عربي21:
2024-11-19@06:29:16 GMT

نجلاء ليست وحدها ..

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

اللجوء إلى إسرائيل في أوقات الأزمات، هي وصفة عربية مجربة، لكنها فاشلة، أي أنها لم تنقذ أحدا من مجربيها.

ففي عام 2011 طلب العقيد الراحل معمر القذافي من إسرائيل التدخل لإنقاذ نظامه، عندما ضاقت الحلقة عليه، ولم يكن ذلك سرا أو تخرصات، إذ إن وزيرا إسرائيليا في لقاء معه على قناة روسيا اليوم، حذر الغرب وحلف الناتو من خسارة نظام كنظام القذافي، طوّر من نفسه وجنح إلى السلم بعد سنوات من التغريد خارج السرب.

إلا نظام القذافي سقط سقطة مروعة.

الخبرة التي اكتسبناها طوال السنوات الماضية تعلمنا أن أي لقاء مع مسؤول إسرائيلي، لا بد وأن يكشف عنه الإعلام الاسرائيلي، بصرف النظر عن الحزب الحاكم في إسرائيل، لأن جوهر مصلحة إسرائيل ليس في بنود ما اتفق عليه، بل في الإعلام والإعلان، لتشجيع أطراف أخرى على التقليد والمحاكاة.
التجربة أيضا تخبرنا أن إسرائيل لم تنقذ نظاما يتداعى، ولا مسؤولا على وشك السقوط والانهيار، لأن استراتيجيات وآليات عمل وتفكير صانع القرار في إسرائيل تختلف كليا وجذريا عما يجول في خواطر مسؤولينا، بل إن التاريخ يعلمنا أن ضريبة التطبيع مع إسرائيل أكثر كلفة من عدم التطبيع.

إن التطبيع مع إسرائيل لا يمنح فرصا للمعارضين السلميين أن ينهشوا المسؤول عن التطبيع، بل إن الجماعات المتطرفة التي لا تؤمن بقوانين وآليات عمل الدولة تطل بقرنها وتجد من المتحمسين من يؤمن بفكرها الجذري العبثي، وهذا خطر لا يفكر فيه عادة المسؤول العربي الذي يظن أنه يتمترس خلف أجهزته الأمنية.

بالتأكيد، ما سبق هو عموميات تشملنا حكمتها وتشمل غيرنا، والآن دعونا نناقش خصوصية محاولة حكومة السيد عبدالحميد الدبيبة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

قبل كل شيء فلنعلم أن الوعي الليبي الذي تربى على العداء لهذا الكيان المغتصب، تشكل مبكرا قبل أن تكون ليبيا دولة منذ الأيام الأولى لاحتلال العصابات الصهيونية أرض فلسطين، وكتب التاريخ تنبأنا بعشرات القصص عن الليبيين الذي التحقوا بصفوف الجهاد عام 1948 ضمن صفوف القوافل العربية والإسلامية التي هبت للدفاع عن فلسطين.

وهذا يعني أن الوعي الليبي بقضية فلسطين وعدالتها نشأ بمؤثرات إسلامية عربية صرفة، وليس وفق محددات أيديولوجية ناصرية أو بعثية أو ماركسية، وقبل أن تغزو إذاعة صوت العرب مسامع الليبيين.

ولهذا نلاحظ كيف أن نظام القذافي تلقف هذه العاطفة الصافية الخالصة وزايد بها لسنوات طويلة، قبل أن يفتضح أمره بطلب النجدة من إسرائيل، عندما انتفض الشعب الليبي ضده.

على الصعيد السياسي ليس هناك مصالح آنية عاجلة أو استراتيجية مستقبلية في التطبيع مع إسرائيل، فليبيا ليست دولة حدودية مع دولة الكيان الصهيوني، وليست هناك أية شراكات اقتصادية عسكرية أمنية سياسية تدعو إلى طلب ود إسرائيل والتقرب منها والركون إليها.

