ساعات عصيبة عاشتها عائلات لبنانية، خوفا على أفرادها وأقاربها في الغابون، بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد، فرغم التطمينات التي تصل من القارة السمراء، فإن حالة من الترقب لا تزال سائدة في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع هناك. 

واستيقظ العالم، صباح الأربعاء، على خبر إعلان مجموعة من العسكريين عبر التلفزيون الحكومي، السيطرة على السلطة في الغابون، والإطاحة بالرئيس علي بونغو، الذي كان قد أعلن فوزه في الانتخابات الرئاسية لولاية ثالثة، وتعيين قائد الحرس الجمهوري، بريس أوليغي نغيما، "رئيسا للمرحلة الانتقالية".

وقال الانقلابيون إن تحركهم جاء "في ظل سيطرة أسرة بونغو على مقاليد الحكم في البلاد على مدار 55 عاما، وفي ظل مرض الرئيس"، الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2018، أبعدته عن ممارسة مهامه لفترة.

وفي ظل ما يدور في الغابون، دعت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان، كافة اللبنانيين المقيمين هناك إلى "اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم بانتظار جلاء التطورات"، معلنة في بيان أنها "تتابع باهتمام كبير تطور الأوضاع".

كما نشرت رقم السفارة اللبنانية في ليبرفيل، للحالات الطارئة.

تطمينات.. وحذر

وللاطلاع على أوضاع اللبنانيين في الغابون، تواصل موقع "الحرة" مع أمين سر الهيئة الإدارية للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم فرع الغابون، رامي كشيش، الذي أكد أن "جميع أفراد الجالية اللبنانية، البالغ عددهم نحو 5 آلاف شخص، بخير".

وقال: "لم يطل أحدا منهم مكروه حيث التزموا منازلهم"، مشيرا إلى أنه "عند إعلان الانقلاب سُمع إطلاق نار لساعات محدودة، قبل أن يستقر الوضع عقب تعيين رئيس انتقالي".

"ضربة" جديدة لمصالح فرنسا.. أسباب انقلاب الغابون والتداعيات المحتملة بينما كان جيران النيجر يدرسون كيفية التدخل لاستعادة الحكم الديمقراطي في البلاد في أعقاب انقلاب يوليو الماضي، فوجئ العالم، الأربعاء، بانقلاب جديد بعد أسابيع قليلة، وعلى بعد نحو 800 كيلومتر فقط من النيجر

وأضاف: "صدر قرار يدعو الجميع للعودة إلى عمله، مع الإبقاء على حظر التجول بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحا، وحتى الآن تجرّأ حوالي 60 في المئة من اللبنانيين على فتح أبواب رزقهم".

واستطرد معربا عن اعتقاده بأنه "من الأفضل الانتظار قليلا لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن "الوضع آمن جدا".

وكان الانقلابيون قد أعلنوا في بيان متلفز، مساء الأربعاء، أن "قرار حظر التجوّل الليلي الذي فرضه قبل أيام الرئيس علي بونغو، سيظلّ ساريا حتى إشعار آخر، بهدف الحفاظ على الهدوء"، بحسب فرانس برس.

وقال أحد الضباط: "اعتبارا من يوم الخميس، سيتمكّن الغابونيون مرة أخرى من ممارسة أعمالهم بحريّة".

بدوره، رئيس موقع "الجالية أونلاين"، علي كاتور، أكد لموقع "الحرة"، أن "كل الجاليات في الغابون بخير".

وتابع: "لم نشهد أي إشكال حتى الآن في الشوارع"، مشددا على أن "استلام الجيش لزمام الأمور ساهم في ضبط الوضع وحفظ الأمن والأمان، ونحمد الله أن الانقسام لم يكن بين المعارضة والموالاة إذ حينها كنا سنشهد أعمال شغب".

وفيما إن كان يتخوف من تعرّض أفراد من الجالية اللبنانية لأي مكروه في الأيام المقبلة، أجاب كاتور: "من الطبيعي أن يكون لأي نظام أشخاص قريبون منه من مختلف الجنسيات، هؤلاء من يُخشى إصابتهم بمكروه، وحتى الآن الأوضاع مستقرة جدا، واليوم هو يوم عمل عادي". 

واشنطن تتابع الوضع "المثير جدا للقلق" في الغابون أكد البيت الأبيض، الأربعاء، أن  الإدارة الأميركية تتابع الوضع "المثير جدا للقلق" في الغابون، وأن واشنطن "تدعم" الشعب الغابوني.

وشهد غرب ووسط أفريقيا سلسلة من الانقلابات العسكرية في السنوات الماضية، بما في ذلك الانقلاب في النيجر، الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا، محمد بازوم، الشهر الماضي.

