الإمارات تدعو إلى إعادة صياغة السياسات الاقتصادية العربية لتتوافق مع التوجهات العالمية نحو الاقتصاد الجديد
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
القاهرة في 31 أغسطس/ وام/ ترأس معالي عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، وفد الدولة المشارك في اجتماع الدورة الـ 112 للمجلس
الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري، والذي عقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة اليوم.
تناول الاجتماع آليات تعزيز التعاون العربي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.
وقال معالي عبد الله بن طوق المري: "نجدد التزامنا الكامل بدفع مسيرة العمل العربي المشترك قدماً، وتطويرها بالشكل الذي يلبي التطلعات التنموية للشعوب العربية، تنفيذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، بضرورة تطوير آليات عمل عربية مشتركة تحقق الرفاه والرخاء المستدامين للأجيال الحالية والمقبلة".
وأضاف معاليه: "أن الثورة التكنولوجية التي نشهدها الآن تحمل فرصاً هائلة للاقتصادات العربية للنمو والازدهار ويتحتم علينا إعادة صياغة سياساتنا وبرامجنا الاقتصادية لكي تتوافق مع التوجهات العالمية نحو قطاعات الاقتصاد الجديد التي باتت الدافع الرئيسي لعجلة الاقتصاد العالمي، إضافة إلى إفساح المجال بشكل أكبر أمام الشركات الناشئة والقطاع الخاص للمشاركة في قيادة هذا التحول باعتبارهم شركاء في مسيرة التنمية".
وأكد أن هناك حاجة ماسة إلى إقرار سياسات اقتصادية عربية موحدة مرنة ومتنوعة، واستكمال تفعيل المبادرات العربية القائمة المتمثلة في إقامة اتحاد جمركي موحد، ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم وقال :" نتطلع إلى تبني آليات أكثر فعالية تسهم في تعزيز حركة التجارة غير النفطية بين الدول العربية، وتضمن تدفق السلع والبضائع فيما بينها دون تعقيدات جمركية بما يصب في دعم نمو الاقتصادات العربية بشكل مستدام".
وشدد معاليه على أن تمكين المرأة العربية وإعطاءها دورا أكبر في صنع القرار مسألة بالغة الأهمية تستلزم تطوير سياسات تهدف إلى تعزيز مكانتها في مواقع القيادة باعتبارها عنصرا أساسيا في بناء نهضة الأمم، مشيراً إلى أن دولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً في مجال تمكين المرأة في مختلف ميادين العمل في ظل دعم القيادة الرشيدة النابع من إيمان حقيقي بأهمية دورها شريكا رئيسيا في تطوير المجتمع وركيزة من ركائز النمو الشامل والمستدام.
وفي هذا الإطار، استعرض معاليه مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة، الخاصة بـ"مركز الممارسات العربية للتوازن بين الجنسين" من خلال توقيع اتفاقية تعاون بين مركز الإمارات للتوازن بين الجنسين والجامعة موضحا أن هذه المبادرة من المنظر أن تسهم في توفير فهم أفضل لجهود الدول العربية فيما يتعلق بتمكين المرأة وتعزيز مساهماتها الاقتصادية والمجتمعية، بما يصب في دعم مكانة الدول العربية في مؤشرات التنافسية الدولية المرتبطة بالمساواة بين الجنسين.
وأعرب معاليه عن تطلعه لمشاركة عربية قوية في المؤتمرات والمنتديات الاقتصادية الدولية التي ستستضيفها دولة الإمارات خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في دعم المصالح العربية الاقتصادية المشتركة، ومن بينها منتدى الاستثمار العالمي الثامن، التابع لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، والذي سيعقد في شهر أكتوبر، تحت شعار "الاستثمار في التنمية المستدامة"، ومؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28)) والمقرر انعقاده في نوفمبر، إضافة إلى المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، والذي سيعقد في العاصمة أبوظبي في فبراير 2024.
وثمن ابن طوق الدور المحوري الذي يقوم به المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، في تطوير التشريعات والبرامج الداعمة لمسيرة التنمية العربية، وبما يضمن تحقيق أقصى درجات الازدهار للشعوب العربية، مؤكداً في الوقت ذاته دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لكافة مخرجات الاجتماع الحالي بما يسهم في الارتقاء بعلاقات الدول العربية نحو مستويات أكثر زخماً من الشراكة المثمرة.
