أثارت الحركة القضائية الجديدة التي اعتمدها الرئيس التونسي قيس سعيّد استياء واسعا في الأوساط القضائية، ووصفها قضاة تونسيين في تصريحات خاصة لـ"عربي21" بأنها "حركة انتقامية".

وبعد تأخرها أكثر من عام، نشرت الجريدة الرسمية، الأربعاء، قرار سعيّد بشأن الحركة السنوية للقضاء العدلي في تونس، والتي استثنت القضاة الذين أعفاهم الرئيس التونسي العام الماضي، رغم صدور قرار قضائي بإعادتهم إلى العمل.



لا تزال قضية القضاة التونسيين الـ57 الذين عزلهم قيس سعيّد “بجرة قلم” تراوح مكانها، رغم قرار المحكمة الإدارية إعادة أغلب القضاة المعفيين إلى مناصبهم وإبطال قرار رئيس البلاد.

وفي 1 حزيران/ يونيو 2022، أصدر الرئيس التونسي سعيّد مرسوما رئاسيا بإعفاء 57 قاضياً، بتهم تتعلق بالفساد والتستر على فاسدين، وتعطيل تتبع ذوي شبهة إرهابية.

وسبق ذلك القرار مرسوم يقضي بتعديل القانون المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء (الذي عيّنه بعد حلّ المجلس المنتخب)، بشكل يسمح له بإعفاء كل قاضٍ تعلقت به "شبهة فساد".

ونصّ التعديل الذي نُشر في الجريدة الرسمية، على أنه "يحق لرئيس الجمهورية، في صورة التأكّد أو المساس بالأمن العام أو بالمصلحة العليا للبلاد، إصدار أمر رئاسيّ يقضي بإعفاء كلّ قاض تعلّق به، ما من شأنه أن يمس بسمعة القضاء أو استقلاليته أو حُسن سيرته".

ولجأ غالبية القضاة المعفيين إلى القضاء الإداري. وفي 10 آب/ أغسطس 2022، قررت المحكمة الإدارية إبطال قرار سعيّد فيما يتعلق بـ49 قاضياً من المشمولين بالعزل، والسماح لهم بالعودة إلى عملهم.

ورغم مرور أكثر من عام على صدور قرار المحكمة الإدارية، رفضت السلطات التونسية إنصاف القضاة المعفيين وإعادتهم إلى عملهم، حيث تم استثنائهم من الحركة القضائية.


انتقام من القضاةالقاضي التونسي المشمول بقرار العزل، مراد المسعودي، قال إن الحركة القضائية الصادرة مساء الأربعاء هي حركة لسنتين، وتشمل حوالي 1200 قاض، فيما لم يتم إدماج القضاة المعفيين.

واعتبر، في تصريح لـ"عربي21"،  أن "حجز الحركة وعدم نشرها العام الماضي يبدو أنه كان إجراء عقابيا على مقاومة القضاة ومساندتهم للقضاة المعفيين او ربما بداعي التقشف لأن الترقيات تترتب عنها زيادة في الأجر تتحملها ميزانية الدولة".

وأوضح أن "عدم إدماج القضاة المعفيين في الحركة القضائية ينفي الشائعات التي سمعناها العام الماضي بخصوص تقديم مجلس القضاء مقترح لرئيس الجمهورية بإعادتهم إلى العمل".

وأضاف: "صادق المجلس المؤقت أيضا على التعيينات التي قامت بها وزارة العدل في نهاية السنة القضائية الماضية، وهو ما يؤكد وجود توافق بين وزارة العدل والمجلس المؤقت للقضاء".

وشدد رئيس جمعية القضاة الشبان على أنه "تم ضرب القانون بعرض الحائط باعتبار أنه يوجد قرار بات يلزم بإعادة القضاة المعفيين إلى علمهم لكن الحركة القضائية استثنهم"، معتبرا أن "رئيس الجمهورية يواصل الانتقام من القضاة المعفيين".

وعن وضع القضاة المعفيين، أوضح مراد المسعودي أن "القضاة المعفيين لم يتلقوا رواتبهم لمدة عام و3 أشهر، ويعيشون ظروفا اجتماعية صعبة".

وأشار إلى أن "القانون يسمح للقضاة بمزاولة مهنة المحاماة وهناك عدد من القضاة المعفيين تقدموا بمطالب من أجل ذلك، لكن لم يقع عقد جلسة لترسيمهم"، مضيفا: "أصبحنا نتعرض لتضييقات حتى في مراكز الأمن خلال استخراج وثائق إدارية حيث يُراد أن يتم حذف مهنة القاضي من بطاقات الهوية".