وفيما يتعلق بالغابون، تصاعدت التوترات والمخاوف من وقوع اضطرابات فيها، بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي أجريت السبت الماضي، بسبب شكوك حول نتيجة الانتخابات.

متابعة.. وترقب

رغم أن الحياة شبه طبيعية في الغابون، فإن جميع اللبنانيين الذي يتواصل معهم، علي فران، وهو لبناني يقيم في الدولة الأفريقية منذ عام 1991، "يلتزمون منازلهم"، حسبما ذكر لموقع "الحرة".

وأضاف: "نترقب ما سيحصل في اليومين المقبلين، وإن كنت أعتقد أن الأمور انتهت عند هذا الحد، وبأن الإثنين القادم سيعود الجميع إلى أعمالهم".

وكان رئيس الجالية اللبنانية في الغابون، حسن مزهر، قد أشار إلى أن "الجالية اللبنانية بكاملها بخير والأوضاع شبه عادية، واللبنانيون في منازلهم يتابعون التطورات، وهم بخير وممتلكاتهم وأعمالهم أيضا بخير".

وخلال اتصال هاتفي مع "الوكالة الوطنية للإعلام"، قال: "نحن وفريق عملنا على تنسيق ومتابعة تامة مع السفيرة اللبنانية ألين يونس، التي لا تألو جهدا لتلبية متطلبات اللبنانيين هنا والاطمئنان عليهم".

وأشار إلى "عودة الاتصالات إلى البلاد بعد عزلة 3 أيام"، مضيفا: "هذا أمر إيجابي يعطي المزيد من الاطمئنان بين اللبنانيين في الغابون وأسرهم في لبنان".

من جانبه، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، أوضاع الجالية اللبنانية في الغابون من خلال اتصال أجراه مع رجل الأعمال المقيم هناك، محمد أبو الخدود، بحسب ما يقول كاتور، مشيرا إلى "متابعة عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب هاني قبيسي، ورئيس الهيئة العليا للإغاثة، اللواء محمد خير، تطورات الوضع".

من جانبه، أوضح اللواء خير لموقع "الحرة"، أنه على عكس ما تداولت بعض وسائل الإعلام، فإن "الحكومة اللبنانية لم تكلفه حتى اللحظة بمتابعة أوضاع الجالية اللبنانية في الغابون".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

محللان سياسيان: إسرائيل تعيش صراعا على هويتها والجيش أدرك خطوة الوضع الراهن

قال محللان سياسيان إن التلاسن المتزايد بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة من جهة والمؤسسات الأمنية والعسكرية من جهة أخرى يعكس الصراع الكبير من أجل السيطرة على إسرائيل وتحديد هويتها المستقبلية.

ففي الوقت الذي يواصل فيه الجيش تسريب أنباء تفيد برغبته في وقف الحرب على قطاع غزة، يواصل نتنياهو الحديث عن الاستمرار بالقتال حتى تحقيق "النصر المطلق" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وكانت آخر الصدامات بين الطرفين ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن قادة عسكريين إسرائيليين بشأن رغبة بعض القادة في البدء بوقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حماس في السلطة مؤقتا.

لكن نتنياهو رد على هذه التصريحات بقوله إنه لا يعرف من هي "المصادر المجهولة" التي تتحدث عن وقف الحرب، مؤكدا أن القتال لن يتوقف قبل تحقيق كافة الأهداف التي تم إعلانها وفي مقدمتها القضاء على حماس.

في الوقت نفسه سادت حالة من السجال بين وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير وجهاز الاستخبارات الداخلية (الشاباك) بسبب الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية، حيث قال بن غفير إن إسرائيل "فيها دولة داخل الدولة".

وتعليقا على هذه التطورات، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف بدر، إن ما يحدث الآن في إسرائيل هو كشف لشروخات كانت موجودة منذ عقود، وهي خلافات دينية وإثنية وطبقية ومصلحية.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال بدر إن خلافا قديما موجودا داخل إسرائيل وقد ظهر بقوة خلال الاحتجاجات الكبيرة التي خرجت ضد التعديلات القضائية لكنه طفا بقوة بعد الحرب ليؤكد على حالة الفشل التي تعيشها إسرائيل.

ويرى بدر أن هذا التراشق لن يتوقف وربما يتفاقم مستقبلا طالما أن نتنياهو لم يشكل لجنة للتحقيق في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيرا إلى أن عدم وجود تحقيق سيدفع كل طرف لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل.

وفسر الخبير في الشأن الإسرائيلي التسريبات التي تخرج عن الجيش بأنها محاولة لاستهداف نتنياهو من خلال القول إنه لم يستثمر النجاحات العسكرية التي تحققت في غزة سياسيا.