تضمنت أجندة مناقشات المجلس بحث مستجدات التعاون العربي وتطورات الاتحاد الجمركي العربي، إضافة إلى الخطاب العربي الموحد للاجتماع السنوي المشترك لصندوق النقد والبنك الدوليين لعام 2023، وآليات دعم الاقتصاد الفلسطيني، وتقرير الأمن الغذائي العربي لعام 2021. و ناقش المجلس أيضا سبل تعزيز التعاون العربي في المجالات الاجتماعية والتنموية، ومبادرة التعليم الرقمي في الجمهورية العربية السورية، والترتيبات الخاصة للتحضير للدورة الخامسة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية والمقرر انعقادها في العاصمة الموريتانية نواكشوط في نوفمبر المقبل.
عاصم الخوليالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: الدول العربیة دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
المنصات الرقمية: القوة الخفية في تشكيل السياسات العالمية
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
لم يعد العالم كما كان قبل عقدين. مع تصاعد نفوذ المنصات الرقمية، أصبحت الشركات التكنولوجية الكبرى أدوات فاعلة في رسم السياسات الدولية، وتوجيه الرأي العام، والتأثير على الأمن القومي للدول. تطبيقات مثل “تيك توك” و”فيسبوك” و”تويتر” تحولت من وسائل ترفيه وتواصل إلى منصات استراتيجية تُعيد صياغة موازين القوى.
قضية تطبيق “تيك توك” تكشف حجم التوتر بين الولايات المتحدة والصين. مع استخدام أكثر من مليار شخص حول العالم للتطبيق، برزت مخاوف أميركية بشأن ارتباطه بشركة “بايت دانس” الصينية وإمكانية استغلال بيانات المستخدمين لتحقيق أهداف سياسية أو أمنية.
إجراء الكونغرس الأميركي لإلزام “بايت دانس” ببيع التطبيق لشركات أميركية يُبرز إدراك واشنطن لأهمية السيطرة على البيانات، التي تُعد اليوم القوة الحقيقية في عالم التكنولوجيا. البيانات التي يجمعها التطبيق تشمل تحركات المستخدمين وسلوكياتهم الرقمية، ما يُمكن استغلاله لتشكيل الرأي العام أو تهديد الأمن القومي.
الشركات التكنولوجية الكبرى مثل “ميتا” و”جوجل” أصبحت تُشبه حكومات عالمية بسبب سيطرتها على المعلومات. تقرير من جامعة هارفارد (2022) أظهر أن هذه المنصات ليست فقط وسيلة لنشر الأخبار، بل أدوات تُحدد ما يصل إلى المستخدمين وكيفية عرضه. خوارزميات الذكاء الاصطناعي تخلق “فقاعات معلوماتية” تجعل المستخدمين محاصرين داخل قناعات محددة، مما يُعيق النقاش الحر.
في الانتخابات الأميركية عام 2020، اعتمد أكثر من 65% من الناخبين على هذه المنصات للحصول على معلوماتهم السياسية، وفقًا لمركز “بيو للأبحاث”. هذا النفوذ يُبرز خطرًا على نزاهة الأنظمة الديمقراطية، حيث يُمكن لهذه المنصات توجيه القرارات الانتخابية عبر التحكم في تدفق المعلومات.
الصراع على “تيك توك” يُبرز مفهوم “السيادة الرقمية”، حيث أصبحت السيطرة على الفضاء السيبراني لا تقل أهمية عن الأرض أو الاقتصاد التقليدي. الدول الكبرى تدرك أن البيانات هي “النفط الجديد”، كما أشار تقرير “مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي (2023).
الصين تُدير منصات مثل “وي شات”، التي تدمج بين التواصل الاجتماعي والخدمات المالية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من حياة الملايين. أما في الغرب، فتُدير شركات التكنولوجيا كميات هائلة من البيانات التي تؤثر على القرارات اليومية للأفراد.
رغم الفوائد الكبيرة للمنصات الرقمية، مثل تسهيل التواصل والتعليم والعمل عن بُعد، إلا أن تأثيرها على الديمقراطية يُثير جدلًا واسعًا. وفقًا لدراسة جامعة “ستانفورد” (2021)، كان لهذه المنصات دور في التأثير على الانتخابات في دول كبرى مثل البرازيل والهند والولايات المتحدة.
الحل لا يكمن في حظر هذه المنصات، بل في تنظيمها. الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات مهمة عبر “اللائحة العامة لحماية البيانات” (GDPR)، التي تُجبر الشركات على احترام خصوصية المستخدمين وضمان الشفافية.
الصراع على “تيك توك” ليس إلا بداية لمعركة أوسع تُحدد ملامح القرن الحادي والعشرين. السؤال الأهم: هل سيتحكم العالم بالشركات الرقمية أم ستُهيمن هي على البشرية؟ الإجابة تعتمد على وعي الحكومات والشعوب بخطورة هذا التحدي الرقمي ومدى استعدادهم لمواجهته.
د. سعد معن