وقال المسعودي إنه "من المنتظر أن تجتمع تنسيقية القضاة المعفيين قريبا من أجل تدارس الوضع وإصدار بيانات بشأن الموضوع، والإعلان عن عدد من التحركات في إطار الدفاع عن حقوقنا".


استياء قضائي
وكتب القاضي المُعفى أحمد الرحماني في تدوينة له، أن "الحركة القضائية فوق الخيال تنتقم من أشرف القضاة وقامات القضاء المستقل وتستنسخ ممارسات النظام الدكتاتوري الفاسد، وتعود بنا إلى ما يخجل منه الوراء نفسه".



وقال القاضي عفيف الجعيدي في تدوينة له إنه نال "شرف النقلة دون طلب منه لمحكمة استئناف سليانة"، مضيفا أنها "عودة للجذور وجزاء نقبله من حركة لم تنصف زملائنا المُعفين وذكرتنا بزمن مضى".



بدورها،أعلنت رئيسة جمعية القضاة السابقة روضة القرافي أنه تمت نقلتها من رئيسة دائرة بمحكمة التعقيب إلى رئيس دائرة جنائية بمحكمة الاستئناف بباجة غربي البلاد.

وعلّقت القرافي عبر تدوينة نشرتها على صفحتها بـ"فيسبوك" على قرار نقلتها بالقول: "فخورة بخدمة العدالة في أي شبر من هذا الوطن العزيز... نحن نصنع الحياة من حولنا حيثما كنا... ولا تكسر إرادتنا بما يعتقد البعض أنها عقوبات ظنا منه انه سيكسر هذه الإرادة التي صنعتها الأيام ونحتتها السنون، زمن بن علي كانوا يعولون على كسر إرادتي هذه والمساس باستقلال قراري القضائي وبنضالي صلب جمعية القضاة من أجل استقلال القضاء فنالني شرف التنقل للعمل اثنتي عشرة سنة بين محاكم زغوان وسوسة والكاف وسليانة".

وأضافت في التدوينة ذاتها: "لن نتخلى على الدفاع على استقلال القضاء رغم عقوباتهم... وليست عقوباتهم عندنا غير عنوان شرف..ولكن ما طالنا لا يقاس أبدا بمحنة زملائنا المعفيين ظلما والذين تأكد عدم تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتهم وعدم إدماجهم في الحركة القضائية، تضامني معهم ومع كل من استهدف جورا بهذه الحركة على خلفية استقلال قراره القضائي ومواقفه نصرة لاستقلال القضاء.. التاريخ يعيد نفسه وسننتصر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التونسي القضاء تونس القضاء قيس سعيد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرکة القضائیة

إقرأ أيضاً:

كنيسة التوحيد في اليابان تواجه احتمال حلّها بقرار قضائي

أصبحت كنيسة التوحيد في اليابان تحت المجهر منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، لكنها تواجه مسار قضائياً قد يفضي إلى حلّها في الشهر الجاري.

وأكدت السلطات في طوكيو في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أنها تسعى إلى حل الحركة الدينية النافذة التي أنشأها سون ميونغ مون في كوريا الجنوبية في الخمسينات، وتعرف بكنيسة "مونيز" نسبة لمؤسسها الراحل.
وتُتهم الكنيسة بالضغط على أتباعها لتقديم تبرعات كثيراً ما تستنزف كل قدراتهم المالية، وتُحمّل المسؤولية عن تجاهلهم لأولادهم، رغم نفيها ارتكاب أي مخالفات. 
وأفادت وسائل إعلام يابانية بأن الكنيسة قد تصبح غير قانونية بموجب قرار قضائي قد يصدر خلال مارس (آذار). وسيضع القرار حداً لإعفائها من الضرائب ويعتبرها كياناً مضرّاً.
اغتيل رئيس الوزراء السابق شينزو آبي في 2022 على يد رجل قيل في حينه إنه مستاء من الكنيسة التوحيدية. 

وأظهرت التحقيقات بعد الاغتيال، وجود روابط وثيقة بين الحركة وكثرين من أعضاء الحزب المحافظ الحاكم، ما دفع أربعة وزراء إلى تقديم استقالتهم.
وأشار المحامي كاتسومي آبي إلى أنه حتى لو حلت الكنيسة، يمكن لها أن تواصل تنظيم شعائرها، وأضاف، "لكن سمعتها ستتضرر، وعدد أتباعها سيتراجع"، حسب المحامي الذي يمثّل عدداً من الأتباع السابقين الذين يسعون للحصول على تعويضات بعدم تبرعات ضخمة للكنيسة.