وبالتالي فإن لقاء السيدة نجلاء المنقوش وزير خارجية حكومة الوحدة الوطنية مع وزير خارجية الكيان الصهيوني، ليس لصالح الدولة بقدر ما هو لصالح الحكومة؛ بقاء واستمرارا، لأننا لا نرى مصالح عامة وحالية وآنية ستعود على الدولة الليبية بالنفع.
التضيحة بالسيدة نجلاء ككبش فداء لا يعفي الحكومة ورئيسها من المسؤولية وما ينطبق على الوزيرة ينطبق على من أمرها بهذا الفعل المجرم
لا يمكن لعاقل يدرك دهاليز السياسة أن يعتقد بأن تدبير هذا اللقاء كان من بنات أفكار الوزيرة، فهذا تدبير عالي المستوى، يبدأ برأس الحكومة، وباستشارة من مستشاريها، وبضغط أمريكي، ولعلنا جميعا نتذكر زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية وليام بيرنز، المفاجئة بداية العام الجاري إلى العاصمة طرابلس، وما رشح عن اجتماع سري مغلق بينه وبين رئيس الحكومة وأحد مستشاريه، بعد اجتماع عام حضره عدة مسؤولين، وما قيل من إن بيرنز نصح ودفع رئيس الحكومة إلى البدء في إجراءات التطبيع مع إسرائيل، وهذه ليست تكهنات، بل هي معلومات كشفت عنها الصحافة الغربية حين اندلعت أزمة السيدة المنقوش.

ليس في الدبلوماسية شيء اسمه لقاء عارض، وليس في السياسة أن السري يبقى سرا، بل إن كشف الأسرار جزء من السياسة.

ليس بدعا من السياسة أن يستغل خصوم رئيس الحكومة هذه الواقعة للإطاحة به، فلعبة السياسة تقوم على استغلال الفجوات والتناقضات، صحيح أن هذه المجموعات المعارضة ليست منظمة حزبيا بقدر كاف، لكن لا يمكن سلب حقها في نهاية المطاف في معارضة السلوك المعيب لرئيس الحكومة.

وصحيح أن التعبير عن رفض التطبيع من قبل الشباب المحتجين لم تكن حضاريا، ولكنه كان لحظة غضب ورسالة قوية منهم للحكومة بأنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأن عودة الحياة ليس من بين شروط استمرارها التطبيع مع إسرائيل أو مجرد البدء فيه، وليس من الصواب وصفهم بأنهم مأجورون؛ بالرغم من أفعالهم الغاضبة المسيئة. وهذا لا يبرئ أصحاب الأجندات من محاولة استغلال هذا الغضب وتجييره لصالح أجنداتهم ولتصفية حساباتهم السياسية.

كما لا يكفي الاحتجاج بأن أطرافا ليبية أخرى تواصلت مع الكيان الصهيوني، فالجريمة لا تبررها جريمة، فكل من تواصل مع العدو الصهيوني لغرض بقائه واستمراره وتوسطه لدى القوى الكبرى لن يرحمه التاريخ، مهما كانت مبرراته وأسبابه.

كما إنه من غير المنطقي تحميل السيدة المنقوش وحدها وزر هذا التواصل، والتضحية بها، وكأنها وزيرة تنقصها الخبرة الدبلوماسية، فليست هي وحدها التي تنقصها هذه الخبرة في الجهاز الحكومي الحالي، ومحاولة إنقاذ الحكومة برمي الوزيرة من الشباك، هي ألعن وأضل سبيلا من السكوت والتغاضي. 

وإن سلمنا بأن السيدة نجلاء هي المباشرة لهذا الفعل المجرم قانونا فإن الذي أمرها شريك معها في الجرم بنص القانون الذي يحمل المسؤولية للمخطط والآمر والمحرض، ويسميه شريكا في الجريمة بل فاعلا أصليا فيها، بينما يعد المنفذ فاعلا ماديا لأنه واقع تحت تأثير وإمرة الفاعل الأصلي للجريمة.

وإذا اعتبرنا أن ما قامت به السيدة نجلاء محرم شرعا فإن من أمرها به شريك في هذا الجرم فما كان في الشرع محرماً كانت الإعانة عليه محرمة أيضا، لأن الآمر والمحرض والمخطط والمعين شريك في نشر هذا الحرام. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وفي الحديث الذي رواه مسلم (..ومَن دَعَا إلى ضَلاَلَة، كان عَلَيه مِن الإِثْم مِثل آثَامِ مَن تَبِعَه، لاَ يَنقُص ذلك مِن آثَامِهِم شَيْئا).

