العدل فقالت إنها لن تتهاون في ملاحقة مرتكبي الاعتداءات لا سيما تلك الموجهة إلى الرسول الأعظم.

ودعت الوزارة المواطنين إلى الالتزام بأحكام القانون وتجنب الانجرار إلى خطاب الفتنة والتجييش، واللجوء إلى القضاء كسبيل مشروع لمحاسبة المجرمين ومثيري الفتن.

تحذيرات درزية

وفي سياق متصل، حذر شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز يوسف الجربوع مما وصفها بالفتنة التي تعمل عليها أطراف عديدة لضرب وحدة النسيج السوري.

إعلان

ودعا الجربوع السوريين إلى التروي وتحكيم العقل، مشددا على أن مشيخة العقل لن تقبل بأي إساءة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

من جانبه، قال شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا الشيخ حمود الحناوي إن ما جرى في جرمانا بُني على اتهامات غير حقيقية.

ودعا الحناوي -في مقابلة مع الجزيرة- إلى ضرورة وأد الفتنة، وحل المشكلة بأسرع وقت ممكن.

وتداول سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي بيانا منسوبا لأهالي جرمانا، ونعى البيان القتلى من شبان المدينة، معتبرا ما جرى "عملا جبانا لا يمثل أخلاق أهلنا، ولا ديننا، ولا قيمنا الوطنية التي قامت على المحبة والعيش المشترك".

وأردف البيان "نُدين بكل الكلمات الصادقة التحريض الطائفي الذي سبق هذه الجريمة، ونحذر من الانجرار خلف دعوات الفتنة التي لا تخدم إلا أعداء سوريا ووحدتها".

ودعا البيان الجهات الرسمية إلى تحمّل مسؤولياتها "وفتح تحقيق فوري وشفاف، ومحاسبة كل من شارك وحرّض وخطط لهذه الجريمة، فالعدل أساس الاستقرار، وبدونه لا سلام".

مقالات مشابهة

  • حقيقة ما جرى في جرمانا والاتفاق مع الحكومة السورية
  • أزمة كهرباء عدن.. الحكومة اليمنية تطلق خطة إنقاذ عاجلة لمواجهة الانقطاعات المتكررة
  • بعد توتر طائفي في صحنايا.. إسرائيل تقصف محيط دمشق وتحذر الحكومة السورية
  • الحكومة: رادار الأسعار يتيح للمستهلك الإبلاغ عن نقص السلع أو ارتفاع أسعارها
  • اتفاق بين الحكومة السورية والدروز لإنهاء التوتر في جرمانا
  • موجة غلاء جديدة تضرب الكيان الصهيوني: شركات غذاء ومشروبات ترفع الأسعار
  • تواصل الاحتجاجات الغاضبة في عدن بسبب انقطاع الكهرباء
  • احتجاجات غاضبة في أبين تنديدا بتدهور الخدمات وانهيار الريال اليمني
  • مظاهرات غاضبة في عدن (صور)
  • احتجاجات غاضبة في عدن بسبب انقطاع الكهرباء وتصاعد السخط الشعبي مع اشتداد حرارة الصيف