بعد عامين من الانسحاب الفوضوي.. قادة طالبان يحظون بدعم واشنطن
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
تعيد الذكرى السنوية الثانية لرحيل آخر جندي أمريكي من أفغانستان، إلى الأذهان النهاية الفوضوية لحرب دامت نحو 20 عاماً، حيث أن الانسحاب كان كارثياً، على حد تعبير مسؤولين أمريكيين وغربيين.
وبعد عامين على صعود طالبان إلى السلطة في أفغانستان، لا يزال الانسحاب الفوضوي الأمريكي، يشكّل أحد أبرز إخفاقات بايدن، بعدما فشل في استثمار الحدث الذي مهّد له سلفه الجمهوري دونالد ترامب، لصالح الديمقراطيين.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها عن الذكرى الثانية للانسحاب الأمريكي "الفوضوي" من أفغانستان، إلى تحذيرات المراقبين الدوليين من انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان، بعد سيطرة طالبان على مقاليد الحكم في أغسطس (آب) 2021، بما في ذلك التراجع الكبير في حقوق المرأة والفتيات، والأعمال الانتقامية التي تستهدف المعارضين والمنتقدين، والاعتداءات على الأقليات وتضييق الخناق على وسائل الإعلام،
وانتهت الحرب التي تعد الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، في الـ30 من أغسطس (آب) 2021، مع إقلاع آخر طائرة نقل عسكرية أمريكية من مطار كابول الدولي، في حين لاتزال أفغانستان تعاني من الفوضى وتتخبط في مشاكل إنسانية واقتصادية خانقة.
وفي ظل عدم الاعتراف الدولي بحركة طالبان كحكام شرعيين، حذر خبراء الأمم المتحدة من أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة التي تواجهها أفغانستان تحت قيادة "طالبان" والتي تنذر بالتحول إلى حالة الاستبداد.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى تقارير خبراء من الأمم المتحدة، تفيد بأن الحركة انخرطت في انتهاكات صادمة لحقوق الإنسان بالبلاد، في مجالات عدة أبرزها التعليم والعمل وحرية التعبير.
ونتيجة لذلك، استبعد مسؤولون في إدارة بايدن احتمال موافقتهم على مطالب طالبان بالاعتراف الدولي وتخفيف العقوبات والوصول إلى مليارات الدولارات من الأصول المجمدة في الولايات المتحدة.
وبالرغم من ذلك، فإن بعض المحللين والمسؤولين الأمريكيين، لا يزال لديهم الأمل في أن تكون حركة طالبان قد غيرت من نهجها السابق، أو أنها على الأقل ستقدم تنازلات للمطالب الغربية بشأن حقوق الإنسان لكسب الاعتراف الدبلوماسي أو المساعدات الاقتصادية في ظل معاناة البلاد من أزمة إنسانية متفاقمة، بحسب "نيويورك تايمز".
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الأفغانية المؤقتة التابعة لحركة طالبان، رفضت تقارير الأمم المتحدة التي تقول إن "كابول قتلت وعذبت مئات الأشخاص منذ استلامها السلطة".
Two Years After Afghanistan Exit, Biden Resists Calls for More Taliban Contact https://t.co/deSHP1nRas
— Jeffrey Levin ???????? (@jilevin) August 31, 2023وبحسب الصحيفة، فاجأت بعض الجوانب الإيجابية في حكم طالبان لأفغانستان، المسؤولين الأمريكيين، حيث أنه لم تتحقق مخاوفهم من نشوب حرب أهلية، حيث اتخذت الحركة إجراءات صارمة ضد الفساد وحظرت زراعة الحشيش المخدر، بالرغم من أنه لم يتضح بعد مدى صرامة تطبيق هذا الحظر.
ويقول محللون سياسيون أمريكيون إن شعبية الرئيس بايدن تراجعت بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، مما يهدد فرصه بالفوز في السباق الانتخابي 2024.
وفي ذكرى السنوية الثانية على الانسحاب، تعهد بايدن مساء أمس الأربعاء، بمواصلة حماية الولايات المتحدة من "التهديدات الإرهابية" في أفغانستان وجميع أنحاء العالم، دون "وجود دائم للقوات على الأرض".
وبهذا الخصوص، قالت الصحيفة الأمريكية إن "قادة طالبان يحظون الآن بدعم من واشنطن، لأن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها كان يتمثل بعودة علاقات قوية بين طالبان وتنظيم القاعدة الإرهابي".