التضيحة بالسيدة نجلاء ككبش فداء لا يعفي الحكومة ورئيسها من المسؤولية وما ينطبق على الوزيرة ينطبق على من أمرها بهذا الفعل المجرم، فكلا المتبوع الذي أمر والتابع الذي نفذ سواءً في المسؤولية في هذه القضية الأخلاقية، وأي محاولة لتبرئة التابع هو رأي سياسي يمكن قبوله في إطار التدافع السياسي ولكنه ليس بقانوني ولا شرعي.

ومع كل ذلك .. هذه القضية لا تصلح أن تكون محلا للمساومة السياسية أو للمتاجرة بها من أي طرف كان، إنها قضة أخلاقية بامتياز، ولسنا نعول هنا على التجريم القانوني، بل على ما استقر في ضمير هذه الأمة الليبية جمعاء من رفض قاطع وحاد، غير قابل للطعن، فالشعب الليبي قال كلمته بأن التطبيع جريمة وخيانة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التطبيع ليبيا المنقوش ليبيا التطبيع المنقوش مقابلات كتب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة رياضة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التطبیع مع إسرائیل الکیان الصهیونی ینطبق على

إقرأ أيضاً:

موجة اعتراضات وغضب من نتفليكس بسبب فيلم عن السيدة مريم بتمثيل إسرائيلي

يواجه فيلم "مريم - Mary" المقرر عرضه على منصة نتفليكس في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، انتقادات واسعة متعلقة بمحو جذور الشخصيات الفلسطينية بقرار اختيار إسرائيليين لتأدية الأدوار الرئيسية فيه.

ومن المقرر أن يعرض الفيلم لأول مرة في 6 كانون الأول/ ديسمبر، ويعيد تصور "قصة مريم"، أم السيد المسيح عيسى عليه السلام، ويضم الممثلة الإسرائيلية ومدربة اليوغا نوح كوهين، في دور الشخصية الرئيسية.

يبدو أن الفيلم يروي ولادة النبي عيسى، ورحلة مريم كأم غير متزوجة تواجه الرفض المجتمعي والمطاردة القاتلة للملك "هيرودس" لتعقبهم، خوفًا من تهديد لحكمه.


ويضم فريق التمثيل أيضًا العديد من الممثلين الإسرائيليين الآخرين، مثل إيدو تاكو، وأوري بفيفر، وميلي أفيتال، وكيرين تسور، وهيلا فيدور، بحسب موقع "IMDB" لتصنيف الأفلام.



وفي الوقت نفسه، من المقرر أن يجسد الممثل البريطاني الحائز على جائزة الأوسكار أنتوني هوبكنز، دور الملك هيرودس.

ومنذ ظهور الإعلان الترويجي للمسلسل في وقت سابق من هذا الأسبوع، دعا العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة نتفليكس، حيث اتهم الكثيرون المنصة بمحو جذور الشخصيات الفلسطينية بقرار اختيار إسرائيليين، بحسب تقرير لموقع "ميدل إيست آي".

وكتب أحد المستخدمين: "اعتقدت نتفليكس أنه من الجيد اختيار إسرائيلي لتمثيل دور السيدة مريم العذراء، وكأن الإسرائيليين لا يقصفون موطن يسوع نفسه وكذلك جميع الكنائس"، بينما قال آخر: "تقصف إسرائيل حاليًا نفس الأرض التي ولد فيها يسوع، ومع ذلك تعتقد نتفليكس أنني سأشاهد فيلمًا عن العذراء مريم مع أبطال إسرائيليين".

While Israel bombs churches and settlers harass christians in Jerusalem and Bethlehem, Netflix thought it would be a great idea to choose an Israeli with an Instagram face to portray Virgin Mary. https://t.co/D5JgyxGiGL — Ghida (@ghidaarnaout) November 14, 2024
وأكد مستخدم آخر "هناك شيء مسيء للغاية في أن تلعب ممثلة إسرائيلية دور مريم، أم يسوع، بينما ترتكب إسرائيل إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وتقتل بعض أقدم المجتمعات المسيحية في العالم وتمحو مواقع تراثهم".

There is something profoundly offensive about having an Israeli actor play Mary, the mother of Jesus, while Israel is committing genocide against Palestinians, killing some of the oldest Christian communities in the world and erasing their heritage sites. https://t.co/Vk6O7659Ak — John P (@Johnpatrick500) November 13, 2024
بدوره، وصف مخرج الفيلم، دي جي كاروسو، عمله بأنه قصة "بلوغ سن الرشد" عن "امرأة شابة ذكية وقوية الإرادة تواجه تحديات ضخمة: التغلب على الوصمة الاجتماعية، والتهرب من ملك غيور وتحمل ثقل مصير يغير العالم".

كما دافع كاروسو عن قرار اختيار ممثلين إسرائيليين قائلا إنه "من المهم بالنسبة لنا أن يتم اختيار مريم، إلى جانب معظم فريق التمثيل الأساسي لدينا، من إسرائيل لضمان الأصالة".

No thanks. pic.twitter.com/DN3b8gNTIx — Lou Rage (@lifepeptides) November 13, 2024
منذ اندلاع الحرب على غزة بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023  قُتل عدد أكبر من النساء والأطفال في غزة مقارنة بأي صراع آخر في العقدين الماضيين.

تم محو أحياء بأكملها مع تدمير المنازل والمدارس والمستشفيات بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي، ولا تزال بعض المباني قائمة، لكن أغلبها متضررة جدا من قذائف المدفعية.

وعن الجرائم الإسرائيلية أيضا، قال أحد المعلقين على إعلان نتفليكس: "دمرت إسرائيل ثلاث كنائس في غزة خلال العام الماضي، وقتلت ما لا يقل عن 3 بالمئة من سكان غزة المسيحيين، وفي الوقت نفسه يعتقد مخرج الفيلم أن الممثلين الرئيسيين بما في ذلك الدور الرئيسي لمريم يجب أن يكونوا "إسرائيليين" "لضمان الأصالة".


في عام 2021، اتجهت منصة "نتفليكس" إلى إنشاء مجموعة أفلام جديدة لمشاهديها، تحت تعريف جاء فيه "نطلق مجموعة قصص فلسطينية، تعرض أفلاما من بعض أفضل صناع الأفلام في العالم العربي".

وتم تحديد 32 فيلما ليتم تضمينها، مع التخطيط لمزيد من الإضافات، وقالت المنصة حينها إن "المجموعة هي تكريم لإبداع وشغف صناعة السينما العربية حيث تواصل نتفليكس الاستثمار في قصص من العالم العربي".

ومع ذلك، فإنه بعد حذف ما لا يقل عن 24 فيلمًا من مكتبة نتفليكس، فإن الصفحة الرئيسية للمجموعة صارت تحتوي على فيلم واحد فقط للبث في الولايات المتحدة وهو: الفيلم الوثائقي لـ لينا العبد لعام 2019 "إبراهيم: مصير إلى أجل غير مسمى"، وهذا فقط إذا قمت بالوصول إليه من الولايات المتحدة.

وعند الدخول إلى الصفحة من عنوان بروتوكول "IP" إسرائيلي، سيظهر أنه لم يتم حذف الأفلام الـ 24 فحسب، بل كل قسم "قصص فلسطينية" بدلا من ذلك، ويؤدي رابط القسم في حال كان موجودا لدى المتصفح إلى صفحة "خطأ 404"، التي تفيد بأنه لا يمكن العثور على الموقع، بحسب ما أكد موقع "ذا إنترسبت".

مقالات مشابهة

  • انعقاد المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب بمراكش ورسالة تدعوه إلى إعلان دعم المقاومة ورفض التطبيع
  • ما الذي يفكر فيه سفير واشنطن الجديد في إسرائيل؟.. هذه أهم مواقفه السابقة
  • تعرف على محمد عفيف المسؤول الإعلامي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل
  • إسرائيل الآن.. مظاهرات أمام منزل نتنياهو والمعارضة تعلن الحرب على الحكومة (فيديو)
  • طبيبة من غزة تجري وحدها عمليات جراحية لإنقاذ حياة الجرحى (شاهد)
  • إسرائيل.. متظاهرون يغلقون مدخل مكتب نتنياهو مطالبين بإسقاط الحكومة وإبرام صفقة تبادل
  • بهذه الطريقة وحدها يكون لبنان قويًا
  • موجة اعتراضات وغضب من نتفليكس بسبب فيلم عن السيدة مريم بتمثيل إسرائيلي
  • إسرائيل نشرت فيديو للغارات على الضاحية الجنوبية.. ما الذي زعمت أنّها استهدفته؟
  • رسالة من الصحفية عائشة الماجدي إلى معالي الوزيرة الفاضلة، السيدة لولوة الخاطر