خطة خمسية جديدة بميزانية غير مسبوقة لتهويد القدس.. ما تداعياتها على المقدسيين؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
أقر الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى "الخطة الخمسية" التي تهدف إلى تهويد القدس المحتلة، ورغم أنها ليست الأولى في مخططاته التهويدية، لكنها الأضخم من حيث الأموال المرصودة والمشاريع المرجوة التي يسعى لتحقيقها.
وتستهدف "الخطة الخمسية" التي أعلنت عنها حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر تطرفا؛ قطاعي التعليم والاقتصاد بشكل خاص، لكونهما المفصلين الرئيسيين اللذين يعتمد عليهما المواطن المقدسي في ثباته على أرضه.
ويأمل المقدسيون، أن يساهم صمودهم الأسطوري رغم ضيق الحال والمحاولات الإسرائيلية المكثفة لإبعادهم عن مدينتهم، في إفشال "الخطة الخمسية"، أسوة بمخططات أخرى سابقة.
الأهداف الواضحة
القدس بالنسبة للاحتلال هي جوهر "الفكرة الصهيونية" التي على أساسها تم توظيفها في خدمة الاستيطان اليهودي في فلسطين، وذلك وفق استنادهم لمزاعم دينية عن وجود الهيكل في باحات المسجد الأقصى مكان قبة الصخرة المشرفة.
الباحث المقدسي فراس ياغي قال لـ "عربي21" إنه منذ احتلال الأراضي الفلسطينية المتبقية من فلسطين في حزيران/ يونيو 1967، أعلنت "إسرائيل" ضمها للجزء الغربي، وأن القدس الموحدة "عاصمة أبدية لدولة إسرائيل"؛ في مخالفة واضحة لكل قرارات الشرعية الدولية بهذا الخصوص.
وركزت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ومنذ عام 1967 في الاستيطان على القدس وشيدت أحياء يهودية طوقت فيها الأحياء العربية لتصبح كأنها جزر في محيط يهودي.
وأوضح الباحث أنه رغم كل سياسات مصادرة الأراضي وهدم البيوت والضرائب الفاحشة والتشديد على المقدسيين وحصارهم والتضييق عليهم؛ وبالذات في موضوع الإسكان، حيث يعاني المقدسي من الازدحام السكاني، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تغيير معالم شرق القدس، ولذلك بدأت عام 2012 وفي ظل حكومة نتنياهو التخطيط لحسم الصراع فيها ووضع الخطط التي تؤدي لتهويد المدينة وأسرلة المقدسيين.
الخطة الخمسية الأولى ظهرت عام 2018 والتي تم رصد ميزانية لها تقدر بـ "ملياري شيكل" منها 450 مليون شيكل فقط لأسرلة التعليم و 200 مليون شيكل لتشجيع التعليم العالي في الجامعات الإسرائيلية إضافة إلى تغيير معالم المدينة العربية عبر ميزانية ضخمة للبنية التحتية والتي ستؤدي إلى ربطها مع القدس الغربية، وسد الفجوات التطويرية بين شقي المدينة.
بحسب ياغي فإنه مع انتهاء الخطة الخمسية عام 2023 تم تجديدها بخطة خمسية جديدة؛ وبميزانية أضخم تبلغ "3.2" مليار شيكل وتهدف إلى تحقيق عدة أمور؛ منها رفع المستوى الاقتصادي للمقدسيين عبر زيادة كفاءاتهم التعليمية والمهنية؛ بما يؤدي لسد الفجوة مع المستوى المعيشي لليهود في القدس وبالتالي منعهم من الانخراط في المقاومة والتمسك وتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية.
وأضاف:" كأن مشكلة المقدسي هي فقط معيشية واقتصادية وليست وطنية تهدف للتخلص من الاحتلال والمستوطنين الذين يهيمنون على المدينة ويمارسون العنف والتطرف ضد المقدسيين بمساعدة الشرطة وحرس الحدود الإسرائيليين".
تركيز عال على التعليم والمناهج في المدارس
وكثفت دولة الاحتلال جهودها الرامية لذلك، وسط "معركة دائمة ومستمرة" لمنع وضع اليد الإسرائيلية على التعليم في القدس، بالرغم من أن ذلك لا يعني أنها لم تنجح.