تغير في تفكير الجيش

بدوره، يرى المحلل السياسي ساري عرابي أن التصريحات الخارجة عن الجيش تعكس تغيرا كبيرا في أفكار القادة العسكريين بسبب إدراكهم للوضع الهش الذي أصبحت إسرائيل تعيشه ومعرفتهم أن المؤسسة العسكرية لن تكون قادرة على التعامل مع كل هذه التحديات التي خلقتها الحرب.

لذلك، فإن هذا التغير النابع من نظرة إستراتيجية عميقة لمصلحة إسرائيل ربما ينعكس بشكل كبير على العمليات في غزة، وفق عرابي الذي يعتقد أن الجيش يعاني نقصا في القوة والذخائر والدوافع.

ورغم فشل الجيش في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ثم الفشل في القضاء على المقاومة إلا أنه بدأ الآن التفكير بشكل إستراتيجي وأكثر مسؤولية من نتنياهو، وفق عرابي.

الرأي نفسه يدعمه بدر بقوله "إن الجيش يتحرك وفق نظريات أمنية وتجارب متراكمة ويعرف أن النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو غير قابل للتحقق لأنه يعني محو الطرف الآخر تماما من على الأرض وعدم الإبقاء ولو على 50 مقاتلا منه لأنهم سيقضون مضجعه".

ومن هذا المنطلق، فإن الجيش -برأي بدر- تبنى إستراتيجية توجيه الضربات العنيفة للمقاومة والتي تجعلها غير قادرة على إعادة بناء قوتها بسهولة، وهو الآن يحاول إيصال رسالة إلى الداخل والخارج مفادها "ما الذي يمكننا فعله؟ لقد نفذنا حرب إبادة كاملة وقضينا على كل مقومات الحياة في غزة وقتلنا أكثر من 37 ألف إنسان في القطاع، لكن حماس لم تزل موجودة".

وبناء على ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي الآن يرى أن على إسرائيل القبول بوجود حماس أضعف مما كانت عليه قبل الحرب بدلا من مواصلة الحرب.

خلاف كبير

وأكد بدر أن هناك أزمة كبيرة داخل إسرائيل لأن الكثير من القادة داخل الجيش لا يتفقون مع كل شيء، مشيرا إلى أن الجنرال السابق إسحاق بريك نقل عن ضباط في الجيش أنهم يخشون تحول الأمور لحرب استنزاف ضد إسرائيل، وطالب المسؤولين بحل سياسي.

ويتفق عرابي مع حديث بدر، بقوله إن ما يقوم به نتنياهو يعكس حجم الخلاف القائم بين المؤسسات الإسرائيلية، وإن الجيش يحاول تمهيد الرأي العام في الداخل والخارج للقبول بوقف الحرب.

وقال عرابي إن أي مسؤول سياسي في مكان نتنياهو لن يكون قادرا على اتخاذ قرار جريء بوقف الحرب لأن الأمر لا يتعلق فقط بالمستقبل السياسي ولا بالمسؤولية عن السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإنما أيضا عن الفشل في تحقيق أهداف الحرب.

وفي جانب آخر من الخلاف، تحدث الضيفان عن صراع حقيقي وقديم -كشفته الحرب- بين اليمين المتطرف الذي يرى نفسه أمام فرصة تاريخية للسيطرة على إسرائيل ومؤسساتها الأمنية التي طالما كانت تحت سيطرة اليمين الليبرالي.

وخلص بدر إلى أن الخلاف الداخلي سيتفاقم لأن اليمينيين الليبراليين الذين يمكن وصفهم بالدولة العميقة من أمثال يائير لبيد وبيني غانتس يحاولون الحفاظ على "الصهيونية الليبرالية" من اليمين المتطرف وخصوصا بن غفير الذي يسعى لإنشاء "إقطاعية سياسية" من خلال سيطرته على الشرطة وحرس الحدود.

 

مقالات مشابهة

  • محللان سياسيان: إسرائيل تعيش صراعا على هويتها والجيش أدرك خطوة الوضع الراهن
  • وفاة عميد الممثلين اللبنانيين عن عمر يناهز الـ97 عاماً
  • إسرائيل تُرعب اللبنانيين بسلاح يصمّ الآذان ويهزّ المباني.. إليكم هذا التقرير الذي يتحدّث عنه
  • الوضع العسكري للمليشيا رغم الانتصارات الأخيرة أسوأ عشرات المرات وهي في طريقها للانهيار
  • أسعار زيت الزيتون في ارتفاع بسبب تغير المناخ مع بطء في العثور على حلول
  • المعارضة: ندعو إلى عقد جلسة مناقشة نيابية لموضوع الحرب الدائرة في الجنوب
  • هل استعاد حزب الله حاضنته الوطنية فعلاً؟
  • 30 يونيو.. المشير البشير،كل عام وأنتم بخير
  • من متغيِّرات الكنيسة.. إلى إلغاء إرهابية الحزب!
  • تغير المناخ يرغم منتجي زيت الزيتون على البحث عن حلول