وحسب التقديرات، قدّم الأتباع لكنيستهم مئات ملايين الدولارات على مدى السنوات. ومنذ  2023، طالب نحو 200 شخص بتعويضات تصل إلى 5.7 مليارات ين (38,5 مليون دولار)، حسب كاتسومي آبي ومحامين آخرين.
وأوضح آبي، "لا أعتقد أن مؤسسة أخرى ألحقت هذا القدر من الضرر" بالمجتمع الياباني.

بلا طعام أو استحمام 

وإذا صدر القرار القضائي، ستكون الكنيسة  ثالث حركة دينية تحل في اليابان.
وتأسست الكنيسة التوحيد، واسمها الرسمي "الاتحاد العائلي للسلام العالمي والتوحيد"، في 1954. وذاع صيتها عالمياً خلال السبعينات والثمانينات، واشتهرت بإقامة حفلات زفاف جماعية في ملاعب رياضية. 

وتحدثت شخصيات عالمية في مناسبات مرتبطة بالكنيسة أو مجموعات تابعة لها، مثل الرئيس الأمريكي حالياً دونالد ترامب، وشينزو آبي نفسه في العام 2021، علماً بأن رئيس الوزراء الياباني السابق لم يكن من أتباع هذه الكنيسة أو مرتبطاً بأي من مجموعاتها.
والمشتبه بقتل آبي هو تيتسويا ياماغامي الذي تردد أن والدته تبرعت للكنيسة بمبلغ إجمالي بلغ 100 مليون ين (مليون دولار). ويواجه ياماغامي الموقوف عقوبة الإعدام بحال إدانته.
وقضى شقيق ياماغامي انتحاراً، بينما حاول هو الانتحار مرات عدة.
وروى أحد أقاربهما عن تلقي اتصالات استغاثة من ياماغامي عندما كانت والدته تترك أولادها بمفردهم من دون طعام لحضور نشاطات الكنيسة.
وعقب مقتل شينزو آبي، تعهدت الكنيسة بمنع التبرعات "المبالغ بها" من أتباعها.
لطالما كانت اليابان مركزاً مالياً للكنيسة التوحيدية التي تحضّ أتباعها على ضرورة التكفير عن احتلال كوريا خلال الحرب، وبيع مقتنيات باهظة لينالوا العفو عن خطاياهم.
وخلال اجتماع مؤخراً مع محامين، أكد شخص كان أهله من أتباع الكنيسة أن العائلة عجزت أحياناً عن دفع رسوم الدراسة أو توفير لوازم الاستحمام.
وأكد أنه أوصيَ بعدم التفاعل مع غير الأعضاء "الشيطانيين" وشعر بـ"الوحدة والانعزال"، لافتاً إلى أن شقيقه انتحر العام الماضي بعدما عانى مشكلات في الصحة الذهنية.
ويمكن لإجراءات حلّ الكنيسة أن تمتد لعام في حال قامت باستئناف القرار.
وحذّر محامون من أن الكنيسة التوحيدية قد تنقل أصولها المالية الى مكان آخر. وأوضح كاتسومي آبي "هم يرسلون كل عام عشرات المليارات من الين إلى مقرهم في كوريا الجنوبية".
ويطالب هو وعدد من زملائه المحامين بتشديد القيود القانونية للسماح بإعادة هذه الأموال إلى الضحايا.
وحذّر من "علامة استفهام كبيرة بشأن عدد السنوات التي ستستغرقها عملية تصفية أصول الشركة... وما إذا كانت ستجري بسلاسة".

مقالات مشابهة

  • جوهر المشكلة – الحركة الإسلامية
  • كنيسة التوحيد في اليابان تواجه احتمال حلّها بقرار قضائي
  • ترامب يهاجم الإعلام : فاسد وغير قانوني ويؤثر على القضاة
  • جورج كلوني يثير استياء أسرته بـ لوك جديد.. صورة
  • أمسية رمضانية للسلطة القضائية في تعز
  • السلطة القضائية تنبه القضاة: احترام آجال صدور الأحكام لا يتم على حساب المحاكمة العادلة
  • قنصل ليبيا: القضاء التونسي أصدر حكما جائرا بحق الليبي مهرب الكسكسي 
  • المؤلفة قلوبهم من أبناء الحركة الإسلامية
  • قرار قضائي جديد بشأن جزار متهم بقتل عامل بالوراق
  • حماية المستهلك: ضعف الحركة الشرائية يخفض أسعار السلع