وقال بايدن في بيان نشره البيت الأبيض، أمس: "قبل عامين، أنهت الولايات المتحدة قرابة عقدين من الحرب في أفغانستان، وهي أطول حرب في التاريخ الأمريكي"، مضيفاً "لقد برهنا أننا لا نحتاج إلى وجود دائم للقوات على الأرض يتعرضون للخطر، حتى نتمكن من اتخاذ إجراءات ضد الإرهابيين، وأولئك الذين يرغبون في إلحاق الضرر بنا".
وأشار إلى أن الحلفاء الأفغان "كما ساهموا في مهمتنا في أفغانستان لمدة 20 عاماً، فإنهم يقدمون الآن إسهامات ضخمة في جميع أنحاء بلادنا. وكما وقفوا إلى جانبنا، فإنني أظل ملتزماً بالوقوف إلى جانبهم، بما في ذلك حض الكونغرس على إقرار مشروع قانون التكيف الأفغاني حتى يمكننا توفير مسار لإضفاء وضع قانوني دائم لأصدقائنا وجيراننا الأفغان".
ويقول المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية والمختص بالشأن الأفغاني غرايم سميث، بحسب الصحيفة: "يحتاج العالم إلى التفكير ملياً فيما يحاول تحقيقه في أفغانستان هذه الأيام، ومعظم الأشياء التي نريد القيام بها تتطلب العمل مع طالبان".
وكان المحلل السياسي، شدد في مقال لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، على ضرورة أن تعمل الأطراف الإقليمية وكذا الحكومات والمؤسسات الغربية على إقامة علاقات "عمليّة" أكثر مع طالبان، وذلك من أجل ملايين الأفغان.
وتطرق المقال إلى مجالات التعاون العديدة التي تتيح للعالم التعامل مع حكومة طالبان دون الحاجة للاعتراف الدبلوماسي الرسمي بها، مثل مشروعات تشييد الطرق السريعة والسكك الحديدية للتواصل التجاري مع دول جنوب آسيا. وهناك أيضا مشاريع المياه، حيث دمرت عقود من الحرب البنية التحتية للبلاد، وأعاقت التنمية.
ودعا المختص في الشأن الأفغاني، بايدن حال فوزه في الانتخابات الأمريكية المقبلة إلى العمل على حلول عملية بشأن الوضع المتأزم في أفغانستان.
وخلص المقال إلى أن الحلول الإقليمية الجزئية قد توفر نموذجاً للأطراف الدولية الفاعلة لكيفية التعامل مع حركة طالبان على المدى القصير.
ويقول قادة طالبان: إن "السياسات الأمريكية تؤدي إلى تفاقم المعاناة في أفغانستان، لأن العقوبات الأمريكية طويلة الأمد ضد قادة طالبان تقلل من فرص الاستثمار الأجنبي والتجارة في البلاد، كما أنهم ما زالوا يصرون على أن الولايات المتحدة ليس لها الحق في الاحتفاظ بأصول بقيمة 7 مليارات دولار أودعها أسلافهم في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
وفي العام الماضي، وجه بايدن إلى تحويل نصف هذه الأموال إلى صندوق لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعب أفغانستان.
وعلى مدى العاميين الماضيين، تجري إدارة بايدن بعض الاتصالات مع ممثلي طالبان، ففي أواخر الشهر الماضي، سافر الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لأفغانستان، توماس ويست ، إلى العاصمة القطرية الدوحة، لحضور عدة اجتماعات مع مسؤولي طالبان.
وآنذاك، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، بياناً بشأن تلك الاجتماعات، منتقدةً حركة طالبان و"تدهور وضع حقوق الإنسان في أفغانستان، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات والجماعات الدينية والأقليات"، وقال البيان إن "المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن قلقهم البالغ بشأن الاعتقالات وقمع وسائل الإعلام والقيود المفروضة على الممارسات الدينية".
ولكن بيان الخارجية الأمريكية، أشار أيضاً إلى الجوانب الإيجابية في حكم الحركة للبلاد، حيث عملت طالبان على انخفاض إنتاج خشخاش الأفيون، فيما كانت المؤشرات الاقتصادية وجهود مكافحة الإرهاب واعدة، لافتاً أيضاً إلى احتمالية تحقيق المزيد من التعاون.
وفي اجتماع مع المسؤولين الماليين والمصرفيين في الحكومة الأفغانية، أعرب توماس ويست وفريقه "عن انفتاحهم على حوار فني بشأن قضايا الاستقرار الاقتصادي في أفغانستان قريباً".
مسؤولان أمريكيان يلتقيان وفداً من #طالبان في الدوحة https://t.co/y7UgHhesrB
— 24.ae (@20fourMedia) July 26, 2023وتعليقاً على بيان الخارجية الأمريكية أمس، قالت الصحيفة إنه "عندما يتعلق الأمر بالتعاون ضد الإرهاب، فإن بعض المسؤولين والمحللين ما زالوا يشعرون بعدم الثقة في طالبان إلى حد كبير، حيث أنهم يشعرون بالقلق من أن الحركة عملت على احتواء خطر تنظيم القاعدة فقط على المدى القصير لتتجنب استفزاز الولايات المتحدة."