وتهيمن دولة الاحتلال على 50 بالمئة من المدارس كونها حكومية تتبع وزارة المعارف الإسرائيلية، وأيضا تحاول التدخل في المدارس الخاصة من خلال تقديم الدعم المالي لها وفق شروط من بلدية الاحتلال في القدس، وتبقى مدارس الأوقاف التي تحاول السيطرة عليها أو إغلاقها.
الهدف الثاني من الخطة كما أوضح ياغي هو بناء طرق وجسور وأنفاق ومراكز تجارية بما يؤدي لتغيير معالم المدينة العربية، فهناك خطة قائمة منذ عام 2018 لشق الطريق "الأمريكي" الذي يربط بين مستوطنات القدس جنوبا مع مستوطنات شرق المدينة، تم خلالها مصادرة "1200" دونم من أراضي جبل المكبر والسواحرة الشرقية، إضافة لبناء ما يسمى "وادي السليكون" في حي "واد الجوز" ما يعني تدمير الحي الصناعي الوحيد الموجود للمقدسيين، عدا عن هدم مئات البيوت السكنية.
الاحتلال لن يستطيع أسرلة المقدسيين
الخطة تهدف بشكل كامل لربط معيشة وحياة المقدسي بكل ما هو إسرائيلي ومنع أي علاقة مع الامتداد الفلسطيني وبالذات المنهاج الفلسطيني الذي كان يدرس في المدارس المقدسية في محاولة لأسرلة التعليم للسيطرة على العقول عبر تحريف المناهج التعليمية.
الباحث ياغي يرى أنه في نفس الوقت يعمل الاحتلال على فرض أمر واقع من خلال سياسات هدم البيوت ومصادرة الأراضي ومحاصرة المقدسي للتضييق عليه لفرض الهجرة القسرية الطوعية، وهذا ملاحظ في ظهور أحياء خارج الجدار الذي يحيط في القدس ويتم التعامل معهم على أنهم يسكنون القدس ولكن دون أدنى خدمات، بل هذه الأحياء أصبح يطلق عليها " "عشوائية".
رغم كل الخطط وضخامة الميزانيات والإغراءات إلا أن "إسرائيل" لن تستطيع أسرلة المقدسيين ولا احتلال عقولهم، لأن الأماكن المقدسة في القدس المسيحية والإسلامية وبالذات المسجد الأقصى، جميعها بؤر صراع مركزية، تؤدي دائما لوعي وطني فلسطيني وعربي وإسلامي ومسيحي، بحسب الباحث ياغي.
وتابع:" لكن المقدسي للأسف يترك وحيدا في مواجهة أعتى قوة في الشرق الأوسط، وهو بحاجة عاجلة جدا للدعم لتثبيت صموده ومقاومته للإجراءات الإسرائيلية، وبما يستدعي ذلك من ضرورة رصد ميزانيات كبيرة عربية وفلسطينية للمقدسي بحيث تتشكل صناديق خاصة لكل قطاع بإشراف مباشر من الجامعة العربية، بحيث يكون لنا صندوق للإسكان، وصندوق للتعليم، وصندق للتجار، وصندوق لدعم المؤسسات وغيرها، وبغير ذلك سيترك المقدسي لوحده".
وفي ظل هذه الحكومة التي تمثل اليمين الجديد ستحاول فرض تقسيم مكاني في المسجد الأقصى بعد أن تم فرض التقسيم الزماني، لذلك تأتي هذه الخطة الخمسية وبالميزانيات الضخمة لحرف الأنظار أيضا على ما يخطط للمسجد الأقصى.
المخططات قائمة على أرض الواقع
ومع إقرار الخطة التي ترصد لها مئات ملايين الدولارات باتت الصورة أكثر وضوحا، "تهويد شامل كلي يستهدف الهوية قبل الوجود الفعلي"، وربما كان المستهدف الرئيسي من هذه الخطط دوما هو المسجد الأقصى المبارك.
الناشط المقدسي أسامة برهم قال لـ "عربي21" إن ابن مدينة القدس يشعر ويرى الخطط الدائمة ضد المسجد الأقصى وتهويده إما بإحراقه أو هدمه".
ويرى أن تداعيات الخطة الخمسية تشبه إلى حد كبير خطة 2020 التي انتهت منذ ثلاث سنوات ولم تنجح، ثم جاءت خطة 2030 وبعدها 2050، مبينا أن الاحتلال برمته منذ عام 1967 يقف على قدم وساق لأجل تهويد هذه المدينة، ولكن قد يكون السبب الأول في تأجيل الخطط التهويدية ضد القدس هو صمود أهل المدينة ورباطهم الحقيقي.
وأكد على صمود المقدسيين أمام الاحتلال ومخططاتعه، مشيرا إلى أنهم "لم يرفعوا الراية البيضاء ولم يستسلموا"، رغم التنكيل بهم، وتسحيل النساء والاعتداء عليهم على أبواب المسجد الأقصى.
الفارق اليوم هو أن الخطة تأتي مع الحكومة اليمينية المتطرفة التي باتت النوايا في قراراتها أكثر وضوحا، وتحاول شرعنتها عبر قوانين متجددة في الكنيست.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال الخطة الخمسية القدس المسجد الأقصى المقدسيين القدس الاحتلال المسجد الأقصى المقدسيين الخطة الخمسية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخطة الخمسیة المسجد الأقصى فی القدس
إقرأ أيضاً:
مشاريع بنية الاستيطان التحتية تبتلع ما تبقى من القدس
يمكن وصف مشاريع البناء الاستيطاني وتطوير بنيتها التحتية، بأنها أصبحت كالحمى لدى الاحتلال. المقال السابق تناول البناء الاستيطاني في القدس المحتلة، وسلط الضوء على حجم الاستيطان في السنوات العشر الأخيرة. ويأتي تصاعد البناء الاستيطاني بالتوازي مع تكثيف إقرار مشاريع البنية التحتية الخاصة بالاستيطان وتنفيذها، بذريعة المنافع العامة، وتطوير مناطق المدينة المحتلة، وهي في حقيقة الأمر تسخّر لخدمة المستوطنين ومناطق وجودهم ورفاهية المستوطنات، إلى جانب تأمين شبكات الطرق التي تعزل المستوطنين عن الفلسطينيين، وتوفر تواصلا آمنا فيما بين مستوطنات المدينة المحتلة، إلى جانب قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، والمساهمة في فصل المناطق الفلسطينية؛ إن كانت في القدس أو الضفة الغربية.
ونقدم في هذا المقال إطلالة على أبرز مشاريع البنية التحتية للاستيطاني في الأشهر الماضية، وأبرز التطورات المتعلقة بها.
تعزيز مواصلات المستوطنين وتنقلاتهم
يشكل هذا أحد أبرز أهداف هذه المشاريع، إذ تعمل سلطات الاحتلال على تطوير شبكات الطرق الخاصة بالمستوطنين، إلى جانب مشاريع المواصلات العامة في المدينة المحتلة، وتحاول سلطات الاحتلال تحقيق هدفين من هذه المشاريع:
السماح للمستوطنين بتحقيق تواصل سهل ما بين شطري القدس المحتلة من جهة، وما بين المستوطنات المحيطة بالشطر الشرقي من جهة أخرى، وفتح المجال أمام المستوطنين للوصول إلى محيط المسجد الأقصى، في إطار تسهيل وصول المستوطنين إلى باب المغاربة، ومن ثم المشاركة في اقتحام المسجد الأقصى
الأول: تسهيل تيسير حركة تنقل المستوطنين، مع عزلهم عن المناطق الفلسطينية، أو الطرق التي يستخدمها الفلسطينيون.
الثاني: السماح للمستوطنين بتحقيق تواصل سهل ما بين شطري القدس المحتلة من جهة، وما بين المستوطنات المحيطة بالشطر الشرقي من جهة أخرى، وفتح المجال أمام المستوطنين للوصول إلى محيط المسجد الأقصى، في إطار تسهيل وصول المستوطنين إلى باب المغاربة، ومن ثم المشاركة في اقتحام المسجد الأقصى.
وفي الأشهر الماضية افتتحت سلطات الاحتلال عددا من هذه الطرق، ففي 17 تموز/ يوليو 2024 افتتحت سلطات الاحتلال عددا من الأنفاق والطرق الجديدة، والتي تصل مستوطنة "غوش عتصيون" بمدينة القدس المحتلة، وبحسب مصادر مقدسية فقد استمر العمل على المشروع نحو 6 سنوات، وبلغت تكلفته نحو مليار شيكل (نحو 275 مليون دولار أمريكي). والمشروع مشترك ما بين وزارة المواصلات في حكومة الاحتلال، وبلديته في القدس، وشركة "موريا" الاستيطانية للتطوير، ويأتي المشروع في سياق تسهيل تنقل المستوطنين، وربط المزيد من المستوطنات بالقدس المحتلة، مما يعمق عزلة المناطق الفلسطينية(1).
ولم تكن شبكات الطرق الاستيطانية هي الوحيدة التي شهدت افتتاح طرق جديدة، فقد شهدت الأشهر الماضية افتتاح محطات للنقل العام، ففي 18 آب/ أغسطس 2024 افتتحت بلدية الاحتلال محطة للحافلات الكهربائية، على أراضي المقدسيين قرب مستوطنة "راموت" شمالي المدينة المحتلة، وحضرت حفل الافتتاح وزيرة المواصلات في حكومة الاحتلال ميري ريغيف، ورئيس بلدية الاحتلال موشيه ليو، وأُطلق على المحطة اسم "الأرز"(2)، ووصفتها المصادر العبريّة بأنها "ضخمة"، ووصلت تكلفتها إلى نحو نصف مليار شيكل (نحو 134 مليون دولار). وتهدف المحطة إلى تسهيل وصول المستوطنين إلى القدس المحتلة، وتقليل الازدحام في الشارع الاستيطاني رقم 1(3).
وكانت آخر هذه المشاريع الضخمة مشروع "نسيج الحياة"، والذي أقرته حكومة الاحتلال في بداية شهر نيسان/ أبريل 2025، وسيربط المشروع القدس المحتلة مع مستوطنات الضفة الغربية، ويتضمن مصادرة مساحات ضخمة من الأراضي الفلسطينية. وسيعيد المشروع توجيه حركة مرور الفلسطينيين، ويهدف إلى قطع التواصل الجغرافي ما بين شمال الضفة وجنوبها بشكلٍ كامل، وسيتم تحقيق هذا الارتباط من خلال طريقٍ استيطانيّ عبر نفقٍ بين بلدتي الزعيّم والعيزرية شمال شرق القدس المحتلة، وهو ما سيؤدي إلى نقل حركة الفلسطينيين بعيدا عن الطريق الاستيطاني رقم 1، ما يعني منع الفلسطينيين من المرور في محيط المناطق الاستيطانية، ويحصر تنقلهم ما بين شمال الضفة وجنوبها في نفقٍ واحد يتحكم به الاحتلال، على غرار العديد من الطرق الأخرى التي تحول تنقل الفلسطينيين إلى ما يشبه الكابوس.
مشاريع تؤثر على حياة الفلسطينيين
في بداية عام 2024 أقرت بلدية الاحتلال في القدس إقامة مكبٍ للنفايات في وادٍ بالقرب منازل الفلسطينيين، يقع على مساحة 109 دونمات، ما بين العيساوية وعناتا ورأس شحادة في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، ويعود المخطط إلى عام 2012، ولكن المقدسيين رفضوا إقامته، واستطاعوا تقليص مساحته من 520 دونما، إلى 109 دونمات، ولكنهم لم يتمكنوا من إجبار بلدية الاحتلال على إلغاء المشروع بشكلٍ كامل، خصوصا أن المشروع سيلحق أضرارا في البيئة المحيطة به، نظرا لوجود نحو 70 منشأة سكنية مقدسية قرب المكب(4).
تسعى بلدية الاحتلال وسلطاته الأخرى إلى تحقيق جملة من الأهداف أبرزها فرض السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، وعزل مساحات واسعة من الفلسطينيين ومنع التواصل الجغرافي فيما بين المناطق الفلسطينيّة، إضافة إلى هيئة هذه المساحات الخضراء لتُستخدم لاحقا في مشاريع استيطانية، تستوعب البناء الاستيطاني أو مشاريع البنية التحتية الضخمة
وتسعى سلطات الاحتلال إلى إقرار قوانين لها طابع تنظيميّ، ولكنها في حقيقة الأمر تفرض المزيد من الحصار على المناطق الفلسطينيّة، وتحدّ من قدرة الفلسطينيين على الاستفادة من أراضيهم للبناء وغيرها. وفي هذا السياق أعلنت "اللجنة اللوائيّة" في 20 كانون الثاني/ يناير 2024 عن المصادقة على واحدٍ من أكبر المخططات الاستيطانية في القدس المحتلة، والذي يهدف إلى "حفظ وإعادة تنظيم التخطيط وحقوق البناء في المدينة"، ويمتد المخطط على مساحة 706 دونمات، من منطقة المصرارة وحتى وادي الجوز إلى البلدة القديمة جنوبا.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطاني، يهدف المشروع إلى السيطرة على جغرافيا المدينة، ومحاصرة أي إمكانية للتمدد الديموغرافي للفلسطينيين، إذ تتضمن بنود المشروع إجراء تغييرات في استعمالات الأرض، وتحديد مساحات البناء القصوى، وعدد الطوابق المسموح بها، إضافة إلى شق وتوسعة شوارع(5).
الحدائق الاستيطانية
من اللافت سعي بلدية الاحتلال إلى افتتاح عددٍ كبير من الحدائق الاستيطانية، وهو ما شهده عام 2024، ففي 16 شباط/ فبراير 2024 كشفت مصادر فلسطينية عن توقيع بلدية الاحتلال في وقتٍ سابق اتفاقية مع "الصندوق القومي اليهودي"، وتقضي الاتفاقية بتحويل أراضٍ من بلدة بيت حنينا وحزما إلى غابة استيطانية بمساحة ألف دونم، ويأتي المشروع ضمن ما يُعرف بـ"الاستيطان الزراعي"، على أن تحول الغابة الجديدة إلى "غابة مجتمعية"(6).
خلال شهر تموز/ يوليو 2024 افتتحت بلدية الاحتلال 3 حدائق جديدة للمستوطنين، على أراضي المقدسيين، أحدثها في قرية المالحة، ومن قبلها حديقتان على أراضي جبل المكبر وبيت حنينا في مستوطني "أرمون هنتسيف" و"راموت". وفي 30 تموز/ يوليو 2024 افتتحت بلدية الاحتلال حديقة عامة في مستوطنة "عير غانم" جنوب القدس المحتلة(7). وفي 28 آب/ أغسطس 2024 افتتح رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون، حديقة عامة في مستوطنة التلة الفرنسية، على مساحة 63 دونما، وأُطلق عليها اسم "هوريشا"(8).
ومن خلال قراءة هذه المشاريع في السنوات الماضية، تسعى بلدية الاحتلال وسلطاته الأخرى إلى تحقيق جملة من الأهداف أبرزها فرض السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، وعزل مساحات واسعة من الفلسطينيين ومنع التواصل الجغرافي فيما بين المناطق الفلسطينيّة، إضافة إلى هيئة هذه المساحات الخضراء لتُستخدم لاحقا في مشاريع استيطانية، تستوعب البناء الاستيطاني أو مشاريع البنية التحتية الضخمة.
مشروع "وادي السيليكون"
عاد في الأشهر الماضية مشروع "وادي السيليكون" الاستيطاني إلى الواجهة مجددا، ففي 20 آب/ أغسطس 2024 هدمت جرافات الاحتلال منزلا وناديا رياضيا وعددا من المنشآت التجارية تقع في المنطقة الصناعية في حي وادي الحوز في القدس المحتلة، وتأتي عمليات الهدم تحضيرا لبدء مشروع "وادي السيليكون" التهويدي، على الأراضي المحتلة.
ويُهدّد هذا المشروع نحو 200 منشأة تجارية وصناعية تقع في هذه المنطقة. ويُعد المشروع التهويدي واحدا من أبرز المشاريع التي تعمل عليها أذرع الاحتلال، وتتسق مع المخططات الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال في نهاية العام الماضي، وما تضمنته الخطة من بنود تقضي بتحويل المقدسيين إلى قوة عمل منخفضة الأجور (عمالة رخيصة) في مثل هذه المشاريع(9).
__________
الهوامش
(1) موقع مدينة القدس.
(2) القدس البوصلة.
(3) موقع مدينة القدس.
(4) وكالة وفا.
(5) التقرير السنوي 2024، هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مرجع سابق، ص 35.
(6) أمد للإعلام، 17/2/2024
(7) القدس البوصلة، 30/7/2024
(8) معراج، 31/8/2024.
(9) موقع مدينة القدس، 21/8/2024.