وتقاتل حركة طالبان أيضاً تنظيم داعش، لكن بعض المحللين أعربوا عن عدم قلقهم من تحالف الطرفين، مؤكدين أن "داعش يتحدى طالبان علناً، مما يجعل من الواضح أن القضاء على إرهابيي داعش يخدم مصلحة الحركة".
وفي يوليو (تموز)، صرحت ليزا كورتيس المستشارة السابقة للبيت الأبيض المكلفة بشؤون وسط وجنوب آسيا في عهد دونالد ترامب، بهذا الشأن، أن السعي لإشراك طالبان في القضاء على الإرهاب مع تجاهل ما يفعلونه بالنساء هو "خطأ".
ومنذ عودة طالبان إلى الحكم، عاودت الحركة تطبيق تفسيرها الصارم للشريعة الإسلامية، ومنعت النساء من الذهاب إلى المدارس الثانوية والجامعات كما حظّرت عليهنّ العمل في المؤسسات الحكومية ومع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.
وفي إبريل (نيسان)، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إن "أي نوع من الاعتراف بطالبان ليس مطروحاً على الطاولة إطلاقاً".
وبدوره، دعا زلماي خليل زاده، الذي شغل منصب مبعوث الرئيس الأمريكي السابق ترامب إلى طالبان، كما كان مفاوضاً على خطة سحب القوات الأمريكية التي ورثها بايدن، إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة، مضيفاً "كنا نتمنى أن تنتهي المشكلة".
وخليل زاده، هو من بين الذين يقولون إن "حركة طالبان أظهرت بعض ضبط النفس، مقارنة بأسوأ التوقعات"، لافتاً إلى أن الكثيرين كانوا يعتقدون بأن الأمور في أفغانستان كانت ستكون أسوأ بكثير مما هي عليه الآن، وأنه سيكون هناك المزيد من الإرهاب، والمزيد من اللاجئين، وأنه سيكون هناك إراقة دماء على نطاق أوسع بكثير".
وفي الشهر الماضي، نشر رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني، ووزير شؤون الدفاع السابق، توبياس إلوود، مقطع فيديو له من أفغانستان دعا فيه المملكة المتحدة إلى إعادة التواصل مع طالبان وإعادة فتح سفارتها في كابول، بحجة أن أمن البلاد "تحسن بشكل كبير" منذ عودة طالبان إلى السلطة، وقال: "هذا بلد مختلف تمامًا بالفعل - إنه شعور مختلف الآن منذ عودة طالبان إلى السلطة".
كما وجه إلوود، الذي خدم سابقًا في الجيش، انتقادات عندما قال: "الصراخ من بعيد لن يحسن حقوق المرأة"، مضيفاً "استراتيجيتنا الحالية في الصراخ من بعيد، بعد التخلي المفاجئ عن أفغانستان في عام 2021، لا تنجح".
وأردف: "كانت دعوتي البسيطة للعمل هي إعادة فتح سفارتنا مرة أخرى واتباع استراتيجية أكثر مباشرة لمساعدة 40 مليون شخص تركناهم".
ولكن بعد إدانته على نطاق واسع، قام بحذف الفيديو من على منصة "إكس (تويتر سابقاً) ويواجه الآن تصويتًا بحجب الثقة عن رئاسته للجنة الدفاع في مجلس العموم.
Tory MP Tobias Ellwood has again urged the Government to rethink its strategy on #Afghanistan two years on from the Taliban takeover.
He said the UK should not abandon the people of Afghanistan, as he reiterated his call for ministers to reconsider engagement with the regime. pic.twitter.com/IUtmiDFZ27
ويظل منح الولايات المتحدة، أي ضمان باعتراف شرعي لحكم طالبان في أفغانستان، إلى الآن من أبرز القضايا المثيرة للجدل بشكل كبير، وفق الصحيفة.
كيف أصبحت #أفغانستان بعد عامين على عودة #طالبان؟#تقارير24 https://t.co/r3xrNFYfyI pic.twitter.com/jVljgSMQex
— 24.ae (@20fourMedia) August 28, 2023
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني طالبان أفغانستان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان واشنطن الخارجیة الأمریکیة الولایات المتحدة الأمم المتحدة فی أفغانستان حقوق الإنسان من أفغانستان حرکة طالبان طالبان إلى إلى أن
إقرأ أيضاً: